أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-1-2017
1523
إن من الثابت عدم جواز النسخ عقلاً وعدم وقوعه شرعاً وبالتالي فان بين الآيات المنسوخات والناسخات تناقض
التاريخ: 16-1-2019
833
التاريخ: 12-1-2017
1012
التاريخ: 20-11-2016
1454
|
[جواب الشبهة]
لا خلاف- بين أهل القبلة من أهل المذاهب الإسلامية كلها- في جواز الجمع بعرفة وقت الظهر بين الفريضتين- الظهر و العصر- و هذا في اصطلاحهم جمع تقديم، كما لا خلاف بينهم في جواز الجمع في المزدلفة وقت العشاء بين الفريضتين [1]- المغرب والعشاء- و هذا في الاصطلاح جمع تأخير [2] بل لا خلاف في استحباب هذين الجمعين وأنهما من السنن النبوية و انما اختلفوا في جواز الجمع بين الصلاتين فيما عدا هذين.
ومحل النزاع هنا إنما هو جواز الجمع بين الفريضتين بأدائهما معا في وقت إحداهما تقديما على نحو الجمع بعرفة أو تأخيرا على نحو الجمع بالمزدلفة.
وقد صدع الأئمة من آل محمد صلى الله عليه واله بجوازه مطلقا غير ان التفريق أفضل و تبعهم في هذا شيعتهم في كل عصر ومصر فاذا هم يجمعون غالبا بين الظهر و العصر و بين المغرب و العشاء سفرا و حضرا لعذر أو لغير عذر. و جمع التقديم وجمع التأخير عندهم في الجواز سواء.
أما الحنفية فمنعوا الجمع فيما عدا جمعي عرفة و المزدلفة بقول مطلق مع توفر الصحاح الصريحة بجواز الجمع و لا سيما في السفر، لكنهم تأولوها على صراحتها فحملوها على الجمع الصوري و سيتضح لك بطلان ذلك قريبا ان شاء اللّه تعالى.
وأما الشافعية و المالكية و الحنبلية فأجازوه في السفر على خلاف بينهم فيما عداه من الأعذار كالمطر و الطين و المرض و الخوف و على تنازع في شروط السفر المبيح له [3] .
حجتنا التي نتعبد فيما بيننا و بين اللّه سبحانه في هذه المسألة و في غيرها انما هي صحاحنا عن أئمتنا عليهم السلام، و قد نحتج على الجمهور بصحاحهم لظهورها فيما نقول و حسبنا منها ما قد أخرجه الشيخان في صحيحيهما، و إليك ما أخرجه مسلم في باب الجمع بين الصلاتين في الحضر من صحيحة إذ قال:
حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: صلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم الظهر و العصر جميعا و المغرب و العشاء جميعا [4] في غير خوف و لا سفر.
(قال): و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء جابر بن زيد عن ابن عباس. قال: صليت مع النبي صلى الله عليه واله ثمانيا جميعا و سبعا جميعا. قال عمرو بن دينار قلت: يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر و أخر المغرب و عجل العشاء. قال: و أنا أظن ذلك [5] .
قلت: ان يتبعون الا الظن و ان الظن لا يغني من الحق شيئا.
(قال): حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس:
ان رسول اللّه صلى الله عليه واله صلى بالمدينة سبعا و ثمانيا الظهر و العصر و المغرب و العشاء [6] (قال): و حدثني أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد عن الزبير بن الحريث عن عبد اللّه بن شقيق قال: خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس و بدت النجوم و جعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة قال: فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر و لا ينثني: الصلاة الصلاة قال: فقال ابن عباس: اتعلمني بالسنة لا أم لك؟ ثم قال: رأيت رسول اللّه صلى الله عليه واله جمع بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء. قال عبد اللّه بن شقيق فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته [7].
