أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2016
9588
التاريخ: 21-7-2016
6547
التاريخ: 21-7-2016
7870
التاريخ: 2-8-2016
4003
|
الإعراب مَعْلَمٌ من معالم العربية، ومفخرة من مفاخرها.
وإنكاره ظاهرة غريبة، وقضية تستحق الوقوف عندها وبيان خطرها، وصد عاديتها.
وقبل ذلك يحسن الوقوف على معنى الإعراب، وبيان أهميته، وكلام العلماء عليه، ثم يكون الحديث عن إنكاره، والرد على هذا الإنكار.
معنى الإعراب:
أ_ الإعراب في اللغة: أصل هذه المادة: (عرب) قال ابن فارس رحمه الله: (العين والراء والباء أصول ثلاثة: أحدها: الإبانة(1) والإفصاح، والآخر: النشاط وطيب النفس، والثالث: فساد في جسم أو عضو.
فالأول أعرب الرجل عن نفسه: إذا بين وأوضح)(2).
وقال: (إعراب الكلام _أيضاً_ من هذا القياس؛ لأن بالإعراب يفرق بين المعاني في الفاعل، والمفعول، والنفي، والتعجب، والاستفهام، وسائر أبواب هذا النحو من العلم)(3).
ص405
ب_ الإعراب في الاصطلاح: (أثر ظاهر أو مقدر يجلبه العامل في آخر الكلمة)(4).
والمراد بالأثر ما يحدثه العامل من الحركات الثلاث أو السكون، وما ينوب عنها.
وبالظاهر: ما يلفظ به، وبالمقدر: ما يُنوى من ذلك كالضمة، والفتحة، والكسرة من نحو: الفتى، والنون في مثل: (لتبلون)(5).
ويراد بالكلمة: الاسم والفعل المعربان.
ج_ معنى البناء: هو لزوم آخر الكلمة حالة واحدة مثل: هلْ، وقامَ، وأمسِ، ومنذُ(6).
أهمية الإعراب وأقوال العلماء فيه:
يرى علماء العربية وجميع النحاة إلا من شذ منهم أهمية الإعراب، وأن لعلاماته وألقابه دلالاتٍ معينةً، وأغراضاً معنوية؛ فهي تدل على المعاني المختلفة التي تعتور الأسماء من فاعلية، أو مفعولية، أو غير ذلك.
وأقوالهم في ذلك كثيرة جداً، وهذه نبذة من أقوال بعض العلماء:
1_ قال ابن قتيبة 176_213هـ رحمه الله: (ولها _يعني العرب_ الإعراب الذي جعله الله وشياً لكلامها، وحليةً لنظامها، وفارقاً في بعض الأحوال بين الكلامين المتكافئين، والمعنيين المختلفين، كالفاعل والمفعول، لا يفرق بينهما إذا تساوت
ص406
حالاهما في إمكان الفعل أن يكون لكل واحد منهما _ إلا بالإعراب.
ولو أن قائلاً قال: (هذا قاتلٌ أخي) بالتنوين، وقال آخر: (هذا قاتلُ أخي) بالإضافة _ لدل التنوين على أنه لم يقتله، ودل حذف التنوين على أنه قد قتله)(7).
2_ وقال أبو القاسم الزجاجي ت337هـ رحمه الله: (فإن قال قائل: قد ذكرت أن الإعراب داخل في الكلام فما الذي دعا إليه، واحتيج إليه من أجله؟
فالجواب: أن يقال: إن الأسماء لما كانت تعتورها المعاني, وتكون فاعلة ومفعولة، ومضافة، ومضافاً إليها، ولم يكن في صورها، وأبنيتها أدلة على هذه المعاني، بل كانت مشتركة _ جُعِلَتْ حركات الإعراب فيها تنتبئ عن هذه المعاني، فقالوا: ضرب زيد عمراً، فدلوا برفع زيد على أن الفعل له، وبنصب عمرو على أن الفعل واقع به.
وقالوا: ضُرب زيدٌ؛ فدلوا بتغيير أول الفعل، ورفع زيد على أن الفعل ما لم يسمَّ فاعلُه، وأن المفعول قد ناب منابه.
وقالوا: هذا غلام زيد؛ فدلوا بخفض زيد على إضافة الغلام إليه.
وكذلك سائر المعاني جعلوا هذه الحركات دلائل عليها؛ ليتسعوا في كلامهم، ويقدموا الفاعل إذا أرادوا ذلك، أو المفعول عند الحاجة إلى تقديمه، وتكون
ص407
الحركات دالةً على المعاني)(8).
ويقول رحمه الله: (وأصل الإعراب للأسماء، وأصل البناء للأفعال والحروف؛ لأن الإعراب إنما يدخل في الكلام؛ ليفرق بين الفاعل والمفعول، والمالك والمملوك، والمضاف والمضاف إليه، وسائر ذلك ما يعتور الأسماء من المعاني.
وليس شيء من ذلك في الأفعال ولا في الحروف)(9).
