أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
623
التاريخ: 25-8-2016
705
التاريخ: 25-8-2016
702
التاريخ: 25-8-2016
564
|
علاقة التضاد بين الوجوب والحرمة:
من المعترف به في علم الاصول أنه ليس من المستحيل أن يأتي المكلف بفعلين في وقت واحد أحدهما واجب والآخر حرام، فيعتبر مطيعا من ناحية إتيانه بالواجب وجديرا بالثواب، ويعتبر عاصيا من ناحية إتيانه للحرام ومستحقا للعقاب. فشرب الماء النجس مثلا حرام ودفع الزكاة إلى الفقير واجب، فلو أن إنسانا حمل الماء النجس بإحدى يديه وشربه وأعطى باليد الاخرى في نفس الوقت زكاته للفقير فقد عصى وامتثل وأتى بالحرام والواجب في وقت واحد. وأما الفعل الواحد فل يمكن أن يتصف بالوجوب والحرمة معا، لان العلاقة بين الوجوب والحرمة هي علاقة تضاد ولا يمكن اجتماعهما في فعل واحد كما لا يمكن أن يجتمع السواد والبياض في جسم واحد، فدفع الزكاة إلى الفقير لا يمكن أن يكون وهو واجب حراما في نفس الوقت، وشرب النجس لا يمكن أن يكون وهو حرام واجبا في نفس الوقت. وهكذا يتضح :
(أولا) أن الفعلين المتعددين كدفع الزكاة وشرب النجس يمكن أن يتصف أحدهما بالوجوب والآخر بالحرمة ولو أوجدهما المكلف في زمان واحد.
(وثانيا) أن الفعل الواحد لا يمكن أن يتصف بالوجوب والحرمة معا. والنقطة الرئيسية في هذا البحث عند الاصوليين هي أن الفعل قد يكون واحدا بالذات والوجود ومتعددا بالوصف والعنوان، وعندئذ فهل يلحق بالفعل الواحد لانه واحد وجودا وذاتا؟ أو يلحق بالفعلين لانه متعدد بالوصف والعنوان؟ ومثاله: أن يتوضأ المكلف بماء مغصوب، فإن هذه العملية التي يؤديها إذا لوحظت من ناحية وجودها فهي شيء واحد وإذا لوحظت من ناحية أوصافها فهي توصف بوصفين، إذ يقال عن العملية: إنها وضوء، ويقال عنها في نفس الوقت: إنها غصب وتصرف في مال الغير بدون إذنه، وكل من الوصفين يسمى عنوان .
ولأجل ذلك تعتبر العملية في هذا المثال واحدة ذاتا ووجودا ومتعددة وصفا وعنوان.
وفي هذه النقطة قولان للأصوليين: أحدهم أن هذه العملية ما دامت متعددة بالوصف والعنوان تلحق بالفعلين المتعددين، فكما يمكن أن يتصف دفع الزكاة للفقير بالوجوب وشرب الماء النجس بالحرمة كذلك يمكن أن يكون أحد وصفي العملية وعنوانيها واجبا وهو عنوان الوضوء والوصف الآخر حراما وهو عنوان الغصب.
وهذا القول يطلق عليه اسم القول بجواز اجتماع الامر والنهي . والقول الآخر يؤكد على إلحاق العملية بالفعل الواحد على أساس وحدتها الوجودية، ولا يبرر مجرد تعدد الوصف والعنوان عنده تعلق الوجوب والحرمة معا بالعملية. وهذا القول يطلق عليه اسم القول بامتناع اجتماع الامر والنهي . وهكذا اتجه البحث الاصولي إلى دراسة تعدد الوصف والعنوان من ناحية أنه هل يبرر اجتماع الوجوب والحرمة معا في عملية الوضوء بالماء المغصوب؟ أو أن العملية ما دامت واحدة وجودا وذاتا فلا يمكن أن توصف بالوجوب والحرمة في وقت واحد. ونحن نعتقد أن العملية التي لها وصفان وعنوانان يمكن أن يتعلق الوجوب بأحدهم والحرمة بالآخر، ولا تمنع عن ذلك وحدة العملية وجودا، ولكن هذا لا ينطبق على كل وصف بل إنما تتسع العملية الواحدة للوجوب والحرمة معا إذا كان لها وصفان وعنوانان يتوفر فيهما شرائط خاصة لا مجال لتفصيلها الآن.
هل تستلزم حرمة العقد فساده؟
إن صحة العقد معناها أن يترتب عليه أثره الذي اتفق عليه المتعاقدان، ففي عقد البيع يعتبر البيع صحيحا ونافذا إذا ترتب عليه نقل ملكية السلعة من البائع إلى المشتري ونقل ملكية الثمن من المشتري إلى البائع، ويعتبر فاسد وباطلا إذا لم يترتب عليه ذلك. وبديهي أن العقد لا يمكن أن يكون صحيحا وفاسدا في وقت واحد فإن الصحة والفساد متضادان كالتضاد بين الوجوب والحرمة، فكما لا يمكن أن يكون الفعل الواحد واجبا وحراما كذلك لا يمكن أن يكون العقد الواحد صحيحا وفاسد. والسؤال هو هل يمكن أن يكون العقد صحيحا وحراما؟ ونجيب على ذلك بالإيجاب، إذ لا تضاد بين الصحة والحرمة ولا تلازم بين الحرمة والفساد لان معنى تحريم العقد منع المكلف من إيجاد البيع، ومعنى صحته أن المكلف إذا خالف هذا المنع والتحريم وباع ترتب الاثر على بيعه وانتقلت الملكية من البائع إلى المشتري، ولا تنافي بين أن يكون عليه الاثر في حالة صدوره من المكلف، فلا تلازم إذن بين حرمة العقد وفساده ولا تضاد بين حرمته وصحته بل يمكن أن يكون العقد حراما وصحيحا في نفس الوقت. ومثال ذلك في حياتنا الاعتيادية: أنك قد لا تريد أن يزورك فلان وتبغض ذلك أشد البغض، ولكن إذ اتفق وزارك ترى لزاما عليك أن ترتب الاثر على زيارته وتقوم بضيافته. فكما أمكن في هذا المثال أن تبغض زيارة فلان لك وفي نفس الوقت ترتب الاثر عليها إذا اتفق له أن زارك كذلك يمكن في مسألتنا أن يبغض الشارع صدور عقد البيع من المكلف ويمنع عنه، ولكنه يرتب الاثر عليه إذا عصى المكلف ومارس البيع، فيحكم بنقل الملكية من البائع إلى المشتري كما ترتب أنت الاثر على زيارة فلان لك إذا زارك بالرغم من أنك تبغض زيارته. وهذا يعني أن النهي عن المعاملة أي عقد البيع ونحوه لا يستلزم فسادها بل يتفق مع الحكم بصحة العقد في نفس الوقت، خلافا لعدد من الاصوليين القائلين بأن النهي عن المعاملة يقتضي فسادها إيمانا منهم بوجود علاقة تضاد بين الصحة والحرمة.
____________
(1) أي لغير القسم السادس، وأما القسم السادس فنريد به ما كان من قبيل علاقة التلازم بين الحكم العقلي والحكم الشرعي المقررة في المبدأ القائل: كلما حكم به العقل حكم به الشرع ، فإن هذه العلاقة تقوم بين الحكم الشرعي وشيء خارج عن نطاق العالم التشريعي، وهو حكم العقل. وقد أجلنا دراسة ذلك إلى الحلقات المقبلة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|