أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-7-2016
4347
التاريخ: 3-8-2016
3000
التاريخ: 31-7-2016
2995
التاريخ: 1-8-2016
3461
|
نسب هذا الكتاب إلى الامام الرضا (عليه السّلام) وقد حفل بالثناء على الفضل بن سهل والاشادة بجهوده الجبارة في اقامة ملك المأمون ودحر الناهضين له من أخيه الأمين وأبي السرايا وغيرهما فقد بذل جميع طاقاته حتى قضى على تلك الثورات العارمة وقد جزاه المأمون فمنحه الثراء العريض ووهبه الأموال الطائلة كما وهب مثل ذلك لأخيه الحسن بن سهل مجازاة لهما على عظيم اخلاصهما للمأمون وها هو نص الكتاب بعد البسملة:
أما بعد: فالحمد للّه البديء الرفيع القادر القاهر الرقيب على عباده المقيت على خلقه الذي خضع كل شيء لملكه وذل كل شيء لعزته واستسلم كل شيء لقدرته وتواضع كل شيء لسلطانه وعظمته واحاط بكل شيء علمه واحصى عدده فلا يؤوده كبير ولا يعزب عنه صغير الذي لا تدركه أبصار الناظرين ولا تحيط به صفة الواصفين له الخلق والأمر والمثل الأعلى في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم , والحمد للّه الذي شرع للإسلام دينا ففضله وعظمه وشرفه وكرمه وجعله الدين القيم الذي لا يقبل غيره والصراط المستقيم الذي لا يضل من لزمه ولا يهتدي من صرف عنه وجعل فيه النور والبرهان والشفاء والبيان وبعث به من اصطفى من ملائكته إلى من اجتبى من رسله في الأمم الخالية والقرون الماضية حتى انتهت رسالته إلى محمد المصطفى (صلّى اللّه عليه وآله) فختم به النبيين وقفا به على آثار المرسلين وبعثه رحمة للعالمين وبشيرا للمؤمنين المصدقين ونذيرا للكافرين المكذبين لتكون له الحجة البالغة وليهلك من هلك عن بينة وان اللّه لسميع عليم.
و الحمد للّه الذي أورث أهل بيته مواريث النبوة واستودعهم العلم والحكمة وجعلهم معدن الامامة والخلافة وأوجب ولايتهم وشرف منزلتهم فأمر رسوله بمسألة امته مودتهم اذ يقول: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23] وما وصفهم به من اذهاب الرجس عنهم وتطهيره اياهم في قوله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] , ثم أن المأمون برّ برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في عترته ووصل أرحام أهل بيته فرد الفتهم وجمع فرقتهم ورأب صدعهم ورتق فتقهم وأذهب اللّه به الضغائن والاحن بينهم واسكن التناصر والتواصل والمودة والمحبة قلوبهم فأصبحت بيمنه وحفظه وبركته وبره وصلته أيديهم واحدة وكلمتهم جامعة واهواؤهم متفقة ورعى الحقوق لأهلها ووضع المواريث مواضعها وكافأ احسان المحسنين وحفظ بلاء المبتلين وقرب وباعد على الدين ثم اختص بالتفضيل والتقديم والتشريف من قدمته مساعيه فكان ذلك ذا الرئاستين الفضل بن سهل إذ رآه له موازرا وبحقه قائما وبحجته ناطقا ولنقبائه نقيبا ولخيوله قائدا ولحروبه مدبرا ولرعيته سائسا وإليه داعيا ولمن أجاب إلى طاعته مكافيا ولمن عدل عنها منابذا وبنصرته متفردا ولمرض القلوب والنيات مداويا لم ينهه عن ذلك قلة مال ولا عواز رجال ولم يمل به الطمع ولم يلفته عن نيته وبصيرته وجل بل عند ما يهول المهولون ويرعد ويبرق له المبرقون والمرعدون وكثرة المخالفين والمعاندين من المجاهدين والمخاتلين أثبت ما يكون عزيمة واجرأ جنانا وانفذ مكيدة واحسن تدبيرا واقوى في تثبيت حق المأمون والدعاء إليه حتى غصم انياب الضلالة وفلّ حدهم وقلم اظفارهم وحصد شوكتهم وصرعهم مصارع الملحدين في دينهم والناكثين لعهده الوانين في أمره والمستخفين بحقه الآمنين لما حذر من سطوته وبأسه مع آثار ذي الرئاستين في صنوف الأمم من المشركين وما زاد اللّه به في حدود دار المسلمين مما قد وردت انباؤه عليكم وقرئت به الكتاب على منابركم وحملة أهل الآفاق إليكم إلى غيركم فانتهى شكر ذي الرئاستين بلاء امير المؤمنين عنده وقيامه بحقه وابتذله مهجته ومهجة أخيه أبي محمد الحسن بن سهل الميمون النقيبة المحمود السياسة إلى غاية تجاوز بها الماضيين وفاز بها الفائزين.
