أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-2-2017
555
التاريخ: 14-2-2017
466
التاريخ: 14-2-2017
704
التاريخ: 14-2-2017
570
|
قال تعالى : {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4].
أنه سبحانه لما بين ملكه في الدنيا بقوله « رب العالمين » بين أيضا ملكه في الآخرة بقوله { مالك يوم الدين} و أراد باليوم الوقت و قيل أراد به امتداد الضياء إلى أن يفرغ من القضاء و يستقر أهل كل دار فيها و قال أبو علي الجبائي أراد به يوم الجزاء على الدين و قال محمد بن كعب أراد يوم لا ينفع إلا الدين و إنما خص يوم القيامة بذكر الملك فيه تعظيما لشأنه و تفخيما لأمره كما قال رب العرش و هذه الآية دالة على إثبات المعاد و على الترغيب و الترهيب لأن المكلف إذا تصور ذلك لا بد أن يرجو و يخاف .
_____________________
1- مجمع البيان في تفسير القران ، ج1 ، ص61.
للفظ الدين معان شتى ، منها المكافأة والجزاء ، مثل كما « تدين تدان » .
وهذا المعنى يناسب المقام ، حيث تجازى في ذاك اليوم كل نفس بما كسبت . .
وقرئ « مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ » بالألف ، كما تقول : فلان مالك هذا البستان بمعنى الاختصاص . . وقرئ « ملك يوم الدين » بكسر اللام ، كما تقول :
ملك اليونان بمعنى الحكم والسلطة ، والقراءتان متواترتان ، والأولى أكثر استعمالا .
والمعنى المنساق إلى الذهن واحد على كلتا القراءتين ، وهو ان كل شيء بيد اللَّه وحده اليوم وغدا ، فهو رب العالمين ، ورب يوم الدين ، والغرض التخويف من المعصية ، والترغيب في الطاعة .
وعلى القراءة الأولى يكون « مالك » وصفا ، وعلى القراءة الثانية يكون « ملك » بدلا .
وفي نهج البلاغة : إنّا لا نملك مع اللَّه شيئا ، ولا نملك الا ما ملَّكنا ، فمتى ملَّكنا ما هو أملك به منا كلَّفنا ، ومتى أخذه منا وضع تكليفه عنا .
__________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص33-34.
معنى المالك وهو المأخوذ من المِلك بكسر الميم، وأما الملك و هو مأخوذ من المُلك بضم الميم، فهو الذي يملك النظام القومي وتدبيرهم دون العين، و بعبارة أخرى يملك الأمر و الحكم فيهم.
وقد ذكر لكل من القرائتين، ملك و مالك وجوه من التأييد غير أن المعنيين من السلطنة ثابتان في حقه تعالى، والذي تعرفه اللغة والعرف أن الملك بضم الميم هو المنسوب إلى الزمان يقال: ملك العصر الفلاني، و لا يقال مالك العصر الفلاني إلا بعناية بعيدة، و قد قال تعالى: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فنسبه إلى اليوم، و قال أيضا: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر: 16].
_____________________
1- الميزان في تفسير القران ، محمد حسين الطباطبائي ، ج1 ، ص21.
ان هذه الآية تلفت الأنظار إلى أصل هام آخر من أصول الإِسلام، هو يوم القيامة: {مَالِكِ يَوْمِ الدّينِ}، وبذلك يكتمل محور المبدأ والمعاد، الذي يعتبر أساس كل إصلاح أخلاقي واجتماعي في وجود الإِنسان.
تعبير (مَالِكِ) يوحي بسيطرة الله التامة وهيمنته المستحكمة على كل شيء وعلى كل فرد في ذلك اليوم، حيث تحضر البشرية في تلك المحكمة الكبرى للحساب، وتقف أمام مالكها الحقيقي للحساب، وترى كل ما فعلته وقالته، بل وحتى ما فكرت به، حاضراً، فلا يضيع أي شيء ـ مهما صغر ـ ولا يُنسى، والإِنسانُ ـ وحده ـ يحمل أعباء نتائج أعماله، بل نتائج كل سنّة استنّها في الأرض أو مشروع أقامه.
