المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

Conclusion
4-5-2022
مفهوم جغرافية السلام
20-1-2022
رعاية العواطف
11-9-2016
مُسَعر بخاري calorimeter, steam
5-3-2018
مفهوم الجودة
8-6-2018
مقدمة حول النظام الإعلامي الجديد
16-8-2022


[فزع ابن حنفية ووصية الحسين له]  
  
3817   11:41 صباحاً   التاريخ: 16-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج2, ص262-266.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / الأحداث ما قبل عاشوراء /

فزع محمّد بن الحنيفة إلى الحُسين فجاء يتعثّر في خطاه وهو لا يُبصر طريقه مِنْ شدّة الحزن والأسى ولمّا استقر به المجلس أقبل على الحُسين فقال له بنبرات مشفوعة بالإخلاص والحنوّ عليه : يا أخي فدتك نفسي أنت أحبّ الناس إليّ وأعزّهم عليّ ولست والله أدّخر النصيحة لأحد من الخلق وليس أحد أحقّ بها مِنك ؛ فإنّك كنفسي وروحي وكبير أهل بيتي ومَنْ عليه اعتمادي وطاعته في عنقي ؛ لأنّ الله تبارك وتعالى قد شرّفك وجعلك مِنْ سادات أهل الجنّة وإنّي أُريد أنْ أُشير عليك برأيي فاقبله منّي.

لقد عبّر محمّد بهذا الحديث الرقيق عن عواطفه الفيّاضة المترعة بالولاء والإكبار لأخيه وأقبل عليه الإمام فقال له محمّد : أُشير عليك أن تتنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت ثمّ ابعث برسلك إلى الناس فإنْ بايعوك حمدت الله على ذلك وإنْ اجتمعوا على غيرك لمْ ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولمْ تذهب مروءتك ولا فضلك وإنّي أخاف عليك أنْ تدخل مصراً مِنْ هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم فطائفة معك وأخرى عليك فيقتتلون فتكون لأوّل الأسنّة غرضاً فإذا خير هذه الأُمّة كلّها نفساً وأباً وأُمّاَ أضيعها دماً وأذلّها أهلاً , وبادر الإمام الحُسين فقال له : أين أذهب؟.

فأجابه ابن الحنفية : تنزل مكّة فإن اطمأنت بك الدار وإلاّ لحقت بالرمال وشعب الجبال وخرجت مِنْ بلد إلى آخر حتّى ننظر ما يصير إليه أمر الناس فإنّك أصوب ما تكون رأياً وأحزمهم عملاً حتّى تستقبل الأمور استقبالاً ولا تكون الأمور أبداً أشكل عليك منها حتّى تستدبرها استدباراً , وانطلق الإمام وهو غير حافل بالأحداث فأخبره عن عزمه وتصميمه الكامل على رفض البيعة ليزيد قائلاً : يا أخي لو لمْ يكن في الدنيا ملجأً ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية.

وانفجر ابن الحنفيّة بالبكاء فقد أيقن بالرزء القاصم واستشفّ ماذا سيجري على أخيه من الرزايا والخطوب وشكر الإمام نصيحته وقال له : يا أخي جزاك الله خيراً لقد نصحت وأشرت بالصواب وأنا عازم على الخروج إلى مكّة وقد تهيّأتُ لذلك أنا وإخوتي وبنو أخي وشيعتي ؛ أمرهم أمري ورأيهم رأيي. وأمّا أنت فلا عليك أنْ تُقيم بالمدينة فتكون لي عيناً لا تُخفِ عنّي شيئاً مِنْ اُمورهم .

عهد الإمام بوصيته الخالدة إلى أخيه ابن الحنفيّة وقد تحدّث فيها عن أسباب ثورته الكبرى على حكومة يزيد وقد جاء فيها بعد البسملة : هذا ما أوصى به الحُسين بن علي إلى أخيه محمّد بن الحنفيّة إنّ الحُسين يشهد أنْ لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله جاء بالحقّ مِنْ عنده وأنّ الجنّة حقّ والنار حقّ وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها وأنّ الله يبعث مَنْ في القبور , وإنّي لمْ أخرج أشِرَاً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي (صلّى الله عليه وآله) ؛ أُريد أنْ آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي علي بن أبي طالب فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ومَنْ ردّ عليّ أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين , وهذه وصيتي إليك يا أخي وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أُنيب .

