المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7560 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


مـــــقدمة الواجب  
  
531   01:30 مساءاً   التاريخ: 3-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ص.259
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث العقلية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2016 635
التاريخ: 26-8-2016 1663
التاريخ: 5-8-2016 1313
التاريخ: 3-8-2016 425

قد وقع الكلام بين الاعلام في ان ايجاب الشيء يقتضي ايجاب مقدماته ام لا وذلك بعد الفراغ عن وجوبها عقلا بمناط اللابدية، فمحل الكلام انما هو وجوبها شرعا بالوجوب الغيري نظرا إلى دعوى الملازمة بين ارادة الشيء وارادة مقدماته، واما وجوبها بالوجوب الشرعي النفسي فهو ايضا مما لو يتوهمه احد كالوجوب الشرعي الطريقي وكيف كان فتحقيق المرام في المقام يحتاج إلى بيان امور:

الامر الاول: قد عرفت أن مورد الكلام في المقام بين الاعلام انما هو وجوب المقدمة بالوجوب الشرعي الغيري، لا مطلق وجوبها ولو عقليا بمناط اللابدية، ولا وجوبها الشرعي النفسي أو الطريقي، من جهة ان الاول منها كما عرفت مورد اطباق الفريقين والاخيرين ايضا مورد اطباقهم بالعدم خصوصا الاخير منها وهو الطريقي باعتبار عدم تصور الوجوب الطريقي بالنسبة إلى المقدمة، فمرجع هذا البحث في الحقيقة عندهم إلى البحث عن الملازمة بين ارادة الشيء وارادة مقدماته. ومن ذلك ايضا لا يختص هذا النزاع بخصوص مقدمة الواجب بل يجري في مقدمة الحرام والمكروه والمستحب كما هو واضح. كما ان الظاهر هو عدم اختصاص النزاع بخصوص المقدمات التبعية غير الواقعة تحت الخطاب المستقل كما لعله يظهر من بعضهم حسب جعلهم مورد النزاع الوجوب التبعي الغيري الشرعي بل يعم البحث هذه وما وقع منها مورد الامر في حيز خطاب مستقل كالوضوء والغسل ونحوهما لان مجرد وقوعها تحت خطاب اصلى مستقل لا يقتضي وجوبها شرعا بالوجوب الغيري لإمكان كون الامر بها في تلك الخطابات ارشاديا إلى وجوبها العقلي بمناط اللابدية، فتأمل.

الامر الثاني: هل المسألة من المسائل الفرعية، أو هي من المسائل الاصولية العقلية، أو من المبادي الاحكامية الراجعة إلى البحث عن لوازم وجوب الشيء، أو من المسائل الكلامية باعتبار رجوعها إلى البحث عن استحقاق المثوبة على الموافقة والعقوبة على المخالفة؟ فيه وجوه ابعدها الاخير من جهة وضوح أن المقدمة على القول بوجوبها ليست مما يترتب عليها المثوبة والعقوبة عند الموافقة والمخالفة فان المثوبة والعقوبة كانتا من تبعات موافقة الواجب النفسي ومخالفته لا من تبعات مطلق الواجب ولو غيريا، وما يرى من استحقاق العقوبة عند ترك المقدمة فإنما هو من جهة تأدية تركها إلى ترك ذيها الذي هو الواجب النفسي لا من جهة انما مما يقتضي مخالفتها في نفسها مع قطع النظر عن ترتب ترك ذيها استحقاق العقوبة عليها، كما لا يخفى. ومعه لا مجال لعد المسألة من المسائل الكلامية، وحينئذ يدور الامر بين كونها من المسائل الفرعية أو من المسائل الاصولية أو المبادي الاحكامية.

