أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-11
654
التاريخ: 2024-03-24
838
التاريخ: 2024-04-23
899
التاريخ: 2023-06-27
1233
|
ما إن دبت عوامل الضعف في كيان الدولة المصرية في عهد الأسرة السادسة حتى أخذت بعض العناصر الآسيوية المجاورة تنشر نفوذها في بعض أجزاء الدلتا، وما أن وافى عصر هيراكليوبوليس "الأسرتان التاسعة والعاشرة"؛ إلا وأصبحت الدلتا خارج نطاق النفوذ المصري وخاضعة للآسيويين.
وما أن انتهى عهد الأسرة السادسة حتى عمت الفوضى، وبدأ العصر الذي يعرف باسم "عصر الاضمحلال الأول" أو "عهد الفوضى الأول"؛ وذلك لما أصاب مصر أثناء ذلك العهد من فوضى واضطراب؛ حيث يبدو ذلك واضحًا في نصوص بعض البرديات التي تصف ذلك العصر، ومن هذه بردية ترجع إلى بداية هذه الفترة عرفت لدى الأثريين باسم "تحذيرات حكيم(1)" وهي على لسان شخص يدعى "إيبوور" وفيها يصف ما آلت إليه حالة البلاد من قلب في الأوضاع الاجتماعية؛ ومما ورد فيها: إن أغنيات العازفين تحولت إلى أناشيد حزن, وقتل الرجل أخاه, وسلب اللصوص المارة, وصار الفقراء يروحون ويغدون في القصور دون استحياء أو خجل بعد أن ذبحوا الموظفين. وهكذا تشرد الأغنياء, وساد الفقراء, وأصبح الناس في ذعر, ولم يعد هناك راعٍ مسئول... إلخ" وتشير بردية أخرى -من عهد الأسرة العاشرة وتعرف باسم قصة الفلاح الفصيح(2)- إلى ظلم صغار الموظفين للناس؛ ولكنها من جهة أخرى تدل على تطور اجتماعي كبير؛ إذ نجد فيها أن الفلاح في شكواه لرئيس الديوان يحذره من عدم العدالة مذكرًا إياه بأنه سيحاسب على ذلك في آخرته، ولم يعثر في وثائق الدولة القديمة على ما يدل على أن أحدًا من العامة كان يجرؤ على مخاطبة نبيل أو عظيم بمثل هذا الأسلوب والوعي، ولا بد أن ذلك قد نتج عن الثورة التي حدثت في أعقاب الأسرة السادسة.
ولا شك أن أثر هذه الثورة كان عميقًا من الناحية الفكرية؛ فقد حفل الأدب بموضوعات شتى تبدو فيها النزعة الفلسفية من جهة وروح القلق التي سادت في أعقابها من جهة أخرى, ونتبين من هذه الموضوعات أن المجتمع نفسه لم يكن غافلًا عما كان يسوده من مساوئ؛ بل كان هناك شعور عام بها، ومن المرجح أن أهل هذا العصر أو عقلاءهم على الأقل كانوا يحاولون التخلص من تلك المساوئ ويعملون على إصلاح ما فسد من الأمور؛ إذ تصور لنا إحدى البرديات(3) حوارًا شيقًا دار بين شخص كان يرغب في الانتحار وبين روحه التي كانت تحاول إقناعه بالتخلي عن هذه الفكرة؛ بينما يرد عليها بما يفيد أنه ضاق بحياته وبرم بها، ويمكن أن نستشف من هذا الحوار صورة ما أحاط هذا الشخص من ظروف فاسدة جعلته لا يقبل على الحياة بالرضا والتفاؤل، كذلك نجد في مقبرة أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة منظرًا(4) لحفل يغني فيه ضارب العود للمدعوين أغنية تحض على الاستمتاع بالحياة قدر الإمكان، ولا بد أن هذه الأغنية ترجع إلى عصر سبق للأسرة الحادية عشرة أي أنها من صميم الفترة التي نحن بصددها وخاصة لأنها تشترك مع البردية التي تصور حوار الشخص "الذي سئم الحياة" مع روحه في التعريض بما وراء الموت, كما أنهما يثيران الشك فيما سيلقاه الموتى من مصير.
