أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-08-16
422
التاريخ: 18-8-2016
2264
التاريخ: 30-1-2022
2527
التاريخ: 7-8-2016
1404
|
الصبر هو السكينة وعدم الاضطراب عند البلايا والمصائب , وعكسه الجزع واليأس ، وهما إطلاق العنان للنفس عند حلول البلاء والمصيبة والصراخ بـ آه وما شابه من نوح وتمزيق ثياب ولطم وجه ، حتّى تقطيب الحاجبين والعبوس وأمثالها مما يصدر عن ضعف النفس.
وللصبر أقسام (1) أخرى كالصبر في المعارك والحروب ويعدّ شجاعة ، والصبر في حال الغضب ويعدّ حِلماً ، والصبر على مشقّة الطاعة ، والصبر على مقتضيات الشهوات وغيرها.
وفي الحقيقة فإنّ أكثر الأخلاق الفاضلة تنطوي تحت لواء الصبر.
ومرتبة الصبر من المراتب الرفيعة ، وقد نسب الله ـ سبحانه ـ أكثر الخيرات للصبر، وخصّص أكثر درجات الجنّة بالصابرين (2).
القرآن الكريم تحدّث عن الصبر والصابرين في اكثر من سعبين موضع منه ، وأثبت صفاتهم وغمرهم بصلوات الله ورحمته وهدايته ، وبشّرهم أنّ الله سيُوفّيهم أجورهم.
قال ـ تعالى ـ : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ}[البقرة : 153-154].
وقال:{وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة : 177].
وقال:{قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة : 249].
وقال:{الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}[آل عمران : 17].
وقال:{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}[آل عمران : 146].
وقال:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر : 10].
وتبعاً للقرآن الكريم فإنّ الأحاديث الشريفة تحدثت عن فضائل الصبر والصابرين.
روي عن الامام جعفر الصادق (عليه السّلام) قوله : «الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد ، كذلك إذا ذهب الصبر ذهب الإيمان»(3).
أما طريق تحصيل مرتبة الصبر، فإنّه يكون بمراعاة الأمور التالية :
الأوّل : التأمل والتفكّر في الأحاديث التي تتحدّث عن فضيلة الابتلاء في الدُّنيا ، وأنه في مقابل أية مصيبة يرتفع الصابر درجةً أو تُمحى عنه سيئة ، وأن يستيقن أنه لا خير في مَن لا يُبتلى.
الثاني : أن يتذكّر أنّ زمان المصيبة قصير وقليل ، وأنّه سيرفع عنه عما قريب.
الثالث : أن ينظر الى الجزوع الذي لا صبر له ، ويرى هل استفاد شيئاً من جزعه ، أو أنّه بلغه ما كان مقدراً له ; صبر عليه أم جزع؟.
وما كان مقدراً له لا يتغيّر وبالجزع والاضطراب وشق الثياب ، بل أنّ الجزع يُذهب ثوابه ويضيعه ، ويسقط وقاره.
الرابع : أن يتأمّل حال من ابتُلِي ببلاء أعظم من بلائه.
الخامس : أن يعلم أنّ الابتلاء والمصائب هي دليل الفضل والسعادة ، فإنه الإنسان كلما كان مقرّباً من الله أكثر كان ابتلاؤه الأكثر «ما كان عبدٌ على الله إلاّ ازداد عليه البلاء»(4).
السادس : أنّ الآدمي يتكامل برياضة المصائب.
السابع : أن يتذكّر أن هذه المصيبة إنما أتته من الله ـ تعالى ـ الذي هو أحب الموجودات إليه ذلك الذي لا يريد سوى خيره وصلاحه.
الثامن : أن يتتبّع ويتفحّص في أحوال المقربين ، وبلائهم وصبرهم عليه ، الى أن تحصل عنده رغبة الصبر واستعداد النفس(5).
واعلم أنّ المراد من الصبر هو ما ذكرته لك في بداية هذا الموضوع ، أما احتراق القلب وانسكاب الدموع ; فإنه من المقتضيات البشرية للعبد وأنّه لا يخرج العبد عن حدّ الصبر فالمريض رغم رضاه بالحجامة والفصد والدواء ; لكنّه يتأثّر بالألم.
___________________________
1- قال نصير الدين الطوسي في أوصاف الأشراف : الصبرُ على ثلاثة أنواع :
الأوّل : صبر العوام ، وهو حبس النفس على وجه التجلّد وإظهار الثبات في التحمل لتكون حالة عند العقل وعامة الناس مرضيّةً (يعلمُون ظاهراً من الحياة الدُّنيا وهم عن الآخرةِ هُم غافِلُون).
والثاني : صبر الزهّاد والعباد وأهل التقوى وأرباب الحلم ، لتوقع ثواب الآخرة : {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر : 10].
والثالث : صبر العارفين فإنّ لبعضهم إلتذاذاً بالمكروه لتصورهم إنّ معبودهم خصهم به من دون الناس ، وصاروا ملحوظين بشريف نظره {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 155 - 157].
2- روى الكليني في الكافي : ج2 ، ص73 ، ح7 ، عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال : «الجنّة محفوفةٌ بالمكاره والصّبر، فمن صبر على المكاره في الدنيا دخل الجنّة ، وجهنمُ محفوفةٌ باللذات والشهوات فمن أعطى نفسه لذاتها وشهوتها دخل النار».
وروى عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال : «مَن ابتُلي مِن المؤمنين ببلاء فَصَبر عليه ، كان له مثلُ أجرِ ألف شهيد».
3- الكافي : ج2 ، باب الصبر ، ح2، ص71 ، وقال الصادق (عليه السلام) : «الصبر رأسُ الأيمان».
4- بحار الأنوار : ج 96، ص28 والحديث لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
5- روى نصير الدين الطوسي في أوصاف الأشراف ص69 : «إنّ جابر بن عبدالله الأنصاري الذي كان من كبار الصحابة ، ابتلى في آخر عمره بضعف الهرم والعجز فزاره الامام ـ محمد بن علي الباقر (عليه السلام)، فسأله عن حاله فقال : أنا في حالة أحبُّ فيها الشيخوخة على الشباب ، والمرض على الصحّة ، والموت على الحياة ، فقال الباقر (عليه السلام): أما أنا ، فإن جعلني اللهُ شيخاً أحبُّ الشيخوخة ، وإن جعلني اللهُ شاباً أحبُّ الشيبوبة ، وإنْ أمرضني أحبُّ المرض ، وإنْ شفاني أحبهُ الشّفا والصحّة ، وإنْ أماتني أحبُّ الموت ، وإنْ أبقاني أحبُّ البقاء فلما سمع جابر هذا الكلام منه قبّل وجهه وقال : صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه قال لي : «إنك ستدرك ولداً من أولادي اسمه اسمي يبقر العلم بقراً كما يبقر الثور الأرض».
فقال الطوسي (قدس سره): يُعلم من معرفة هذه المراتب أنّ جابراً (رحمه الله)، كان في مرتبة الصبر، ومحمّد الباقر (عليه السلام) كان في مرتبة الرضا.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|