(قال): و حدثنا ابن أبي عمر حدثنا وكيع حدثنا عمران بن حدير عن عبد اللّه بن شقيق العقيلي قال: قال رجل لابن عباس: الصلاة فسكت. ثم قال: الصلاة فسكت. ثم قال: الصلاة فسكت. فقال ابن عباس: لا أم لك أ تعلمنا بالصلاة كنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول اللّه صلى الله عليه واله.
قلت: وللنسائي من طريق عمرو بن هرم عن أبي الشعثاء ان ابن عباس صلى في البصرة الظهر والعصر ليس بينهما شيء فعل ذلك من شغل، و فيه رفعه إلى النبي صلى الله عليه واله [8].
(قال مسلم): و حدثنا أحمد بن يونس و عون بن سلام جميعا عن زهير قال ابن يونس: حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس. قال: صلى رسول اللّه صلى الله عليه واله الظهر و العصر جميعا بالمدينة في غير خوف و لا سفر [9] قال أبو الزبير: فسألت سعيدا لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني. فقال: أراد أن لا يحرج أحدا من أمته.
(قال): و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و أبو كريب قالا: حدثنا أبو معاوية، و حدثنا أبو كريب و أبو سعيد الأشج و اللفظ لأبي كريب قالا- يعني أبا كريب و أبا سعيد- حدثنا وكيع و أبو معاوية كلاهما عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: جمع رسول اللّه صلى الله عليه واله بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر.
(قال): و في حديث وكيع قال: قلت لابن عباس لم فعل ذلك؟ قال: كيلا يحرج أمته. و في حديث أبي معاوية قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.
(قال): و حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي حدثنا خالد ابن الحرث حدثنا قرة بن خالد حدثنا أبو الزبير حدثنا سعيد بن جبير حدثنا ابن عباس: ان رسول اللّه صلى الله عليه واله جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء. قال سعيد فقلت لابن عباس: ما حمله على ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته.
(قال): حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا خالد بن الحرث حدثنا قرة بن خالد حدثنا أبو الزبير حدثنا عامر بن وائلة أبو الطفيل حدثنا معاذ بن جبل. قال: جمع رسول اللّه صلى الله عليه واله في غزوة تبوك بين الظهر و العصر و بين المغرب والعشاء. قال فقلت: ما حمله على ذلك؟ فقال: أراد أن لا يخرج أمته.
قلت: هذه الصحاح صريحة في أن العلة في تشريع الجمع إنما هي التوسعة بقول مطلق على الأمة وعدم احراجها بسبب التفريق رأفة بأهل الأشغال و هم أكثر الناس، و الحديثان الأخيران- حديث معاذ والذي قبله- لا يختصان بموردهما- أعني السفر- إذ علة الجمع فيهما مطلقة لا دخل فيها للسفر من حيث كونه سفرا، و لا للمرض و المطر و الطين و الخوف من حيث هي هي وإنما هي كالعام يرد في مورد خاص، فلا يتخصص به بل يطرد في جميع مصاديقه، و لذا ترى الإمام مسلما لم يوردهما في باب الجمع في السفر إذ لا يختصان به و انما أوردهما في باب الجمع في الحضر ليكونا أدلة من جواز الجمع بقول مطلق و هذا من فهمه و علمه و إنصافه.
وصحاحه- في هذا الموضوع- التي سمعتها و التي لم تسمعها كلها على شرط البخاري، و رجال أسانيدها كلهم قد احتج البخاري بهم في صحيحه، فما المانع له يا ترى من إيرادها بأجمعها في صحيحه؟ و ما الذي دعاه إلى الاقتصار على النزر اليسير منها؟ و لماذا لم يعقد في كتابه بابا للجمع في الحضر و لا بابا للجمع في السفر؟ مع توفر الصحاح- على شرطه- الواردة في الجمع، و مع أن أكثر الأئمة قائلون به في الجملة، و لماذا اختار من أحاديث الجمع ما هو أخسها دلالة عليه؟ و لم وضعه في باب يوهم صرفه عن معناه؟ فإني أربأ بالبخاري و أحاشيه أن يكون كالذين يحرفون الكلم عن مواضعه، أو كالذين يكتمون الحق و هم يعلمون.