 نعم قد يقال حينئذ بتعين كونها من المسائل الفرعية نظرا إلى ظاهر عنوان البحث وكون المقدمة ايضا فعلا من افعال المكلف، فيكون البحث عن وجوبها حينئذ كالبحث عن حكم سائر افعال المكلف في كونه فرعيا محضا لا اصوليا، وعليه فكان ذكرها في المقام حينئذ لمحض الاستطراد. ولكن فيه أن عنوان البحث وان كان هو البحث عن وجوب المقدمة وعدم وجوبها ولكن المهم المبحوث عنه كما عرفت لما كان ثبوت الملازمة بين حكم شيء بواحد من الاحكام الاربعة وبين حكم مقدماته بلا نظر إلى خصوص الوجوب، فلا جرم لا تكون من المسائل الفرعية غير المناسبة لتعرض الاصولي اياها في الاصول، بل عليه تكون المسألة اصولية محضة، إذ البحث عن الملازمة حينئذ كالبحث عن سائر الاحكام العقلية غير المستقلة فلا ترتبط حينئذ بالمسألة الفرعية. ومع الغظ عن ذلك والاخذ بظاهر عنوان البحث نقول بعدم ارتباطه ايضا بالمسألة الفرعية لان الملاك في المسألة الفرعية، على ما يقتضيه الاستقراء في مواردها انما هو وحدة الملاك والحكم والموضوع، فكان المحمول فيها دائما حكما شخصيا متعلقا بموضوع وحداني بملاك خاص كما في مثل الصلاة واجبة في قبال الصوم واجب والحج واجب، ومثل هذا الملاك غير موجود في المقام فلا يكون تعلق الوجوب بعنوان المقدمة من باب تعلق شخص حكم بموضوع وحداني بمناط وحداني خاص، بل بعد ان كان عنوان المقدمية من الجهات التعليلية لا التقييدية لا جرم الحكم المحمول على العنوان المزبور يكون حاكيا عن وجوبات متعددة مختلفة شدة وضعفا بموضوعات عديدة بملاكات متعددة، فكان حال المقدمة حينئذ بعد كون وجوبها بمناط دخلها في ذيها حال كل واجب يترشح إليه الوجوب من جهة دخله في ترتب المصلحة الخاصة عليه، فيختلف الوجوب فيها حينئذ حقيقة وملاكا باختلاف ما يترتب على المقدمات نظير اختلاف الوجوبات باختلاف المصالح المترتبة عليها، وعليه فلا يكون هذا العنوان في المقام حاكيا عن محمول واحد متعلق بموضوع واحد بملاك واحد كما في الصلاة واجبة، والصوم واجب بل هو يكون حاكيا ومرآة او محمولا عن موضوعات متعددة محكومة بأحكام متعددة بمناطات مختلفة، ومن المعلوم حينئذ أنه لا يكون في البين حينئذ جهة وحدة في البحث المزبور الا حيثية الملازمة التي عرفت كونها محط النظر والبحث، وعليه لا يكاد ارتباطها بالمسألة الفرعية بوجه اصلا، مضافا إلى ما عرفت ايضا من عدم اختصاص مورد البحث بخصوص مقدمة الواجب بل عمومه في مقدمات الحرام والمكروه والمستحب ايضا مع مالها من الاختلاف بحسب المراتب والمناط، فكان المقام من هذه الجهة من قبيل البحث عن ان فعل المكلف هل يكون محكوما بالأحكام الخمسة أم لا ومعلوم حينئذ عدم ارتباطها بالمسألة الفرعية، كما هو واضح. على انه ينطبق عليه ايضا ميزان المسألة الاصولية، فان ميزان كون المسألة اصولية كما افادوه هو ما يكون نتيجتها واقعة في طريق استنباط الحكم الفرعي على معنى وقوع نتيجتها كبرى في القياس لصغرى يقيد الحكم الفرعي، ومثل هذا الميزان ينطبق على المسألة كما في قولك: (هذه مقدمة الواجب وكل مقدمة الواجب واجبة فهذه واجبة) كما ينطبق في فرض جعل النزاع في ثبوت الملازمة، غايته انه على ذلك يحتاج إلى تشكيل قياسين في انتاج الحكم الفرعي، بخلافه على ظاهر عنوان البحث، فانه لا يحتاج الا إلى تشكيل قياس واحد. واما توهم انتقاضه بمثل الشرط المخالف للكتاب والسنة لوقوع نتيجتها ايضا كبرى في القياس في قولك : (هذا شرط مخالف للكتاب وكل ما هو كذلك فاسد فهذا فاسد) مع وضوح كونها من أجلي المسائل الفرعية، فيدفعه شخصية الحكم المحمول فيها، بخلاف الحكم المحمول في المقام على عنوان المقدمية ، ومعه لا وجه لجعل المسألة من المسائل الفرعية غير المناسبة لتعرض الاصولي اياه في الاصول لمحض الاستطراد .  ثم ان ذلك كله بناء على الاخذ بظاهر عنوان البحث وهو وجوب المقدمة، والا فبناء على الاخذ بما هو المهم في المقام من ثبوت الملازمة وعدمها فعدم ارتباطها بالمسألة الفرعية أوضح. وعلى ذلك فهل هي من المسائل العقلية كالبحث عن غيرها من الملازمات ام هي من المبادي الاحكامية باعتبار كونها بحثا عن لوازم وجوب الشيء وانه هل من لوازم وجوب الشيء وجوب مقدماته ام لا كالبحث عن ان من لوازم الشيء حرمة ضده، فيه وجهان : حيث تناسب المسألة كلا منهما، فانه بعد فراغ من دلالة الصيغة على الوجوب كما يناسب البحث عن ثبوت الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته كذلك يناسب البحث عن لوازم وجوب الشيء وان كان الانسب هو الاول، وعليه تكون المسألة من المسائل العقلية الاصولية حيث كانت من الاحكام العقلية غير الاستقلالية وكان ذكرها في المقام للمناسبة المزبورة لا انها كانت لفظية كما ربما يظهر من بعض كصاحب المعالم (قدس سره) حسب استدلاله على النفي بانتفاء الدلالات، اللهم الا ان يقال في وجه ذلك: بانه من جهة كشف الدلالة عن ثبوت الملازمة وعدم الدلالة عن عدم ثبوتها، بتقريب أنه على فرض الثبوت لا محالة يكون اللفظ دالا عليها بنحو الالتزام فكان البحث حينئذ في دلالة الصيغة على الوجوب وهو بهذا الاعتبار عين البحث عن ثبوت الملازمة بين الارادتين. ولا يخفى أنه على ذلك لا يتوجه عليه اشكال الكفاية: بانه إذا كان نفس الملازمة ثبوتا محل الاشكال لا مجال لتحرير النزاع في مرحلة الكشف والاثبات ومقام الدلالة بإحدى الدلالات، لان مقام الدلالة فرع ثبوت اصل المعنى.

