أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-5-2016
3749
التاريخ: 24-12-2015
3670
التاريخ: 5-11-2015
3330
التاريخ: 5-7-2017
2670
|
لما قرب دنو النبي (صلى الله عليه واله) الى حظيرة القدس بعث الله إليه ملك الموت ليسمو بروحه الطاهرة الى جنة المأوى ، والى سدرة المنتهى وجاء ملك الموت فاستأذن من أهل بيت الوحي بالدخول على رسول الله (صلى الله عليه واله) فاخبرته الزهراء (عليها السلام) بأن النبي (صلى الله عليه واله) في شغل عنه لأنه كان قد أغمي عليه من شدة المرض ، وبعد برهة كرر الطلب فافاق الرسول (صلى الله عليه واله) من اغمائه فقال لابنته : أتعرفيه؟ ؛قالت : لا يا رسول الله ؛ فقال : إنه معمر القبور ، ومخرب الدور ، ومفرق الجماعات ؛ فانهد كيانها ، واحاط بها الذهول ، وارسلت ما في عينها من دموع وراحت تقول بصوت خافت حزين النبرات وا ويلتاه لموت خاتم الأنبياء وا مصيبتاه لممات خير الاتقياء ، ولانقطاع سيد الاصفياء ، وا حسرتاه لانقطاع الوحي من السماء ، فقد حرمت اليوم كلامك , واشفق الرسول (صلى الله عليه واله) على بضعته فارسل لها كلمة فيها سلوى وعزاء فقال لها : لا تبكي فانك اول أهلي لحوقا بي , واذن (صلى الله عليه واله) لملك الموت بالدخول عليه فلما مثل عنده قال له : يا رسول الله ، إن الله ارسلني إليك وأمرني أن اطيعك فى كل ما تأمرني إن أمرتني أن اقبض نفسك قبضتها ، وان امرتني أن أتركها تركتها , فقال (صلى الله عليه واله) أتفعل يا ملك الموت؟ بذلك أمرت أن أطيعك في كل ما أمرتني؛ ثم دخل جبرئيل فقال : يا احمد ان الله قد اشتاق إليك ؛ ولما علم أهل البيت أن النبي (صلى الله عليه واله) سيفارقهم فى هذه اللحظات اذهلهم الخطب وبلغ بهم الحزن الى قرار سحيق ، وجاء الحسن والحسين فالقيا بأنفسهما على الرسول ليودعاه الوداع الأخير وهما يذرفان الدموع فجعل (صلى الله عليه واله) يقبلهما وهما يقبلانه وأراد أمير المؤمنين أن ينحيهما عنه فقال (صلى الله عليه واله) : دعهما يتمتعان مني واتمتع منهما فستصيبهما بعدي أثرة ؛ ثم التفت الى عواده فقال لهم : قد خلفت فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فالمضيع لكتاب الله كالمضيع لسنتي ، والمضيع لسنتي كالمضيع لعترتي انهما لن يفترقا حتى اللقاء على الحوض ؛ واستدعى وصيه وخليفته امير المؤمنين فقال له : ضع رأسي فى حجرك فقد جاء أمر الله فاذا فاضت نفسي فتناولها وامسح بها وجهك ، ثم وجهنى الى القبلة وتولىّ أمرى ، وصل عليّ أول الناس ولا تفارقنى حتى تواريني فى رمسي واستعن بالله عز وجل , واخذ أمير المؤمنين رأس النبي (صلى الله عليه واله) فوضعه في حجره ومد يده اليمنى تحت حنكه ، واذن (صلى الله عليه واله) لملك الموت باستلام روحه المقدسة ، واخذ (صلى الله عليه واله) يعاني آلام الموت وشدة النزع حتى فاضت نفسه الزكية فمسح بها الامام وجهه ونعاه الى الحاضرين.
