أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-06-2015
4827
التاريخ: 1-10-2014
4920
التاريخ: 2023-06-01
1078
التاريخ: 26-09-2014
5577
|
نص القرآن الكريم في أكثر من آية على ان نوعا من العصاة مخلدون في النار ، وبين ان من هذا النوع من كفر باللَّه وكذب بآياته ، قال جلت كلمته : {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [البقرة: 39] ومن قتل مؤمنا متعمدا ، قال جل جلاله : {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] . {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 14] . ومن أحاطت به خطيئته : {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81] .
وليس من شك ان اللَّه بموجب عدله لا يعذب الا من يستحق العذاب ، وان عذابه يختلف شدة وضعفا على حسب الجريمة والمعصية ، فجريمة من سعى في الأرض فسادا ، وأهلك الحرث والنسل غير جريمة من سرق درهما ، أو استغاب منافسا له في المهنة ، ومع هذا لنا أن نتساءل : ان في خلود الإنسان في النار إلى ما لا نهاية ، تقذف رأسه بشرر كالقصر ، وتلهب ظهره بمقامع من حديد ، وتملأ جوفه بماء الصديد ، ثم لا يقضى عليه فيستريح ، ولا يخفف عنه فيسترد بعض أنفاسه ، وهو على ما هو من الضعف تؤلمه البقة ، وتقتله الشرقة ، وتنتنه العرقة ، كما قال علي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، نتساءل : هل هذا الأليم العظيم من العذاب لهذا العاجز الضعيف يلتئم مع ذات اللَّه التي هي محض الخير والرحمة ، والكرم والامتنان ، واللطف والإحسان ؟ . . ومن المعقول أن يعذب إلى حين ، أو يحرم إطلاقا من النعيم . . أما هكذا أبدا كلما نضجت جلودهم بدّلهم جلودا غيرها ، دون انقطاع وبلا فترة استراحة ، أما هكذا أبدا ودائما فمحل تساؤل .
وإذا قال قائل : وأي عذاب مهما كان نوعه ، وطال أمده يكثر على قاتل الحسين بن علي (عليه السلام ) ، أو على من ألقى قنبلة ذرية أو هيدروجينية على شعب فأفناه بكامله ، أو على من سن سنة سيئة طال أمدها ، وكثرت مفاسدها ؟
قلنا في جوابه : أجل ، لا يكثر على من ذكرت أي أليم من العذاب ، ولكن ليس كل العصاة « يزيد » ، ولا كل القنابل ذرية وهيدروجينية ، ولا كل السنن تفرق الناس شيعا وأحزابا متناحرة . . ولكن السؤال لم يقع عن هؤلاء ومن إليهم بل عن تخليد من هو دونهم بمراتب ومراتب .
وتقول : وما ذا تصنع بنصوص القرآن والسنة النبوية على التخليد بالنار ؟ .
وأجيب : لا شيء منها يرفض التأويل ويأباه .
وتقول ثانية : كل ما جاء به النص ، وكان الأخذ به ممكنا يجب بقاؤه على ظاهره ، وتخليد بعض العصاة في النار ليس محالا في ذاته ؟
وأقول : أجل ، ولكن حمل الخلود على طول الأمد ، دون الأبد جمعا بين النص ، وبين أدلة الرحمة لا تأباه الصناعة ، ولا يرفضه الشرع والعقل .
وتقول مرة ثالثة : ان الفقهاء لا يرتضون هذا الجواب ، لأنهم لا يجيزون حمل اللفظ على غير ظاهره الا بأسباب ثلاثة : قرينة عرفية ، كحمل العام على الخاص ، أو شرعية ، كالنقل الصريح الثابت عن المعصوم ، أو عقلية لا تقبل احتمال الخلاف ، ولا شيء منها فيما نحن فيه .