وإليك ما اختاره في هذا الموضوع، و وضعه في غير موضعه، إذ قال- في باب تأخير الظهر إلى العصر من كتاب مواقيت الصلاة من صحيحه [10]-: حدثنا أبو النعمان قال حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس: ان النبي صلى الله عليه واله صلى بالمدينة سبعا و ثمانيا الظهر و العصر، و المغرب و العشاء، فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة، قال: عسى. قلت: ان يتبعون الا الظن و أخرج في باب وقت المغرب عن آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن زيد عن ابن عباس قال: صلى النبي صلى الله عليه واله سبعا جميعا و ثمانيا جميعا.
وأرسل في باب «ذكر العشاء و العتمة» عن ابن عمر و أبي أيوب و ابن عباس أن النبي صلى الله عليه واله صلى المغرب و العشاء- يعني جمعهما- في وقت إحداهما دون الأخرى.
وهذا النزر اليسير من الجم الكثير من صحاح الجمع كاف في الدلالة على ما نقول كما لا يخفى، و يؤيده ما عن ابن مسعود إذ قال: جمع النبي صلى الله عليه واله - يعني في المدينة- بين الظهر و العصر و بين المغرب و العشاء فقيل له في ذلك فقال: صنعت هذا لئلا تحرج أمتي. أخرجه الطبراني [11].
والمأثور عن عبد اللّه بن عمر إذ قيل له: لم ترى النبي صلى الله عليه واله جمع بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء مقيما غير مسافر، أنه أجاب بقوله: فعل ذلك لئلا تحرج أمته.
وبالجملة فإن علماء الجمهور كافة ممن يقول بجواز الجمع و ممن لا يقول به متصافقون على صحة هذه الأحاديث و ظهورها فيما نقول من الجواز مطلقا، فراجع ما شئت مما علقوه عليها يتضح لك ذلك [12] نعم تأولوها حملا لها على مذاهبهم، و كانوا في تأولها على غمة و في ليل من الحيرة مظلم، و حسبك ما نقله النووي عنهم في تعليقه على هذه الأحاديث من شرحه لصحيح مسلم. إذ قال- بعد اعتبارها ظاهرة في الجمع حضرا-: و للعلماء فيها تأويلات و مذاهب. فمنهم من تأولها على أنه جمع لعذر المطر.
(قال): و هذا مشهور عن جماعة من كبار المتقدمين [13].
(قال): و هو ضعيف بالرواية الثانية عن ابن عباس من غير خوف و لا مطر [14].
(قال): و منهم من تأولها على أنه كان في غيم فصلى
الظهر ثم انكشف الغيم و ظهر أن وقت العصر دخل فصلاها فيه [15].
(قال) و هذا أيضا باطل لأنه ان كان فيه أدنى احتمال في الظهر و العصر فلا احتمال فيه في المغرب و العشاء.
(قال) و منهم من تأولها على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاها فيه فلما فرغ منها دخل وقت العصر فصلاها فيه فصار جمعه للصلاتين صوريا [16].
(قال) و هذا ضعيف أيضا أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل.
(قال) و فعل ابن عباس حين خطب فناداه الناس الصلاة الصلاة! و عدم مبالاته بهم و استدلاله بالحديث لتصويب فعله بتأخيره صلاة المغرب إلى وقت العشاء و جمعهما جميعا في وقت الثانية و تصديق أبي هريرة له و عدم إنكاره صريح في رد هذا التأويل.
