أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-12-2019
2335
التاريخ: 3-8-2017
11240
التاريخ: 8-5-2016
2669
التاريخ: 9-3-2017
5447
|
ظهرت بعض النظريات التي حاولت إيجاد حلول لمشكلة تحديد زمان ومكان انعقاد العقد بطريقة خاصة. وتنوعت هذه النظريات ما بين محاولة للفصل ما بين زمان العقد ومكانه (النظريات الثنائية)، وما بين محاولة للفصل ما بين انعقاد العقد ولزومه، وما بين محاولة للفصل ما بين انعقاد العقد ونفاذه، ومن جانبنا سنستعرض هذه النظريات لعلها تساعدنا في الوصول إلى الاتجاه أو النظرية الراجحة لحل مشكلة تحديد زمان ومكان انعقاد العقد في مجلس العقد الحكمي.
1-النظريات الثنائية(1):- ويقصد بها تلك النظريات التي تقوم بتحديد زمان انعقاد العقد ومكانه كلٌ على حدة، وقد قال بمضمون هذه النظريات الأستاذان مالوري وشيفاليه(2).وتتمثل هذه النظريات بالآتي(3):-
أ-نظرية مالوري: ويتمثل الرأي في هذه النظرية بأنه يجب الفصل ما بين زمان انعقاد العقد ومكانه، فيكون حل مسألة زمان انعقاد العقد حلاً مختلفاً عن الحل الواجب إتباعه في مسألة مكان انعقاد العقد، ففيما يتعلق بتحديد زمان انعقاد العقد، يجب الأخذ بنظرية استلام القبول (الوصول)، أما فيما يتعلق بمكان انعقاد العقد فيجب الأخذ بنظرية تصدير القبول.
ب-نظرية شيفاليه: ويتمثل الرأي في هذه النظرية، بالأخذ بالفكرة نفسها التي أخذت بها النظرية السابقة (نظرية مالوري)، وهي الفصل ما بين زمان انعقاد العقد ومكانه، إلا أنها ترى وجوب الأخذ بنظرية العلم بالقبول فيما يتعلق بتحديد زمان انعقاد العقد، وأما فيما يتعلق بمكان انعقاد العقد، فيرى الأستاذ شيفاليه، أنه المكان الذي أرسل إليه الإيجاب (مكان القابل)، أما إذا كان المراد معرفته هي القواعد التي تنطبق على صحة التعاقد أو تفسير العقد، فعند سكوت الطرفين يجب الرجوع إلى مكان الإرسال الذي انطلقت منه المبادرة التعاقدية (سواء أكانت إيجاباً أم دعوة إلى التعاقد).
2-نظرية الفصل ما بين انعقاد العقد ولزومه. حاول البعض من الشراح(4). أيجاد حل لمشكلة تحديد زمان ومكان انعقاد العقد عن طريق الفصل ما بين انعقاد العقد ولزومه. واللزوم معناه أن لا يستطيع أحد الطرفين بعد انعقاد العقد التحلل من قيده ما لم يتفقا على الإقالة، فالعقد رابطة تقيد المتعاقدين، وأن إرادة أحد الطرفين لا تستطيع فسخ العقد ولا تعديله. واللزوم فكرة أساسية ضرورية في العقود، ولولاها لفقد العقد أهم مزاياه في بناء الأعمال والحياة(5). وبعد أن استعرض أصحاب هذا الاتجاه النظريات التي قيلت بصدد تحديد زمان ومكان انعقاد العقد توصلوا إلى نتيجة مفادها أن العقد ينعقد في مجلس العقد الحكمي في لحظة إعلان القبول، إلا أنه لا يكون لازماً إلا من وقت علم الموجب بالقبول. ويستطرد أصحاب هذه النظرية في ترجيحهم لهذا الاتجاه، بإجراء مقارنة على نظريتي الإعلان والعلم وتصريحهم بأن "المآخذ الجدية التي تلحق بنظريتي العلم والإعلان، تدعونا إلى التخلي عن كلتا النظريتين بوضعهما المعيب، فلا نظرية العلم بمصيبة في أرجاء انعقاد العقد ولزومه إلى حين علم الموجب بالقبول، ولا نظرية الإعلان أيضاً بمصيبة في تعجيلها