سند بن علي

هو سند بن علي أبو الطيب والمعروف بسند بن علي المنجم، عاش في بغداد ولا نعرف متى ولد، ولكنه كان موجودا سنة 235هـ (الموافق 850م) تقريبا. وهو من كبار علماء العرب والمسلمين في علم الفلك، يعتبر من أوائل علماء العرب والمسلمين الذين عملوا جداول فلكية تتعلق بحركة النجوم (الزيج)، وله دور مرموق في مجال علم حساب المثلثات.

نال سند بن علي شهرة عظيمة بين معاصريه في علم الهيئة وعمل الازياج، حيث كان من كبار المتخصصين بعلم النجوم وعمل الاسطرلابات، لذا قربه المأمون منه قبل اسلامه، لكي يستفيد منه في الترجمة والنقل والتأليف في مجال علمي الفلك والرياضيات، واستطاع الخليفة المأمون بحكمته ان يقنع سند بن علي ان يترك دينه المهلهل (اليهودية) وان يعتنق الإسلام الذي تميز بالتسامح مع الأديان كلها، وفعلا اسلم سند بن علي وصار يدافع عن الإسلام بكل ما يملك من قوة.

اهتم سند بن على في دراسة هندسة اقليدس، فتعلمها وفهمها فهما رائعا، فعلق على كتاب أصول الهندسة لاقليدس تعليقا اكاديميا ينم عن معرفة واسعة في حقل علم الهندسة، وفعلا صار كتاب أصول الهندسة لاقليدس من المراجع النادرة والضرورية للباحثين في ميدان علم الهندسة المستوية والفراغية. والجدير ذكره ان كتاب أصول الهندسة لاقليدس كان من اهم المراجع الذي اعتمد عليه علماء العرب والمسلمين في هذا المجال، ولذا فقد ترجم هذا الكتاب هذا ونقح عدة مرات، فكان لسند بن علي اليد الطولى في هذا المشروع.

ويعتبر المؤرخون للعلوم ان سند بن علي في صف ابي الوفاء البوزجاني وابي القاسم الانطاكي، اللذين يعدان من عظماء علماء العرب والمسلمين في العلوم التجريبية وخاصة علم الفلك/ كما يلزم القارئ ان يعرف ان سيد بن علي كان صاحب حرمة وافرة ومنزلة مرموقة عند الخليفة المأمون، ويظهر ذلك واضحا وجليا عندما عين سند بن على المشرف على جميع المراصد في الدولة الإسلامية.

على الرغم من ان الخليفة أبا جعفر المنصور (المتوفي سنة 158هـ) اول من اهتم بعلم الهيئة، الا ان الخليفة المأمون (المتوفي سنة 218هـ) اول من انشا دار الرصد في الشماسية ودعمها بالمال والعلماء في علم الفلك والطبيعيات وعلى راسهم سند بن علي .

عكف أبو الطيب سند بن علي على التأليف كغيره من علماء العرب والمسلمين، ولكن نتاجه تميز بغزارته العلمية واصالته، مع الدقة والتنظيم المدهش فجمع في مؤلفاته حكمة المفكرين القدماء من علماء العرب والمسلمين واليونان والهنود والفرس وغيرهم ومن مؤلفاته:

1- كتاب المفصلات والمتوسطات.

2- كتاب القواطع.

3- كتاب الحساب الهندي.

4- كتاب الجمع والفريق.

5- كتاب الجبر والمقابلة.

ويظهر لنا من قائمة مؤلفات ابي الطيب سند بن علي آنفة الذكر، انه كتب ليس فقط في علمي الفلك والهندسة الاقليدسية، ولكنه أيضا صنف في مجال علم الحساب والجبر والمقابلة، فهو في الحقيقة يجب ان نضمه الى قائمة كبار علماء العرب والمسلمين في العلوم الرياضية.

وخلاصة القول: لا اعتقد ان عالما مرموقا أصابه الإهمال كسند بن علي، علما انه عمل ارصادا فلكية في غاية الدقة والاتقان، بقيت من اهم روافد المعرفة في علم الهيئة عند علماء الغرب، كما ان اعماله الرياضية تدل على سعة اطلاعه في الهندسة المستوية والفراغية والحساب والجبر والمقابلة، ولذا فهو من الرواد الأوائل في هذه المجلات الحيوية.

لا اخفي عليكم أيها القراء الأعزاء انني اندهشت كثيرا عندما كنت اقرا في كتاب تاريخ الرياضيات لديفيد يوجين سمث، واذا به يستعرض بإيجاز نتاج سند بن علي العلمية وخاصة في علم المثلثات، بينما لم اجد في المؤلفات والمعاجم العربية الا الشذرات القليلة المتكررة عنه هنا وهناك، من ذلك نستنتج ان علماء الغرب عرفوا فضل عالمنا المسلم سند بن علي قبل أبناء جلدته، ولا استبعد ابدا ان هذه الترجمة المختصرة جدا هي الأولى من نوعها لهذا الرائد العظيم.

هذا ما استطعت شخصيا الحصول عليه من اسهامات سند بن علي بعد التنبيش الطويل والجهد المرهق في كثير من المصادر العربية والأجنبية، ولعل هذه السيرة القصيرة لابي الطيب سيند بن علي تكون محركا وحافزا لشباب امتنا العربية والإسلامية ان يدرسوا إنجازات هذا النابغة لكي يزيلوا الغيوم المحيطة به.