إنتاج الحليب في العالم Milk production in the world

عند مراجعة بيانات الحليب خلال عقود القرن الماضي لا سيما بعد الحرب العالمية الثانية بعد (عام 1945) نلاحظ ان إنتاج الابقار من الحليب قد تزايد بصورة مستمرة خاصة في أوروبا الغربية والولايات المتحدة الامريكية وكندا وبعض الدول الأخرى ويمكن ان يعزى ذلك للأسباب الأتية:

1- التطور العلمي: Scientific development

من أهم اسباب الارتفاع المستمر لإنتاج الحليب هو التطور العلمي الهائل الذي حصل في العالم في مختلف المجالات ولكن اهم ذلك هو ما حدث من تطور في:

أ – علم الوراثة: Genetic Science

حيث كان له الاثر الكبير في تحسين إنتاج حيوانات الحليب عن طريق معرفة القيم التربوية Breeding values للأفراد والتي تعبر عن التراكيب الوراثية وكذلك المكافئ الوراثي ومعامل الارتباط وانتخاب الحيوانات الجيدة، وتضريبها بالحيوانات الأخرى للوصول الى افضل تركيب وراثي يتمتع بصفات وراثية عالية.

ب – تغذية الحيوان: Animal Nutrition

من خلال تطور علوم التغذية أمكن التوصل الى تكوين افضل توليفة للأعراف يمكن ان تسد حاجة الحيوان من المركبات والعناصر الغذائية وخلال كل مرحلة من مراحل عمر الحيوان وكما أمكن تطوير طرائق حفظ الاعلاف كالدريس والسايلج وكبس الاعلاف، فيما فتح امام المربي إمكانية حفظ الاعلاف لمواسم مختلفة وعدم خوفه من شحة الاعلاف في بعض المواسم.

ج – علم الكيمياء: Chemical Science

من خلال هذا العلم امكن الإنسان ان يتعرف على مكونات الحليب من دهن وبروتين واملاح معدنية وفيتامينات مما جعل المستهلك يقبل على الحليب ومنتجاته، ومن ثم رفع الطلب عليها مما جعل المربين يهتمون بتربية حيوانات الحليب ويكثروا منها.

د – علم الفسلجة: Physiology science

وهو العلم الذي جعل المختصين يتوصلوا الى معرفة كيفية تكوين وافراز الحليب، بالإضافة الى معرفة تركيب الجهاز التناسلي للحيوانات وكيفية حدوث الاخصاب والحمل، وساعد ذلك على نشر التلقيح الاصطناعي وهذا ساعد على نشر العوامل الوراثية في الوصول الى الافراط في الاباضة  Super ovulation والتلقيح خارج الرحم Invitro fertilization  لعدد 30-35 بويضة ثم الاخصاب وتجميد نقل الأجنحة على اكبر عدد من ابقار الحليب.

هـ - علم البيطرة والوقاية الصحية: Health protection and veterinary science

من خلال هذا العلم امكن التعرف على كثير من مسببات الامراض وعلاجها، كما أمكن اكتشاف اللقاحات الخاصة بكثير من الامراض السارية وامكن بعدها من خفض الهلاكات واطالة اعمار الحيوانات مما شجع المربين على الاهتمام بتربية الابقار المتخصصة بإنتاج الحليب واكثارها.

و – علوم الاحياء المجهرية: Microbiology science

وهي العلوم التي تهتم بمعرفة الاحياء خاصة تلك التي تلوث الحليب وتسبب تلفه، لذلك امكن الحفاظ على الحليب مدة طويلة دون تلف، وأمكن من خلال تعقيم الحليب وبسترته من إنتاج حليب خال من مسببات الإصابة بالأمراض مما يشجع على زيادة استهلاك الحليب.