 إذ نقول : بان ما افيد من عدم المجال لا يراد البحث في مقام الدلالة مع الاشكال في اصل ثبوت المعنى انما يتم بالنسبة إلى المدلول المطابقي الذي يمكن فيه تخلف الدلالة واما بالنسبة إلى المدلول الإلتزامي فحيث انه لا ينفك ثبوت الملازمة عن دلالة اللفظ عليها بنحو الالتزام فلا يتم هذا الاشكال، إذ عليه يكون البحث عن دلالة الصيغة عين البحث عين ثبوت الملازمة ويستكشف بنحو الان من دلالة الصيغة عن ثبوت الملازمة ومن عدم دلالتها عن عدم ثبوت الملازمة بين المعنيين. نعم يرد عليه حينئذ أن مجرد ثبوت الملازمة بين معنيين ما لم يكن اللزوم بنحو البين بالمعنى الاخص لا يرتبط بمقام الدلالة اللفظية حتى تكون المسألة لفظية وداخلة في مباحث الالفاظ ، وعليه ينحصر الامر في المسألة في كونه عقلية محضة وكان ذكرها في مباحث الالفاظ للمناسبة المزبورة، فتأمل.

الامر الثالث: انهم قسموا المقدمة إلى تقسيمات: منها تقسيمها بالداخلية والخارجية وذكروا ان الداخلية هي الامور المأخوذة في ماهية المأمور به وحقيقته المعبر عنها بالإجزاء، واما الخارجية فهي الامور الدخلية في تحقق المأمور به الخارجة عن حقيقته وماهيته، كما في السبب والشرط والمانع والمعد، على ما يأتي تفصيلها ان شاء الله تعالى.

