أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-2-2021
2528
التاريخ: 22-9-2016
2447
التاريخ: 6-4-2022
2278
التاريخ: 29-9-2016
2131
|
بما أنّ طول الأمل له تأثير مخرب جداً على حياة الإنسان المعنوية والأخلاقية وحتّى الدنيوية والمادية أيضاً ، فإنّ الروايات الإسلامية قد ذمت هذه الخصلة بتعبيرات مختلفة ، وأشارت إلى أسباب منطقية لذلك ، وعلى سبيل المثال نشير إلى نماذج من هذه الروايات :
1 ـ ما ورد في الحديث الشريف عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قوله : «ارْبَعَةٌ مِنَ الشَّقَاءِ جُمُودُ الْعَيْنِ وَقَسَاوَةُ الْقَلْبِ وَطُولُ الْامَلِ وَالْحِرْصِ عَلَى الدُّنْيَا» ([1]).
2 ـ ونقرأ في حديث آخر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله : «مَنْ اطَالَ امَلَهُ سَاءَ عَمَلُهُ» ([2]).
وهذا المعنى ورد بصورة أوضح في حديث آخر عن هذا الإمام (عليه السلام) أنّه قال «اطْوَلَ النَّاسِ امَلاً اسْوَؤُهُمْ عَمَلاً» ([3]).
3 ـ وورد في نهج البلاغة في الخطبة 147 تعبيراً عميقاً في هذا المجال قال : «انَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِطُولِ آمَالِهِمْ وَتَغَيُّبِ آجَالِهِمْ حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ الْمَوْعُودُ الّذي تُرَدُّ عَنْهُ الْمَعْذِرَةُ وَتُرْفَعُ عَنْهُ التَّوْبَةُ».
4 ـ وفي حديث آخر عن فاطمة بنت الحسين (عليهما السلام) عن أبيها الإمام الحسين (عليه السلام) عن جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : «انَّ صَلَاحَ اوَّلِ هَذِهِ الْامَّةِ بِالزُّهْدِ وَالْيَقِينِ وَهَلَاكَ آخِرِهَا بِالشُّحِّ (بِالشَّكِّ) وَالْامَلِ» ([4]).
وبديهي أنّ من العوامل المهمة لانتصار المسلمين في صدر الإسلام هو الإيمان واليقين الراسخ بالإضافة إلى عدم اهتمامهم بزخارف الدنيا وبريقها ، حيث تسبب ذلك في أن يرد المسلمون الأوائل إلى ميدان القتال والجهاد بشجاعة فائقة وشوق بالغ فلم يكونوا يرون إلّا الله تعالى ولا يتحركون إلّا في خط الطاعة والتقوى ولا يديرون ظهورهم إلى الأعداء من موقع الهزيمة والتخاذل.
ولكن عند ما امتدت إليهم الآمال الطويلة وملكتهم العلائق الدنيوية وخدعتهم ظواهر الدنيا حلّ الشك والترديد محلّ اليقين ، والشغف بأُمور الدنيا محلّ الزهد ، وبدءوا يتراجعون أمام أعدائهم ويسلكون سبيل التخلف والانحطاط الحضاري والثقافي ، فلا سبيل لهم اليوم لتجديد عظمتهم الاولى سوى احياء تيْنَك الأصلين الرئيسيّين.
5 ـ وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «الْامَلُ سُلْطَانُ الشَّيَاطِينِ عَلَى قُلُوبِ الْغَافِلِينَ» ([5]).
6 ـ وجاء في حديث آخر عن هذا الإمام أيضاً انه وصف مثل هؤلاء الأشخاص بعنوان شرّ الناس وقال : «شَرُّ النَّاسِ الطَّوِيلُ الْامَلِ ، السَّيّىءُ الْعَمَلِ» ([6]).
وكذلك ورد في حديث آخر عن هذا الإمام أيضاً قوله : «انَّ الْمَرْءَ يُشْرِفُ عَلَى امَلِهِ فَيَقْطَعُهُ حُضُورُ اجَلِهِ ، فَسُبْحَانَ اللهِ لَا امَلٌ يُدْرَكُ وَلَا مُؤَمَّلٌ يُتْرَكُ» ([7]).
