أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-27
518
التاريخ: 2024-10-31
242
التاريخ: 2023-04-26
1203
التاريخ: 25-11-2014
2500
|
أحد أفضل الطرق لمعرفة أصالة المدارس الفكرية هو دراسة كيفية سلوك أنصار تلك المدرسة مع العدو وخاصة في ميدان الحرب وما بعدها أي مع أسرى الحرب وما تفرزه تلك الحرب.
ودراسة الآيات القرآنية والرّوايات الإسلاميّة الواردة في آداب الحرب توضح هذه الحقيقة وهي أنّ الإسلام لم يتخلَّ عن الإهتمام بالمسائل الأخلاقيّة والإنسانيّة حتّى في أخشن لحظات الحياة ، يعني ميدان القتال ، فنجده قد عجن مورد الغضب باللطف والخشونة بالرحمة ، ولا شك أنّ على الحكومة الإسلاميّة أنّ تهتم بهذه الأخلاقيّة الرّفيعة التي لها أثر عميق في كيفية نظرة الأجانب للإسلام والتي يمكنها أن تكون وسيلة لاستقطاب هؤلاء وتأملهم في الدين الإسلامي علّهُمْ يرجعون.
وقد وردت تأكيدات كثيرة في آيات القرآن على رعاية العدالة وعدم تجاوز الحدود المعقولة والإنسانيّة في مقابل الأعداء.
من جملة تلك الآيات ، قوله تعالى :
{وَقَاتِلُوا فِى سَبيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ المُعتَدِينَ} (البقرة/ 190) .
ففي الآية إشارة إلى ثلاث نقاط ، الأولى هي أنّ الحرب لابدّ أن تكون للَّه وفي سبيل اللَّه لا من أجل السلطة والإنتقام.
والاخرى هي أنّ الحرب لابدّ أنْ تكون ضد المعتدي ، أي مالم تُشنَّ الحرب عليكم ، لا تمدوا أيديكم إلى السلاح.
والنقطة الثّالثة هي عدم تجاوز الحدود في ميدان الحرب ، ورعاية الأصول الأخلاقية.
وعليه ، فإن وضع العدو سلاحه واستسلم ، فلا ينبغي قتاله ، وكذا الحال بالنّسبة لأولئك الذين لا يقدرون على الحرب والقتال كالعجزة والشّيوخ والأطفال والنّساء ، فلا ينبغي إلحاق الأذى بهم ، كما أنّ تدمير البساتين والمزارع وهدم الأماكن الّتي يمكن أن يستفاد منها ، واللجوء إلى استخدام الأسلحة ذات الدّمار الشامل ، كل ذلك من مصاديق التعدّي على الأبرياء والأساليب غير الإنسانيّة ، وهي ممنوعة في نظر الإسلام.
وفي نفس السورة (بعد تلك الآية بعدّة آيات) يؤكد تعالى مرّة أخرى على هذا المعنى ويقول :
{فَمَنِ اعتَدَى عَلَيكُم فَاعْتَدُوا عَلَيهِ بِمثِلِ ما اعتَدَى عَلَيْكُم وَاتّقُوا اللَّهَ وَاعلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ}. (البقرة/ 194)
وفي هذا إشارة إلى أنّكم إذا أردتُم نصر اللَّه لكم والإنتصار في الحرب ، فعليكم اجتناب التّعدي والّتمادي في القتال.
ونفس هذا المعنى أكدت عليه سورة المائدة بشكل آخر ، حيث تصرح الآية قائلة : {وَلَا يَجرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا}. (المائدة/ 2)
(وتسيطر عليكم روح الإنتقام الناشئة من سلوك أعدائكم الخشن في الحديبية).
وفي الرّوايات الإسلاميّة أيضاً وردت تعبيرات مختلفة وإرشادات كثيرة في مورد رعاية الأصول الأخلاقيّة الإنسانيّة في ميدان الحرب وبعد الإنتهاء منها تجاه الأعداء ، وتتجلى في هذه الرّوايات العواطف الإنسانيّة وروح السّلم بشكل واضح.
كتب أرباب السّير في سيرة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أنّه متى ما أمرَ جيشاً بالسّير إلى حرب ، كان يستدعي الجيش وقادته ويعظهم ويرشدهم بمواعظ وإرشادات منها : {إذهبوا باسم اللَّه تعالى ...} (1).
اغزوا بسم اللَّه وفي سبيل اللَّه تعالى ، قاتلوا من كفر باللَّه ولا تغدروا ولا تغلّوا ولا تمثلّو ، ولا تقتلوا وليداً ولا متبتلًا في شاهق ولا تحرقوا النخل ولا تغرقوه بالماء ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تحرقوا زرعاً وأنّكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه ولا تعقروا من البهائم ممّا يؤكل لحمه إلّا ما لابدّ لكم من أكله وكان ينهى عن إلقاء السم في بلاد المشركين ورسول اللَّه صلى الله عليه و آله نفسه لم يتعامل مع الأعداء بغير هذا التّعامل الإنساني ، فلم يتوسل بالإغارة لتحقيق النصر ، وكان يرى جهاد النّفس مقدّم على كل شيء.
والتّدقيق في هذه الإرشادات الدّقيقة جدّاً ، يبيّن بوضوح أنّ الإسلام لم يغفل عن المسائل الأخلاقيّة المرتبطة بالحرب أبداً ، وإن شخص الرسول صلى الله عليه و آله كان يعمل بها بحذافيرها تجاه العدو ، لا مثل الأشخاص الذين يدافعون عن حقوق الإنسان بألسنتهم فقط ، وأمّا أعمالهم فلا تشير إلى شيء من ذلك.
ومضافاً إلى ذلك فإنّ التأكيد على أنّ جهاد النّفس أفضل الجهاد ، إشارة إلى أنّ المسلم الحقيقي هو المسلم الذي يراعي الأصول الإنسانية في ميدان الحرب.
وممّا ذكر يتّضح أنّ الإسلام يمنع من استخدام الأسلحة الكيميائية وكل سلاح ذي دمار شامل ، وعلى الحكومة الإسلاميّة أن تجتنب استخدام مثل هذه الأسلحة.
وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال : «فإذا كانت الهزيمة بإذن اللَّه فلا تقتلوا مُدْبِراً ولا تصيبوا مُعْوراً ولا تجهزوا على جريح ولا تهيجوا النّساء بأذى وإن شَتَمْنَ أعراضكم وسببنَ امراءَكُم» (2).
ومن خلال التأمل في حديث النّبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله الذي ذكرناه وأوامره إلى الجيش وقادته قبل الحرب ، يتضح لنا أنّ هذه الإرشادات إنّما هي من متبنيات الإسلام الأساسيّة في الجهاد والحرب ضد الأعداء ، وعلى الحكومة الإسلاميّة أن تعمل كلّ ما بوسعها من أجل إحياء تلك المباني والمحافظة عليها.
______________________________
(1) منتهى الأمال ، ج 1 ، ص 16 ، في باب الفضائل الأخلاقية عند النّبيّ صلى الله عليه و آله وذكر العلامّة المجلسي شبيه هذا المعنى في بحار الأنوار ، ج 97 ، ص 25.
(2) نهج البلاغة ، الرسالة 14.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|