فنقول: اما المقدمات الخارجية فسيأتي الكلام فيها في كونها مورد البحث اثبات ونفيا. اما المقدمات الداخلية فلا اشكال في وجوبها بالوجوب النفسي الضمني، وانما الكلام فيوجبوها بالوجوب الغيرى، ومنشأه انما هو الاشكال في اصل مقدمية الاجزاء وتحقق ملاك المقدمية فيها، وغاية ما قيل أو يمكن ان يقال في وجه مقدمية اجزاء المركب دعوى ان المقدمة هي نفس ذوات الافعال بلا شرط وذا المقدمة هو الكل الذي عبارة عن ذوات الافعال بشرط الاجتماع بنحو كان للهيئة الاجتماعية أيضا دخل فيه، نظير الهيئة السريرية الحاصلة من اتصال الاخشاب بعضها ببعض، فان من المعلوم حينئذ ان تلك الذوات بملاحظة معروضيتها للهيئة متقدمة على الكل طبعا، فتحقق فيها ملاك المقدمية هذا ، ولكن التحقيق خلافه وانه لا مجال لاعتبار المقدمية في اجزاء المركب من جهة وضوح ان الملاك في مقدمية شيء لشيء انما هو كون الشيء مما يتوقف عليه وجود الشيء وفى رتبة سابقة عليه، إذ لا يكاد انتزاع هذا العنوان الا عما تقدم على الشيء رتبة بنحو يتخلل بينهما الفاء كما في قولك: (وجد فوجد) وقضية ذلك لا محالة هي المغايرة والاثنينية في الوجود بين المقدمة وذيها، والكاشف عن ذلك كان هو الفاء المزبور في قولك: وجد فوجد ومن المعلوم حينئذ انتفاء مثل هذا الملاك بالنسبة إلى اجزاء المركب نظرا إلى ان المركب لا يكون في الحقيقة الا نفس الاجزاء بالأسر وفي ذلك لا يكون بينها وبين الاجزاء المغايرة والاثنينية بحسب الهوية أو الوجود بوجه اصلا، ومن هذه الجهة ايضا نقول بعدم المجال لاعتبار المقدمية بين الطبيعي وافراده كما توهم، لان الطبيعي بعد اتحاده مع فرده خارجا لا مغايرة ولا اثنينية بينهما حتى يجئ فيه ملاك المقدمية وصح تخلل الفاء الكاشف عن اختلاف الرتبة بينهما، كما هو واضح. نعم لا يعتبر في صحة تخلل الفاء المزبور لزوم المؤثرية والمتأثرية بين الوجودين كما بين العلة والمعلول، بل يجري ذلك في مثل العارض والمعروض ايضا كما في الصورة السريرية العارضة على الاخشاب المتعددة المتصل بعضها ببعض بالكيفية الخاصة، ولكن ذلك ايضا غير مرتبط بعنوان الاجتماع والانضمام في المركبات الاعتبارية من جهة ان عنوان الاجتماع وكذا الترتب والانضمام انما كان انتزاعها في المركبات الشرعية عن جهة وحدة الامر المتعلق بالمتكثرات الخارجية كما ان عنوان الانفراد والاستقلال ايضا كان انتزاعهما عن تعدد الامر المتعلق بالمتكثرات، حيث انه من تعلق تكليف واحد بعدة امور يطرأ عليها وحدة اعتبارية ينتزع بها عنها عنوان الاجتماع والتركب والانضمام فيقال بانها مجتمعات تحت وجوب واحد، ومن تعلق تكاليف متعددة بها ينتزع عنها عنوان الانفراد والاستقلال في مقام عروض الوجوب فيقال بانها واجبات متعددة مستقله وان فرض كونها في الخارج متلازمات الوجود لملازمتها مع هيئة خارجية كما في اجزاء السرير وبهذه الجهة ايضا يمتاز العمومات المجموعية والاستغراقية حيث ان تمام الميز بينهما انما هو في وحدة الارادة