و انتهت مكافأة امير المؤمنين إياه إلى ما حصل له من الأموال والقطائع والجواهر وان كان ذلك لا يفي بيوم من أيامه ولا بمقام من مقاماته فتركه زهدا فيه وارتفاعا من همته عنه وتوفيرا له على المسلمين واطراحا للدنيا واستصغارا لها وايثارا للآخرة ومنافسة فيها.
و سأل امير المؤمنين ما لم يزل له سائلا وإليه فيه راغبا من التخلي والتزهد فعظم ذلك عنده وعندنا لمعرفتنا بما جعل اللّه عزّ وجلّ في مكانه الذي هو به من العز للدين والسلطان والقوة على صلاح المسلمين وجهاد المشركين وما ارى اللّه به من تصديق نيته ويمن نقيبته وصحة تدبيره وقوة رأيه ونجح طلبته ومعاونته على الحق والهدى والبر والتقوى فلما وثق امير المؤمنين وثقنا منه بالنظر للدين وإيثار ما فيه صلاحه واعطيناه سؤاله الذي يشبه قدره وكتبنا له كتاب حباء وشرط قد نسخ في أسفل كتابي هذا واشهدنا اللّه عليه ومن حضرنا من أهل بيتنا والقواد والصحابة والقضاة والفقهاء والخاصة والعامة.
و أمر امير المؤمنين بالكتاب إلى الآفاق ليذيع ويشيع في أهلها ويقرأ على منابرها ويثبت عند ولاتها وقضاتها فسألني أن اكتب بذلك وأشرح معانيه وهي على ثلاثة أبواب: ففي الباب الأول:
البيان عن كل آثاره التي اوجب اللّه بها حقه علينا وعلى المسلمين.
الباب الثاني: البيان عن مرتبته في ازاحة علته في كل ما دبر ودخل فيه ولا سبيل عليه فيما ترك وكره وذلك لما ليس لخلق ممن في عنقه بيعة إلا له وحده ولأخيه ومن ازاحة العلة تحكيمها في كل من بغى عليهما وسعى بفساد علينا وعليهما وعلى اوليائنا لئلا يطمع طامع في خلاف عليهما ولا معصية لهما ولا احتيال في مدخل بيننا وبينهما.
الباب الثالث: البيان عن عطائنا إياه ما أحب من ملك التخلي وحلية الزهد وحجة التحقيق لما سعى فيه من ثواب الآخرة بما يتقرر في قلب من كان شاكا في ذلك منه وما يلزمنا له من الكرامة والعز والحباء الذي بذلناه له ولأخيه في منعهما ما نمنع منه انفسنا وذلك محيط بكل ما يحتاط فيه محتاط في أمر دين ودنيا .