لقد انطوت ألوية العدالة في ذلك اليوم الخالد في دنيا الاحزان ، واخمدت مصابيح الكمال والفضيلة ، وما اصيبت الانسانية بكارثة كهذه الكارثة فقد مات المنقذ العظيم ، واحتجب النور الذي اضاء الطريق للانسان وهداه الى سواء السبيل ؛ وطاشت احلام المسلمين أمام هذا الخطب المريع فما بعد رسول الله (صلى الله عليه واله) للناس عزاء ولا للأسى على فقده مدى ولا انتهاء ، لقد ذهب محمد عن هذه الدنيا وغرب نور محياه فانطلقت الالسن نادبة والاعين باكية ، وعلى الصراخ والعويل من بيت النبي (صلى الله عليه واله) وكان اكثر أهل بيته لوعة واشدهم مصابا هي بضعته الزهراء فقد وقعت على جثمانه وهي مذهولة اللب من شدة الوله والحزن وهي تبكي امر البكاء وتقول : وا أبتاه ، الى جبرئيل انعاه! وا أبتاه جنة الفردوس مأواه! وا أبتاه أجاب ربا دعاه, وسرى النبأ المفجع الى مدينة الرسول (صلى الله عليه واله) فتركها تمور في الحزن واجتمع المسلمون وهم حيارى قد أخرسهم الخطب وألم بهم الحادث المريع وهم ما بين وآجم وصائح ومشدوه ونائح ونتهوا الى واد من الالم ماله قرار.
وقام أمير المؤمنين وقد حفت به الآلام والاحزان فأخذ في تجهيز الرسول (صلى الله عليه واله) فغسله وهو يقول : بابي أنت وأمي طبت حيا وميتا , وبعد الفراغ من تجهيزه وضعه على السرير ، فاول من صلى عليه هو الله من فوق عرشه ثم جبرئيل ثم ميكائيل ثم اسرافيل ثم الملائكة زمرا زمرا ودخل المسلمون يلقون على الجثمان المقدس نظرة الوداع ، ويؤدون فريضة الصلاة وبعد الانتهاء قام الإمام فحفر القبر ولما فرغ منه القى المغيرة خاتمه في القبر ، وقال لأمير المؤمنين (عليه السلام) خاتمي ، فقال (عليه السلام) لولده الحسن : أدخل فناوله خاتمه ، ففعل (عليه السلام) ذلك ، وكان مقصد المغيرة من ذلك أن يدخل القبر الشريف بعد ما خرج منه أمير المؤمنين ليفتخر على الصحابة بأنه آخر الناس عهدا برسول الله فالتفت أمير المؤمنين الى مقصده ، فامر الحسن بدخول القبر ، فكان آخر الناس عهدا برسول الله (صلى الله عليه واله) , وقام الامام أمير المؤمنين فوارى الجسد العظيم في مقره الأخير ووقف على القبر يرويه بماء عينيه ، وارسل كلمات تنم عن لواعج حزنه وثكله قائلا : ان الصبر لجميل الا عنك ، وان الجزع لقبيح الا عليك ، وان المصاب بك لجليل ، وانه قبلك وبعدك لجلل , واذاب الهول العظيم ، والمصاب المؤلم قلب الامام الحسن (عليها السلام) وهو في سنه المبكر فذبلت منه نضارة الصبا وروعته فقد رأى من يحدب عليه ويفيض عليه من رقيق حنانه يوارى في الثرى ، ورأى أبويه وقد اضناهما الذهول واحاط بهما الأسى على فقد الراحل العظيم فترك ذلك في نفسه شديد الألم ولاذع الحزن ؛ لقد مضى الرسول (صلى الله عليه واله) الى الرفيق الاعلى وكان عمر الحسن سبع سنين وهو دور تنمو فيه مدارك الطفولة ، وتكون فيه فكرة الطفل كالعدسة اللاقطة تنقل الى دخائل النفس كثيرا من المشاهدات والصور وينطبع فيها جميع ما يمر عليها من حزن وسعادة ، كما انه قد تكون لبعض الاطفال النابهين اللياقة والاستعداد لأن يفهم الغاية من بعض الاعمال والمواقف ، وقد رافق الامام الحسن فى ذلك الدور الاحداث الخطيرة التي وقعت قبل وفاة جده الرسول (صلى الله عليه واله) من امتناع القوم من الالتحاق بسرية أسامة وعدم استجابتهم للنبي (صلى الله عليه واله) حينما امر باعطائه الدواة والكتف ليكتب لأمته كتابا يقيها من الفتن والضلال فعرف الغاية من ذلك ، وعلم ما دبره القوم من المؤامرات ضد أبيه فترك ذلك في نفسه كامن الحزن والوجد وانبرى ينكر على القوم غصبهم لحق أبيه .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|