القائمة بالمجموع وتعددها، كما هو واضح. وعلى ذلك فبعد ما لا يمكن اخذ مثل هذه الوحدة الاعتبارية الطارية على المتكثرات الخارجية من قبل وحدة التكليف والوجوب في متعلق هذا التكليف وموضوعه، فلا جرم في رتبة تعلق الوجوب لا يبقى الا الذوات المتكثرة الخارجة ولا يكون متعلق الوجوب ومعروضة الا نفس الذوات المتكثرة، ومعه لا يبقى مجال لاعتبار الكلية والجزئية للواجب إذ لا يكون في هذه المرحلة امر وحداني تعلق به الوجوب حتى ينتهى الامر إلى مقدمية الاجزاء بوجه أصلا، ولئن شئت فاستوضح ذلك بذوات امور متعددة في الخارج حيث ترى انها مما لا اقتضاء في ذاتها للتركب والانضمام لو لا طرو جهة وحدة عليها من وحدة اللحاظ والمصلحة أو التكليف، نظرا إلى قابليتها لكونها مستقلات في عالم اللحاظ والمصلحة والتكليف بصيرورة كل واحد منها معروضا للحاظ مستقل ومصلحة مستقلة وتكليف مستقل، وقابليتها ايضا لكونها منضمات ومجتمعات في عالم اللحاظ والمصلحة والوجوب بتعلق لحاظ واحد ومصلحة واحدة وتكليف واحد بالجميع، إذ حينئذ بتعلق اللحاظ الواحد أو المصلحة الواحدة والتكليف الواحد يطرأ عليها جهة وحدة اعتبارية في تلك المرتبة المتأخرة ينتزع بها عنها عنوان الاجتماع والارتباط والانضمام ونحوها من العناوين، كالكلية للمجموع والجزئية لكل واحد من الذوات، فاعتبار الكلية انما هو بلحاظ ملاحظة اجتماع الذوات باسرها تحت تكليف واحد، واعتبار الجزئية بلحاظ ملاحظة كل واحد منه بشرط لا لكن في عالم العروض لا بحسب الخارج، وعلى ذلك فدائما كان العنوانان المزبوران وهما الكلية والجزئية اعتبارين عرضيين منتزعين عن مرحلة تعلق الارادة الواحدة بالأمور المتعددة المتكثرة بلا طولية بينهما اصلا. ومن ذلك البيان يظهر الكلام في الذوات المعروضة للهيئة الخارجية كما في اجزاء السرير، إذ نقول فيها ايضا بعدم كون مناط التركب في الواجبات واستقلاله على مثل هذه الهيئة الخارجية العارضة على ذوات الاخشاب المتعددة، نظرا إلى إمكان كون كل واحدة من ذوات الاخشاب المزبورة حينئذ تحت مصلحة مستقلة وتكليف مستقل بنحو كان كل واحدة منها واجبة بوجوب نفسي مستقل في قبال الاخرى، غايته كونها حينئذ متلازمات الوجود في الخارج، كإمكان كون الجميع حينئذ تحت مصلحة واحدة وتكليف واحد، وربما ينتج ذلك في كيفية التقرب بالأمر من جهة الضمنية والاستقلالية وفي وحدة العقوبة والمثوبة وتعددهما في صورة الموافقة والمخالفة، فان ذلك حينئذ برهان تام على عدم كون مناط التركب والاستقلال في الواجب على مثل هذه الوحدات الخارجية وان تمام المناط في التركب والاستقلال في الواجب على وحدة الوجوب المتعلق بالمتكثرات وتعدده وانه من تعلق وجوب واحد على المتكثرات ينتزع عنوان الكلية للمجموع والجزئية للآحاد وان فرض عدم اجتماعها في الخارج تحت هيئة خارجية، كما انه بتعلق وجوبات متعددة بها ينتزع عنها استقلال كل واحد منها في عالم الوجوب وان فرض كونها في الخارج مجتمعات تحت هيئة خارجية.