الجواب أولا : أحسب ان الفقهاء الذين اطلعوا على أدلة رحمة اللَّه تعالى يوافقونني على انها تصلح لصرف أدلة الخلود في النار عن ظاهرها بالنسبة إلى بعض العصاة . . ومن تلك الأدلة الحديث القدسي : سبقت رحمتي غضبي ، والحديث الشريف : ان الشفعاء يوم القيامة كثيرون ، وآخر من يشفع هو أرحم الراحمين . . وان اللَّه ينشر رحمته يوم القيامة ، حتى يطمع بها إبليس ، ويمتد لها عنقه . . وفي بعض الروايات : ان الحسن البصري قال : ليس العجب ممن هلك كيف هلك ، ولكن العجب ممن نجا كيف نجا ، فقال الإمام زين العابدين (عليه السلام ) :
أما أنا فأقول : ليس العجب ممن نجا كيف نجا ، وانما العجب ممن هلك كيف هلك ، مع سعة رحمة اللَّه . فإذا عطفنا هذه الروايات على الآية 53 من سورة الزمر :
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53]. إذا عطفنا روايات الرحمة على هذه الآية تشكل لدينا قرينة قطعية على صرف أدلة الخلود في النار عن ظاهرها واختصاصها ببعض العصاة .
ثانيا : نحن نتكلم في الأمور العقائدية القطعية ، لا في المسائل الفرعية الظنية ، والفقهاء على ورعهم وقوة ايمانهم فإنهم علماء بأحكام اللَّه الشرعية ، لا بالأمور العقائدية ، بل ان الكثير منهم بمنزلة المقلدين فيما يعود إلى صفات اللَّه وأفعاله ، أما فيما يعود إلى الأدلة على وجود الباري سبحانه فيعلمون منها دليل الدور والتسلسل ، والبعرة والبعير ( ملحوظة نحن من القائلين بصحة التقليد في أصول العقائد ، مع موافقتها للواقع ) .
ثالثا : ان العقل يستقبح الخلف بالوعد دون الوعيد ، فإذا قلت لآخر : سأحسن إليك ، ثم أخلفت كنت ملوما عند العقل والعقلاء ، أما إذا قلت لمن يلزمه أداء حقك : سآخذ حقي منك ، ثم سامحت وصفحت ، فأنت ممدوح عند اللَّه والناس ، بخاصة إذا كان من له الحق غنيا عنه ، ومن عليه الحق فقيرا إلى التسامح ، واللَّه غني عن العالمين وعذابهم ، وهم في أمس الحاجة إلى رحمته وعفوه .
سؤال رابع وأخير : بماذا تؤول آيات الخلود في النار ؟ . وعلى أي معنى تحملها ؟ .
الجواب : يمكن حملها على طول الأمد ، لا على الأبد ، أو على البقاء في النار من غير عذاب ، تماما كخيمة حاتم الطائي (1) أو وجود إبراهيم في النار ، ويعزز هذا ما جاء في بعض الأحاديث ان بعض أهل النار يتلاعبون بجمراتها كالأكرة ، ويقذف بها بعضهم بعضا . وليس من شك ان هذه اللعبة لا تجتمع أبدا مع خفيف العذاب فضلا عن شدته ، وليس على اللَّه بعزيز أن يجعل النار بردا وسلاما على غير إبراهيم كما جعلها على إبراهيم (عليه السلام ) . قال محيي الدين ابن العربي في الجزء الثاني من كتاب الفتوح المكية ص 127 : « لا يبقى في النار موحد ممن بعث إليه رسول اللَّه ( صلى الله عليه واله ) ، لأن النار ترجع بردا وسلاما على الموحدين ببركة أهل البيت في الآخرة ، فما أعظم بركة أهل البيت » .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ في بعض الروايات ان حاتماً يدخل النار لكفره ، ولكنه في خيمة تقيه حرها لكرمه .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ندوات وأنشطة قرآنية مختلفة يقيمها المجمَع العلمي في محافظتي النجف وكربلاء
|
|
|