قلت: ورده ابن عبد البر و الخطابي و غيرهما بأن الجمع رخصة فلو كان صوريا لكان أعظم ضيقا من الإتيان بكل صلاة في وقتها لأن أوائل الأوقات و أواخرها مما لا يدركه أكثر الخاصة فضلا عن العامة (قالوا) و من الدليل على أن الجمع رخصة قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته (قالوا) و أيضا فصريح أخبار الجمع بين الفريضتين إنما هو بأدائهما معا في وقت إحداهما دون الأخرى اما بتقديم الثانية على وقتها و أدائها مع الأولى في وقتها أو بتأخير الأولى عن وقتها إلى وقت الثانية و أدائهما وقتئذ معا (قالوا) و هذا هو المتبادر إلى الفهم من إطلاق لفظ الجمع في السنن كلها و هذا هو محل النزاع.
(قال النووي) و منهم من تأولها فحملها على الجمع لعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه (قال) و هذا قول أحمد بن حنبل و القاضي حسين من أصحابنا و اختاره الخطابي و المتولي و الروياني من أصحابنا و هو المختار في تأويلها، لظاهر الأحاديث.
قلت: لا ظهور في الأحاديث و لا دلالة فيها عليه بشيء من الدوالي و القول به تحكم كما اعترف به القسطلاني في شرحه لصحيح البخاري [17].
وقد تعقبه بعض الأعلام أيضا إذ قال: و قيل ان الجمع كان للمرض و قواه النووي و فيه نظر لأنه لو جمع للمرض لما صلى معه الا من به المرض، و الظاهر أنه صلى الله عليه واله جمع بأصحابه، و به صرح ابن عباس في رواية ثابتة عنه . انتهى .
قلت: و لما لم يكن لصحاح الجمع تأويل يقبله العلماء رجع قوم من الجمهور إلى رأينا في المسألة تقريبا من حيث لا يقصدون. و قد ذكر هم النووي بعد أن زيف التأولات بما سمعت. فقال: و ذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة و هو قول ابن سيرين و أشهب من أصحاب مالك، و حكاه الخطابي عن القفال الشاشي الكبير من أصحاب الشافعي، و عن أبي إسحاق المروزي و عن جماعة من أصحاب الحديث و اختاره ابن المنذر (قال) و يؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته إذ لم يعلله بمرض و لا غيره و اللّه أعلم هذا كلامه [18] و به صرح غير واحد من إعلامهم [19].
ولعل المحققين منهم في هذا العصر على رأينا كما شافهني به غير واحد منهم، غير انهم لا يجرءون على مبادهة العامة بذلك، وربما يمنعهم الاحتياط فان التفريق بين الصلوات مما لا خلاف فيه، و هو أفضل بخلاف الجمع، لكن فاتهم أن التفريق قد أدى بكثير من أهل الأشغال إلى ترك الصلاة كما شاهدناه عيانا بخلاف الجمع فإنه أقرب إلى المحافظة على أدائها، و بهذا يكون الأحوط للفقهاء أن يفتوا العامة بالجمع و أن ييسروا ولا يعسروا- يريد اللّه بكم اليسر و لا يريد بكم العسر- {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78] - والدليل على جواز الجمع مطلقا موجود و الحمد للّه سنة صحيحة صريحة كما سمعت، بل كتابا محكما مبينا، الا تصغون لأتلو عليكم من محكماته ما يتجلى به أن أوقات الصلوات المفروضة ثلاثة فقط، وقت لفريضتي الظهر و العصر مشتركا بينهما، و وقت لفريضتي المغرب و العشاء على الاشتراك بينهما أيضا، و ثالث لفريضة الصبح خاصة، فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا- {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } [الإسراء: 78].
