أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
832
التاريخ: 25-8-2016
782
التاريخ: 3-8-2016
557
التاريخ: 3-8-2016
593
|
الكلام في دلالة النهي في العبادات على الفساد، يقع في مواضع:
الأوّل: النهي المولوي التحريمي:
إنّ تعلّق النهي التحريمي بالعبادات يتصوّر على أنحاء:
1. أن يتعلّق النهي بنفس العبادة كالنّهي عن الصيام في العيدين، فهذا النوع من النهي يدلّ على الفساد لوجهين:
الأوّل: انّ النهي يكشف عن المبغوضية، ولا يمكن أن يكون المبغوض مقرِّباً.
الثاني: انّ الصحّة ـ بمعنى مطابقة المأتي به للمأمور به ـ فرع وجود الأمر، ومن المعلوم أنّه إذا تعلّق النهي بشيء لا يتعلّق به الأمر لاستلزامه اجتماع الأمر والنهي في متعلّق واحد، ومع انتفاء الأمر لا يصدق كون المأتي به مطابقاً للمأمور به لعدم الأمر وبالتالي لا يكون مسقطاً للواجب كما لو صام يوم الفطر قضاءً.
ولو قلنا بأنّ الصحّة فرع أحد الأمرين إمّا الأمر أو الملاك، فالعبادة أيضاً فاسدة لعدم استكشاف وجود الملاك فيه بعد عدم الأمر لأجل تعلّق النهي بها.
واعلم أنّ هذه الصورة تتميّز عن الصور التالية بوجود النهي فيها دون الأمر، فلذلك اتّفقوا على بطلان العبادة لعدم الأمر بها وعدم إحراز الملاك.
وأمّا الصور التالية فقد اجتمع فيها الأمر والنهي مع تغاير متعلّقهما ولذلك أشبه بمسألة اجتماع الأمر والنهي، مثلاً: إذا تعلّق الأمر بنفس العبادة والنهي بجزئها أو شرطها أو وصفها، فيقع الكلام في أنّ فساد الجزء العبادي باعتبار تعلّق النهي به هل يستلزم فساد المركب أو لا؟
وهذه الجهة هي التي يجب أن يركز البحث عليها دون سائر الجهات.
إذا علمت ذلك، فإليك بيان سائر الصور.
2. أن يتعلّق النهي بجزء العبادة كالنهي عن قراءة سور العزائم في الصلاة فلا شكّ في انّه يقتضي فساد الجزء للوجهين الماضيين (لكشف النهي عن المبغوضية والمبغوض لا يكون مقرباً، وعدم إحراز الملاك لعدم الأمر). ولكن فساد الجزء لا يكون دليلاً على فساد الكلّ إلاّ إذا اقتصر على ذلك الجزء المبغوض، وإلاّ فلو أتى بفرد آخر من ذلك الجزء غير منهيّ عنه يكون الكلّ محقّقاً، كما إذا قرأ بعدها سورة أُخرى من غير العزائم.
نعم ربما يكون الإتيان بفرد آخر موجباً للفساد، لأجل طروء عنوان آخر وهو الزيادة في الصلاة، أو استلزامه القرآن بين السورتين ولكن الفساد من هاتين الجهتين غير مطروح لنا في هذا المقام.
3. أن يتعلّق النهي بشرط العبادة كالنهي عن الطهارة المائية عند ما كانت مضرة ولا شكّ انّ الشرط يكون فاسداً للوجهين السابقين (المبغوض لا يكون مقرباً وعدم إحراز الملاك لعدم الأمر) إنّما الكلام في سراية فساد الشرط إلى فساد المشروط، فالحقّ انّه كالجزء لا يوجب بطلان المشروط إذا أمكن التدارك وإلاّ فيكون المشروط فاسداً لا لتعلّق النهي بالشرط بل لفقدانه الشرط.
4. أن يتعلّق النهي بالوصف اللازم كالجهر بالنسبة إلى القراءة، والمراد من الوصف اللازم ما لا يمكن سلبه مع بقاء موضوعه حيث إنّه تنعدم القراءة الشخصية بانعدام وصفها فيكون المقام من قبيل اجتماع الأمر والنهي، وحيث إنّ القراءة تتحد وجوداً مع الجهر المحرّم فتفسد لأجل عدم إمكان قصد القربة على ما مرّ.
5. أن يتعلّق النهي بالوصف المفارق كالغصبية بالنسبة إلى الصلاة، فقد عرفت حكمه فيما سبق.
الثاني: النهي المولويّ التنزيهي إذا كان النهي التنزيهي متضمناً حكماً شرعيّاً ومُنْشَأ بداعي الردع والزجر فهو أيضاً يلازم الفساد، فإنّه وإن لم يكشف عن كونه مبغوضاً للمولى وموجباً للعقوبة، لكن يكشف عن عدم حبِّه واستحسانه، ومن المعلوم امتناع التقرب بشيء مزجور أو بأمر مرغوب عنه.
