أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2016
1750
التاريخ: 26-8-2016
2067
التاريخ: 30-8-2016
5906
التاريخ: 5-8-2016
1509
|
لا شكّ انّ العام كما يخصص بمنطوق القضية، كذلك يخصص بمفهومها.
مثلاً لو افترضنا ورد عام يأمر بإطاعة الوالدين في كلّ ما يأمران به وقال: أطعهما في كلّ ما يأمران.
ثمّ ورد قوله سبحانه : {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا } [لقمان: 15].
فمنطوق الآية ناظر إلى الشرك في العبادة فيخصص العام المتقدّم بهذا المنطوق.
ثمّ إنّ الآية تدلّ على حرمة اطاعتهما إذا جاهدا أن يشرك الولد، في الخالقية والربوبية، بطريق أولى(المفهوم الموافق) فيخصص به أيضاً، العام السابق.
وجه الاتفاق على جواز التخصيص هو انّ المفهوم الموافق من مقولة الدلالة اللفظية عند العرف، فكما يخصص العام بمنطوق الآية فهكذا يخصص بمفهومها الموافق لأنّهما في درجة واحدة لو لم يكن الموافق أعلى منزلة.
إنّما الكلام في تخصيص العام بالمفهوم المخالف، فربما يتصوّر عدم الجواز لأجل انّ الدلالة المفهومية أضعف من الدلالة المنطوقية ، فصار ذلك سبباً لعقد هذا الفصل.
ثمّ إنّ العام وما يكون له المفهوم إمّا يقعان في كلام أو كلامين على نحو يصلح أن يكون كلّ منهما قرينة متصلة على التصرف في الآخر ودار الأمر بين تخصيص العموم أو إلغاء المفهوم، فيعمل بالأظهر منهما، وهذا كما في قوله سبحانه: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6].
فانّ الصدر ظاهر في المفهوم، وهو عدم وجوب التثبُّت عند خبر العادل ولكن الذيل عام(1) يدلّ على لزومه عند كلّ خبر غير علمي سواء كان المخبر فاسقاً أو عادلاً، لأنّ الجهالة بمعنى عدم العلم موجود في كلا القسمين، فعندئذ يقدم الأظهر منهما على الآخر وإلاّ فيتساقطان، وأمّا ما هو الأظهر فقد اختلفت فيه أنظارهم.
فهناك من يقدّم المفهوم على العام ـ وهناك من يعكس، والتّحقيق موكول إلى محلّه.
هذا كلّه إذا كان العام و ما يدلّ على المفهوم في كلام واحد، وأمّا إذا كان منفصلين فهل يخصّص العام بالمفهوم أو لا؟
فالظاهر انّه إذا لم تكن قوّة لأحد الدليلين في نظر العرف على الآخر يعود الكلام مجملاً، و أمّا إذا كان أحدهما أظهر من الآخر فيقدم الأظهر. فربما يكون المفهوم أظهر من حكم العام وإليك المثال:
أ. روى محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه ـ عليه السَّلام ـ : انّه سئل عن الماء يبول فيه الدواب و تلغ فيه الكلاب و يغتسل فيه الجنب، قال ـ عليه السَّلام ـ : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء».
فالرواية تحمل المفهوم و هو أنّ الماء إذا لم يكن قدر كرّ يتنجس بالنجس. وفي مقابله عام كقوله: «الماء كلّه طاهر» قابل لتخصيصه بمفهوم هذا الحديث. وجه الأظهرية هو أنّ العام متعرض لحكم طبيعة الماء، والمفهوم متعرض لحكم حال من أحواله وهو انِّ إذا كان الماء قليلاً ولاقا النجاسة، فيقدم على الأوّل إذ لا منافاة بين أن يكون الماء القليل بما هو هو طاهراً وعند الملاقاة بالنجس نجساً.
وربما يكون على العكس فيكون العام أظهر من المفهوم لكونه معللاً غير قابل للتخصيص عرفاً كالمثال التالي:
ب. روى محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا ـ عليه السَّلام ـ قال: «ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلاّ أن يتغيّر ريحُه أو طعمُه، فيُنزَحُ حتى يذهبَ الريحُ و يطيب طعمُه، لأنّ له مادة».(2)
وهو يدلّ على اعتصام ماء البئر و عدم انفعاله بالملاقاة سواء أكان كراً أو غير كر، وبما انّه معلل يقدم على المفهوم المستفاد من قوله: « إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» فيحكم بطهارة ماء البئر القليل إذا لاقى نجساً، وبالجملة الملاك هو الأظهرية فتارة يكون الأظهر هو المفهوم وأُخرى يكون العام.
والتصديق الفقهي في الموردين ونظائرهما موكول إلى محلّه في كتاب الطهارة.
_________________
1. لوقوع النكرة (بجهالة) في سياق النفي أي لئلاّ يصيبوا...
2. الوسائل: 1، الباب 9 من أبواب الماء المطلق، الحديث 1.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|