أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-24
431
التاريخ: 2024-03-08
1028
التاريخ: 2024-10-21
336
التاريخ: 2024-02-17
943
|
لم يكن الملوك في بلد من البلاد بالكثرة التي كانوا بها في مصر القديمة. والتاريخ يضمهم جميعا في أسر، تشمل كل أسرة ملوكاً من بيت واحد أو ذرية واحدة؛ ولكن عدد هذه الأسر نفسها يثقل الذاكرة التي لا تطيق كثرتها{تعليق}وقد أراد المؤرخون أن يسهلوا الأمر على أنفسهم فجمعوا الأسر في عصور هي عصر الدولة القديمة وتشمل الأسر من الأولى إلى السادسة "3500- 2631 ق.م" وتليها فترة من الفوضى وتعقبها الدولة الوسطى وتشمل الأسر من الحادية عشرة إلى الرابعة عشرة "2375- 1800 ق.م" ثم تأتي بعدها فترة أخرى من الاضطراب والفوضى يليها عصر الإمبراطورية أو الدولة الحديثة، وتشمل الأسر من الثامنة عشرة إلى العشرين "1580- 1100 ق.م". وأعقبها عصر انقسمت فيه البلاد انقساما وكان لها عدة عواصم. ثم جاء عصر ساو "التي يسميها اليونان سايس والتي تسمى الآن صا الحجر" ويشمل الأسرة السادسة والعشرين "663- 525 ق.م" وكل التواريخ الواردة هنا ما عدا الأخير منها تواريخ تقريبية. ويجد علماء الآثار بعض التسلية في تأخير هذه التواريخ أو تقديمها عدة قرون.{انتهى} .
وحكم مصر بيبى الثاني أحد هؤلاء الفراعنة أربعاً وتسعين سنة "2738- 2644 ق.م" وحكمه هذا أطول حكم في التاريخ كله. فلما مات عمت الفوضى البلاد وأدت إلى الانحلال وخسر خلفه عرشه. وحكم أمراء الإقطاع المقاطعات حكماً مستقلاً. وهذا التعاقب بين السلطة المركزية وغير المركزية من الظواهر التاريخية التي تتوالى بانتظام، كأن الناس يملون الحرية المفرطة تارة والنظام المسرف تارة أخرى. وطغى على البلاد "عصر مظلم" سادته الفوضى أربعة قرون، ثم قام بعدها رجل قوي الإرادة شبيه بشارلمان في عصور أوربا المظلمة، فقبض بيد من حديد على زمام الأمور، وأعاد النظام إلى البلاد، ونقل العاصمة من منف إلى طيبة، وتسمى باسم أمينمحيت الأول، وأسس الأسرة الثانية عشرة. وفي عهد هذه الأسرة ازدهرت الفنون جميعها- مع جواز استثناء فن العمارة- وبلغت من الإتقان درجة لم تبلغها فيما نعرفه من تاريخ مصر قبل هذه الأسرة أو بعدها. ويتحدث إلينا أمينمحيت في أحد النقوش القديمة بقوله:
... كنت رجلاً زرع البذور وأحب إله الحصاد؛
... وحياتي في النيل وكل وديانه؛
... ولم يكن في أيامي جائع ولا ظمآن؛
... وعاش الناس في سلام بفضل ما عملت وتحدثوا عني.
وكان جزاؤه أن ائتمر عليه من أعلا شأنهم ووضعهم في المراكز السامية من الوزراء والمستشارين. وقضى أمينمحيت على هذه المؤامرة، وبطش بالمتآمرين ولكنه خلف لابنه- كما فعل بولونيوس من بعده- ملفاً من الأوراق يحوي نصيحة مرة، هي في واقع أمرها قاعدة عجيبة للحكم المطلق ولكنها ثمن باهظ يبتاع به الملك عرشه:
... استمع إلى ما سأقوله لك،
... حتى تكون ملك الأرض...،
... وتزيد فيها الخير
... أقسى على جميع من هم دونك
... فإن الناس لا يعنون إلا بمن يرهبهم؛
... ولا تقترب منهم بمفردك،
... ولا تملأ قلبك بالمودة لأخ،
... ولا تعرف صديقاً...،
... وإذا نمت فاحرس بنفسك قلبك
... لأن الإنسان لا صديق له في أيام الشر.
ولقد أقام هذا الملك الصارم الذي يبدو لنا من خلال أربعة آلاف من السنين حاكماً رحيماً، نظاماً من الحكم والإدارة دام خمسمائة عام، أثرت فيه البلاد مرة أخرى، وعاد فيه الفن إلى سابق عهوده الزاهرة. واحتفر سنوسريت الأول قناة تصل النيل بالبحر الأحمر، وصد الغزاة النوبيين وشاد الهياكل العظيمة في عين شمس والعرابة والكرنك. ولقد نجت من عبث الدهر عشرة تماثيل ضخمة تمثله جالساً، وهي الآن في متحف القاهرة. وبدأ سنوسريت آخر هو سنوسريت الثالث يخضع فلسطين لحكم مصر، ورد النوبيين الذين كانوا لا ينقطعون عن الإغارة على حدودها الجنوبية، ووضع لوحة عند تلك الحدود كتب عليها أنه لم يضعها "رغبة في أن تعبدوها، بل طمعاً في أن تحاربوا من أجلها". وكان أمينمحيت الثالث إدارياً حازما عني بحفر الترع والتنظيم وسائل الري، وقضى "ولعله قد أسرف في هذا القضاء" على أمراء الإقطاع، وأحل محله موظفين معينين من قبل الملك. وبعد ثلاثة عشر عاماً من موته عاد الاضطراب إلى مصر على أثر النزاع الذي قام بين المتنافسين المطالبين بالعرش، وانقضى عهد الدولة الوسطى في حال من الفوضى والتفكك دامت مائتي عام. ثم غزا الهكسوس، وهم بدو من آسية، مصر المتقطعة الأوصال، فأحرقوا مدنها وهدموا هياكلها وبددوا ما تجمع من ثروتها، وقضوا على كثير من معالم فنونها، وأخضعوا وادي النيل مدى قرنين لحكم "ملوك الرعاة"{تعليق}يعتقد كثيرون من المؤرخين أن ترجمة كلمة هكسوس بالرعاة ترجمة خاطئة وأنهم لم يكونوا رعاة بل "ملوك أقاليم". (المترجم){انتهى} . لقد كانت المدنيات القديمة جزائر صغرى في بحار من الهمجية، أو محلات رخية يحيط بها الجياع والحساد من الصيادين والرعاة ذوي النزعة الحربية. وكانت حصونها عرضة للتصدع والانهيار من حين إلى حين. بهذه الطريقة أغار الكاشيون على دولة بابل، وهاجم الغاليون بلاد اليونان والرومان، واجتاح الهون إيطاليا، وهاجم المغول بيجنج.
لكن الفاتحين لم يلبثوا هم أيضا أن سمنوا وأترفوا وفقدوا سلطانهم؛ وجمع المصريون شملهم وشنوا حرباً عوانا يبغون بها تحرير بلادهم، فطردوا الهكسوس، وأسسوا الأسرة الثامنة عشرة التي بلغت البلاد في أيامها درجة من القوة والمجد لم تبلغها من قبل.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|