المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الجرجاني  
  
2243   08:21 صباحاً   التاريخ: 24-7-2016
المؤلف : مصطفى عبد الرحمن إبراهيم
الكتاب أو المصدر : في النقد الأدبي القديم عند العرب
الجزء والصفحة : ص166
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو أبو الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني المشهور بالقاضي. ولد في جرجان سنة 290هـ، ونشأ بها. وكانت الدولة الإسلامية قد بلغت نضجها العلمي، وتعددت الحواضر الإسلامية تزخر بالعلم والعلماء، وأصبحت الرحلة سبيل التعلم والدرس، فجاب الأرض وزار العراق والشام والحجاز، ولقى مشايخ وقته وعلماء عصره، واقتبس العلوم والآداب، وصار فيها علماً وإماماً(1).

اشتهر بالفقه، وترجم له الشيرازي في طبقات الفقهاء، وفسر القرآن الكريم، ,ذكره السيوطي في طبقات المفسرين، واشتغل بتاريخ وله فيه آثار، ثم هو شاعر متقن، وكاتب مترسل، وناقد لوذعي بصير. وفيه يقول صاحب اليتيمة: "حسنة جرجان، وفرد الزمان، ونادرة الفلك، وإنسان حدقة العلم، ودرة تاج الأدب، وفارس عسكر الشعر، يجمع خط ابن مقلة إلى نثر الجاحظ ونظم البحتري، وينظم عقد الاتفاق والإحسان في كل ما يتعاطاه(2)".

وللقاضي عدة تصانيف. منها تفسير القرآن المجيد ذكره ياقوت في معجم الأدباء، وتهذيب التاريخ ذكره ياقوت، والثعالبي في يتيمة الدهر، والوساطة بين المتنبي وخصومه، ,الوكالة في الفقه وفيه أربعة آلاف مسألة، والأنساب ذكره ابن خلدون، ولكن هذه الكتب لسوء الحظ مفقودة لم يبق منها سوى الوساطة.

وقد اشتهر القاضي الجرجاني بعدة صفات نفسية (3) أهلته للقضاء بين الناس تارة وبين الشعراء تارة أخرى، وأهم هذه الصفات الذكاء ومقدرته على التحصيل، والصراحة في قول الحق، وحبه للصدق فلا يصدر حكما مبنيا على هوى، وميله الى العدالة، والصبر الذي دفعه الى عزة النفس والأنفة من اذلالها، وانقباضه عن الناس وإيثاره للعزلة عنهم، وحبه للجمال الذي جعله يتغنى بمظاهر الحسن في شعره. وتوفي القاضي الجرجاني وهو قاضي بالري (4) سنة 392هـ، ويجمع المؤرخون على أن تابوته نقل الى مسقط رأسه جرجان (5)، حيث شيعته مدينته تشييعاً حافلاً، وصلى عليه القاضي أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1) مقدمة كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي الجرجاني تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم، علي محمد البجاوي ص د.

2) يتيمة الدهر للثعالبي 4 ، 3 ط دار الباز للنشر والتوزيع.

3) راجع القاضي الجرجاني للدكتور/ أحمد أحمد بدوي ص31 وما بعدها ط دار المعارف الثانية.

4) معجم الأدباء 14/ 15. وطبقات الشافعية 2/ 308.

5) نفس المرجع والصفحة، وشذرات 3/ 56.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.