نعم يختلف النهي التحريمي عن التنزيهي بشدة الكراهة وضعفها ولكن الجميع يكشف عن كون المتعلَّق مرغوباً عنه غير محبوب للمولى.
والحاصل انّه إذا أحرز انّ النهي متضمن لحكم شرعي أُنشئ بداعي الردع والزجر وإن كان على وجه لا يبغضه المولى ولا يعاقب عليه ولكنّه لا يجبه ولا يستحسنه، فهذا يلازم الفساد لامتناع التقرب بالأمر غير المرغوب.
وصرّح المحقّق النائيني بما ذكرنا وقال: «لو تعلّق النهي التنزيهي بذات ما يكون عبادة لكان لدعوى اقتضائه الفساد مجال من جهة انّ ما يكون مرجوحاً ذاتاً لا يصلح أن يتقرّب به.(1)
نعم انّ هذا النوع من النهي التنزيهي قليل جداً والغالب في النواهي التنزيهية هو الإرشاد إلى قلّة الثواب مع كون العمل محبوباً في ذاته لو أتى به، ففي مثله لا يكون النهي مسوقاً لبيان الحكم التكليفي بداعي الزجر والردع عنه، بل يكون مسوقاً لبيان قلّة الثواب ولأجل ذلك أفتى المشهور بصحّة الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها أو الصلاة في مرابض الخيل والبغال والحمير، ومعاطن الإبل، أو الصلاة على الطرق والأرض السبخة والمالحة، أو في بيت فيه خمر أو مسكر، وما هذا إلاّ لأنّ النهي في هذه الموارد إرشاد إلى قلّة الثواب وليس متضمناً لحكم شرعي كاشف عن كونه مرغوباً عنه.
هذا كلّه حول النهي المولوي سواء أكان تحريمياً أم كان تنزيهياً (كراهية) فقد عرفت دلالة النهي فيهما على الفساد للوجهين الماضيين.
الثالث: النهي الإرشادي:
إنّ النهي كالأمر ينقسم إلى مولوي وإرشادي، أمّا المولوي كقوله سبحانه: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32] وأمّا الإرشادي كقوله سبحانه: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 22] على القول بانّ النهي فيه إرشاد إلى الفساد.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ القضاء في دلالة النهي الإرشادي على الفساد يتوقّف على تعيين المرشد إليه للنهي، إذ له أقسام:
أ: أن يكون إرشاداً إلى الفساد كقوله: «دعي الصلاة أيّام أقرائك» فانّ معناه أيّتها المكلّفة لا تصلّ، لأنّ الصلاة في هذه الحالة لا تكون صحيحة.
ب: أن يكون إرشاداً إلى مانعية متعلّقه كما في قوله: «لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه» الدالّ على مانعية لُبْس ما هو مأخوذ ممّا لا يؤكل لحمه .
ج: أن يكون إرشاداً إلى شرطية متعلّقة كقوله: «لا تبع بلا كيل» الدالّ على شرطية الكيل. ففي الموردين الأخيرين أيضاً يلازم النهيُ الفسادَ باعتبار إرشاده إلى المانعية أو الشرطية، ومن الواضح انّ المركب يختل بوجود المانع أو فقدان الشرط.
د: أن يكون إرشاداً إلى قلّة الثواب، كما في قوله: «لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد».(2) فانّه بحكم الإجماع على صحّة الصلاة لو صلّى في غيره، إرشاد إلى قلّة الثواب لا الكراهة المصطلحة.
الرابع: النهي إذا جهل حاله:
إذا دار أمر النهي بين كونه نهياً مولوياً أو إرشادياً كما إذا قال: «لا تصلّ في وبر ما لا يؤكل لحمه»(3) فلا يحكم عليه بشيء من الفساد وعدمه فلو كان مولوياً فهو يستلزم الفساد مطلقاً سواء كان تحريمياً أو تنزيهياً ، بخلاف ما إذا كان إرشادياً، ففيه التفصيل المذكور من استلزامه الفساد إذا كان إرشاداً إلى الجزئية والمانعية، وعدمه إذا كان إرشاداً إلى قلّة الثواب.
والحاصل انّه إذا دار أمر النهي بين الوجوه الثلاثة، لا يحكم عليه بشيء. اللّهمّ إلاّ أن يقال بظهوره في هذه المقامات في الإرشاد إلى المانعية كما إذا قال الطبيب: اشرب هذا الدواء، ولا تمزجه بالماء فعند ذاك يستلزم الفساد.
________________
1. الفوائد الأُصولية: 1/456.
2. الوسائل: 3، الباب 2من أبواب أحكام المساجد، الحديث 2.
3. الوسائل: 3، الباب 2 من أبواب لباس المصلي، الحديث 7.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|