قال الإمام الرازي حول تفسيرها- من سورة الإسراء ص 428 من الجزء الخامس من تفسيره الكبير- ما هذا لفظه: فان فسرنا الغسق بظهور أول الظلمة كان الغسق عبارة عن أول المغرب [20] و على هذا التقدير يكون المذكور في الآية ثلاثة أوقات: وقت الزوال و وقت أول المغرب و وقت الفجر (قال) و هذا يقتضي أن يكون الزوال وقتا للظهر و العصر فيكون هذا الوقت مشتركا بين هاتين الصلاتين، و ان يكون أول المغرب وقتا للمغرب و العشاء فيكون هذا الوقت مشتركا أيضا بين هاتين الصلاتين (قال) فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر و العصر و بين المغرب و العشاء مطلقا [21]، (قال) الا انه دل الدليل على ان الجمع في الحضر من غير عذر لا يجوز فوجب أن يكون الجمع جائزا لعذر السفر و عذر المطر و غيره.
قلت: امعنا بحثا عما ذكره من دلالة الدليل على ان الجمع في الحضر من غير عذر لا يجوز فلم نجد له- شهد اللّه- عينا و لا أثرا، نعم كان النبي صلى الله عليه واله يجمع في حال
العذر و قد جمع أيضا في حال عدمه لئلا يحرج أمته و لا كلام في ان التفريق أفضل و لذلك كان يؤثره رسول اللّه صلى الله عليه واله الا لعذر كما هي عادته في المستحبات كلها صلى اللّه عليه و آله و سلم.
___________________
[1] انما انعقد إجماع أهل القبلة على جواز الجمع بعرفة و المزدلفة للحجاج خاصة، أما غير هم فمحل خلاف.
[2] و ذلك لتأخير صلاة المغرب عن وقتها و جمعها مع العشاء في وقتها، كما أن الجمع في عرفة انما كان جمع تقديم لتقديم صلاة العصر عن وقتها و جمعها مع الظهر في وقتها.
[3] وذلك أن منهم من اشترط سفر القربة كالحج و العمرة و الغزو و نحو ذلك دون غيره و منهم من اشترط الإباحة دون سفر المعصية و منهم من اشترط ضربا خاصا من السير و منهم من لم يشترط شيئا فأي سفر كان و بأي صفة كان يراه مبيحا للجمع، و التفصيل في فقههم.
[4] لعلك لا تجهل أن اصطلاحهم في الجمع بين الصلاتين انما هو إيقاعهما معا في وقت إحداهما دون الأخرى جمع تقديم أو جمع تأخير هذا هو المراد المتقدمين منهم و المتأخرين من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، و هذا هو محل النزاع كما سمعته في الأصل.
[5] وهذا الحديث أخرجه أحمد بن حنبل من حديث ابن عباس ص 221 من الجزء الأول من مسنده و في تلك الصفحة نفسها أخرج من طريق آخر عن ابن عباس أيضا. قال: صلى رسول اللّه صلى الله عليه واله في المدينة مقيما غير مسافر سبعا و ثمانيا.
[6] هذا في الاصطلاح لف و نشر غير مرتب و هو جائز و لو قال صلى ثمانيا و سبعا لكان مرتبا.
[7] من هوان الدنيا على اللّه تعالى و هوان آل محمد صلى الله عليه واله على هؤلاء أن يحوك في صدورهم شيء من ابن عباس فيسألوا أبا هريرة و ليتهم بعد تصديق أبي هريرة عملوا بالحديث. و هذا الحديث أخرجه أحمد بن حنبل أيضا عن ابن عباس في ص 251 من الجزء الأول من مسنده.
[8] كما نقله الزرقاني في الجمع بين الصلاتين من شرح الموطأ ص 263 من جزئه الأول.
[9] و هذا الحديث مما أخرجه مالك في باب الجمع بين الصلاتين من الموطأ، و الامام أحمد عن ابن عباس في مسنده.