وحينئذ فبعد ان كان مناط التركب في الواجب واستقلاله على وحدة الامر وتعدده ولا يمكن ايضا اخذ مثل تلك الوحدة الاعتبارية الناشئة من قبل وحدة الامر في موضوعه ومتعلقه فكان متعلق الامر عبارة عن ذوات المتفرقات الخارجية، فلا جرم يبطل القول بمقدمية الاجزاء، من جهة انه حينئذ لم يكن في البين امر وحداني تعلق به الوجوب والتكليف حتى يجئ توهم المقدمية للأجزاء، إذ لا يكون الواجب وما تعلق به الوجوب حينئذ الا الذوات المتعددة المتكثرة ولا كان في هذه المرحلة الكلية ولا الجزئية بوجه اصلا. ثم ان هذا كله بناء على فرض خروج وصف الاجتماع عن الدخل في الملاك والمصلحة. واما بناء على مدخلية حيث وصف الاجتماع ايضا في المصلحة فقد يتوهم حينئذ تحقق مناط المقدمية في الاجزاء، بتقريب: ان هذه الهيئة الاجتماعية حينئذ نظير الصورة السريرية الحاصلة من الاخشاب العديدة، فتكون الذوات بملاحظة معروضيته للهيئة الاجتماعية مقدمة عليها طبعا فتحقق فيها ملاك المقدمية ، ولكنه مدفوع مضاف إلى ما ذكر من عدم كون مناط التركب على مثل هذه الهيئة الخارجية باعتبار امكان كون كل واحد من الذوات والهيئة واجبا بوجوب مستقل بان غاية ذلك انما هي مقدمية ذوات الاجزاء بالنسبة إلى الهيئة هي جزء المركب لا بالنسبة إلى نفس المركب الذي فرضناه عبارة عن ذوات الاجزاء والهيئة الاجتماعية، ففي هذا الفرض ايضا لا يكون معروض الوجوب الا الامور المتكثرة التي منها الهيئة الاجتماعية. وبالجملة نقول: بانه اما ان يجعل الواجب في الفرض عبارة عن خصوص الهيئة الاجتماعية واما ان يجعل الواجب عبارة عن الذوات والهيئة الاجتماعية، فعلى الاول وان كان يلزمه مقدمية الذوات للواجب من جهة كونها مما يتوقف عليها الهيئة الاجتماعية كما في ذوات الاخشاب بالنسبة إلى الصورة السريرية، ولكنه حينئذ خارج عن مفروض البحث، من جهة صيرورة الذوات حينئذ من المقدمات الخارجية لا الداخلية، وعلى الثاني يكون الواجب عبارة عن الامور المتكثرة الخارجية التي منها الهيئة إذ حينئذ وان يطرأ من قبل الهيئة المزبورة وحدة اعتبارية على الذوات المزبورة، ولكنه بعد ان كان معروض الوجوب عبارة عن منشأ هذا الاعتبار وهو الذوات المزبورة والهيئة الخارجية العارضة عليها لكونه هي التي تقوم بها المصلحة دون هذا الامر الاعتباري، فلا جرم يكون معروض الوجوب عبارة عن المتكثرات الخارجية لا انه عبارة عن امر وحداني مركب حتى ينتهى الامر إلى مقدمية الاجزاء للواجب المركب، فينتهى الامر إلى البحث عن كونها واجبة بالوجوب الغيرى للكل والمركب. نعم على هذا الفرض يتصور لذوات الاجزاء مناط المقدمية ولكنه لا بالنسبة إلى المركب كما هو مفروض البحث بل بالنسبة إلى الهيئة التي هي جزء الواجب، وبالنسبة إليها ايضا تكون الاجزاء من المقدمات الخارجية لا الداخلية كما هو مفروض البحث. وحينئذ فبمقتضى ما ذكرنا صح لنا بقول مطلق نفى المقدمة في اجزاء المركب الارتباطي سواء على فرض مدخلية الهيئة الخارجية في الغرض والمصلحة أو عدم مدخليتها نظرا إلى ما ذكرنا من كون مناط التركب والاستقلال في الواجب على وحدة الوجوب المتعلق بالمتكثرات وتعدده وخلو معروض الوجوب عن مثل تلك الوحدات الاعتبارية المصلحة لاعتبار الكلية والجزئية والتركب والانضمام وكونه عبارة عن ذوات المتكثرات الخارجية، إذ حينئذ لا يكون في رتبة سابقة عن تعلق الوجوب والتكليف جهة وحدة تقتضي تعلق الوجوب بأمر وحداني مركب بما هو مركب بوجه اصلا، لما عرفت من ان هذه الجهة من الوحدة المصححة لاعتبار التركب والانضمام والكلية والجزئية للواجب انما هي ناشئة من قبل وحدة التكليف المتعلق بالأمور المتكثرة وهى مضافا إلى اعتباريتها من جهة معلوليتها للتكليف وتأخرها الرتبي عنه من الممتنع اخذها في موضوع التكليف ومتعلقه ، لا يقال : بان ذلك كذلك بالنسبة إلى الوحدة الطارية من قبل الوجوب والتكليف، واما بالنسبة إلى الوحدة الناشئة من قبل وحدة اللحاظ والمصلحة فلا بأس بأخذها في موضوع التكليف ومتعلقه، وحينئذ فامكن اعتبار التركب في الواجب بهذا الاعتبار.

