أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-10-2014
1932
التاريخ: 21-04-2015
1556
التاريخ: 22-04-2015
2198
التاريخ: 12-4-2016
7478
|
كانت للإنسان ـ ولا تزال ـ مسائل عن هذه الحياة ، كان يحاول الإجابة عليها : من أين أتى ؟ ولِمَ أتى ؟ والى أين ؟ وكانت محاولاته بهذا الشأن قد شكّلت مجموعة مسائل الفلسفة الباحثة عن سرّ الوجود ، ولكن هل حصل على أجوبة كافية ؟ أم كانت ناقصة غير مستوفاة لحدّ الآن ؟ لولا إجابة القرآن عليها إجابة وافية وشافية كانت علاجاً حاسماً لِما كان يجيش في الصدور ، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس : 57].
كان ما وصل إليه الإنسان من معارف حول سرّ الوجود ناقصاً وغير مقنع إلى حدّ بعيد ، {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء : 85] فكان مستطلعاً ومتعطّشاً إلى حلّ مشاكله والإجابة على مسائله بشكل كامل ومستوفٍ جميع الجوانب ممّا يرتبط بالمبدأ والمعاد والغاية التي خُلق من أجلها العباد .
نعم ، كان القرآن الكريم هو الذي تعرّض لحلّ معضلة الحياة وفصّل الكلام عن بدء الخليقة والغاية عن الوجود وكشف عن سرّ الحياة ، تفصيلاً مستوفىً بما لم يدع مجالاً لمسارب الشكّ في مسائل الحياة في المبدأ والمعاد ، وأجاب عن مسائل ممّا لم يكد يعرفه الإنسان {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق : 3 - 5] .
الأمر الذي جعل من القرآن آية باهرة ومعجزة قاهرة ، دلّت على أنّه ليس كلام البشر ، وإنّما هو وحي أنزله الله تعالى هدىً ورحمةً للعالمين .
كما وأتحف للبشرية جمعاء برامج لنظم الحياة وليعيش في سلامة وتؤدة وهناء ، ممّا لم يسبقه ـ كما لم يلحقه ـ شريعة وضعها الإنسان .
كانت الأنظمة التي وضعها الإنسان لنظم حياته غير كافلة لسعادته ، فإنّها وإن كانت راقية من جانب لكنّها سافلة وسحيقة من جوانب أُخر ، كانت مناشئ الخسّة والدناءة عليها بادية .
الإنسان مهما ارتقى في مدارج الكمال فإنّه لا يمكنه الانطلاق من قيود نزعاته الهابطة التي تربطه بخسائس الأرض أكثر ممّا ترتقيه إلى آفاق السماء ، الإنسان لا يستطيع التخلّص من براثن الحيوانية والبهيمية التي تتحكّم في نفسه إذا لم تكن مهذّبة تهذيباً يتناسب ومعالي الإنسانية الرفيعة .
ومِن ثَمّ فإنّ سِماته الخسيسة سوف تبدو على ما يضعه من قانون أو يعرضه من شرائع وأنظمه لتنظيم الحياة ... وكلّ إناء بالذي فيه ينضح ، إنّ ما يأتي به الإنسان من علمٍ ومعرفةٍ إنّما هي ترشّحات نفسه وصفاته الباطنة في شخصه ، إنّ فكرة الإنسان وليدة مشاعره عن هذه الحياة إنّه يفكّر حسبما يعيش ، كما يعيش حسبما يفكّر ؛ لأنّ الإنسان وليد جامعته ونتيجة بيئته ، والبيئة هي التي تكوّن شخصية الأفراد الناشئة منها ، فكيف يحاول الترقية ببيئته وهو حصيلها !!
إنّ القيم الساطية على البيئات هي التي توجّه مسيرة الإنسان في مشاعره وفي أفكاره ، فلابدّ أن يكون ما يضعه من قانون وشريعة هي مسيّرة من خارج ذاته الإنسانية الرفيعة التي خلقه الله تعالى عليها حسب فطرته الأوّلية .
إنّ نزعات القومية والوطنية واللونية واللسانية ـ فضلاً عن القبائلية والبلدية ـ كانت قيوداً لا يستطيع الإنسان الانفلات منها ما دام رهن ميوله واتّجاهاته البشرية السافلة .
نعم ، كانت الشرائع السماوية هي المتحررّة عن كلّ هذه القيود ؛ ومِن ثَمّ جاءت صافية ونقية ونزيهة عن كلّ دنس وخسيسة بشرية ممّا افتقدته الإنسانية منذ قرون ، حيث جاء القرآن الكريم بشرائعه طاهرة زكية .