بالبتات في أمر انعقاد العقد ولزومه، بمجرد إعلان القبول. فمن الخير إذاً البحث في أيجاد حل يؤخر هذه السرعة، ويعجل ذلك البطء، وأن الحل الصحيح في حل هذه المشكلة هو في الفصل بين انعقاد العقد ولزومه. وذلك بالعمل على تعجيل انعقاد العقد بحيث يكفي لانعقاده مجرد إعلان القبول، وهذا هو وجه الحق في نظرية الإعلان، وتأخير لزوم العقد، بحيث لا يكفي وجود شطريه لكي يغدو لازماً بل لا بد لهذا اللزوم من التقاء الشطرين وعلم الموجب بالقبول، وهذا هو وجه الصواب في نظرية العلم. وبالتالي فإن هذا التعليل يتيح لنا الحصول على فائدة مزدوجة وهي تلافي مثالب نظريتي العلم والإعلان، والحفاظ على جوهر نظرية الإعلان باعتبارها تراثاً إسلامياً واجب الاحترام(6). وتجدر الإشارة إلى أن هذه النظرية تتشابه مع النظريات التقليدية من حيث أن مكان انعقاد العقد يتحدد تبعاً لتحديد زمان انعقاده.
3-النظرية المختلطة. وهي نظرية وسط ما بين نظرية العلم بالقبول ونظرية التصدير، ففيها لا يعد العقد تاماً إلا من وقت علم الموجب بالقبول، فإذا حصل العلم يعتبر مفعول العقد سارياً منذ تصدير القبول(7). بمعنى أن هذه النظرية تقوم على أساس الفصل ما بين اللحظة التي يتحدد بها زمان ومكان انعقاد العقد في مجلس العقد الحكمي، وما بين اعتبار هذا العقد منتجاً لأثاره القانونية ما بين المتعاقدين والغير، إذ أن العقد بعد انعقاده بالتصدير، يبقى معلقاً على شرط واقف هو وصول الرد بالقبول إلى علم الموجب قبل انقضاء الوقت المناسب الذي يكفي عادة لوصوله إليه، أو قبل انقضاء الأجل الذي يكون الموجب قد حدده للقبول، فلو تحقق الشرط، ووصل الرد بالقبول في الوقت المناسب، أو داخل الأجل قام العقد بصورة نهائية وأنتج أثاره منذ تصدير القبول(8).
_______________________
1- أطلق هذه التسمية الأستاذ الدكتور عباس زبون عبيد العبودي.
ينظر- أستاذنا الدكتور عباس زبون العبودي، المصدر السابق، ص148.
2- يشير الأستاذ شيفاليه إلى أنه "ليس من المحتم أن تنشأ التزامات كل من المتعاقدين في وقت واحد، فكل منهما يمكن أن ينشأ التزامه بمجرد إصدار إرادته، كما في حالة الموجب الذي يلتزم بأيجابه قبل حصول القبول، أي قبل تمام العقد ....... وعلى ذلك فإنه يستحيل وضع وقت واحد لنشأة التزامات كل من الموجب والقابل، لأن التزامات أحدهما تنشأ في وقت أخر غير الوقت الذي تنشأ فيه التزامات الثاني".
ينظر – شيفاليه، محاضرات في معهد الحقوق الفرنسي، بيروت، ص52-57.
نقلاً عن: د.عبد الرحمن عياد، أساس الالتزام العقدي، المكتب المصري الحديث للطباعة والنشر، الإسكندرية، 1972م، ص280-281.
3- هذه النظريات هي نقلاً عن: أستاذنا الدكتور عباس زبون العبودي، المصدر السابق، ص148-149.
4- محمد وحيد الدين سوار، التعبير عن الإرادة، المصدر السابق، ص124.
5- د.مصطفى الزرقا، المدخل الفقهي العام، المصدر السابق، ص444.
6- محمد وحيد الدين سوار، التعبير عن الإرادة، المصدر السابق، ص125-126.
7-د.صبحي محمصاني، النظرية العامة للموجبات والعقود، المصدر السابق، ص320.
8- د.أحمد حسن البرعي، المصدر السابق، ص80.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|