وقال: (ويسمي النحويون الحركات اللواتي تعتقب في أواخر الأسماء والأفعال الدالة على المعاني إعراباً؛ لأنها بها يكون الإعراب أي: البيان)(10).
وقد سبق في تعريف الإعراب كلام ابن فارس عن الإعراب.
وقال _أيضاً_ رحمه الله: (من العلوم الجليلة التي خُصت بها العربُ الإعرابُ الذي هو الفارق بين المعاني المتكافئة في اللفظ، وبه يعرف الخبر الذي هو أصل الكلام.
ولولاه ما مُيِّز فاعل من مفعول، ولا مضاف من منعوت، ولا تعجُّبٌ من استفهام، ولا صَدْر من مصدر، ولا نعتٌ من تأكيد)(11).
وقال رحمه الله: (فأما الإعراب فبه تميز المعاني، ويوقف على أغراض المتكلمين؛
ص408
وذلك أن قائلاً لو قال: (ما أحسنْ زيدْ) غير معرب، أو (ضرب عمرْ زيد) غير معرب لم يوقف على مراده.
فإذا قال: (ما أحسن زيداً) أو (ما أحسنُ زيدٍ) أو (ما أحسنَ زيدٌ) أبانَ الإعراب عن المعنى الذي أراده.
وللعرب في ذلك ما ليس لغيرها؛ فهم يفرقون بالحركات وغيرها بين المعاني)(12).
وقال ابن جني: (باب القول على الإعراب: هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ؛ ألا ترى أنك إذا سمعت: أكرم سعيدٌ أباه، وشكر سعيداً أبوه _ علمت برفع أحدهما، ونصب الآخر الفاعلَ من المفعولِ، ولو كان الكلام شَرْجاً(13) واحداً لاستبهم أحدهما من صاحبه.
فإن قلت: فقد تقول ضرب يحيى بُشْرَى، فلا تجد هناك إعراباً فاصلاً، وكذلك نحوه _ قيل: إذا اتفق ما هذه سبيله مما يخفى في اللفظ حاله، أُلزِم الكلامُ من تقديم الفاعل، وتأخير المفعول ما يقوم مقام بيان الإعراب.
فإن كانت هناك دلالة أخرى من قِبَل المعنى وقع التصرف فيه بالتقديم والتأخير؛ نحو أكل يحيى كمثرى _ لك أن تقدم وأن تؤخر كيف شئت، وكذلك ضربتْ هذا هذه، وكلم هذه هذا، وكذلك إن وضح الغرض بالتثنية أو الجمع جاز لك التصرف نحو قولك: أكرم اليحييان البُشرَييْنِ، وضرب البُشَريين
ص409
اليحيون، وكذلك لو أومأت إلى رجل وفرس، فقلت: كلم هذا هذا فلم يجبه لجعلت الفاعل والمفعول أيهما شئت؛ لأن في الحال بياناً لما تعني.
وكذلك قولك: ولَدَتْ هذه هذه، من حيث كانت حال الأم من البنت معروفة غير منكورة.
وكذلك إن ألحقت الكلام ضرباً من الإتباع جاز لك التصرف لما تُعقِب من البيان، نحو ضرب يحيى نفسَه بُشرى، أو كلم بشرى العاقلَ مُعلَّى، أو كلم هذا وزيداً يحيى.
ومن أجاز قام وزيد عمرو لم يُجِزْ ذلك في نحو (كلم هذا وزيد يحيى) وهو يريد كلم هذا يحيى وزيد، كما يجيز (ضرب زيداً وعمرو جعفر))(14).
وهكذا يتبين لنا أن العلماء القدماء يتفقون على أهمية الإعراب، وضرورته، ويبينون أن الجملة لو كانت غُفْلاً من الإعراب لاحتملت معاني عدة؛ فإن أعربت نصَّت على معنى واحد[1]-الصاحبي ص143.
[1]_ الشرج: النوع والضرب.
[1]-الخصائص لابن جني 1/89.
[1]-انظر فصول في فقه العربية ص328.(15).
وقد تبعهم في ذلك أكثر المحدثين، ومنهم المستشرقون؛ فكثير منهم أقر بأن الإعراب هو المميز للغة.
ص410
________________
(1) في المقاييس تحقيق الأستاذ عبدالسلام هارون: (الإنابة) وهذا خطأ واضح.
(2) (3) معجم مقاييس اللغة 4/ 299_300.
(4) هذا تعريف ابن هشام، انظر ضياء السالك إلى أوضح المسالك 1/ 49.
(5) (6) انظر ضياء السالك 1/ 49_50.
(7) تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ص14.
(8) الإيضاح على علل النحو للزجاجي ص69، وانظر الأشباه والنظائر للسيوطي 1/ 78، وانظر فصول في فقه العربي د. رمضان عبدالتواب ص327.
(9) كتاب الجمل في النحو للزجاجي ص260.
(10) كتاب الجمل في النحو ص261-262.
(11) الصاحبي ص43.
(12) الصاحبي ص143.
(13) الشرج: النوع والضرب.
(14) الخصائص لابن جني 1/ 89.
(15) انظر فصول في فقه العربية ص328.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|