كان الإنسان في عهد نزول القرآن يعيش في ظلمات الغيّ والجهالة ، وفي لفيف من أنظمة كانت صبغتها الظلم والعتوّ على صنوف الإنسانية الكريمة ، وكانت القوانين الحاكمة على البشرية حينذاك ضامنة للمُستعلينَ في الأرض مصالحهم دون المستضعفين ـ وهم أكثر هذه البسيطة المظلومون ـ قد هُضم حقّهم وسُحقت كرامتهم ورُبطوا ربط المواشي والأغنام .
في هذا الجوّ المظلم والبيئة الحالكة جاء القرآن الكريم بمشاعل وهّاجة بمصابيح وضّاءة ، تنقشع عن البشرية سحب الظلام وتنكشف على الإنسانية كرامة ذاته الأصيلة ، فقد جاء بأنظمة وقوانين ترفع بالإنسان إلى كرامته العليا وتُسعده في الحياة سعادة شاملة وكافلة لجميع البشرية العائشة على الأرض ، على حدّ سواء ، لا ميز لقبيلة على أُخرى ، ولا لأهل بلد على آخرين ، ولا للغة دون أُخرى ، كلّهم بنو آدم ، وآدم من تراب . {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } [الحجرات : 13] .
ومن جانب آخر ، كانت الأنظمة التي وضعها الإنسان ذاته إنّما تنظّم جانبين من جوانب الإنسان في الحياة : جانب الفرد في ذاته ، وجانبه مع بني نوعه ، أي كيف يعيش في ضمان من مصالحه في الحياة ممّا يعود إلى نفسه ، وفي المقدار الذي يربطه بمجتمعه .
في حين أنّ للإنسان جوانب أُخر في هذه الحياة ، جانب مشاعره وأحاسيسه عن نشأة الوجود ، وعن حبّه وعاطفته التي قد تفوق جانب رعاية مصلحة وقتية محدودة النطاق ، وكذلك حسّه المرهف عن تلك القوّة القاهرة التي تُسيّر عالم الوجود ، وهو ربّ العالمين ، الإنسان في فطرة ذاته يشعر بوجود هكذا قدرة خارقة ، ويحاول معرفتها ومعرفة مقدار علاقته بها ، ووظيفته التي يجب عليه تأديتها تجاه تلك العظمة الباهرة .
إنّ أنظمة الإنسان الوضعية لتعجز على إمكان شمولها لهذه الجوانب من حياة الإنسان نعم ، كانت الشرائع الإلهية ـ والتي جاء بها القرآن الكريم ـ هي الكافلة لجميع جوانب الحياة ، والتي تضمن سعادة الإنسان في النشأتين .
والخلاصة : إنّ للإنسان علاقات في هذه الحياة ، تشمل علاقته بنفسه ، وعلاقته مع بني نوعه ، وعلاقته مع ربّه وخالقه ومَن إليه مصيره في نهاية المطاف ..
والأنظمة الوضعية إنّما تكفل ضمان العلاقتين الأُولتين بشكل ناقص ، وإنّما يضمن العلاقات أجمع وبشكل كامل الشرائع الإلهية ، ولا سيّما شريعة الإسلام التي جاء بها القرآن . {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران : 164] .
هكذا جاء القرآن بشرائع راقية ـ فاق بها شرائع وضعتها البشرية ـ شاملة كاملة وكافلة الإنسانية في الدارين .. فكانت معجزة خارقة ، ودليلاً واضحاً على صدق رسالة الله في الأرض .
فالآية المعجزة في القرآن الكريم ، إنّه أتى بمعارف تسمو معارف البشرية ، وجاء بشرائع تتعالى عن خسائس الشرائع الوضعية ؛ وبذلك كانت معارف القرآن وشرائعه ممتازة عن سائر الشرائع والأديان بحيث لا تشابه بين شريعة الإسلام وما كان عليه الإنسان المتحضّر في ذلك العهد .
إذاً ، فكيف يزعم بعض أصحاب العقول الضعيفة : أنّ القرآن ـ بل الإسلام ـ أخذ شرائعه من شرائع وضعية كان قد وضعها الرومان ، أو أخذ معارفه من معارف فرضية كان قد فرضها اليونان ، أو غيرهما من أُمّم بائدة قد أكل الزمان عليها وشرب ؟! حاش القرآن أن ينتهج منهجاً كان معوجّاً في أساس غير قويم .
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [الروم : 30].
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|