أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-5-2019
20420
التاريخ: 16-8-2019
3404
التاريخ: 4-7-2019
6356
التاريخ: 2023-02-26
1393
|
الفصل السادس
مجتمع المعرفة
مقدمة عامة :
لقد أدت القفزة المعرفية التي نشهدها اليوم إلى بروز معطيات جديدة للمجتمعات الإنسانية، لم تعرفها المجتمعات السابقة وهكذا برز تعبير "مجتمع المعرفة" بحلة جديدة حاملاً هذه المعطيات في صفاته، ومتطلعاً أيضاً إلى تعزيز الإمكانات المعرفية، والعمل على الاستفادة منها في تطوير المجتمعات الإنسانية. ولعل من أبرز أمثلة الاهتمام بمجتمع المعرفة ما يقوم به الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، ففي مؤتمر القمة الأوروبي الذي عقد في ليشبونة عام 2000م، اتخذت قرارات لدعم التوجه نحو بناء هذا المجتمع وتطويره والاستفادة من معطياته وعلى المستوى العربي فإن من أبرز أمثلة هذا الاهتمام التقرير الثاني للتنمية الإنسانية العربية الذي صدر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والذي حمل شعار "لمحو إقامة مجتمع المعرفة".
إن مجتمع المعرفة في هذا العصر هو المجتمع الذي يهتم بدورة المعرفة ويوفر البيئة المناسبة لتفعليها وتنشيطها وزيادة عطائها، بما في ذلك البيئة التقنية الحديثة بشكلها العام، وبيئة تقنيات المعلومات على وجه الخصوص، بما يساهم في تطوير إمكانات الإنسان وتعزيز التنمية والسعي نحو بناء حياة كريمة للجميع.
لقد ظهر مفهوم مجتمع المعرفة لأول مرة في منتصف الستينيات عندما كانت تحدث نقاشات وجدل ومناقشات ساخنة بخصوص التناقضات والعيوب والعقبات التي تواجه المجتمع الصناعي مثل التناقضات الخاصة بالموضة التي تناسب المجتمع الصناعي، ومن هنا فقد بدأ المجتمع الحديث في التركيز على المعرفة ووظيفتها، ولقد وضح نيكوستر Nicoster أن النظرية الخاصة بمجتمع المعرفة والتي تركز على الوظائف المعرفية باعتبارها نتاجاً جديداً يحل محل رأس المال حيث أنها تمثل عنصر إنتاج تقليدي ولقد شاع استخدام مفاهيم متصلة بمجتمع المعرفة مثل (الصناعة والتكنولوجيا المعرفية). وكلما مر الوقت دخلنا في مجتمع المعرفة بصورة وعمق أكبر، أما الأمور التي تقودنا إلى الدخول في هذا المجتمع فهي (1) :
1- التطوير السريع للعولمة وانتشارها ، بعد أن تم تشكيل المنظمة العالمية للتكنولوجيا WTO أدى إلى اتساع سوق العمل الدولي وزيادة التبادل الفكري والبشري والمادي وتطوير أساليب الاتصال المعرفي أو المعلوماتي الجديد، وأيضاً التطور المستمر للتكنولوجيا حتى إن بعضهم رأى أن ظاهرة العولمة تعتبر مثل المحرك والدينامو الذي يقوم بخلق المعرفة وتعتبر بقدرة الأفراد على خلق المعرفة وتبادلها والاستفادة منها هي واحدة من أهم العناصر التي تجعل للفرد اليد العليا في السوق التنافسية الدولية وخصوصاً ظاهرة العولمة.
2 ـ في ظل التطور السريع للمعلومات يعتبر مستوى اكتساب المعرفة هو آلية القياس التي تستخدم في قياس وتقييم مستويات الكفاءة الإنتاجية، والثقافة الخاصة بالأفراد والمؤسسات، وبالتالي فإن المعرفة والتكنولوجيا هي من الأساليب التي تم تصميمها لزيادة عمليات الكفاءة الإنتاجية وزيادة الاستفادة من المعلومات المتاحة.
3- تغيير شكل وفرص وأهداف العمل، فمنذ أن فقدت المعرفة والخبرة في بعض المجالات قيمتهما بصورة تدريجية كلما مر الوقت فإنها تحتاج إلى أن تستمر وأدت إلى تعزيز دور الخبرة والمعرفة في العمل. ولابد أن نتذكر أن الوظائف في المستقبل سوف تتطلب قدرات خاصة مثل الكفاءة والإبداع والمسئوليات الاجتماعية، وأيضاً سوف تزيد من الشكوك في القادة والقيود التي تم تطبيقها.