من أجل هذه الأهداف النبيلة فجّر الإمام ثورته الخالدة فهو لمْ يخرج أشِرَاً ولا بطراً ولمْ يبغِ أيّ مصلحة مادية له أو لأُسرته وإنّما خرج على حكم الظلم والطغيان يريد أنْ يُقيمَ صروح العدل بين الناس وما أروع قوله : فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ومَنْ ردّ عليّ أصبر حتّى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين.

لقد حدّد الإمام خروجه بأنّه كان من أجل إحقاق الحقّ وإماتة الباطل ودعا الأُمّة باسم الحقّ إلى الالتفاف حوله ؛ لتحمي حقوقها وتصون كرامتها وعزّتها التي انهارت على أيدي الاُمويِّين وإذا لمْ تستجب لنصرته فسيواصل وحده مسيرته النضالية بصبر وثبات في مناجزة الظالمين والمعتدين حتّى يحكم الله بينه وبينهم بالحقّ وهو خير الحاكمين.

كما حدّد الإمام خروجه بأنّه يريد أنْ يسير على منهاج جدّه وأبيه وليس على منهاج أيّ أحدٍ من الخلفاء , وهذه الوصية من البنود التي نرجع إليها في دراستنا عن أسباب ثورته (عليه السّلام) , وتهيّأ الإمام بعد وصيته لأخيه محمّد إلى السفر إلى مكّة ؛ ليلتقي بحجّاج بيت الله الحرام وغيرهم ويعرض عليهم الأوضاع الراهنة في البلاد وما تعانيه الأُمّة من الأزمات والأخطار في عهد يزيد , وقبل أنْ يغادر الإمام (عليه السّلام) يثرب متّجهاً إلى مكّة دخل مسجد جدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) وهو غارق في الأسى والشجون فألقى عليه نظرة الوداع الأخير وقد نظر إلى محراب جدّه (صلّى الله عليه وآله) ومنبره فطافت به ذكريات ذلك العطف الذي كان يفيضه عليه جدّه (صلّى الله عليه وآله) حينما كان في غضون الصّبا فلمْ ينسَ الحسين في جميع فترات حياته ذلك الحنان الذي أغدقه عليه جدّه حينما يقول فيه : حسين منّي وأنا مِنْ حسين أحبّ الله مَنْ أحبّ حُسيناً , حُسين سبط مِن الأسباط , وتذكّر كيف كان النّبي (صلّى الله عليه وآله) يفرغ عليه ما انطوت عليه نفسه الكبيرة من المُثل العليا التي كان بها خاتم النبين وسيد المرسلين وأيقن أنّه لمْ يكن يشيع ذلك في نفسه بمحض العاطفة بل بشعور آخر هو الإبقاء على رسالته ومبادئه ورأى أنّه لا بد أنْ يقدّم التضحية الرهيبة التي تصون رسالة الإسلام مِنْ عبث الناقمين عليه , ويقول المؤرّخون : إنّه دخل المسجد بين أهل بيته وهو يعتمد في مشيه على رَجُلَين ويتمثّل بقول يزيد بن مفرغ :

لا ذُعرتُ السَّوام في فلق الصبحِ          مغيراً ولا دُعيت يزيدا

يوم اُعطي مِن المهانةِ ضيماً         والمنايا ترصدنني أنْ أحيدا

ويقول أبو سعيد : لمّا سمعت هذين البيتين قلت في نفسي : إنّه ما تمثّل بهما إلاّ لشيء يريده فما مكثت إلاّ قليلاً حتّى بلغني أنّه سار إلى مكة ؛ لقد صمّم على التضحية والفداء ليغيّر مجرى الحياة ويرفع كلمة الله وفكرة الخير في الأرض.

أمّا يثرب مهد النّبوة فإنّه حينما أُذيع فيها مغادرة الحُسين عنها علتها الكآبة وخيّم على أهلها الحزن والذعر فقد أيقنوا بالخسارة الفادحة التي ستحلّ بهم فسيغيب عنهم قبس من نور الرسالة الذي كان يضيء لهم الحياة وحزنت البقية الباقية مِنْ صحابة النّبي (صلّى الله عليه وآله) كأعظم ما يكون الحزن فقد كانوا يرون في الحُسين امتداداً لجدّه الرسول (صلّى الله عليه وآله) الذي أنقذهم من حياة التّيْه في الصحراء .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.