 فانه يقال : نعم وان امكن ذلك ولا يلزم منه المحذور المتقدم من اخذ الشيء المتأخر عن الشيء في رتبة سابقة عليه، ولكن من الواضح حينئذ ان ما تعلق به الوجوب لا يكون الا عبارة عن ما تقوم به المصلحة واللحاظ وهو لا يكون الا الذوات المتكثرة الخارجية لكونها هي المؤثرة في الغرض والمصلحة دون العنوان الطاري عليها من قبل وحدة اللحاظ والمصلحة، فلابد حينئذ من الغاء هذه الوحدات طرا وتجريد المتعلق منها حتى الوحدة الاعتبارية الناشئة من قبل وحدة المصلحة واللحاظ بجعله عبارة عن الذوات المتكثرة الخارجية التي تعلق بها اللحاظ والمصلحة، ولازمه لا محالة حينئذ هو بطلان القول بمقدمية الاجزاء، لعدم امر وحداني حينئذ في البين تعلق به الوجوب وعدم كون هذ الموطن موطن اعتبار الكلية والجزئية للواجب لما تقدم من كونهما اعتبارين عرضيين منتزعين عن مرحلة تعلق ارادة واحدة بالأمور المتكثرة الخارجية باعتبار اللحاظ بشرط لا تارة وبشرط شيء أخرى، أي لحاظ كل جزء تارة في حيال نفسه وفي قبال الغير بنحو لو انضم إليه شيء كان خارجا عنه في عالم عروض الوجوب من جهة قصر اللحاظ عليه فقط، ولحاظه بشرط شيء أخرى أي لحاظه منضما مع غيره، والا ففي رتبة قبل الامر والوجوب لا كلية ولا جزئية ولا تركب ولا انضمام في البين بوجه اصلا. ومن هذا البيان ظهر ايضا ان مجرد اعتبار الكلية والجزئية في موطن بعد الامر لا يكون ايضا مصححا لمقدمية الاجزاء للمركب بعد فرض عينية المركب والاجزاء، من جهة ان المقدمية كما عرفت تقتضي الاثنينية والمغايرة مع ذيها في الوجود والطولية بينهما بحسب المرتبة بنحو يصح تخلل الفاء بينهما وتلك المغايرة الاعتبارية بينهما باعتبار اللحاظ لا بشرط وبشرط لا لا تقتضي المغايرة والطولية بينهما، كما لا يخفى. وعليه فاصل هذا التقسيم أي تقسيم المقدمية بالداخلية والخارجية مما لا مجال له بوجه من الوجوه. نعم انما يتصور المقدمية بالنسبة إلى الاجزاء في المركبات الحقيقية العقلية التي لها وجود مستقل وصورة مستقلة غير صور الاجزاء كالأجسام الملتئمة من العناصر الخاصة، فانها باعتبار انقلاب الاجزاء فيها عما لها من الصور العنصري الخاص إلى الصور الجسمية أو النباتية وصيرورتها مواد لها امكن دعوى مقدمية الاجزاء المادية للمركب باعتبار تقدمها عليه وكونها من علل قوامه، واما بالنسبة إلى المركبات الارتباطية الجعلية فلا مجال لهذا الكلام حتى فيما كان منها تحت هيئة خارجية كالأخشاب العديدة المعروضة للهيئة السريرية حتى مع كون الهيئة ايضا مما لا لها الدخل في الغرض والمصلحة، كما في الصلاة حسب ما يستفاد من ادلة القواطع، حيث يستفاد منها ان للصلاة هيئة اتصالية وانها ايضا مما لها الدخل في غرض النهى عن الفحشاء، فانه في هذا النحو من المركبات التي لا يكون لها وجود وحداني حقيقي في الخارج لا يكاد يكون معروض الوجوب فيها الا الذوات المتكثرة الخارجية التي منها الهيئة العارضة عليها، ومعه كيف يمكن اتصاف ذوات الاجزاء فيها بالمقدمية للمركب، ولعمري ان تمام المنشأ في مصير من صار إلى مقدمية الاجزاء انما هو من جهة الخلط بين المركبات الحقيقية العقلية التي انقلب فيها الاجزاء حال تركبها عما لها من الصور الخاصة إلى صورة اخرى ثالثة وبين هذا النحو من المركبات الاعتبارية الجعلية ومقايسة احديهما بالأخرى، ولكنك بعد ما احطت خبرا بما ذكرنا تعرف وضوح الفرق بينهما وعدم صحة مقايسة احدهما بالأخر. ثم انه لو بنينا على تحقق مناط المقدمية في اجزاء المركب اما مطلقا أو في خصوص ما كان منها تحت هيئة خارجية مع كون الهيئة أيضا مما له الدخل في الغرض والمصلحة حيث قلنا في تلك الصورة بتحقق مناط المقدمية في الاجزاء بالنسبة إلى الهيئة العارضة عليها، نقول بامتناع اتصافها بالوجوب الغيري بعد فرض ثبوت الوجوب النفسي الضمني لها نظرا إلى محذور اجتماع المثلين في موضوع واحد الذي هو من المستحيل. واما توهم تأكد الوجوب فيها حينئذ واشتداده فمدفوع بامتناع ذلك مع طولية الحكمين، كما ان توهم اجداء مثل هذه الطولية حينئذ في رفع المحذور المزبور مدفوع بان الطولية الموجبة لرفع محذور اجتماع المثلين أو الضدين انما هي الطولية في ناحية الموضوع كما في موارد الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري، حيث كان متعلق احد الحكمين عبارة عن ذات الشيء ومتعلق الاخر هي الذات في الرتبة المتأخرة عن الشك بحكمه، واما في فرض وحدة الموضوع وعدم تعدد الرتبة فيه فلا يكاد يفيد مجرد الطولية بين الحكمين في رفع محذور اجتماع الحكمين المتضادين أو المثلين، لان العقل كما يأبى عن ورود حكمين عرضيين على موضوع وحداني كذلك يأبى عن ورود الحكمين الطوليين ايضا كما هو واضح فتأمل.