ولم يقتصر التطور الفكري على الناحية الأدبية؛ وإنما نلاحظ أثر ذلك في المعتقدات الدينية أيضًا؛ فقد كان الملك المتوفى يمثل الإله أوزير الذي جعلت منه الأساطير حاكمًا على عالم الموتى، وكانت النصوص الدينية والتعاويذ التي تيسر للمتوفى مصاحبة إله الشمس في رحلته في العالم السفلي وتهيئ له حياة خالدة مع الآلهة في العالم الآخر قاصرة على الملوك وحدهم وقد أخذوا يدونونها في أهرامهم ابتداء من نهاية الأسرة الخامسة، ولكن هذا الحق انتقل بعد ذلك إلى النبلاء والأشراف، ثم أصبح كل ميت في عهد الدولة الوسطى يوحد مع الإله أوزير وأصبحت التعاويذ الدينية تنقش على توابيت الأفراد وعرفت هذه باسم نصوص التوابيت، ولا بد أن هذا التطور قد حدث نتيجة للثورة الاجتماعية؛ حيث أخذت الفوارق الاجتماعية بين الطبقات تخف حدتها، وكل طائفة كانت تحاول الحصول على المزيد من الحقوق التي اكتسبتها؛ ولذلك لا يدهشنا أن نجد مقابر أفراد الطبقة الوسطى بل ومقابر الفقراء أيضًا تفوق مثيلاتها في عهد الدولة القديمة من حيث الفخامة والتجهيز؛ إذ إنها حوت من الأشياء الثمينة وخاصة من المصنوعات الذهبية نسبة أعلى بكثير مما كان مألوفًا قبل ذلك، أي: إن توزيع الثروة أصبح يختلف عن ذي قبل, ولم تعد الحياة كلها تتركز حول البيت المالك كما كان الشأن قديمًا.
ومن نصوص الأسرة العاشرة تطالعنا نصائح الملك "خيتي" لولده "مري كارع"(5), بما يشعرنا بأن الظلم والمحاباة كانا متفشيين وأن المجتمع كان سقيمًا فاسدًا، وتذكر بردية تعرف ببردية "نفرتي"(6) أن الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة طلب إلى أحد الكهنة أن يخبره عما سيحدث في المستقبل؛ فعرفه بسوء حالة ما تصير إليه مصر وأن الذي سينقذها من هذه الحالة بعدئذٍ ملك يأتي من الجنوب أمه نوبية وهو يدعى "إميني"، ولكن من المرجح أن هذه البردية كتبت في أوائل عهد الأسرة الثانية عشرة وأنها كانت من قبيل الدعاية السياسية؛ إذ إن اختصار اسم "أمنمحات الأول" مؤسس هذه الأسرة هو "إميني".
ولا شك في أن أمراء الأقاليم أخذوا في زيادة نفوذهم منذ عهد الأسرة الخامسة, وقد أحس ملوك الأسرة السادسة بهذا الخطر وحاول بعضهم العمل على تلافيه ولكن دون جدوى، وقد تغالى حكام الأقاليم في إظهار سلطانهم ونزعتهم الانفصالية عن البيت المالك حتى أصبح حاكم كل إقليم يؤرخ الحوادث بالنسبة لتاريخ توليه زمام السلطة في إقليمه أو مقاطعته، ويبدو أن البيت المالك نفسه أصبح عاجزًا إزاء هؤلاء الحكام إلى درجة أنه لم يستطع عزلهم أو نقلهم، كما أن معظم هؤلاء كانوا يتولون حكم أقاليمهم عن طريق الوراثة؛ مما زاد من تمكنهم من السلطة، وفي أغلب الأحيان كان الملوك يعملون على مرضاتهم بإغداق الهبات عليهم, كما كانوا يضطرون إلى معاملة كبار الموظفين بالمثل حتى يضمنوا ولاءهم جميعًا، وقد أدى ذلك بالطبع إلى زيادة ضعف الملوك وأصبح حاكم كل إقليم هو صاحب السلطان المطلق فيه وله جيشه الخاص وكذلك أسطوله أحيانًا، وكثيرًا ما كانوا يستعينون بالمرتزقة وخاصة من النوبيين, وتتمثل في نقوش مقابرهم مظاهر الترف والبذخ التي كانوا ينعمون بها، ورغم أن كلًّا منهم كان يدعي بأنه أقام العدل وأصلح من شأن إقليمه؛ بحيث كفل لمواطنيه السعادة والرفاهية وينفي وجود شيء من سوء النظام أو الاضطراب؛ إلا أن شواهد الأحوال لا توحي باستتباب الأمور؛ حيث إنه لا شك في أن هؤلاء الحكام -وقد بهرهم السلطان- تنافسوا فيما بينهم وأصبح كل منهم يحاول أن يوسع من رقعة إقليمه على حساب الآخرين, وأخذ هذا التنافس يشتدُّ وتحالف بعضهم ضد البعض الآخر, وقد رأى البعض أن أسرة شبه ملكية في قفط عاصرت الأسرة الثامنة المنفية(7)؛ ولكن أصبح هذا الرأي لا يؤخذ به إلى أن انحصر النزاع بين بيتين كبيرين "بيت إهناسيا"، "بيت طيبة" وقد انتهى النزاع آخر الأمر بتفوق بيت طيبة وبدأ عصر جديد من النهوض هو عصر الدولة الوسطى. وهو يرفض كذلك فكرة الأسرة القفطية ويخترع بدلًا منها أسرة أبيدوس وهي نظرية يصعب إثباتها.
