المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24
من آداب التلاوة
2024-11-24
مواعيد زراعة الفجل
2024-11-24
أقسام الغنيمة
2024-11-24
سبب نزول قوله تعالى قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون الى جهنم
2024-11-24

جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية
18/12/2022
القوة الدافعة الكهربائية العكسية back electro-motive force
12-12-2017
مـفهـوم الشـركـات المـساهمـة العـامـة
2024-06-07
متطلبات الانهاء - اعمال القطع (الحفر)
2023-09-10
مُسْتَوَى انزلاق glide plane
28-10-2019
Cousin Primes
14-3-2020


مآسي الزهراء (عليها السّلام)  
  
4104   12:52 صباحاً   التاريخ: 25-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج1, ص267-270.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

[قال باقر شريف القرشي : ] طافت موجات قاسية من الهموم والأحزان ببضعة النبي (صلّى الله عليه وآله) ووديعته فقد احتلّ الأسى قلبها الرقيق المعذّب وغشيتها سحب قاتمة من الكدر واللوعة على فقد أبيها الذي كان أعزّ عندها من الحياة فكانت تزور جدثه الطاهر فتطوف حوله وهي حيرى ذاهلة الّلب منهدّة الكيان فتلقي بنفسها عليه وتأخذ حفنة من ترابه الطاهر فتضعه على عينيها ووجهها وتطيل من شمّه وتقبيله فتجد في نفسها راحة وهي تبكي أمرّ البكاء وأشجاه وتقول بصوت حزين النبرات :

ماذا على مَن شمَّ تربةَ أحمدٍ           أنْ لا يشمَّ مدى الزمانِ غواليا

صُبّت عليّ مصائبٌ لو أنّها            صُبّت على الأيام صُرن لياليا

قل للمُغيّب تحت أطباق الثرى        إن كنت تسمعُ صرختي وندائيا

قد كنتُ ذات حمىً بظلِّ محمدٍ          لا أختشي ضيماً وكان جماليا

فاليومَ أخضعُ للذليل وأتّقي               ضيمي وأدفعُ ظالمي بردائيا

وتصوّر هذه الأبيات أروع تصوير وأصدقه للوعة الزهراء وشجونها فقد مثلت أحزانها المرهقة على فراق أبيها الذي أخلصت له في الحب كما أخلص لها أبوها ولو صبّت مصائبها الموجعة على الأيّام لخلعت زينتها كما صوّرت هذه الأبيات الحزينة مدى منعتها وعزّتها أيّام أبيها فقد كانت من أعزّ نساء المسلمين شأناً وأعلاهنّ مكانة ولكنها بعدما فقدت أباها تنكّر لها القوم وأجمعوا على الغضّ من شأنها حتّى صارت تخضع للذليل وتتقى ممن ظلمها بردائها إذ لم يكن هناك مَن يحميها ولم تكن تأوي إلى ركن شديد ؛ وقد خلدت إلى البكاء والحزن حتّى عُدّت من البكّائين الخمس الذين مثّلوا الحزن والأسى في هذه الحياة وقد بلغ من عظيم وَجْدها على أبيها أنّ أنس بن مالك استأذن عليها ليعزّيها بمصابها الأليم وكان ممّن وسّد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مثواه الأخير فقالت له : أنس بن مالك؟.

ـ نعم يا بنت رسول الله ؛ فقالت له وهي تلفظ قطعاً من قلبها المذاب : كيف طابت نفوسكم أن تحثوا التراب على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟! .

وقطع أنس كلامه وطاش لبّه وخرج وهو يذرف الدموع قد غرق في عالم من الأسى والشجون.

وألحّت بضعة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على ابن عمّها أمير المؤمنين (عليه السّلام) أن يريها القميص الذي غسّل فيه أباها رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فجاء به إليها فأخذته بلهفة وهي توسعه تقبيلاً وشمّاً ؛ لأنها تجد فيه رائحة أبيها الذي غاب في مثواه ووضعته على عينيها وقلبها الزاكي يتقطّع من ألم الحزن والأسى حتّى غشي عليها وخلدت وديعة النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى البكاء في وضح النهار وفي غلس الليل وظلّ شبح أبيها يتابعها في كل فترة من حياتها القصيرة الأمد وقد ثقل على القوم ـ فيما يقول المؤرّخون ـ بكاؤها فشكوها إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وطلبوا منه أن يجعل لبكائها وقتاً خاصاً ؛ لأنهم لا يهجعون ولا يستريحون ؛ فكلّمها أمير المؤمنين (عليه السّلام) فأجابته إلى ذلك فكانت في نهارها تخرج خارج المدينة وتصحب معها ولديها الحسن والحسين (عليهما السّلام) فتجلس تحت شجرة من الأراك فتستظل تحتها وتبكي أباها طيلة النهار فإذا أوشكت الشمس أن تغرب تقدّمها الحسنان مع أبيهما ورجعوا قافلين إلى الدار التي خيّم عليها الحزن والأسى وعمد القوم إلى تلك الشجرة فقطعوها فكانت تبكي في حرّ الشمس فقام أمير المؤمنين (عليه السّلام) فبنى لها بيتاً أسماه : بيت الأحزان ظلّ رمزاً لأساها على مرّ العصور ؛ ونُسب إلى قائم آل محمد (صلّى الله عليه وآله) أنه قال فيه :

أم تراني اتخذتُ لا وعُلاها        بعد بيتِ الأحزان بيتَ سرورِ

وكانت حبيبة رسول الله تمكث نهارها في ذلك البيت الحزين تناجي أباها وتبكيه أمرّ البكاء وأقساه وإذا جاء الليل أقبل علي فأرجعها إلى الدار مع ولديها الحسن والحسين (عليهما السّلام) ؛ وأثّر الحزن المرهق ببضعة النبي وريحانته حتّى فتكت بها الأمراض فلازمت فراشها ولم تتمكّن من النهوض والقيام فبادرت السّيدات من نساء المسلمين إلى عيادتها فقلن لها : كيف أصبحت من علّتك يا بنت رسول الله؟ فرمقتهنّ بطرفها وأجابتهنّ بصوت خافت مشفوع بالحزن والحسرات قائلة : أجدني كارهة لدنياكنّ مسرورة لفراقكنّ ألقى الله ورسوله بحسراتكنّ ؛ فما حُفظ لي الحقّ ولا رُعيت منّي الذمة ولا قُبلت الوصية ولا عُرفت الحرمة .

وخيّم على النسوة صمت رهيب وانعكس على وجوههنّ حزن شديد وغامت عيونهن بالدموع وانطلقن إلى بيوتهن بخطى ثقيلة فعرضن على أزواجهن كلمات زهراء الرسول فكانت وقعها عليهم أشدّ من ضربات السيوف فقد عرفوا مدى تقصيرهم تجاه وديعة نبيّهم وهرعن بعض اُمّهات المؤمنين إلى عيادتها فقلن لها : يا بنت رسول الله صيري لنا في حضور غسلك حظّاً ؛ فلم تجبهن إلى ذلك وقالت : أتردن أن تقلن فيَّ كما قلتنّ في اُمّي؟ لا حاجة لي في حضوركنّ.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.