أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-12-2015
1217
التاريخ: 10-12-2015
2069
التاريخ: 23-11-2014
1251
التاريخ: 10-12-2015
1893
|
قال تعالى : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيَما اخْتَلَفُوا فِيهِ} (البقرة/ 213).
المجتمعات البشرية كانت ولا تزال تعاني الأمرّين من الاختلاف وتحترق بناره، وتضيّع المزيد من القدرات والإمكانات الهائلة بسببه، تلك الإمكانات التي لو وضعت في مكانها المناسب لغدت الدنيا جنّة الفردوس.
ومن جهة اخرى فإنّه من المُسلّم أنّ الناس لا يستطيعون تسوية الاختلافات التي تقع بينهم، وذلك بسبب قصور ومحدودية علمهم بكل جوانب الحياة، بالإضافة إلى الأنانية والتكبر الذي يمنعهم من الاذعان والركون إلى بعضهم البعض.
أمّا الأنبياء عليهم السلام الذين ينبع علمهم من بحر علم اللَّه تعالى اللامتناهي والذي لا يُقارَن بمستوى علم البشر، فإنّهم يتمكّنون من أداء دور فعّال في حلّ تلك الاختلافات وإزالتها.
صحيح أنّ عالم المادّيات هو عالم الحجب، إذ لا يمكن رفع الاختلافات كليّاً بين الناس بأيّ طريقة، ولكنّه من المؤكّد إمكان إزالتها نسبيّاً في ظلّ تعاليم الأنبياء عليهم السلام.
ولذا أشارت الآية من البحث إلى هذا الهدف، قال تعالى : {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيَما اخْتَلَفُوا فِيهِ}.
و «الامّة» : في الأصل على ما ذهب إليه الراغب في مفرداته تطلق على كلّ جماعة يجمعهم أمرٌ ما، إمّا أن يكون دين واحد أو زمان واحد أو مكان واحد، سواء كان ذلك الأمر الجامع قسريّاً أو اختياريّاً، وجمعها امم.
لكنّ هذه اللفظة وردت بمعنى العقيدة أيضاً : {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ* وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِى قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (الزخرف/ 22- 23).
وأحياناً جاءت بمعنى نفس الزمان قوله تعالى : {وَقَالَ الَّذِى نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} (يوسف/ 45).
وكذلك قوله تعالى : {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ} (هود/ 8).
وفي الآية مورد البحث يبدو أنّ «الامّة» جاءت بمعنى الجماعة الواحدة.
لكن ما هي هذه الامّة الواحدة التي عاشت في بداية الخلقة يا ترى؟ وما هي عقيدتها؟ يوجد بين المفسّرين حديث طويل وعريض حول هذا الموضوع، ولهم احتمالات عديدة في تفسير لفظ «الامّة» ومصيرها، وأهمّها ثلاثة احتمالات :
الأوّل : أنّها كانت امّة مهتدية، وكانت هدايتها نابعة من الفطرة الإلهيّة المودعة لديها، ثمّ اختلفت ذلك الاختلاف الناشيء من علمها المحدود، وذلك لعجز أحكام الفطرة والمستقلات العقلية عن الأخذ بزمام الامور لوحدها، ومن هنا بعث اللَّه تعالى الأنبياء عليهم السلام إلى البشرية لتخليصها من مشكلة الاختلافات الناشئة من الجهل ومحدودية معرفتها.
فبعث اللَّه الأنبياء عليهم السلام ووضعوا حدّاً لهذه الاختلافات وبيّنوا الحقائق، لكنّه ظهر بعد ذلك اختلاف آخر نشأ من البخل والظلم والفساد، وهنا أيضاً شملت الألطاف الإلهيّة المؤمنين المخلصين، فسلكوا الطريق إلى الحقّ مهتدين بنور إيمانهم وتقواهم إلى أن بلغوا الصراط المستقيم، بينما بقي الآخرون غارقين في ظلمات الاختلاف.
وطبقاً لهذا التفسير، فالامّة الواحدة التي ظهرت أوّلًا كانت على الحقّ، لكنّ محدودية إدراك العقل البشري كانت سبباً في الاختلافات، ثمّ أعلن الأنبياء عليهم السلام عن خاتمة هذه الاختلافات عن طريق الوحي المعصوم من الخطأ، لكنّ هوى النفس والميول والتكبّر والعجب كان السبب وراء بروز اختلافات جديدة، ولم ينج من هذه الاختلافات سوى المؤمنين الصالحين.
والدليل على هذا التفسير هو مضمون الآية التي تذكر نوعين من الاختلاف في الامّة، الاختلاف الذي كان السبب في بعثة الأنبياء عليهم السلام وذلك لرفعه، والاختلاف الذي ظهر بعد نزول الكتب السماوية والبيّنات، أمّا إصرار بعض المفسّرين على كون هذه الامّة الواحدة ضالّة منحرفة بمجموعها منذ البداية، لا ينسجم مع لحن الآية وفطرةِ الإنسان التوحيدية التي يصرّح بها القرآن (خصوصاً تلك الفطرة الملموسة عند الناس السذّج في أوّل الخلقة الذين لم تكن الميول والرغبات النفسانية قد هيمنت عليهم بشكل خطير بعد).
أمّا فيما يتعلّق بالعصر الذي استوعب المجتمع البشري الأوّل الذي عبّر عنه القرآن ب «الامّة الواحدة»، فقد ذهب البعض إلى أنّه إشارة إلى الفترة ما قبل بعثة نوح عليه السلام وبعد هبوط آدم عليه السلام وبناءً على هذا ف «الامّة الواحدة» هي نفس تلك الامّه التي ظهرت منذ زمن تناسل ذرّية آدم عليه السلام، والتي كان الإيمان والتوحيد حاكمين عليها إلى أن اتّسعت فيها آثار الشرك يوماً بعد آخر، بسبب الجهل وقلّة المعرفة، ممّا هيّأ الأرضية المناسبة لرسالة نوح عليه السلام.
ومن الطبيعي أنّ استثناءً من قبيل وجود «قابيل» بين أولاد آدم عليه السلام لا يحول دون إطلاق كلمة «الامّة الواحدة» على مجموعة أولاده، وهناك احتمالات اخرى حول هذا الموضوع لا تفي بالغرض بحسب الظاهر.
على أيّة حال يستفاد من مجموع ما جاء حول تفسير الآية أعلاه أنّ أحد أهداف بعثة الأنبياء عليهم السلام هو رفع الاختلافات الناشئة من جهل الناس، ولا يخفى أيضاً أنّ الاختلافات الناشئة من هوى النفس والعجب والتكبّر ستبقى ما بقي الإنسان بالرغم من أنّ الأنبياء عليهم السلام قد خفضوا من نسبتها بتعليماتهم القيّمة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|