الأسرة السابعة:
يغلب على الظن أن هذه الأسرة أسطورية أي: لم تكن هناك أسرة حاكمة على الإطلاق؛ فقد ذكر مانيثون أن عدد ملوكها سبعين ملكًا حكموا سبعين يومًا فقط, وربما كان يقصد أن سبعين حاكمًا من الحكام في الأقاليم المختلفة كانوا يتقاسمون السلطة وكونوا ما يشبه هيئة حاكمة ولكنهم اختلفوا فيما بينهم فزال سلطانهم وانفضت هيئتهم الحاكمة سريعًا، وقد يرجع زوال سلطانهم إلى عدم تقبل المصريين هذا النظام من الحكم؛ فقاوموه بشدة إلى أن قضي عليه.
الأسرة الثامنة:
معلوماتنا عن هذه الأسرة ضئيلة تختلف المصادر القديمة في عدد ملوكها، وعلى أي حال فإن أرجح الآراء تدل على أن الأسرة الثامنة لم تحكم أكثر من ثمانية وثلاثين عامًا وكان مقرها منف, ولا نعرف عن حكمها إلا أسماء بعض ملوكها وبعض الإشارات العابرة عن إرسال بعثات لاستغلال المحاجر أو إلى شمال بلاد النوبة.
وبداية الأسرة الثامنة ونهايتها غير معروفتين, ومن المرجح أن ملوكها أخذوا في الضعف إلى درجة أن سلطانهم لم يكن ليتجاوز حدود إقليم عاصمتهم إلا اسميًّا، وقد نازعتهم في نهاية الأمر أسرة قوية في إهناسيا وأسرة أخرى في طيبة، وقدر لأمراء إهناسيا أن يدعوا الملكية واعتبرهم المؤرخون مكونين للأسرة التاسعة ثم للأسرة العاشرة وكان يعاصرهم حكام طيبة الذين أسسوا الأسرة الحادية عشرة فيما بعد.
ملوك إهناسيا "الأسرتان التاسعة والعاشرة":
أ- الأسرة التاسعة:
من المرجح أن أمراء إهناسيا كانوا على صلة بالبيت المالك في منف أي: بملوك الأسرة الثامنة؛ فلما وجدوا أن ملوك هذه الأسرة قد ازدادوا ضعفًا؛ في حين أنهم أصبحوا من القوة بحيث يمكنهم الوقوف أمامهم نازعهم هؤلاء سلطانهم, ولما استفحل الأمر بين هذين البيتين الكبيرين انتهز الفرصة "خيتي الأول" وأعلن نفسه ملكًا في إهناسيا مؤسسًا بذلك الأسرة التاسعة، ويروي مانيثون عن هذا الملك أنه كان ظالمًا طاغية, أصيب في أواخر أيامه بالجنون, وانتهت حياته بأن فتك به أحد التماسيح.
ولا نعرف شيئًا عن ملوك الأسرة التاسعة ولا كيف بدأ النزاع بينها وبين الأسرة الثامنة في منف، وكل ما يمكن أن نذكره هو أن عدد ملوك الأسرة التاسعة -كما ورد في بردية تورين- هو ثلاثة عشر ملكًا حكموا ما يقرب من 109 سنة.
والظاهر أن هؤلاء الملوك استعانوا بحكام بعض الأقاليم لمؤازرتهم ولا شك في أنهم كانوا يخطبون ودهم ويزيدون في امتيازاتهم؛ ولذلك نجد أن الحالة تظل كما كانت في عهد الأسرة الثامنة، أي أن حكام الأقاليم كانوا شبه مستقلين يعتمدون على أنفسهم في حماية أقاليمهم، وظلت الدلتا خارج النفوذ المصري, ولم يتمتع الملوك في واقع الأمر بسلطان خارج عاصمتهم إهناسيا؛ اللهم إلا مجرد نفوذ اسمي فقط، وظل الملوك على هذا الضعف إلى أن زال حكم هذه الأسرة وتلتها الأسرة العاشرة.
