أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-7-2016
1430
التاريخ: 17-7-2016
9770
التاريخ: 16-7-2016
4793
التاريخ: 17-7-2016
1254
|
اختلف العلماء كثيراً حول تحديد المكان الأول الذي عاش فيه الساميون، وسلكوا للإجابة عن السؤال مسالك متعددة، وخرجوا بآراء مختلفة تبعاً للمنهج الذي اعتمدوه في بحث المسألة، ومن أشهر ما قيل في ذلك:
1_ رأى بعض الباحثين أن يكون شمال أفريقيا أو بلاد الحبشة _ الموطن الأول للساميين، وأنهم نزحوا منها إلى جنوبي الجزيرة عن طريق باب المندب.
وقد استندوا في ذلك على ما لاحظوا من أوجه التشابه بين الحاميين والساميين، وإلى وجود أوجه بين اللغات السامية والحامية.
وهذه النظرية لا تستند على أسس قوية؛ فقد اعتُرِضَ عليها بأن التشابه بين السامية والحامية محدود، وأنه لم يكن للغات السامية وجود أو أثر يذكر عند الفتوح الإسلامية لشمال أفريقيا مما ينفي كون تلك المناطق مهداً للساميين.
2_ واعتمد بعض العلماء على المأثورات الدينية؛ ففي قصة الطوفان أن السفينة رست عند منابع دجلة والفرات، فرأى بعض العلماء أن مرتفعات كردستان، أو بلاد أرمينية هي المكان المقصود، وافترضوا أن تكون موطناً للساميين.
ص97
وبناء على هذه النظرية فإن الموطن الأول للغات كلها هو ذلك المكان.
ولكن أصحاب النظرية يقولون: إن (حام) طرد، وأن (يافث) انطلق إلى مكان آخر، ولم يبق هناك إلا (سام) والنظرية _كما يبدو_ تعتمد على تصورات لا تستند كثيراً إلى الواقع؛ لذا لم يكتب لها الرواج كسابقتها.
3_ وافترض بعض العلماء أن تكون بلاد كنعان _الشام_ الموطن الأول للساميين، واعتمدوا في ذلك على دراسة الأساطير، والمأثورات الشعبية.
ولكن العلماء يعترضون على هذه النظرية بأن الانتقال من بلاد الشام الخصيبة إلى أرض الجزيرة انتقال شاق لا داعي له، وأن تلك الهجرات التي تمت في القرن الرابع ق.م تحتاج إلى الإبل التي ثبت أنها لم تستأنس إلا في الألف الثالث ق.م.
4_ ونظرية رابعة ترى أن سهول العراق وما بين النهرين هي البيئة الأولى التي نشأ فيها الساميون، وأول من قال بهذا الرأي العالم الإيطالي (جويدي) وتابعه على ذلك جماعة من العلماء.
وحجة جويدي في ذلك لغوية؛ فقد وجد أن كلمة (نهر) معروفة في كل اللغات السامية بنفس اللفظ على حين تختلف كلمة (جبل) من لغة سامية إلى أخرى، كما لاحظ أن كثيراً من أسماء النباتات والحيوانات تشبه ما يوجد في البابلية الآشورية التي كانت في العراق أكثر مما تشبه العربية، واستخلص من ذلك أن يكون الساميون قد عاشوا في سهول العراق.
وبخاصة إذا عرفنا أن البابلية الآشورية لها نصوص مكتوبة منذ الألف الرابع ق. م، وهي أقدم كتابات سامية.
ص80
والاعتراضات الموجهة إلى هذه النظرية قائمة على أساس أن تاريخ العراق معروف قبل البابليين عن طريق النقوش السومرية، والسومريون ليسوا ساميين، وأن أحد ملوك الساميين في العراق، وهو الملك الأكادي سرجون الأول 2600ق.م _ كتب عن أصله في نقش مشهور ما يفهم منه أنه وعشيرته قدموا إلى بلاد الرافدين من جزيرة العرب.
أما الألفاظ اللغوية فقد تكون مستعارة من لغات غير سامية، وقد يكون الساميون عرفوا النهر قبل أن يعرفوا الجبل، ولكن ليس من الضرورة أن يكون دجلة أو الفرات.
5_ أما أشهر الآراء وأرجحها فهو القائل إن شبه الجزيرة العربية هي الموطن الأول للساميين، وقد مال إلى هذا الرأي كثير من المستشرقين، واستندوا في ذلك إلى عدة أدلة منها:
أ_ المسكن: فأكثر المناطق التي حُددت على أنها الوطن الأول للساميين كانت مسكونة بشعوب غير سامية، على حين لا يُعرف قومٌ غير الساميين سكنوا جزيرة العرب.
ب_ الهجرات: فالتاريخ يتحدث عن هجرات كانت تنطلق من جزيرة العرب إلى بلاد الشام والعراق، ولم يذكر عكس ذلك، وقد استمرت تلك الهجرات حتى غمر المهاجرون أرض العراق والشام وأفريقيا.
والنقوش السومرية تبين أن بلاد سومر كانت مهددة دائماً بهجرات قبائل تأتي من الجهات الجنوبية والجنوبية الغربية.
ص81
ج_ ملائمة بلاد العرب: فقد ذكر بعض العلماء أن بلاد العرب كانت في العصور القديمة كثيفة بالسكان، خصبة الأرض، موفورة الخيرات، تخترقها عدة أنهر، وأنه على أثر بعض الظواهر الجيلوجية فقدت تلك المناطق خصبها، فنزح أكثر سكانها إلى مناطق أخرى.
وقد عرف العرب السدود والأنهار، وقصص القرآن الكريم تحدثنا عن (سبأ) و(عاد) و(ثمود) وغيرهم كما تحدثنا عن القصص الدينية والروايات التاريخية عن كثير من الأمم التي سكنت جزيرة العرب، وكانوا يعيشون في رغد من العيش، وأن الله _تعالى_ انتقم من كثير منهم لكفرهم بنعم الله _تعالى_ .
د_ أن العرب أقرب الشعوب إلى السامية: فالمستشرقون يرون أن أقرب الشعوب إلى الساميين لغة، وخلقاً هم العرب، الذين بقوا في أرضهم ولم يختلطوا كثيراً مع غيرهم، وأن كثيراً من الألفاظ السامية يعبر عن عقلية تعتمد على المشاهدات الحسية التي تنشأ في الصحراء.
هذه الأدلة دفعت بكثير من العلماء إلى الأخذ بهذا الرأي، وإلى افتراض أن أقدم موطن للساميين هو جزيرة العرب، أو أنها أقدم موطن عرف للساميين، بمعنى أنه لا يستبعد أن يكونوا قد نزحوا إليها من مكان آخر في فترة موغلة في القدم =(1).
ص82
_____________________
(1) انظر تاريخ آداب العرب 1/74_75، وفقه اللغة د. علي وافي ص9_13و30_34، وفقه اللغة د. إميل يعقوب ص110_111، ومولد اللغة 60_61، ومحاضرات أ.د. علي البواب على طلاب كلية اللغة العربية.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|