المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علوم اللغة العربية
عدد المواضيع في هذا القسم 2652 موضوعاً
النحو
الصرف
المدارس النحوية
فقه اللغة
علم اللغة
علم الدلالة

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
علي مع الحق والحق مع علي
2024-04-23
صفات المتقين / لا يشمت بالمصائب
2024-04-23
الخلاص من الأخلاق السيئة
2024-04-23
معنى التمحيص
2024-04-23
معنى المداولة
2024-04-23
الطلاق / الطلاق الضروري
2024-04-23

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


ظاهرة الإعراب في لغة العرب  
  
8890   03:47 مساءاً   التاريخ: 19-7-2016
المؤلف : د. خالد نعيم الشناوي
الكتاب أو المصدر : فقه اللغات العروبية وخصائص العربية
الجزء والصفحة : ص 159 - 178
القسم : علوم اللغة العربية / فقه اللغة / خصائص اللغة العربية / الإعراب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2016 8891
التاريخ: 21-7-2016 7311
التاريخ: 15-8-2020 1424
التاريخ: 19-7-2016 5087

‏إن النظر في طبيعة هذه الظاهرة اللغوية والبحث في خصائص اللغات العروبية ، يفصح للقارئ العربي أن الإعراب ليست سمة من سمات اللغة العربية دون سواها من اللغات العروبية ، فضلا عن ذلك أن هذه الظاهرة لا يمن توظيفها في كشف الخصائص اللغوية أو بيان مميزاتها في لغة ما بمعزل عن باقي اللغات، كونها هي سمة من قبيل تلك السمات المشتركة بين تلك اللغات، لذلك لا يمكن لنا دراسة ظاهرة الإعراب في اللغة العربية بمعزل عن شقيقاتها العروبيات، علنا نستثمر بعض الاستعمالات أو الإشارات الصوتية في تلك اللغات لبيان مقصد ما، وتفسير ما كان غامضاً، أو تقريب، كان غائباً بعيداً عن ذهن القارئ

‏وقبل الشروع في ماهية هذا البحث نود أن نتساءل عن موقع هذه الحركات(علامات الإعراب) في النظام اللغوي ، بمعنى هل الحركات الإعرابية مختصة، بالنظام النحوي؟ وهل طبيعة عملها تصويب المقولات اللغوية والإعراب عن المعنى؟ وماذا نسمي الحركات الموجودة في بنية الكلمة؟ إذا ما علمنا أن وظيفة تلك الحركات هي الأخرى تعرب عن دلالة مغايرة للمبنى الواحد ثم إذا كا‏ن الإعراب والمعنى متجاذبين ، بحيث هذا يدعوك إلى أمر، والآخر يمنعك منه ، فأيهما أنت ممسك؟ ثم ما علاقة العلامة الإعرابية بما سقط من التركيب؟

‏إن الإجابة عن تلك التساؤلات تستدعي من الباحث النظر في اصل تلك الظاهرة ومكان وجودها من التركيب في اللغات العروبية ، ثم التدرج  بالبحث عنها وصولاً إلى اللغة العربية، وبيان الخفي منها، بغية إيضاحه للقارئ سواء، في النص المكتوب أو في النص المنطوق.

‏إن النظر في طبيعة اللغات العروبية من حيث المظاهر  اللغوية التي وصلتنا عن طريق البحوث والدراسات التي عنيت بالفرع السامي ، يلحظ نها قد شكلت

ص156

منظومة لغوية متكاملة ، وهذا ما أفصحت عنه خصائصها اللغوية المشتركة التي ترشحت عنها من خلال النصوص اللغوية المتمثلة بالنقوش والكتابات المقطعية القديمة، إذ أخذت كل لغة من مجموع هذه الأرومة نصيبها من تلك الثروة اللغوية التي عزاها بعض الباحثين(1) إلى اللفة العروبية الأولى(اللغة الأم) ، لذا نجد أن العروبيين )العرب)(2) قد اسهموا في تطوير النمط اللغوي العروبي القديم ، والحفاظ على حال الأصوات العروبية الأولى وما ترشح عنها من صوائت في زمن متأخر بالنسبة الى تاريخ تلك اللغات ، فاحتفظت بالحالات الإعرابية الثلاثة القديمة(الرفع ، والنصب ، والجر) وهذا ما تمثلت به ابتداء اللغة الاكدية ، إذ وصلتنا بعض الروايات التي أفصحت عن حالات الاسم في الرفع والنصب والجر، وقد ظهرت تلك الحالات من خلال النقوش التي دونت عن طريق الكتابة المقطعية وبالقلم المسماري ، إذ يطابق هذا الأمر حالات الإعراب في اللغة العربية ، يقولون : kalbu في حالة الرفع ، وkalba في حالة النصب ، وkalbi  ‏في حالة الجر، ثم جيء بالتمويم مقابلا للتنوين يقولون : kalbum  ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد في الاسم المفرد بل جعلوا علامات إعراب للاسم المجموع في حالاته الثلاث ، قالوا : kalbuu  ‏في حالة الرفع ويكون ذلك بتطويل حركة الصائت بعد إسقاط التمويم من الاسم ، أو بإضافة اللاحقة للاسم(anu) في حالة الرفع(sharranu) ، أما في حالتي النصب والجر فتضاف اللاحقة (ane)(3) ومن خلال هذه الأمثلة لا يمكن للباحث أن يتبين

‏ص160

الوظيفة اللغوية من تلك العلامات ، أي هل  لها اثر في بيان دلالة العبارة، أم هي ظاهرة صوتية الغرض منها تماسك الكلمات وتساقها ؟

‏وبما أن اللغات العروبية قد اثر بعضها ببعض في كثير من الظواهر اللغوية إلا أن اللغة الاوغاريتية التي جاءت في أعقاب اللغة الاكدية، أو كانت مصاحبة لها قبل أفول نجمها، ومع هذا التقارب لم يلحظ أي وجود لظاهرة الإعراب في هذه اللغة، على الرغم من أنها اللغة العروبية الأقرب إلى اللغة العربية بنظامها الصوتي والأبجدي، وهذا ما جعل كتابتها تقوم على الصوامت فقط(4) فالملاحظ على هذه القراءة أنها تعتمد على النصوص المكتوبة وهذا يعني أن علامات الإعراب لا علاقة لها بسلامة التركيب في ذلك الوقت أو الكشف وبيان المعافي والدلالات.

‏واذما تتبعنا تلك المسيرة اللغوية في البحث عن جذور هذه الظاهرة نجد أن اللغة الفينيقية قد استعملت أصوات الحلق  "في اللهجة البونية الحديثة " ‏لتصبح وسيلة لكتابة الحركات القصيرة ، كونها لا تمثل أي وظيفة لغوية، لذلك دونت هذه الحركات داخل الكلمات(5) وهذا ما سنوظفه في بيان علاقة الحركات داخل المباني الصرفية و ظاهرة الإعراب- وربما هذا العمل في اللغة الفينيقية يسهم في كيفية نطق الكلمة كما هو الحال في لغة العرب، لان طبيعة هذا التدوين لتلك الحركات يشعر بوجود تمايز لغوي دلالي بين الكلمات، أو بالأحرى بين تصاريف الكلمة الواحدة.