ب- الأسرة العاشرة:
من المرجح أن ملوك هذه الأسرة كانوا خمسة فقط حكموا ما يقرب من 81 سنة, وأنها وجدت -منذ ظهورها- منافسة قوية من أمراء طيبة, ودارت بينهم وبين هؤلاء الأمراء حروب طاحنة أطاحت بسلطانهم وانفرد أمراء طيبة بالملك.
ومما تجدر الإشارة إليه أن المؤرخين ما زالوا يختلفون في عدد وترتيب الملوك الذين كانوا يحملون اسم خيتي؛ بل ولم يجمعوا على ترتيب الملك "خيتي" الذي أسدى نصائحه المعروفة "باسم تعليمات الملك خيتي" لولده "مري كارع"(8)؛ ولكن يبدو أنه كان مؤسس الأسرة العاشرة، وكان ملكًا نشيطًا أخذ يطهر الدلتا من عصابات البدو ومن النفوذ الآسيوي إلى أن استتبَّ له الأمر ثم أراد أن يتخلص من أمراء طيبة في الجنوب ونشبت الحرب بين الفريقين، وكان أمراء أسيوط يعاونونه فانتصر على الطيبيين في موقعة بالقرب من أبيدوس؛ إلا أن هؤلاء تمكنوا من أن يسترجعوا ما فقدوه وتقدموا شمالًا حتى بلغوا حدود أسيوط.
وفي عهد "مري كارع" خليفة "خيتي" كان يحكم في طيبة حاكم قوي هو "منتوحتب الأول", استأنف الحرب وقضى على أمراء أسيوط ثم تقدم شمالًا واستولى على الأشمونين.
وفي عهد آخر ملوك الأسرة، وكان يدعى خيتي أيضًا، عاودت طيبة هجومها على مملكة إهناسيا إلى أن قضت عليها وأخضعت مصر كلها لسلطانها؛ فعادت الوحدة القديمة إلى البلاد، وقد تم ذلك في عهد منتوحتب الأول ملك طيبة؛ ولذا يمكن اعتباره المؤسس الحقيقي للدولة الوسطى.
ومن الملاحظ أنه لم يعثر على مقابر لملوك الأسرتين التاسعة والعاشرة في إهناسيا, ومن المرجح أن "منف" ظلت العاصمة الإدارية للبلاد؛ بينما كانت إهناسيا تمثل مقر الملك فقط؛ ولذلك دفن كثير من الملوك ورجال البلاط في جبانة منف، أما أمراء الأقاليم فقد ظلوا يدفنون بالقرب من عواصم أقاليمهم في مقابر منحوتة في الصخر.
وظائفهم تورث لأبنائهم, وقد اشتهرت من بيوت هؤلاء الحكام أسر في مناطق مختلفة, منها أسرة نشأت في طيبة كان مؤسسها يدعى أنتف.
أنتف الأول(9):
لا يعرف الكثير عن هذا الملك قبل أن يعلن نفسه ملكًا ويتخذ الألقاب الملكية؛ ولكن من المرجح أنه حينما كان مجرد حاكم لإقليم طيبة على صلات طيبة مع ملوك الشمال، وكان إلى جانب إمارته للإقليم كبيرًا للكهنة كما كان مسئولًا عن حماية الحدود الجنوبية لمصر؛ لأنه كان يلقب "حارس الحدود الجنوبية"؛ حيث يبدو أن الأقاليم الجنوبية من مصر كانت تكوِّن اتحادًا فيما بينها بزعامة طيبة، وربما كان هذا هو السبب الذي من أجله منح هذا اللقب، ولا شك في أن انتقال الملك من الأسرة التاسعة إلى الأسرة العاشرة وضعف هذه الأخيرة جعلا أنتف يرى أنه لا يقل قوة وأحقية في الملك عن ملوك الشمال؛ فادعى الملك ووضع اسمه في خانة ملكية وأحاط نفسه بحاشية ملكية ودفن في مقبرة كبيرة نحتت في الصخر بجهة الطارف في البر الغربي للأقصر، ولا بد أنه حظي بمكانة عظيمة بين معاصريه؛ مما كان له أثر كبير في تبجيله وتقديس ذكراه فيما بعد؛ حتى إن سنوسرت الأول(10) أقام تمثالًا لتخليده في معبد الكرنك ونسب نفسه إليه على اعتبار أنه سلفه العظيم، ومع أنه أصبح يعرف في التاريخ باسم "أنتف الأول" فإن اسمه ورد في قائمة الكرنك دون أن يوضع في خانة ملكية؛ ولكن أشير إلى أنه "الحاكم والأمير الوراثي أنتف المبجل" أي: إنه في هذه الحالة ذكر على اعتبار أنه مؤسس الأسرة الحادية عشرة فحسب.