 لا يقال: بانه انما يتوجه المحذور المزبور بناء على تعلق الاحكام بالخارج اما بدوا أو بتوسيط العناوين والصور، واما بناء على تعلقه بالعناوين والصور الذهنية ولو بالنظر الذي ترى خارجية بلا سرايتها منها إلى الخارج، فلا جرم يرتفع المحذور المزبور، من جهة تغاير المتعلقين حينئذ، لان لحاظ الجزء منفردا لا في ضمن الغير ولحاظه في ظرف الانضمام بالجزء الآخر صورتان متغايرتان في الذهن غير صادقة احداهما على الاخرى، ومعه فلا بأس بتعلق الوجوب النفسي بإحدى الصورتين والوجوب الغيري بالأخرى.

 فانه يقال: نعم وان كان المتعلق في الاحكام والارادات هي العناوين والصور الذهنية فامكن تعلق الحكمين بالعنوانين المتغايرين ولو مع اتحادهما بحسب المعنون الخارجي، ولكن نقول: بانه انما يجدي ذلك في رفع محذور اجتماع المثلين في ظرف اختلاف العنوانين بحسب المحكي والمنشأ أيضا بنحو كان كل عنوان حاكيا عن منشأ غير ما يحكى عنه الاخر لا في مثل المقام الذي كان المحكي فيها واحدا بحسب المنشأ أيضا. نعم لو كان المراد من اعتبار الاجزاء بشرط لا اعتبارها بشرط لاعن الانضمام في الخارج لكان لما افيد كمال مجال من جهة اختلاف العنوانين حينئذ بحسب المحكي والمنشأ، ولكن الالتزام بذلك مشكل جدا، من جهة رجوعه حينئذ إلى وجوب المقدمة بشرط عدم الايصال إلى ذيها، لان اعتبارها بشرط لاعن الانضمام في الخارج عبارة عن اعتبارها بشرط عدم الايصال وهو كما ترى لا يمكن الالتزام به، والا فبناء على ارادة اعتبارها بشرط لا في عالم عروض الوجوب، فلا جرم يلزمه اتحاد العنوانين بحسب المحكي والمنشأ علاوة عن اتحادهما بحسب المعنون الخارجي، وعليه يلزمه في صورة الانضمام في الخارج اجتماع الوجوبين في نفس تلك الاجزاء باعتبارين وهو كما ترى من المستحيل وانه لا يجدي في دفع المحذور مجرد تلك المغايرة الاعتبارية، كما هو واضح. وحينئذ فعلى كل تقدير الاجزاء المعبر عنها بالمقدمات الداخلية تكون خارجة عن محل النزاع اما لعدم ملاك المقدمية فيها كما هو التحقيق أو لامتناع اتصافها بالوجوب الغيرى بعد وجوبها بالوجوب النفسي. ثم ان الثمرة بين القولين تظهر في باب الاقل والاكثر الارتباطيين من جهة مرجعية البراءة أو الاشتغال، فانه على القول بالوجوب الغيري للاجزاء ربما يتعين الامر في تلك المسألة في المصير إلى الاشتغال نظرا إلى وجود العلم الاجمالي بالتكليف وعدم صلاحية العلم التفصيلي بمطلق وجوب الاقل اعم من الغيرى والنفسي، للانحلال، لمكان تولده من العلم الاجمالي السابق عليه وتحقق التنجز في الرتبة السابقة. واما على القول بعدم وجوب الاجزاء بالوجوب الغيري اما من جهة انتفاء ملاك المقدمية فيها أو من جهة محذور اجتماع المثلين فامكن القول بمرجعية البراءة في تلك المسألة نظرا إلى رجوع الامر حينئذ إلى علم تفصيلي بتعلق ارادة الشارع بذات الاقل ولو لا بحده وهو الخمسة مثلا والشك البدوي في تعلقها بالزائد، واما العلم الاجمالي فانما هو متعلق بحد التكليف وانه الاقل أو الاكثر كالخط الذي تردد حده بين الذراع أو الذراعين، ومثل هذا العلم لا اثر له في التنجز لان المؤثر منه انما هو العلم الاجمالي بذات التكيف لا بحده، وتنقيح الكلام بازيد من ذلك موكول إلى محله، فالمقصود في المقام مجرد الاشارة إلى ثمرة البحث.

 

 

 

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.