‏أما في اللغة العبرية فقد استملت علامات الإعراب للمساعدة في ضبط النطق وحفظ الكلمات من التحريف(6) ، وكان هذا الأمر في المرحلة الثانية من تاريخ اللغة العبرية، إذ تأثر رجال الماسورا الذين يعنون بالنص العبري القديم بطريقة النساطرة المسيح في ضبط الحركات(7)

‏إن الملاحظ على تلك اللغات أنها استعملت تلك العلامات في نصها المكتوب،

ص161

‏دون إشارة من الباحث في تاريخ تلك اللغات إلى طبيعة النص المنطوق.

‏أما اللغة الأرامية ولاسيما "اللهجة النبطية" فيعتقد أن الأنباط استعملوا الواو والضمة للرفع والكسرة للجر والفتحة للنصب، دون أن يرفقوا الحركات بحرف النون كونه حرف رفع أو باقي العلامات الأخر(8).

‏وبعد هذا العرض ، نجد بعض الباحثين من يعتقد بأن اللفات العروبية ، وعلى الرغم من كونها تتماثل في النظم والقواعد الصوتية ، قد اعتمدت الأصوات الصامتة دون الأصوات المتحركة في نهاية الكلمات، والقول بأنها اعتمدت هذه الحركات في عصور متأخرة غير دقيق(9) ، كون اللفة الاكدية قد استعملت تلك العلامات فضلا ‏عن الفينيقية التي استوعبت تلك الحركات في داخل المباني الصرفية ومن هنا جاء هذا الأثر الصوتي إلى اللغة العربية ، لكن بعض الباحثين يرى أن ظاهرة الإعراب وحركاتها أنها بقايا ضمائر وأدوات إشارية ، وأما ظاهرة التنوين في اللغة العربية التي تقابل التمويم قيل فيها أن العربي لما اقر لغته في اللفظية(وهنا الحديث عن الجوانب النطقية للغة لا الكتابي) قد استوى منطقه على اشده كره الصوتية في الحركات الإعرابية التي يقتضي مدها عند الوقف عليها ظاهرة ، فقطع  المد بالتنوين ، وقد ظهرت محاولته هذه في تنوين الترنم(10) ، ومن مثيل ذلك قول الشاعر:

(اقلي اللّوم عاذلَ والعتابن)(11)

‏وبعد هذا العرض آن الأوان لبيان موقع هذه العلامات من المباني والتراكيب سواء في النص المكتوب أو المنطوق ، قال ابن بني في حده للإعراب(هو الإبانة عن

‏ص162

المعاني بالألفاظ )(12) ، أن هذا القول يقودنا إلى امرين : الأول : جعل العلامة الإعرابية جزءاً من تركيبة الكلمة سواء في فاء الكلمة كما هو الحال في التميز بين كتب المبني للمعلوم وكتب المبني للمجهول وكذلك في الاسم المفرد والمجموع(أسد، أشد) وفي المصدر والفعل(فرح ، فرح) أو في الأسماء كـ : بر(الإحسان) وبر(الأرض) وبر(القمح أو في عين الكلمة كاسمي الفاعل والمفعول في حال اشتقاقهما من الفعل الرباعي ، يقال : مفعل ومفعل ، أو في نهاية الكلمة كهيهات وهيهات، وعل هذا الأمر يقودنا إلى ما كان موجودا في اللغة الفينيقية ، كون هذه الحركات أمارات ورسوم تبين ما كان مختلفاً من المباني الصرفية ذات المادة اللغوية الواحدة.

‏والثاني : أنه كنى عن الحركات بالألفاظ ، وبالتالي يتطابق هذا التحديد مع ما جاء به الزجاجي كون أن الأسماء لما كانت تعتورها المعاني فتكون فاعلة ومفعولة ومضافة ومضافا اليها ولم تكن في صورها و أبنيتها أدلة على هذه المعاني بل كانت مشتركة جعلت حركات الاعراب فيها تنبئ عن هذه المعاني(13) وقيل إن الإعراب هو الإبانة عن معنى جديد أو حال انتقل اليها الشيء(14) ، أو كونه نتاج صوتي يكون في أواخر الكلم سببه الترابط العضوي للعوامل النحوية بالمعمولات في تركيبهما(15).

‏في حقيقة الأمر لا نريد أن نستبق نتائج الدراسة لهذه الظاهرة، لكن النظر في تكوين وصناعة النص المنطوق تجعل من وظيفة هذه الظاهرة منوطة بعامل التوافق الصوتي، كون العملية الابلاغية(التمثيل الصوتي ) ‏تكون بعد مرحلة نتاج وتحديد المعنى لان هذه الرموز الصوتية تكون ألفاظا دالة على ما تقرر ابتداء في البنية العميقة) وما يعرف بالبنية الضحلة ، وما لأهمية تلك الألفاظ عند العرب لذا أصلحوها وحسنوها وهذبوها وصقلوا عروبها ،(أطرافها) ، وجاءت عنايتهم بالألفاظ كونها

ص164

عندهم خدم للمعاني وتنويه بها وتشريف منها(16)

‏لكن الباحث في التراث اللغوي والى جانب تلك الدلائل التي تسهم في الكشف عن حقيقة وطبيعة ظاهرة الإعراب ، يلحظ أن النحويين جعلوا من الإعراب نظرية كاملة عرفت بنظرية العامل وتكلموا عن الحركات، وجعلوها دليلا على المعاني ‏(17)، مع أنهم انفسهم لم يجوزوا أن تدخل دلالة على دلالة أخرى كون الألفاظ في مباحثهم اللغوية تدل على المعاني، والإعراب كمفهوم لغوي وفي ضوء الحد الذي قال به القدماء هو الأخر يكون دالا على المعاني ، وان أوجدوا لهذا الأمر تعليلا ، فلاحظ العلاقة بين الألفاظ والحركات في الدلالة على المعاني :

‏قولنا "يا رجلاً " الكلمة اصل في التركيب لكن ثمة تناقضا  في الحركة " حركة نصب " كونها " تدل على الفضلة " ، وكذلك قولنا : يا رجل " الكلمة اصل في التركيب " تناقض في الحركة " حركة بناء " في موضع نصب "،  و قولنا : يا غلام زيد " الكلمة اصل في التركيب " " تناقض في الحركة " حركة نصب " تدل على الفضلة " ، وقولنا: لم يضرب " الفعل اصل في التركيب" " تطابق المعنى مع الحركة" السكون " انقطاع الحركة لا معنى " ، وقولنا : لن يقوموا " الفعل اصل في التركيب  " " تطابق " حذف الحرف علامة على الإعراب، وقولنا : يقومون " الفعل اصل في التركيب " " تطابق "ثبوت النون، لا يدل على معنى في هذه الحال

