المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

المراد من - و تأتون في ناديكم المنكر
8-10-2014
الحماية القانونية للاموال العامة
29-3-2016
القراءة المختارة
10-10-2014
موضوع علم الدلالة
3-8-2017
من التفاسير الروائية : تفسير القمي
14-10-2014
الحد العام للمتتالية الحسابية General Tern of an Arithmetic Sequence
5-11-2015


دع ابنك يحتفظ بماء وجهه  
  
2534   01:40 مساءاً   التاريخ: 4-1-2017
المؤلف : محمد عبد الرسول
الكتاب أو المصدر : كيف تربي اولادك
الجزء والصفحة : ص68ـ72
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

ذات مرة جاء رجل إلى الامام علي (عليه السلام) ، وطلب منه شيئا لقضاء حوائجه، فأعطاه الامام ما طلب منه، ثم بكى، فتعجب الاصحاب من ذلك، وتساءلوا :

ـ ما الداعي إلى البكاء؟

فقال لهم الإمام :

ـ أبكي لأنه أراق ماء وجهه باضطراره إلى السؤال ثم اردف قائلاً :

ـ اخاف ان لا يكون لي اجر عند الله، لان الاجر استلمته مقابل اراقة ماء وجهه !

وفي الاسلام لا يجوز للإنسان ان يريق ماء وجهه لأحد، فكيف به وهو يريق ماء وجه غيره؟

وفي الحقيقة فان مشاعر الإنسان ـ الصغير والكبير ـ ليست من الخرسانة المسلحة، بل هي من الزجاج، والزجاج ينكسر من صدمة حجر صغير، واذا انكسر فلا يمكن اعادته إلى وضعه السابق من دون ان يترك اثراً.

يقول الشاعر :

جراحات السنان لها التيام         ولا يلتأم ما جرح اللسان

فلا يجوز ان تؤذي مشاعر طفلك، وتريق ماء وجهه أمام الاخرين، واعلم ان ذلك يصنع جرحا غائراً لا يندمل بسهولة.

وقد أثر على الرسول الاكرم انه كان (صلى الله عليه واله) يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة او ليسميه. فيأخذه فيضعه في حجره تكرمة لأهله. فربما بال الصبي عليه فيصبح بعض من رآه حين بال.

فيقول (صلى الله عليه واله) لا تزرموا بالصبي فيدعه حتى يقضي بوله، ثم يفرغ من دعائه او تسميته فيبلغ سرور اهله فيه، ولا يرون انه يتأذى ببول صبيهم، فاذا انصرفوا غسل ثوبه (1).

وروي عن ام الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب ـ مرضعة الحسين (عليه السلام) ـ قالت : اخذ مني رسول الله (صلى الله عليه واله) حسينا ايام رضاعه فحمله فأراق ماء على ثوبه، فاخذته بعنف حتى بكى.

فقال (صلى الله عليه واله) : مهلا يا ام الفضل ان هذه الاراقة، الماء يطهرها فأي شيء يزيل هذا الغبار عن قلب الحسين؟(2).

اما نحن فنعمد إلى ايذاء مشاعر الاخرين، ننتقد الطفل علنا وأمام الاغراب، دون ان نقدر الجرح الغائر الذي نصيب كبرياءهم، بينما بضع دقائق من التفكير، وكلمة مهذبة او اثنتان واختيار الوقت المناسب للأمر والنهي والتقريع، كفيلة بأن تخفف من وطأة اللطمة وتكسر حدتها.

فدعنا نذكر هذا في المرة الثانية التي تواجهنا فيها نصح طفل او لومه.

وخير طريقة للمحافظة على ماء وجه ابنك هي ان لا تدعه يشعر بالغبن والتقصير امام الاخرين.

فاذا ما اعتلى ابنك الصغير ـ مثلا - دراجة كبيرة وخشيت عليه من السقوط، فلا تنظر اليه شزراً وتصرخ به، وتقول له امام الاخرين انزل!! أو تنزله بعنف.

هنا وفي حالات اخرى متشابهة عليك ان تتوسل بالطرق المهذبة، كأن تحاول جر ابنك إلى مكان اخر، وتقوم بإرشاده ونصحه هناك لوحده.