مالكية الله في ذلك اليوم دون شك ليست ملكية اعتبارية، نظير ملكيتنا للأشياء في هذا العالم. ملكيتنا هذه عقد يبرم بموجب تعامل ووثائق، وينفسخ بموجب تعامل آخر ووثائق اُخرى. لكن ملكية الله لعالم الكون ملكية حقيقية، تتمثل في ارتباط الموجودات إرتباطاً خاصاً بالله. ولو انقطع هذا الإِرتباط لحظة لزالت الموجودات تماماً مثل زوال النور من المصابيح الكهربائية، حين ينقطع اتصالها بالمولّد الكهربائي.
بعبارة اُخرى: مالكية الله نتيجة خالقيته وربوبيته. فالذي خلق الموجودات ورعاها وربّاها، وأفاض عليها الوجود لحظة بلحظة، هو المالك الحقيقي للموجودات.
نستطيع أن نرى نموذجاً مصغراً للمالكية الحقيقية، في مالكيتنا لأعضاء بدننا، نحن نملك ما في جسدنا من عين وأذن وقلب وأعصاب، لا بالمعنى الإِعتباري للملكية، بل بنوع من المعنى الحقيقي القائم على أساس الإِرتباط والإِحاطة .
وقد يسأل سائل فيقول: لماذا وصفنا الله بأنه {مَالِكَ يَوْمِ الدّينِ} بينما هو مالك الكون كله؟
والجواب هو أن الله مالك لعالم الدنيا والآخرة، لكن مالكيته ليوم القيامة أبرز وأظهر، لأن الإِرتباطات المادية والملكيات الاعتبارية تتلاشى كلها في ذلك اليوم، وحتى الشفاعة لا تتم يومئذ إلا بأمر الله: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ } [الانفطار: 19].
بتعبير آخر: قد يسارع الإِنسان في هذه الدنيا لمساعدة إنسان آخر، ويدافع عنه بلسانه، ويحميه بأمواله، وينصره بقدرته وأفراده، وقد يشمله بحمايته من خلال مشاريع ومخططات مختلفة. لكن هذه الألوان من المساعدات غير موجودة في ذلك اليوم. من هنا حين يوجه هذا السؤال إلى البشر: (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ)يجيبون: {لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [إبراهيم: 48].
الإِيمان بيوم القيامة، وبتلك المحكمة الإِلهية الكبرى التي يخضع فيها كل شيء للاحصاء الدقيق، له الأثر الكبير في ضبط الإِنسان أمام الزلات، ووقايته من السقوط في المنحدرات، وأحد أسباب قدرة الصلاة على النهي عن الفحشاء والمنكر هو أنها تذكر الإِنسان بالمبدأ المطلّع على حركاته وسكناته وتذكّره أيضاً بمحكمة العدل الإِلهي الكبرى.
التركيز على مالكية الله ليوم القيامة يقارع من جهة اُخرى معتقدات المشركين ومنكري المعاد، لأن الإِيمان بالله عقيدة فطرية عامة، حتى لدى مشركي العصر الجاهلي، وهذا ما يوضحه القرآن إذ يقول: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ } [لقمان: 25] بينما الإِيمان بالمعاد ليس كذلك، فهؤلاء المشركون كانوا يواجهون مسألة المعاد بعناد واستهزاء ولجاج: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [سبأ: 7].
وروي عن علي بن الحسين السجاد(عليه السلام): «أَنَّه كَانَ إذا قَرَأَ {مَالِكِ يَوْمِ الدّينِ} يُكَرِّرُهَا حَتَّى يَكَادَ أَنْ يَمُوتَ»(2).
أما تعبير {يَوْمِ الدِّينِ}، فحيثما ورد في القرآن يعني يوم القيامة، وتكرر ذلك في أكثر من عشرة مواضع من كتاب الله العزيز، وفي الآيات 17 و 18 و 19 من سورة الإِنفطار ورد هذا المعنى بصراحة.
وأما سبب تسمية هذا اليوم بيوم الدين، فلأن يوم القيامة يوم الجزاء، و (الدين) في اللغة (الجزاء)، والجزاء أبرز مظاهر القيامة، ففي ذلك اليوم تكشف السرائر ويحاسب النّاس عما فعلوه بدقة، ويرى كل فرد جزاء ما عمله صالحاً أم طالحاً.
________________
1- تفسير الامثل ، ج1 ، ص40-43.
2- تفسير نور الثقلين ، ج1 ، ص19 ، وأصول الكافي ، ج2 ، ص602 ، ح13.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
اللجنتان العلمية والتحضيرية تناقش ملخصات الأبحاث المقدمة لمؤتمر العميد العالمي السابع
|
|
|