[10] تعقبه شيخ الإسلام الأنصاري عند بلوغه إلى هذا الباب من شرحه- تحفة الباري- فقال: المناسب للحديث باب: صلاة الظهر مع العصر و المغرب مع العشاء، ففي التعبير بما قاله تجوز و قصور إلى أن قال: و تأويل ذلك بأنه فرغ من الأولى فدخل وقت الثانية فصلاها عقبها خلاف الظاهر، انتهى بلفظة في آخر ص 292 من الجزء الثاني من شرحه، قال القسطلاني في ص 293 في الجزء الثاني من شرحه إرشاد الساري:
و تأوله على الجمع الصوري بأن يكون آخر الظهر إلى آخر وقتها و عجل العصر في أول وقتها ضعيف لمخالفة الظاهر و هكذا قال أكثر علمائهم و لا سيما شارحو صحيح البخاري، كما ستسمعه في الأصل ان شاء اللّه.
[11] كما في أواخر ص 263 من الجزء الأول من شرح الموطأ للزرقاني قال: و ارادة نفي الحرج تقدح في حمله على الجمع الصوري لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج.
[12] وحسبك تعليق النووي في شرحه لصحيح مسلم والزرقاني في شرحه لموطأ مالك و العسقلاني والقسطلاني وزكريا الأنصاري في شروحهم لصحيح البخاري و سائر من علق على أي كتاب من كتب السنن يشتمل على حديث ابن عباس في الجمع بين الصلاتين حيث صححوه بكل طرقه التي نقلناها عن صحيحي مسلم والبخاري واستظهروا منها جواز الجمع في الحضر لمجرد وقاية الأمة من الحرج، وما أدري و اللّه ما الذي حملهم على الاعراض عنها، و لعل هذا من حظ أهل البيت عندهم.
[13] كالإمامين مالك و الشافعي و جماعة من أهل المدينة.
[14] على أنه بعيد عن اللفظ غاية البعد و لا قرينة عليه.
[15] هذا خرص و مجازفة و رجم بالغيب.
[16] وقد تعلم أن أبا حنيفة و أصحابه تأولوا صحاح الجمع حضرا و سفرا بحملها كلها على الجمع الصوري فقالوا بمنع الجمع مطلقا و هذا غريب منهم إلى أبعد غاية و قد كفانا مناقشتهم و البحث معهم عدة من الأعلام تسمع في الأصل كلامهم.
[17] فراجع من شرحه إرشاد الساري باب تأخير الظهر إلى العصر تجد في ص 293 من جزئه الثاني ما هذا لفظه: و حمله أي حديث ابن عباس في الجمع حضرا- بعضهم على الجمع للمرض و قواه النووي فتعقبوه بأنه مخالف لظاهر الحديث و تقييده به ترجيح بلا مرجح و تخصيص بلا مخصص .
[18] في ص 455 من الجزء الرابع من شرحه لصحيح مسلم المطبوع في هامش إرشاد الساري و تحفة الباري شرحي صحيح البخاري و لا يخفى ميل النووي إليه في آخر كلامه إذ أيده بقول ابن عباس و علق على قول ابن عباس قوله فلم يعلله بمرض و لا غيره فكان آخر كلامه ناقصا لتأويله.
[19] كالزرقاني في شرحه للموطأ و سائر من علق على حديث ابن عباس في الجمع بين الصلاتين ممن شرح الصحاح و السنن من كالعسقلاني- و القسطلاني و غيرهما.
[20] هذا المعنى نقله الرازي- حول الآية من تفسيره الكبير- عن ابن عباس و عطاء و النضر بن شميل، و نقله الإمام الطبرسي- في مجمع البيان- عن ابن عباس و قتادة.
[21] أما إذا فسرنا الغسق بتراكم الظلمة و شدتها نصف الليل- كما عن الصادق عليه السلام- فوقت الفرائض الأربع الظهر و العصر و المغرب و العشاء ممتد من الزوال إلى نصف الليل، فالظهر و العصر يشتركان في الوقت من الزوال إلى الغروب الا أن الظهر قبل العصر و يشترك المغرب و العشاء من الغروب إلى نصف الليل غير ان المغرب قبل العشاء، أما فريضة الصبح فقد اختصها اللّه بوقتها المنوه به في قوله سبحانه وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كٰانَ مَشْهُوداً.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|