‏وبعد هذا العرض يحق لنا أن نسأل: ما هو السبيل إلى معرفة دلالة الإعراب عندما تكون دلالة الحركة الإعرابية صفرا ، إذا ما قارنا  ذلك بقولهم إن الإعراب عبارة عن معنى يحل بالحركات والحروف، والعلامة هنا هي السكون وحذف الحرف وسقوطه من الكلمة فـ " الدلالة صفر " ، وكثيرا ما يكون ذلك في النص المنطوق، أي أنك تلحظ في حديث من يخشى الوقوع في اللحن يلجأ إلى تسكين أواخر المباني

ص164

‏وهذا يدفعنا إلى القول ،بان الكلام لم يعرب للدلالة على المعاني، لان الكلام في هذه الحال صار ذا هيأة عن طريق المعاني، وعلامات الإعراب في حقيقة الأمر هي عناصر صوتية حادثة في مرحلة ما بعد التلفظ  بالمباني كون الكلام في أوله شرجا مع ربط قصد المتكلم به ، أي الافتراض في ذهن المتكلم وغير المصرح به في القول(18)، والذي يؤيد هذا المعنى هو عدم تمكن العلامة الإعرابية من أن تحد من الانحراف أو عدو التلاؤم بين المعاني ، إذ لابد من وجود تلاؤم دلالي بين المباني التي تشكل منها التركيب، ولا دخل لعلامات الإعراب في عملية السبك وتلاقح المباني(19) ، نلحظ هذا النص القرآني الذي يفصح عن التجاذب بين المعنى والإعراب، قال تعالى : " انه على رجعه لقادر ، يوم تبلى السرائر " الطارق : 8-9 ‏. قيل فالمعنى في هذا " إنه على رجعه يوم تبلى السرائر لقا در"(20) ، وقيل في "يوم تبلى السرائر "  أوجه، الأول : هو معمول " قادر "، والثاني " على التبيين، أي: يرجع يوم تبلى "، والثالث : " تقديره : اذكر، ولا يجوز أن يعمل فيه "رجعه " للفصل بينهما بالخبر، وقيل " الهاء " في " رجعه " للماء أي : قادر على رد الماء في الإحليل أو في الصلب، فعلى هذا يكون منقطعا عن قوله تعالى: "يوم تبلى السرائر" فيعمل فيه " اذكر(21) ، ويرى أبن جني إذا " حملته على في الإعراب على " إنه على رجعه يوم تبلى السرائر" كان خطأ ، لفصلك بين الظرف الذي هو "يوم تبلى" وبين ما هو معلق به من المصدر الذي هو الرجع، والظرف من صلته، والفصل بين الصلة والموصول الأجنبي أمر لا يجوز، فإذا كان المعنى مقتضيا `له والإعراب مانعا منه احتات له، بأن تضمر ناصبا يتناول الظرف ، ويكون المصدر الملفوظ به دالا على ذلك الفعل.. "(22) ،  تلحظ كيف تجاذب المعنى والإعراب، وجيء بما هو خارج عن التركيب " الفعل المضمر" ليصحح الإعراب كونه لا ينسجم و هذه الحال مع اصل التركيب "إنه على رجعه يوم تبلى السرائر لقادر"، أن هذه النظرة تذهب بنا إلى ما عرف بقصدية الراوي اللغوي وما مدى ارتباطها بالمعاني الوضعية، إذ نلحظ موقع هذه المعاني بألفاظها الدلة عليها مبهمة من الناحية الإعرابية ، ويمكن تحديد العلامة

ص165

الإعرابية مع ما يتوائم والمعنى الذي قصده الواضع اللغوي ، وندرك من ذلك أن دلالة التركيب محصورة بالمعنى الوضعي ليس إلا، كون علامات الإعراب لم تكن موجودة في اصل الوضع اللغوي لمثل تلك التراكيب، وقد حذر ابن جني من الوقوع في الخطأ في تقدير العلامة الإعرابية وتعارضها مع المعنى قال: " إذا مر بك سيء من هذا من أصحابنا فأحفظ نفسك منه، ولا تسترسل إليه، فأن أمكنك أن يكون تقدير الإعراب على سمت تفسير المعنى ، فهو ما لا غاية وراءه، وأن كان تفسير الإعراب مخالفا لتفسير المعنى تقبلت تفسير المعنى على ما هو عليه ، وصححت طريق تقدير الإعراب حتى لا يشذ شيء، منهما عليك، واياك أن تسترسل فتفسد ما تؤثر إصلاحه "(23)، فالإعراب يأتي في مرحلة ما بعد تفسير المعنى، إن طابقه فتلك هي الوجهة المطلوبة ، وان خالفه علينا تصحيح ما خالف به المعنى وتأوليه للوجهة الحسنة ، وفي قول الرماني دليل آخر على وقوع الإعراب بعدما أكتسب اللفظ دلالته ، قال: "لا تنظر إلى ظاهر الإعراب، وتغفل المعنى الذي وقع عليه الإعراب "(24).

‏إن النظر في طبيعة النصوص التي يراعى فيها الإعراب أو المواءمة بينه والمعاني ودلالات النص، تكمن في النص المكتوب اكثر من المنطوق كون الأخير يكون اظهر من خلال النبر والتنغيم، وتجد أن اللغة المنطوقة " لغة التخاطب " تفتقر إلى مراعاة قواعد الإعراب في عملية التواصل اللغوي، أي أن الراوي اللغوي يترخص من استعمال تلك العلامات، والمخاطب يفهم ما قاله المخاطب " الراوي اللغوي " لأن الأخير لا يمكنه بشكل من الأشكال أن يستوعب تلك القواعد المتشعبة والدقيقة، فضلا عن صعوبة التطبيق(25)، لان الأمر في ذا منوط بملاحظة عناصر الجملة وعلاقة بعضها ببعض والتنبه إلى اثر العامل بالمعمول وبيان حركة اقتضائه، وكل ذلك غير ممكن في لغة التخاطب، ويمكن أن نقصر - هذا الفعل على من كان يتكلم على السليقة(26)

‏والدليل الأخر على علاقة الإعراب ، بالمعنى وكونه يأتي في مرحلة متأخرة بالنسبة للمعنى ، قول أبن هشام يقول: " وأول واجب على المعرب أن يفهم ما يعربه مفرد أو

ص166

مركبا "(27) ، أن هذا القول يفهم منه ويوظف في امرين:

‏الأول: عملية الإعراب وضبط الكلمات بتلك العلامات تكون في النص المكتوب، لان القول في ذا واضح، يقول: " الواجب على المعرب "  وليس الواجب على المتلقي ان يبحث عن إسقاطات الراوي اللغوي في هذا الموضوع ، علما أن المعرب للكلام لابد أن يكون على معرفة بالقواعد النحوية عامة، وهذا لا يتسنى لشخص ذي ثقافة لغوية قاصرة.

