‏يعتبر موضوع دراسة وبحث طبيعة النور وخصائصه ومزاياه وملوكه ودوره الكوني في كتب التراث الديني والعلمي من أهم المواضيع و اخطرها وأوسعها وأكثرها ارتباطا ففي خلق الكون والإنسان . ذلك لأن النور يلعب دورا عظيم الشأن في كونه واسطة الاتصال بين الأجرام والأجسام في الكون . وكذلك هو " البريد " بين الحوادث (الحركات المادية events ومراقبيها Observers من المخلوقات والكائنات العاقلة من بني الإنسان . ولذلك لا بد لنا في هذه الدراسة من أن نلج مع القارئ عالما ترتبط في أجوائه وتتشابك المفاهيم الدينية والعلمية والفلسفية والفنية ترابطاً وتشابكاً شديداً . وسنحاول إيضاح العلاقة بين الاختيار والقدرة الإلهية من ناحية وتفاعلات وسلوك المادة والقوى الكونية من الناحية الأخرى . والمعروف أن حلم أينشطين الأكبر كان في أن يتوصل إلى معرفة الكيفية التي خلق الله بها الكون والسبب الكامن وراء الخلق . وقد توفي أينشطين عام ١٩٥٥ ‏دون أن يحقق هذا الحلم . ولكن العلم توصل إلى معرفة هذه الكيفية بعد وفاة أينشطين . ولذلك قد نكون اليوم أكثر سعادة من ذلك العالم الفذ لأننا نعرف بعض تلك المجاهلي . فالمعروف اليوم في الدوائر العلمية أن الفوتون الضوئي أو الضويء photon بإمكانه أن ينحل ويتفكك فينتج عن انحلاله وتفككه خلق جسيمة إلكترون سالب وجسيمة بوزتيرون موجب . ومن تفاعلات الإلكترون والبوزيترون تسلسل خلق وتخليق الوجود المادي الكوني ونشوء ذرة الهيدروجين التي هي عبارة عن إلكترون وبروتون. ومن ذرة الهيدرجين ، اللبنة الأساسية في بناء الكون المادي ، يتسلسل خلق وتخليق كل ما في الوجود المادي من جمادات ومخلوقات حية . ونفهم من مكتشفات العلم وفرضياته ومن آيات القرآن ومرويات الأحاديث الدينية أن خلق الكون قد بدأ من النور وسينتهي الكون إلى النور (1) .

_________________

1. 49- 50- القرآن (مروة) .