4- تغيير نظم التعامل المعرفي وتغيير تركيزها فلو افترضنا أن المعرفة ضرورية جداً للمجتمع، وللخبرات الاجتماعية، فحينئذ يجب أن تكون هناك أسس خاصة لتقديم مفهوم مجتمع المعرفة اليوم ، فالسبب الرئيسي هو نظم التعامل المعرفي وتركيزها في المجتمع الحديث، حيث ان النظريات والكيانات الخاصة التي نتجت عن المعرفة قد ازدادت واتسع استخدامها أكثر من العقود المادية ، وقد ازدادت الحاجة إلى تطوير أداء المدرسين والباحثين والحاجة إلى تلك المجهودات الكبيرة في ذلك المجال، حيث إن المعرفة أصبحت مبدأ أساسياً في حل المشكلات، وأيضاً ساهمت المعرفة الحالية في تعزيز نظامها في الاتجاه الذي يستخدم في حل المشكلات اليومية بدلاً من استخدامها في البحث وأساليب البحث، وبالتالي فإن المعرفة أصبحت تعلب دوراً هاماً وكبيراً في حياتنا اليومية.
5- الزيادة الكبيرة للمعرفة، هناك تنبؤات مستقبلية تشير إلى أن مجتمع المعرفة سوف يصل إلى أوج تطبيقه بحلول عام 2005، وأن المعرفة سوف تتضاعف كل 73 يوماً بحلول عام 2020، وأن الأفراد سوف يستخدمون (1%) من المعرفة الحالية بحلول عام 2050 وبالتالي فإن ذلك يتضمن أو يشتمل على الزيادة الكبيرة في المعرفة.
ويعود الميلاد المعرفي - الفعلي - لمفهوم مجتمع المعرفة إلى أواخر التسعينات من القرن الماضي، خاصة بعد أن بذلت اليونسكو جهداً فائقاً في مجال التعريف به ونشره. فقد كانت مختلف المقاربات وخاصة الماركسية منها تؤكد أن تطور المجتمع رهن حسن - استغلال الإمكانات المادية والثروات الطبيعية، وتحقيق حالة من الإشباع الجماعي ومقاومة الفقر والمرض، إلا أنه مع مرور السنوات وتكرار إخفاق التجارب ثبت محدودية مثل هذه الرؤية(2) .
ولعل هذا ما يفسر الانتباه منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي إلى أن تطور المجتمعات ليس نتاج المعطيات الاقتصادية والمادية وحدها، بل ثمة معطيات أخرى من الضروري توفرها لتحقيق التنمية الشاملة للمجتمعات، ولذلك تم التركيز خاصة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية على ما يسمى بالرأسمال غير الملموس أو غير الواقعي، أي الاستثمار العقلاني في قطاعات التربية والتعليم والصحة والإعلام والمعلوماتية، إلا أنه منذ منتصف الثمانينات أثبتت التجارب أهمية الموارد البشرية في تحقيق النمو الاقتصادي، الأمر الذي يفسر حرص المجتمعات الأوروبية على التلازم بين التحكم في المعلومات وحسن إعداد الرأسمال البشري. فمجتمع المعرفة إذن حالة من الامتياز الفكري والمعرفي والتقني، ومن التقدم العلمي والبشري، الأمر الذي شجع بعض المختصين على وصفه ب "الثورة المتعددة المعاني والاتجاهات". وقد بات واضحاً - اليوم - أننا إزاء شكل جديد من التطور المجتمعي، يعتمد في نمط سيطرته ونفوذه على المعرفة عموماً والعلمية منها على وجه الخصوص، مثلما يعتمد على كفاءة وإنتاج المعلومات واستخدامها في جميع مناشط الحياة ومجالاتها، حيث تتعاظم مكانة صناعة المعلومات وأهميتها بوصفها الركيزة الأساسية في بناء الاقتصاد الحديث، وتعزز قوة الأنشطة المعرفية لتتبوأ أكثر المفاصل حساسية وتأثيراً في منظومة الإنتاج الاجتماعي، وغالباً ما يطلق على هذا التحول خطا (عصر ثورة - المعلومات)، ذلك لأن المعلومات لا تشكل إلا جزءاً من الثورة المعرفية التي تقوم على العلم والتقدم والتكنولوجيا في مجالات البيولوجيا، ونظريات الكم / الكونتا، وميادين الاتصالات والمعلوماتية، وعلى التفاعل المستمر بين هذه الحقول المعرفية الثلاثة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البيلاوي ، حسن. إدارة المعرفة في التعليم، ص13-15.
(2) وناس المنصف، مجتمع المعرفة والإعلام، 2002، ص 18 .
|
|
بـ3 خطوات بسيطة.. كيف تحقق الجسم المثالي؟
|
|
|
|
|
دماغك يكشف أسرارك..علماء يتنبأون بمفاجآتك قبل أن تشعر بها!
|
|
|
|
|
لمجمع العلمي يقيم دورات ومحافل لتعزيز الثقافة القرآنية ونشر تعاليمها
|
|
|