‏أما الأمر الثاني، فيفصح عن أن الإعراب يكون في الكلمة الفردة ، وهذا ما تحدثنا عنه سلفا ، أي أن الحركات الموجودة والملازمة للصوت الصامت من الكلمة المفردة

‏تفصح عن دلالتها من خلال التغاير الحاصل في بنيتها الصوتية ولا سيما في حركة الصائت القصير، مثال ذلك: المبنى " نكد " قيل هو كل شيء جر على صاحبه شرا، و " نكد : عيشه ، إشتد ، و"نكد الرجل " : قلل العطاء ، وقيل في هذا المعنى :

‏نكدت أبا زبيبة، إذ سألنا      ولم ينكد بحاجتنا ضباب(28)

‏والنكد والنكد مثله،

‏وأعطهما ما أعطيته طيبا     لا خير في المنكود والناكد(29)

و" نكد : منعه ، والنكد ، النوق التي ماتت او لادها فغرزت(30) ومن تلك الألفاظ ايضا " نكس " يقال : " نكسته " قلبته(31) ، ونكس الرجل : ضعف وعجز ، وقيل :

ولم ينتكس يوما فيظلم وجه         ليمرض عجزا او يضارع مأتما(32)

‏و" نكس " رأسه: إذا طأطأه من الذل، قال الشاعر:

‏واذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم         خضع الرقاب نواكس الابصار(33)

ص167

‏ويقال : نكس المريض : عاودته العلة ، ونكست الخطاب : إذا أعدت عليه مرة بعد

‏مرة(34).

إن طبيعة التحول في بنية الكلمة سواء كا‏ن على المستوى الصرفي أم على مستوى الزمن الذي تدل عليه من شأنه ان يترك تحولا على مستوى الدلالة، ومن الأمثلة التي يمكن ان نسوقها في هذا المجال قول المتنبي(35):

‏واني لأعشق من عشقكم              نحولي وكل امرئ ناحل حل

‏يمكن رصد اتجاهين على مستوى الدلالة من خلال كلمة "اعشق"، فقد أجازوا ان يكون فعلا مضارعا، فيكون معنى البيت " اني من فرط عشقي لكم اعشق نحولي ، واعشق كل عاشق مثلي ناحل مثل نحولي للمشاركة التي بيننا".

‏كما أجازوا ان يكون "اعشق " اسم تفضيل على وزن " افعل " ، فيكون المعنى "إني

‏اعشق لكم، أي: اشد عشقا لكم من عشقكم نحولي ، وكل فتى ناحل، يعني: أنكم تعشقون نحولي ونحول كل فتى هذه صفته"(36)

‏وغير خفي بعد المعنى المتولد من حسبا ن "اعشق "  اسما للتفضيل، إلا أننا  يمكن ان نعده استغلالا لإمكانات اللغة من قبل الشراح لتوليد ماامكن من الدلالات في النص.

‏وقال أبو الطيب أيضا(37) :

‏له أياد إلي سابقة              أعد منها ولا أعددها

‏فمن الشراح من ذهب إلى أن الفعل " اعد " مبني للمجهول، فيتجه معنى البيت إلى ان الشاعر يقول للممدوح "انا غذي نعمته وربيب احسانه، فنفسي من جمله نعمه ، فأنا اعد منها " أما من ذهب إلى ان  " أعد " مبني للمعلوم ، فيكون معنى البيت عنده ان الشاعر يعد بعض أيادي الممدوح عليه " ولا يأتي على جميعها بالعد لكثرتها "(38) ، نلحظ التحول في بنية الكلمة يسهم في التحول الدلالي وهذا التحول ‏

ص168

يكون عن طريق التغاير في حوكة الصامت من الكلمة سواء في فائها أو عينها.

‏وعودا على ما ترشح عن نص ابن هشام والقول بلزوم فهم ما يعربه المعرب نلحظ ابتداء أن النص المقروء هو ملك لكل قارئ يجيد فعل القراءة ، من هنا نجد الكتابة اكثر صعوبة لكثير من الناس ، لان عملية الكتابة تستدعي الالتزام بالقواعد اللغوية "الصرفية والنحوية" والنسج على سمت العربية وقوانينها، فضلا عن الالتزام المعايير الفنية في عملية الكتابة لأن القارئ أو المعرب " في هذه الحال يمكنه أن يلحظ الإشارات السلبية التي تقف أمام قبول النص أو التركيب كونه تركيبا منحرفا خارجا عن قوانين اللغة.

‏أما المنطوق فالمتلقي لا يعول كثيرا على علامات الإعراب في فهم النص المنطوق ، كونه يتجه في الأعم الأغلب إلى ما يعين على فهم النص ولاسيما النظر في دلالات الالفاظ الوضعية، فضلا عن استعمالها المجازي في اللغة، لذلك تنحسر ملاحظات المتلقي في معالجته لبيان الفكرة المطروحة وطريقة التعبير بالألفاظ، ورصد ما يصاحب عملية القراءة من عيوب نطقية ظاهرة. وعلى الرغم من أن النص المنطوق اسبق من النص المكتوب، إذما تحدثنا عن العملية التواصلية ، لان الالتزام بالقواعد اللغوية " الصرفية والنحوية " قد أوجدها اللغويون "النحويون"  من خلال استقرائهم للغة المنطوقة ، وأن الالتزام بعلامات الإعراب في النص المكتوب يفوق الالتزام بها في النص المنطوق، لان اللغة المنطوقة لا تعتمد الإعراب في بيان المعنى، بل ثمة بدائل تعين على فهم المعنى عن طريق الإيماء وتعابير الوجه وحركة اليدين ونبرة الصوت، لان اللغة ليست مجرد ألفاظ أو معان بل فيها من الرمز والإيماء الشيء الكثير(39) ومثال على التغاير في العلامة الإعرابية سواء في النص المكتوب أو المقروئ  نطرح قول الشاعر للتحليل:

‏قول المتنبي(40) :

تظل الطير منها في حديث                    ترد بها الصراصــــر والنعيبا

وقد لبست دماءهم عليهم                      حـــــدادا لم تشــــق لها جيوبا

ص169

فقد اختلف في تقدير وظيفة "دماءهم" النحوية، فمنهم من ذهب إلى النصب، ومنهم من ذهب إلى الرفع، فمن نصب جعلها مفعولا به لفاعل مقدر يعود على الطير، فيكون المعنى ان هذه الطير لبست دماء القتلى التي عليهم أي تلطخت بها وجفت عليها فاسودت وصارت كالحداد وهي الثياب السود تلبس عند المصيبة، ومن ذهب إلى رفع " دماءهم " على تقدير الفاعلية أراد أن الدماء اسودت على القتلى فكأنها لبست ثوبا غير ما كانت تلبس من الحمرة إلا أن المعنى في كلا التحليلين يفصح عن دلالة الإحداد على القتلى(41)

‏ومن النصوص التي تباينت فيها الوظيفة النحوية من خلال العلامة الإعرابية ولكن المعنى لم يتحول عن وجهة:

‏ألا ليت شعري هل إلى أم جحـدر             سبيل فأما الصبر فلا صبرا(42)

‏يلحظ رواية الشاهد بنصب " الصبر" ورفعه، وهذا الاختلاف في العلامة الإعرابية لم يغير في المعنى شيء، فالنصب حجازي والرفع تميمي(43) ، وكذلك نلحظ الاختلاف في رواية الشاهد ،باختلاف العلامة الإعرابية ، لأنها في هذا المورد أصبحت من المقاييس النقدية التي لجأ إليها النقاد في فحص النصوص الأدبية ، ولا أرى لذلك معنى، كون الإعراب في تلك الحالات يخضع إلى التصويب النحوي من خلال التأويل، نلحظ نص الشاعر عقبه بن هبير الاسدي:

معاوي إننا بشر فأسجع               فلسنا بالجبال ولا الحديدا(44)

‏قال سيبويه: "هذا باب ما يجري على الموضع لا على الاسم الذي قبله. والوجه فيه الجر لأنك تريد أن تشرك بين الخبرين، وليس ينقض إجراؤه عليك المعنى.وجرى هذا مجراه قبل أن تدخل الباء. "(45) ، وقيل إن المبرد رد تلك الرواية على سيبويه، وقيل إن الأخير قد غلط على الشاعر، وقد احتج بهذا النص في نسق الاسم المنصوب على المخفوض، وقيل إن سيبويه استثمر هذا النص والنصوص

ص170

التي على شاكلته ليكون موافقا للقاعدة النحوية ، وهذا في حد ذاته سبب في تغيير النصوص عن حالتها الأصلية(46)، والرغم من هذا الجدل في تغيير شكل النص من الخفض إلى النصب، لم نلحظ أي حديث عن دلالة النصب ودلالة الخفض، إلا ‏يشعر ذلك ان لا خلاف في المعنى الرغم  من تباين العلامات ! فالمسألة في هذه الحال هي مسألة شكلية لا علاقة لها بالمعنى لذلك جوز سيبويه ذلك الاستعمال وجعله بابا يمكن القياس عليه ولا ينقض المعنى

‏لذلك لا يمكن للقارئ أن يعول في البحث عن الدلالة النحوية عن الإعراب معولا كاملا(47) كونه يحدد المعنى النحوي، وان كانت الإفادة منه ممكنة إلى حد ما ، لان علم النحو هو علم الدلالة، ومفهوم الدلالة يتحقق من تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني على وجه من الوجوه المستعملة في لغة العرب بوصفها نصوصا معيارية ، عبر عنها الجرجاني بالرسوم التي رسمت للمستعمل اللغة(48)

‏ومن الملاحظ أيضا، نجد أن العلامة الإعرابية يكون إقرارها في موضع ما من الكلمة " إذا قلنا بأنها تفصح عن المعنى ولاسيما في المعاني الصرفية " الذي يمثل البناء الخارجي لها ، أما ما يعرف بموقها من التركيب فهذا لا علاقة له بالإعراب، كون مجاله البنية الداخلية للتركيب، ولا إجافي الحقيقة إذا قلنا إن هذا الأمر هو من يدفع بتقدير العلامة الأعرابية فيما بعد، ويؤثر فيها بعد رصف المباني التي تشكل التركيب. ومن خلال النظر فيما روي عن القدماء من النحويين، نلحظ اعتمادهم موقع الكلمة " معناها " في توجيه علامات الإعراب وهذا ما يتضح اكثر في تقدير ما سقط من التركيب ، بحيث يتعذر تمثيل تلك الاصناف المعنوية غير البنائية بألفاظ في البنية الخارجية، وثمة امر اخر في هذا الضرب من التراكيب، هو كون العلامة الإعرابية المتمثلة على كلمة ما تكون دليلا على ما سقط من التركيب، وظل قارا في البنية العميقة للتركيب، وعنه قال ابن جني: "أعلم أن هذا الشرج غور من العربية بعيد ومذهب نازح فسيح قد ورد به القرآن وفصيح الكلام منثورا و منضوما.."(49)  ومما جاء به القران: قوله تعالى :"بما أوحينا إليك هذا القران "  يوسف : 3 ، قال الفراء : "هذا

ص171

القران، منصوب بوقوع الفعل عليه كأنك قلت : بوحينا اليك هذا القران "(50) ، وقوله تعالى : "أضغاث أحلام " ‏يوسف : 44، بالرفع ، لانهم ارادوا: ليس هذا بشيء إنما هي أضغاث أحلام، ولو قلت : رأيت أضغاث أحلام كان صوابا(51).

‏وأما ما نقل عن العرب نلحظ رفعهم ما ينصب من المصادر على إضمار الفعل المتروك إظهاره في غير الدعاء ، ونقل سيبويه قول العرب في نصبهم المصادر على إضمار الفعل يقولون "حمدا وشكرا ولا كفرا " "‏وانما اختزل الفعل ههنا لأنهم جعلوا هذا بدلا من اللفظ بالفعل ، كما فعلوا ذلك في باب الدعاء "(52).

‏وجاء في كلام بعض العرب رفعهم تلك المباني  " وزعم يونس أن رؤبة بن العجاج  -التميمي- كان ينشد هذا البيت رفعا وهو لبعض مذحج وهو هني بن أحمر الكناني :

‏عجبت لتلك قضية واقامتي           فيكم على تلك القضية اعجب(53)

‏وسمع عن بعض العرب الموثوق به يقال له : كيف أصبحت ؟ يقول : حمدُ منه وثناءُ عليه(54) ومثل ذا قول المنذر بن درهم الكلبي ، سماعاً(من بعض العرب الموثوق به يرويه :

‏فقالت : حنانٌ ما أتى بك ههنا         أذو نسبٍ أم انت بالحي عارف(55)

‏وحمل قوله على(أمرنا حنان)(56) أوما يصيبنا حنان(57) ومثله قول الملبد بن حرملة من بني ربيعة بن ذهل بن شيبان البكري قال :

ص172

يشكو الي جملي طول السرُى         صبرٌ جميلٌ فكلانا مبتلى(58)

وحمل هذا على صبرُ أصلحُ من الشكوى(59) ، تلحظُ أن الرفع والنصب لا يؤثر في المعنى النحوي لتك التراكيب ومن ذلك ما يجوز فيه الرفع مما ينصب في المعرفة :(وذلك قولك :(هذا عبدُ الله منطلقٌ) حدثنا بذلك يونس وابو الخطاب عمن يوثق به من العرب)(60)

وقد تمثل هذا الاستعمال بقراءة ابن مسعود عبد الله بن غافل بن حبيب الهذلي :(وهذا بعلي شيخٌ)(61) هود : 72 ، والرفع في ذا على وجهين : الأول : إضمار هذا أو هو على إنه خبر لمبتدأ محذوف أي : هذا بعلي هو شيخٌ(62) ، والوجه الثاني : أن يكونا جميعاً خبراً لـ(هذا)(63) ، وقيل نصبه في ذا الموضع على الحال(من لطيف النحو وغامضة لأنك إذا قلت : هذا زيدٌ قائماً وكان المخاطب لا يعرف زيداً لم يجز لأنه لا يكون زيداً ما دام قائماً ، فإذا زال لم يكن زيداً ، فإذا كان يعرف زيداً صحت المسألة والعامل في الحال التنبيه والإشارة)(64)

ومثله فيما رُفع في ذا الموضع قول رؤبة بن العجاج التميمي :

من يك ذابت فهذا              بتي مقيظ مصيفٌ مشتي(65)