وخير نصيحة تقدم في هذا المجال هي : الجأ إلى التفكير الدائم ولا تتسرع، فانك ستظفر بأفضل الطرق

والاساليب التي تدع ابنك يحتفظ بماء وجهه، بل وربما يحس بالفرح والغبطة بما تفعل وتقول.

يذكر منذ سنوات مضت كانت احدى شركات الكهرباء تواجه مهمة دقيقة هي اقالة احد الاشخاص من رياسة احد اقسامها!

كان هذا الشخص عبقريا في الكهرباء، ولكنه ما ان عين رئيسا لقسم الحاسبات بالشركة حتى اظهر عجزا فاضحا، وبرغم ذلك لم تجرؤ الشركة على انتقاده او الاساءة اليه.

اذ لم يكن لها غنى عنه، وكان هو شديد الحساسية مرهف الشعور فكيف حسموا هذه المشكلة الدقيقة؟ لقد اضافوا عليه لقبا جديداً جعلوه (المهندس المستشار للشركة) ثم نصبوا شخصا اخر لرئاسة قسم الحاسبات.

وقد سر هذا الشخص الاول لهذا اللقب، وسر كذلك مدير الشركة فقد حلّو مشكلة دقيقة حساسة دون الاساءة إلى هذا الإنسان.

واليكم المثل الاخر :

بعد معارك طاحنة وقعت بين المسلمين واعدائهم انتصر الجيش الاسلامي، وجيء بالأسرى إلى رسول الله (صلى الله عليه واله)، وكانت فيهم (سفانة ابنة حاتم الطائي).

فلما وصلوا إلى المدينة المنورة وقفت سفانة امام النبي قائلة :

ـ يا محمد ! انا ابنة سيد قومي، وان ابي كان يحب مكارم الاخلاق، وما جاءه طالب حاجة الا ورده بها وبأحسن منها.

فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : من أبوك ؟

قالت : حاتم الطائي.

قال : حقا لو كان ابوك مسلما لترحمنا عليه.

ثم اردف قائلاً : اطلقوها كرامة لها!

فقالت : انا؟ ام انا ومن معي؟

قال : اطلقوا من معها كرامة لها.

ثم امر النبي بحمر النعم (الابل والبقر) فأعطى لها حتى سد ما بين جبلين.

فقالت : يا محمد هذا عطاء من لا يخاف الفقر !

فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) : هكذا ادبني ربي فاحسن تأديبي.

ثم قال : أي محمد ! هل ادعوا لك؟

فرفع النبي يديه.

فقالت : اصاب الله ببرك مواقعة، ولا جعل لك إلى لئيم حاجة، ولا سلب نعمة قوم الا وجعلك سببا لردهم عليهم.

فقال النبي (صلى الله عليه واله) آمين. ثم ارسلها مع جماعة لإيصالها إلى اهلها ـ هي مشركة وابنة مشرك - وبعد ذلك التفت النبي إلى اصحابه وقال قولته الشهيرة : (ارحموا ثلاثة : وحق ان يرحموا- عزيزاً ذل من بعد عزه، وعالما ضاع بين جهال، وغنيا افتقر من بعد غناه).

وهكذا احتفظ (صلى الله عليه واله) بماء وجه هذه الاسيرة وساعدها واعطاها ما لم يخطر ببال.

فلماذا لا نتعلم من رسول الله ذلك؟.

وليكن في خلدك أنك حينما تحافظ على كرامة طفلك، وتتجنب إراقة ماء وجهه، فإنه سيكون إلى طاعتك اقرب من معصيتك.

وهكذا هو الحال مع كل الناس، لأنه من الطبيعي ان الذي تريق ماء وجهه يحاول ان يرد الاعتبار

لشخصه، فيمتنع عن الاستجابة لأوامرك، بل وربما يقوم بردة فعل مضادة، فيسبك او ينعتك بسوء مثلاً.

وقد اثبتت التجارب ان المدراء والاباء الخافقين في استحالة من هو تحت ايديهم هم الذين لا يؤدون اهتماما لمشاعر الناس واحاسيسهم.

بينما من يهتم بالحفاظ على كرامة الاخرين ينجح في تطويعهم اليه وبسهولة بالغة.

______________

1ـ بحار الانور : ج6، ص154.

2ـ هدية الاحباب: ص176.

 

 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.