و انتهت هذه الكلمة وقد اشادت بالجهود الجبارة التي بذلها الفضل بن سهل في توطيد حكومة المأمون واقامة دولته كما اشادته بنزاهته ورفضه للجوائز والهبات الكثيرة وطلبه للتقاعد وقد رفض ذلك وكانت هذه الكلمة مقدمة لكتاب الحباء والشرط وهذا نصه بعد البسملة:
هذا كتاب حباء وشرط من عبد اللّه المأمون امير المؤمنين وولي عهده علي بن موسى الرضا لذي الرئاستين الفضل بن سهل في يوم الأثنين لسبع ليال خلون من شهر رمضان سنة احدى ومائتين وهو اليوم الذي تمّم اللّه فيه دولة امير المؤمنين وعقد لولي عهده والبس الناس اللباس الأخضر وبلغ أمله في اصلاح وليه والظفر بعدوه انا دعوناك إلى ما فيه بعض مكافاتك على ما قمت به من حق اللّه تبارك وتعالى وحق رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) وحق امير المؤمنين وولي عهده علي بن موسى وحق هاشم التي بها يرجى صلاح الدين وسلامة ذات البين بين المسلمين الى أن يثبت النعمة علينا وعلى العامة بذلك وبما عاونت عليه امير المؤمنين من إقامة الدين والسنة واظهار الدعوة الثانية وايثار الأولى مع قمع المشركين وكسر الاصنام وقتل العتاة وساير آثارك الممثلة للامصار في المخلوع - وهو الأمين - وقابل وفي المسمى ب (الأصفر) المكنى بأبي السرايا وفي المسمى بالمهدي محمد بن جعفر الطالبين والترك الحولية وفي طبرستان وملوكها إلى بندار هرمز بن شروين وفي الديلم وملكها (مهورس) وفي كابل وملكها هرموس ثم ملكها الاصفهيد وفي ابن البرم وجبال بدار بنده وعرشستان والغور واصنافها وفي خراسان وبلون صاحب جبل التبت وفي كيمان والتغرغر وفي ارمينية والحجاز، و صاحب السرير وصاحب الخزر وفي المغرب وحروبه وتفسير ذلك في ديوان السيرة.
و كان ما دعواك إليه وهو معونة لك الف الف درهم وغلة عشرة الف الف درهم جوهرا سواما اقطعك امير المؤمنين قبل ذلك وقيمة مائة الف الف درهم جوهرا يسيرا عندنا ما أنت له مستحق فقد تركت مثل ذلك حين بذله لك المخلوع وآثرت اللّه ودينه وانك شكرت امير المؤمنين وولي عهده وآثرت توفير ذلك كله على المسلمين وجدت لهم به , و سألتنا أن نبلغك الخصلة التي لم تزل لها تائقا من الزهد والتخلي ليصح عند من شك في سعيك للآخرة دون الدنيا وتركك الدنيا وما عن مثلك يستغنى في حال ولا مثلك رد عن طلبه ولو اخرجتنا طلبتك عن شطر النعيم علينا فكيف نأمر؟ رفعت فيه المئونة واوجبت به الحجة على من كان يزعم أن دعاك إلينا للدنيا لا للآخرة وقد أجبناك إلى ما سألت به وجعلنا ذلك لك مؤكدا بعهد اللّه وميثاقه اللذين لا تبديل لهما ولا تغيير وفوضنا الأمر في وقت ذلك إليك فما أقمت فعزيز مزاح العلة مدفوع عنك الدخول فيما تكرهه من الاعمال كائنا ما كان نمنعك مما نمنع به أنفسنا في الحالات كلها وإذا اردت التخلي فمكرم مزاح البدن وحق لبدنك بالراحة والكرامة ثم نعطيك مما تتناوله مما بذلناه لك في هذا الكتاب فتركته اليوم , و جعلنا للحسن بن سهل مثل ما جعلناه لك فنصف ما بذلناه من العطية وأهل ذلك هو لك وبما بذل من نفسه في جهاد العتاة وفتح العراق مرتين وتفريق جموع الشيطان بيده حتى قوي الدين وخاض نيران الحروب ووقانا عذاب السموم بنفسه وأهل بيته ومن ساس من اولياء الحق وأشهدنا اللّه وملائكته وخيار خلقه وكل من أعطانا بيعته وصفقة يمينه في هذا اليوم وبعده على ما في هذا الكتاب وجعلنا اللّه علينا كفيلا وأوجبنا على أنفسنا الوفاء بما اشترطنا من غير استثناء بشيء ينقصه في سر ولا علانية والمؤمنون عند شروطهم والعهد فرض مسئول وأولى الناس بالوفاء من طلب من الناس الوفاء وكان موضعا للقدرة قال اللّه تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [النحل: 91] , و انتهت هذه الوثيقة التي عرفت بوثيقة الحباء والشرط وقد وقع عليها المأمون والامام الرضا (عليه السّلام)
و قد جاء فيه بعد البسملة: قد أوجب امير المؤمنين على نفسه جميع ما في هذا الكتاب واشهد اللّه تعالى وجعله عليه داعيا وكفيلا وكتب بخطه في صفر سنة (202) تشريفا للحباء وتوكيدا للشروط.