‏فجاء بثلاثة أخبار، مقيظ ومصيف ومشتي(66) وسجل سيبويه ذا الاستعمال سماعاً ممن سجله من العرب أي رفع المباني في ذا الاستعمال اللغوي ، وقد ثبت هذا المروي من مسجلي سيبويه ولم تختلف الروايات فيما نقل عنهم(67) ، ولاثر لهذا التحول في العلامة الإعرابية بالمعنى

ص173

‏ونقل عن لغة لطيء رفعهم الاسم المعرفة الواقع بعد الأسماء المبهمة في النداء، على البيان قال سيبويه :(قال الخليل رحمه الله : إذا قلت :(يا هذا) وأنت تريد أن تقف ‏عليه، ثم تؤكده باسم يكون عطفاً عليه فأنت فيه بالخيار: إن شئت نصبت ، وان شئت رفعت ، وذلك قولك :(يا هذا زيد ) ‏وان شئت قلت :(زيداً) يصير كقولك :(يا تميم أجمعون وأجمعين.)(68)

‏والرفع في ذا الاستعمال لغة لطيء قال سيبويه :(وزعم لي بعض العرب أن يا هذا زيد كثير في كلام طيء)(69) ، وأين فعلت نصبت أم رفعت ، فلا يغير في الأمر شيء ومن الاستدلالات الأخرى التي تفصح عن التغاير في العلامة الإعرابية والمعنى لا يتحول عن وجهة ما روي عن بني تميم وبعض البكريين وأسد وهوازن رفعهم الاستثناء ، الذي ليس من نوع المذكور قبله على البدل(الاستثناء ، المنقطع ) ، والحجازيون ينصبون ذلك ، قال سيبويه في باب ما يختار فيه النصب لأن الأخير ليس من نوع الأول(70) :(وهو لغة أهل الحجاز وذلك قولك :(ما منها أحد إلا حمارا)  جاءوا ‏به على معنى : ولكن حماراً ، وكرهوا أن يبدلوا الآخر من الأول، فيصير كأنه من نوعه ، فحمل على معنى(ولكن) وعمل فيه ما قبله. وأما بنو تميم فيقولون :(لا أحد فيها إلا حماراً) أرادوا : ليس فيها إلا حمارٌ ، ولكنه ذكر(أحداً) توكيداً لأن يعلم ‏أن ليس فيها آدمي ثم أبدل ، فكأنه قال : ليس فيها إلا حماراً(71)

‏وهذا - يمثل بقول غيلان بن حريث التميمي :

‏لم يغذها الرسلُ ولا أيسارُها                  إلا طريُّ اللحم واستجزارها(72)

‏أبدل طري اللحم من الرسل(74) ، ومثله ما روي عن بعض بني تميم(75) ، لقول النابغة الذبياني الغطفاني قال :

ص174

وقفت فيها أصيلانا أسائلها            عيّت جوابا وما بالربع من احد

إلا أواري لا يا ما ابينها والنوى               كالحوض بالمظلومة الجلد(75)

والمبرد يرى أن الوجه في ذا النصب وهو إنشاد أكثر الناس(76) وعلة النصب في ذا أن الإبدال لا يصح فيه من جهة أن المستثنى ليس من جنس المستثنى منه(77) ومثل ذلك إنشادهم قول عمرو بن الأيهم ، رفعاً ، أنشدوا :

ليس بيني وبين قيس عتابٌ            غير طعن الكلى وضرب الرقاب(78)

إن إنشاد بني تميم لهذا الكلام على البدل يفصح عن طبيعة اللغة التي يتحدث بها

وما جاء على البدل من غير تميم قول الحارث بن عباد بن ضبيعة :

والحرب لا يبقى لجا                 حمها التخيل والمراح

إلا الفتى الصبار في النــــــ               ـــــنجدات والفرس والوقاح(79)

ومثله قول ضرار بن مالك بن أوس بن خريمة الأسدي :

عشية لا تغني الرماح مكانها          ولا النبل إلا المشرفي المصمم(80)

إذ جاء هذا القول في قافية مرفوعة لضرار بن مالك الأسدي قالها في يوم الردة(81)، وقد ورد الشاهد نفسه في قافية أخرى منصوب للحصين بن الحمام السّري(82) ومثل ذا قول عامر بن الحارث :

وبلدة ليس بها أنيسُ                   إلا اليعافرُ وإلا العيسُ(83)

ونقل لنا قول النابغة الذبياني الغطفاني الذي تمثل قوله بلغة أهل الحجاز قال :

ص175

‏حلفت يمينا غير ذي مثنوية           ولا علم إلا حسن طن بصاحب(84)

‏روى سيبويه هذا القول نصب ، إذ نصب ما بعد(إلا) على الاستثناء ، المنقطع لأن حسن الظن ليس من العلم ، وقد وود هذا رفعاً على البدل في خزانة الأدب(85)، وهذا ما يتناسب مع ما سجله سيبويه للنابغة(86) فيما أجري على البدل في لغة تميم. ومن المسائل النحوية التي تباينت فيها العلامة الإعرابية والمعنى واحد

‏جراء بعض بني أسد(لا) ، النافية للجنس النصب في المعرفة مجراها في النكرة

قيل إن المعارف الواقعة بعد(لا) التي للجنس مجرى النكرات في باب(لا) النافية للجنس ؛ لأنها لا تعمل في المعرفة ، وما وقع ذا الموقع يؤول على النكرة أو يكون على حذف المضاف(87) ، وقد تمثل استعمال(لا) النافية للجنس الداخلة على المعرفة بقول رجل من بني دبير(88) :

لا هئيم الليلة للمطي(89)

ومثله قول عبد الله ابن الزبير بن الأشيم بن الأعشى بن بجرة الأسدي(90) :

ارى الحجات عند ابي خبيبٍ           نكدن ولا امية بالبلاد(91) 

إن ما قيل في ذا الموضع ظاهرٌ إعمالها في المعرفة وهذا ما ثبت بالنقل عن العرب ، ومثله ما نقل عن رسول الله(ص) ، قال :(إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، واذا هلك قيصر فلا قيصر بعده)(92)

وقد تأول النحويون قول الزبير في(ولا أمية في البلاد) قالوا :(فليس كما قال ،

ص176

لأن الشاعر إنما أراد : لا أمثال أمية ولا من يسدُ مسدها..)(93) وكذلك أجروا ذلك على القول الأول : لا هيئم الليلة قالوا :(لا مُجرى ولا سائق كسوق هيئم)(94) إلا إن العمل والقول بظاهر النص اقوى من الارادة التي نسبوها الى الشاعر او التقول بلسان الراوي اللغوي وان كانتا من حيث تفسير المعاني والتراكيب أدخل في تحديد القواعد النحوية ، واذا ما اخذنا بهذه التأويلات نجد ان المباني قد اخذت موقع ما كان أصلا في التركيب وسدت مسده حكماً ومعنى ، وهذا ما يعود بنا الى ظاهر النص ، لتحقق من اصل العلامة الاعرابية