2.اختراع الاجهزة وصناعتها: Equipments invention and industries

وهي التي أحدثت نقلة نوعية كبيرة سهلت في اختصار الوقت وادت الى خفض تكاليف الانتاج الى حدود كبيرة، من أهم تلك الاختراعات صناعة المحالب وأجهزة تبريد وحفظ وتصنيع الحليب والمحافظة عليه من الفساد بفعل الاحياء المجهرية وتكاثرها، وتصنيع مكائن خزن الحليب ومعدات التلقيح الاصطناعي وتخفيف السائل المنوي وتجميده، وأدت الاختراعات الى تصنيع مكائن حش الاعلاف الخضراء ومعامل العلف ومكننته وتكييفه بطرائق وصولا الى استخدام المكننة في ايصاله وتقديمه للأبقار في الحقول لتربيتها.

3. انشاء الجمعيات المتخصصة : Specific societies establishment

كان لأنشاء الجمعيات المختلفة المتخصصة بتربية ماشية الحليب وانتاجها دور كبير في الارتقاء بها الى مراحل متقدمة من الانتاج ما وصلنا اليوم من حيوانات ذات انتاج غزير من الحليب، وللجمعيات جزء كبير من الفضل فيه وذلك من خلال متابعة سجلات المربين وانتاج ماشيتهم حيث انشأت جمعيات متخصصة لكل نوع وكان ذلك بدأ في الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الاوروبية، ومهمة هذه الجمعيات الحفاظ على الانواع بصورة نقية وتقديم الدعم للمربين واختبار نسل الثيران لاستخدامها في تلقيح تلك الماشية بالإضافة الى اقامة المعارف المتخصصة للتشجيع والمنافسة بين المربين.

وهناك جمعيات متخصصة بتربية العجول الجيدة وتقويمها وتوزيع سائلها المنوي على الاعضاء وتقوم بالتعاون مع مراكز التلقيح الاصطناعي، وهذا يساعد المربي على الاطمئنان الى الثيران المستخدمة في التلقيح بالإضافة الى توفير الجهد والتكاليف. تصدر هذه الجمعيات دوريا دليل لتقييم الثيران بعد اختبار نسلها لكي يقوم المربي باختيار السائل المنوي لأبقاره، وتقدم هذه الجمعيات الارشاد اللازم للمربين وتوفر جميع الخدمات اللازمة له خاصة التلقيح الاصطناعي وفحص الحمل والرعاية البيطرية.

هناك جمعيات تختص بمتابعة وتسويق الحليب المنتج في الحقول وهذا ايضا يجعل المربي يطمئن على تسويق انتاجه دون ان يفكر بتلفه او وقوعه في الخسائر المادية، وتقوم جمعيات اخرى بالاهتمام بتصنيع الحليب ومشتقاته بالتعاون مع منتجي الحليب انفسهم.

4. انشاء المعاهد والكليات الزراعية المتخصصة: Specific agricultural colleges and institutes establishing

يشكل التعليم حجر الزاوية في نجاح أي مشروع او التفكير للوصول الى هدف ما، لذلك فان انشاء المعاهد الزراعية، والكليات لتخريج كوادر فنية تحمل على عاتقها تربية الابقار او الاشراف على مشاريع تربية ماشية الحليب وادارتها، مما ساعد على استخدام التكنولوجيا والأجهزة المتخصصة في هذا المجال مما جعل هذه المشاريع ذات دور اقتصادي جيد، وهذا ما حصل في عقد السبعينيات عندما أنشأت محطات تربية ابقار الحليب في العراق وادارها خريجو معاهد وكليات الزراعة، مما جعل تلك المحطات تتميز بإنتاجها من الحليب ورفدت السوق المحلية بكميات لا باس بها من الحليب و سدت بعض حاجة المستهلك لتلك المادة، إضافة لذلك فان التعليم يزيد وعي المستهلك وجعله يقبل على هذا المنتوج لمعرفته باحتوائه على مركبات وعناصر ضرورية للإنسان سواء كان صغيرا او كبيرا.

المصدر: القدسي, ناطق حميد, جيال فكتور ايليا .2010.انتاج ماشية الحليب.