أنتف الثاني:
تولى الحكم بعد والده، وكانت الأقاليم الخمسة الجنوبية من مصر خاضعة لسلطانه، وظل في الحكم نحو خمسين عامًا حاول خلالها أن يتوسع شمالًا؛ ولكن بيت إهناسيا استطاع أن يحدَّ من جهوده وخاصة لأن أمراء أسيوط كانوا حلفاء لهذا البيت, ولا شك أنهم اشتركوا فيما نشب من حروب بين الفريقين كما نستدل على ذلك من نقوش أمير أسيوط "خيتي" الذي افتخر في مقبرته بأنه جمع الجنود وأعد فرق الرماة وأشاد بالأسطول, ومع هذا لا نجد في العبارات المنقوشة بالمقبرة؛ ما يدل على حرب صريحة أو وقائع معينة بين صاحبها "خيتي" والطيبيين.
ويمكن تلخيص الحالة في مصر في تلك الأثناء بأن السيادة فيها كانت تتنازعها مملكتان: شمالية يحكمها بيت إهناسيا وجنوبية يحكمها بيت طيبة؛ بينما كان بعض الأمراء الذين يحكمون أقاليم داخل نطاق المملكة "وقد أحسوا بضعف ملوك إهناسيا" يؤرخون الحوادث بتاريخ حكمهم لأقاليمهم أي: إنهم كانوا يعتبرون أنفسهم مستقلين في أقاليمهم, ومن هؤلاء أمراء بني حسن وأمراء البرشة.
ويبدو أن أطماع بيت طيبة في التوسع شمالًا ظلت قائمة وتوالت محاولاتها في هذا السبيل؛ حيث نجد أن "تف إيب" الذي أعقب والده "خيتي" في إمارة أسيوط قد نقش في مقبرته؛ ما يدل على حروبه مع الطيبيين أعداء الملك بالقرب من أبيدوس, وادعى بأن زعيم الطيبيين وقع في الماء وتفرقت سفنه؛ إلا أن معلوماتنا من مصادر أخرى كثيرة تدل على أن طيبة قد انتصرت في هذه الحرب واستولت على الإقليم السادس(11)؛ وبذلك وسعت رقعتها شمالًا.
ومن المرجح أن أنتف الثاني كان من الحكام الذين امتازوا بالدراية وحسن الإدارة, نشيطًا؛ إذ أقام بعض المباني ورمم بعض الهياكل المتداعية وبنى لنفسه قبرًا كان يعلوه هرم من الطوب وأقام أمامه لوحة نقش عليها منظر يمثله وأمامه خمسة من كلابه, وهي الآن بالمتحف المصري.
أنتف الثالث:
طال حكم أنتف الثاني إلى خمسين عامًا ؛ فلما تبعه ابنه "أنتف الثالث" كان هذا قد تقدم في السن فلم يبق إلا زمنًا قصيرًا, ولا نعلم عن عهده شيئًا يذكر وربما كان تقدمه في السن سببًا في عدم إقباله على الكفاح؛ فلم تتجدد المناوشات بين بيتي إهناسيا وطيبة في عهده.
__________
(1) Sir A. Gardiner, "The Admonitions of an Egyptian sage" "Leipzig 1909".
(2) Vogelsang, Kommentar zu den klagen des Bauern, "Leipzig 1913".
(3) Berliner Papyrus der Mittleren Reiches 1879.,
Erman "Die Literatur des Aegypter" "Leipzig 1923",
pp. 122 ff; J E A 42, pp 21 ff
(4) Pap. Harris 500, Erman, op. cit., pp. 177 f.
(5) A. Volten, "Zwei altàgyptische politsche Schriften" "analecta aegyptiaca IV" "Copenhagen 1943".
(6) Erman, op. cit., pp. 151 ff.
(7) JEA 32, 19-23, 34, 115-6; Stock, "Die Erste Zwisehenzeit Aegypt."32-50.
(8) انظر أعلاه ص126.
(9) في الاتجاه الجديد في نطق الأسماء أصبح هذا الاسم يقرأ Iniotef.
(10) ثاني ملوك الأسرة الثانية عشرة.
(11) الإقليم السادس في الوجه القبلي كانت عاصمته دندرة غربي النيل أمام قنا.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|