وبعد عملية التحقق والربط اللغوي بين المعاني والألفاظ وعلاقتها بالعلامات الاعرابية ، نلحظ أن عمليات الربط بين مكونات تلك التراكيب سواء في النص المنطوق أو في النص المروي أو المكتوب ، تقوم على شيكة من العلاقات المنطقية عبر العناصر اللغوية التي مثلت تلك التراكيب، وهذا ما دعى سيبويه ومن جاء بعده وحذا حذوه الى اعتماد الأساس المعياري المتمثل بالكفاءة اللغوية ، فضلاً عن اعتماده الصورة الثانية للتركيب التي وصفت بأنها لغة لقوم ما وخالفت ، أو كانت صورة أو نمطاً ثانياً في الموضوع والمعنى نفسه لكن التغاير قد تمثل في العلامات التي لم تغير من دلالة تلك التراكيب شيئاً ، والى جانب ذلك كله ، ندعوا مستعمل اللغة في اقتفاء الأثر اللغوي في كيفية نسج التراكيب النحوية التي تنسجم مع الواقع اللغوي بغض النظر عن توظيف علامات الإعراب التي لا تفصح عما سقط أو حذف من التراكيب ، كونها لا تكون دليلاً على المعنى ، لأنها قد تمثلت بحركتين مختلفتين(حركة الرفع + حركة النصب) ، والمعنى لا يتنازع أي منهما كون المعنى والدلالة قد اتضحت من خلال المباني(الألفاظ) في النص المكتوب ، أما المنطوق فإلى جانب الألفاظ ثمة دلائل تفصح عن المعاني والدلالات ، اما طبية تلك الحركات ومكانها في الحقل اللغوي ، فيتضح ذلك إذا ربطنا الأمر بتحديد علامات الإعراب كونها تفصح عن المعنى(سواء المعنى النحوي أم المعنى الصرفي) ، ومن هنا نقول إن علامات الإعراب لا يمكن أن تكون الحركات الموجودة في أواخر المباني في التراكيب اللغوية ، بل تلك الحركات الموجودة في(فاء الكلمة ، وعين الكلمة) كونها تفصح عن دلالة

ص177

‏اكبر وتميز بين المباني المتماثلة في الهيأة والشكل، ولا ابالغ أذا قلنا إن الإعراب بدلالته منوط بالمباني الصوفية دون غيرها، كونه الأساس في عملية الإبداع والابتكار اللغوي.

ص178

__________________

(1) ينظر : رأي الدكتور نجيب البهبيتي في المعلقة العربية الاولى 60:1 ، 58

(2) قيل أن العرب القدماء عرفوا بالعرب لأن لسانهم عربي ، وروى عن النبي ص انه قال :(خمسة أنبياء من العرب وهم : محمد و اسماعيل وشعيب وصالح وهود وان هذه الرواية تدل على ان اللسان العربي قديم ، وهؤلاء الانبياء عرب وكانوا يسكنون بلاد العرب نلحظ ان سلسلة الرجال بين سام وهود : قيل ان هود(ع) هو ابن شالح بن ارفخشد بن سام وعن ابن عباس : ان هودا اول من نطق بالعربية مساكن قوم هود ، كانت مساكن عاد ارض الاحقاف أي ي شمال الربع الخالي ، وهذا ما يتسق مع ما ذهب اليه بعض الباحثين في تحديد البيئة الجغرافية التي انطلقت منها الجماعات السامية فضلا عن التماثل اللغوي الذي يرجع الى اصل لغوي هو اقرب الى اللسان العربي

(3) ينظر : المدخل الى دراسة تاريخ اللغات الجزرية ، سعيد الاحمد : 16.

(4) ينظر: علم اللغة العربية مدخا تأريخي مقارن ، د. محمود فهمي حجازي، دار غريب ، القاهرة : 160

(5) ينظر: المصدر نفسه: 163 ‏.

(6) ينظر: المدخل إلى دراسة اللغات الجزرية: 68 ‏.

(7) ينظر: علم اللفة العربية: 168 ‏.

(8) the nolde ck die seitischen sprachen cleipzig 1199 pp:51 fp.

(9) ينظر : قول الدكتور هادي نهر في الأساس في فقه اللغة العربية وأرومتها ، ط(2 دار الأمل ، 2005 : 358

(10) ينظر : المقدمة لدرس لغة العرب ، للشيخ عبد الله العلايلي ، الطبعة(2. دار الجديد ، بيروت ، 1997 ، 358

(11) ينظر : الشاهد الكتابُ لابي بشر بن عمرو عثمان بن قنبر(180 هـ تحقيق : عبد السلام هارون ، عالم الكتب بيروت 208:4 وينظر : شرح أبيات سيبويه 349:2

(12) الخصائص : الخصائص ، لأبى فتح عثمان بن جني ، تح : عبد الحميد هنداوي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط(2 ، لسنة 1404 – 2003 ، 89:1 )

(13) ينظر : الايضاح في علل النحو 69 -  70

(14) ينظر : دلالة الاعراب : 21

(15) ينظر : الأمالي الشجرية 24:1

(16) ينظر : الخصائص 1: 238

(17) ينظر : اللغة العربية معناها و مبناها: 205 ‏.

‏(18) ينظر : اللسانية التحويلية: 79 ‏.

(19) ‏ينظر : المصدر نفسه: 56 ‏.

(20) ينظر: الخصائص 2: 459.

(21) ينظر: التبيان في إعراب القران للعكبري 563:2.

(22) الخصائص : 459:2

‏(23) الخصائص : 292:1.

(24) شرح كتاب سيبويه للرماني:15:2، نقلا عن دلالة الاعراب : 49.

(25) ينظر : دروس في علم الاصوات العربية : 173.

(26) ينظر : التطور اللغوي التاريخي‏ : 56 – 57.

(27) مغني اللبيب: 165:2.

(28) ينظر: لسان العرب : 427:3.

(29) ينظر: كتاب العين: 428:3.

(30) ينظر: لسان العرب: 428:3.

(31) ينظر: كتاب العين: 313:5.

(32) ينظر: لسان العرب: 242:6‏.

(33) ينظر: المصدر نفسه : 241:6.

(34) ينظر : المصدر نفسه : 243:6.

(35) ينظر : التبيان : 22:3

‏(36) معجز احمد : 57:2‏.

‏(37) ينظر : التبيان : 304:1.

‏(38) ينظر : النظام: 434:6.

‏(39) ينظر: دراسات في علم اللغة : 22 ‏.

(40) ديوانه: 1: .291

(41) التبيان: 137:1.

(42) ينظر: كتاب سيبويه : 454:1.

(43) ينظر: شرح الشاهد في شرح ابيات سيبويه : 269:1.

(44) ينظر : الشاهد في كتاب سيبويه : 67:1.

(45) الكتاب : 67:1 – 68

(46) ينظر : قول عبد القادر البغدادي في خزانته : 260:2.

(47) ينظر : وصف اللغة العربية : 296

(48) ينظر: دلائل الاعجاز: 42‏.

(49) الخصائص: 180:2.

(50) معاني القرآن للفراء : 28:2

(51) ينظر : المصدر نفسه 28:2

(52) المصدر نفسه 319:1

(53) المصدر نفسه 319:1 ، وهمع الهوامع 118:3.