و جاء في توقيع الامام (عليه السّلام) بعد البسملة قد الزم علي بن موسى الرضا نفسه بجميع ما في هذا الكتاب على ما أكد فيه في يومه وغده ما دام حيا وجعل اللّه تعالى عليه داعيا وكفيلا وكفى باللّه شهيدا.
و كتب بخطه في هذا الشهر - اي صفر- من هذه السنة - اي سنة 202هـ والحمد للّه رب العالمين وصلى اللّه على محمد وآله وسلم وحسبنا اللّه ونعم الوكيل .
و انتهت هذه الوثيقة وقد حكت صورا رهيبة من الاضطراب السياسي الذي منيت به البلاد الاسلامية فقد انتشرت فيها الثورات الشعبية وعمت فيها الفتن وهذا مما يؤكده بعض المصادر من أن عصر المأمون كان عصر فتن واضطراب وقد اخمد هذه الثورات واستأصل جذورها الفضل بن سهل فقد كان خبيرا ومضطلعا باخماد الثورات وقد اريقت انهار من الدماء وانتشر الحزن والحداد في معظم الاقطار الاسلامية ومن الطبيعي ان تلك الثورات كانت ناجمة عن الظلم والجور السائدين في ذلك العصر فقد ساس العباسيون العالم الاسلامي سياسة قائمة لا بصيص فيها من نور العدل والحق وعلى أي حال فان هذه الوثيقة بقسيمتها لم تكن من إنشاء الامام الرضا (عليه السّلام) وانما كانت من إنشاء الجهاز الحاكم واعوانه ونسبت إلى الامام الرضا لتكسب الجهة الشرعية وتكون غير قابلة للنقض ويدعم ذلك ما يلي:
اولا- ان هذه الوثيقة قد منحت الملايين من الأموال إلى الفضل بن سهل ووهبته الثراء العريض جزاء لخدماته للمأمون وقمعه للثورات المعادية له ومن الطبيعي أن تلك الأموال انما هي من الخزينة المركزية التي هي ملك لجميع المسلمين ومما لا شبهة فيه أنه لا يجوز التفريط باقل القليل من أموال المسلمين ولا يجوز أن تعطى مكافأة أو غير ذلك إلى أي شخص وانما يجب انفاقها على صالح المسلمين وتطوير حياتهم وانعاشهم ونشر الرخاء عليهم فكيف جاز للامام ان يجيز ذلك ويقر منح هذه الاموال للفضل.
ثانيا: ان هذه الوثيقة قد حوت آيات من المدح والثناء على المأمون والفضل بن سهل والطعن في ثورة أبي السرايا وثورة جعفر بن محمد الطالبين وكل ذلك ليس من خلق الامام الرضا (عليه السّلام) فهو لا يمدح أحدا حتى يكون جديرا بالمدح والثناء ولا يذم كذلك أحدا حتى يكون جديرا بالذم والتوهين كانت هذه سيرته ومنهجه فكيف يمنح المأمون هذا الثناء وكيف يمدح هذا الفضل بهذا المدح؟ مع العلم انه سلام اللّه عليه كان يكن في اعماق نفسه ودخائل ذاته الكراهية والبغضاء لهما وذلك لعلمه بما انطوت عليه نفوسهما من الشر والحقد عليه وانما قام المأمون بتكريم الامام ومنحه ولاية العهد لمناورة سياسية لم تكن خافية عليه.
ثالثا: إن هذه الوثيقة تتنافى مع ما اشترطه الامام (عليه السّلام) على المأمون في قبوله لولاية العهد أن لا يتدخل في أي أمر من أمور الدولة ويكون بمعزل عن جميع الأحداث السياسية فكيف يتدخل في أمر الفضل ويجازيه على اخلاصه للمأمون وعلى سعيه في اخماد الثورات الملتهبة التي اندلعت ضد المأمون؟!!.
هذه بعض المؤاخذات التي تواجه هذه نسبة هذه الوثيقة للامام الرضا (عليه السّلام) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|