(54) ينظر : المصدر نفسه 319:1

(55) الكتاب 320:1 ، الكشاف : 10:3 ، همع الهوامع 111:3

(56) الكتاب 320:1 ، والمقتضب 225:3 ، وارتشاف الضرب من لسان العرب ، لأبى حيان الأندلسي(ت 745 هـ تح : د. رجب عثمان محمد ، مكتبة الخانجي ، ط(1 لسنة 1418-1998 : 1087:3

(57) المصدر نفسه 320:1.

(58) الكتاب 321:1

(59) شرح أبيات سيبويه 318:1

(60) الكتاب 83:2

(61) المصدر نفسه 83:2 ، معاني القرآن 2 : 2 ، إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس 177:2

(62) ينظر : الكشاف 2 : 388

(63) الكتاب 83:2.

(64) إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس 177:2.

(65) الكتاب 84:2 وينظر : الإنصاف في مسائل الخلاف : م(104 ، 725:2).

(66) ينظر : الأمالي الشجرية 255:2 ، وهمع الهوامع 53:2.

(67) الكتاب 84:2 ، الأمالي الشجرية 255:2، الإنصاف في مسائل الخلاف: م(104 ، 2: 725 ، وبعد.

(68) الكتاب 192:2 ، ينظر : ارتشاف الضرب 2202:4.

(69) الكتاب 192:2.

(70) الكتابُ 319:2.

(71) المصدر نفسه 319:2 – 320.

(72) المصدر نفسه 324:2 ، والشاهد منسوب في شرح أبيات سيبويه 110:2.

(73) شرح أبيات سيبويه 110:2.

(74) الكتابُ 320:2.

(75) المصدر نفسه 321:2 ، والمقتضب 414:4.

(76) المقتضب 414:4.

(77) شرح الكافية 69:2 ، وشرح التصريح 547:1

(78) الكتاب 323:2

(79) الكتاب 323:2

(80) الكتاب 325:2 ، والشاهد منسوب في شرح أبيات سيبويه 128:2 ، وخزانة الأدب 318:3

(81) ينظر : المصدر نفسه 325:2 خزانة الأدب 318:3 – 323

(82) خزانة الأدب 318:3 – 323

(83) الكتابُ 322:2 ، وينظر : شرح التصريح 547:1

(84) المصدر نفسه : 322:2 ، وشرح ابيات سيبويه 51:2

(85) ينظر : خزانة الأدب 327:3

(86) يرى الدكتور عبد العال سالم مكرم أن مرجع الخلاف في نصب قول النابغة راجع الى الخلاف القبلي في رواية الشاهد بن التميمين والحجازيين ينظر : قوله مفصلاً في شواهد سيبويه من المعلقات في ميزان النقد : 103 – 105

(87) ينظر : الكتاب : 296:2 ، والمقتضب 362:4 – 363 ، وشرح جمل الزجاجي 166:2

(88) ينظر : الدرر اللوامع على همع الهوامع 213:2 ، وخزانة الأدب 59:2

(89) الكتاب 296:2 ، 61:4 وشواهد الشعر في كتاب سيبويه : 284

(90) ينظر : المصدر نفسه 264:2 ، 61:4 وشواهد الشعر في كتاب سيبويه : 284

(91) الكتاب 297:2 ، وينظر : الأمالي الشجرية 239:1

(92) ينظر : ارتشاف الضرب 1307:3 ، همع الهوامع 195:2

(93) المقتضب 363:4 ، الأصول في النحو 382:1 – 383

(94) ينظر : شرح الكافية 136:2.




هو العلم الذي يتخصص في المفردة اللغوية ويتخذ منها موضوعاً له، فهو يهتم بصيغ المفردات اللغوية للغة معينة – كاللغة العربية – ودراسة ما يطرأ عليها من تغييرات من زيادة في حروفها وحركاتها ونقصان، التي من شأنها إحداث تغيير في المعنى الأصلي للمفردة ، ولا علاقة لعلم الصرف بالإعراب والبناء اللذين يعدان من اهتمامات النحو. واصغر وحدة يتناولها علم الصرف تسمى ب (الجذر، مورفيم) التي تعد ذات دلالة في اللغة المدروسة، ولا يمكن أن ينقسم هذا المورفيم الى أقسام أخر تحمل معنى. وتأتي أهمية علم الصرف بعد أهمية النحو أو مساويا له، لما له من علاقة وطيدة في فهم معاني اللغة ودراسته خصائصها من ناحية المردة المستقلة وما تدل عليه من معانٍ إذا تغيرت صيغتها الصرفية وفق الميزان الصرفي المعروف، لذلك نرى المكتبة العربية قد زخرت بنتاج العلماء الصرفيين القدامى والمحدثين ممن كان لهم الفضل في رفد هذا العلم بكلم ما هو من شأنه إفادة طلاب هذه العلوم ومريديها.





هو العلم الذي يدرس لغة معينة ويتخصص بها – كاللغة العربية – فيحاول الكشف عن خصائصها وأسرارها والقوانين التي تسير عليها في حياتها ومعرفة أسرار تطورها ، ودراسة ظواهرها المختلفة دراسة مفصلة كرداسة ظاهرة الاشتقاق والإعراب والخط... الخ.
يتبع فقه اللغة من المنهج التاريخي والمنهج الوصفي في دراسته، فهو بذلك يتضمن جميع الدراسات التي تخص نشأة اللغة الانسانية، واحتكاكها مع اللغات المختلفة ، ونشأة اللغة الفصحى المشتركة، ونشأة اللهجات داخل اللغة، وعلاقة هذه اللغة مع أخواتها إذا ما كانت تنتمي الى فصيل معين ، مثل انتماء اللغة العربية الى فصيل اللغات الجزرية (السامية)، وكذلك تتضمن دراسة النظام الصوتي ودلالة الألفاظ وبنيتها ، ودراسة أساليب هذه اللغة والاختلاف فيها.
إن الغاية الأساس من فقه اللغة هي دراسة الحضارة والأدب، وبيان مستوى الرقي البشري والحياة العقلية من جميع وجوهها، فتكون دراسته للغة بذلك كوسيلة لا غاية في ذاتها.





هو العلم الذي يهتم بدراسة المعنى أي العلم الذي يدرس الشروط التي يجب أن تتوفر في الكلمة (الرمز) حتى تكون حاملا معنى، كما يسمى علم الدلالة في بعض الأحيان بـ(علم المعنى)،إذن فهو علم تكون مادته الألفاظ اللغوية و(الرموز اللغوية) وكل ما يلزم فيها من النظام التركيبي اللغوي سواء للمفردة أو السياق.



العتبة العباسية تختتم فعاليات حفل سنّ التكليف الشرعي المركزي لطالبات المدارس في كربلاء
العتبة العباسية تكرم المساهمين بنجاح حفل التكليف الشرعي للطالبات
ضمن فعاليات حفل التكليف الشرعي.. السيد الصافي يلتقط صورة جماعية مع الفتيات المكلفات
حفل الورود الفاطمية يشهد عرضًا مسرحيًّا حول أهمية التكليف