7 ـ وفي حديث شريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «اشْرَفُ الْغِنَى تَرْكُ الْمُنَى» ([8]).
لأن التمنيات الطويلة والعريضة تتسبّب في أن يعيش الإنسان الحاجة والفقر في نفسه دائماً ويمدّ يده في سبيل إشباع هذه الحاجة إلى أيّ شخص وبذلك يحقق شخصيته ويسحق حيثيّته الإنسانية من أجل هدف لن يصل إليه أبداً.
8 ـ ونقرأ في حديث آخر عن هذا الإمام قوله : «كَذَّبَ مَنِ ادَّعَى الْايمَانَ وَهُوَ مَشْغُوفٌ مِنَ الدُّنْيَا بِخِدَعِ الْامَانِيِّ وَزُورِ الْمَلَاهِيِّ» ([9]).
ومن الواضح أنّ المتعلق بالدنيا والمشغوف بزخارفها وملذاتها فإنه ومن أجل الوصول إلى كلّ شيء منها لا بدّ له أن ينسى كلّ شيء يشدّه إلى الحقيقة والواقع ومن ذلك سوف يُصاب الإيمان بالإهتزاز والضعف.
9 ـ وكذلك ورد عن هذا الإمام في حديث قصير ومليء بالمعنى أنّه قال : «الْامَانِيُّ تُعْمَى عُيُونَ الْبَصَائِرِ» ([10]).
10 ـ وورد في حديث عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنّه قال يوماً لأصحابه «أَكُلُّكُمْ يُحِبُّ انْ يَدْخُلَ الجَنّةَ؟».
«قَالُوا نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ»
قال : «قَصِّرُوا مِنَ الْامَلِ وَاجْعَلُوا آجَالَكُمْ بَيْنَ ابْصَارِكُمْ وَاسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ» ([11]).
11 ـ وأيضاً نقرأ في حديث آخر عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال : «انَّ الْامَلَ يُذْهِبُ الْعَقْلَ ، وَيُكَذِّبُ الْوَعْدَ ، وَيَحِثُّ عَلَى الْغَفْلَةِ وَيُورِثُ الْحَسْرَةَ» ([12]).
12 ـ ونختم هذا البحث برواية اخرى عن رسول الله بعنوان (مسك الختام) ، فقد ورد في هذا الحديث أنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أخذ ثلاثة أعواد فغرس عوداً بين يديه والآخر إلى جانبه وأما الثالث فأبعده وقال : هلا تدرون ما هذا؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : «هَذَا الْانْسَانُ! وَهَذَا الْاجَلُ! وَهَذَا الْامَلُ يَتَعَاطَاهُ ابْنُ آدَمَ وَيَخْتَلِجَهُ الْاجَلُ دُونَ الْامَلُ!» ([13]).
الأحاديث الشريفة أعلاه والّتي هي غيض من فيض الروايات المذكورة في المصادر الإسلامية في باب طول الأمل تبين بوضوح سعة دائرة الخطر وعمق الفاجعة المترتبة على هذه الرذيلة الأخلاقية ، وتؤكد على أنّ الآمال الطويلة والتمنيات العريضة تُعد من أشد أعداء سعادة الإنسان والمانع القوي أمام حركته في خط القرب الإلهي والإيمان والانفتاح على الله.
[1] تفسير القرطبي ، ج 5 ، ص 3618 ، ورد شبيهاً له مع اختلاف يسير في بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 16.
[2] بحار الأنوار ، ج 70 ، ص 163 ، ح 19.
[3] تصنيف غرر الحكم ، ص 312.
[4] بحار الأنوار ، ج 70 ص 164.
[5] تصنيف غرر الحكم ، ص 312.
[6] المصدر السابق.
[7] غرر الحكم ، ص 313.
[8] نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة 34 و 211.
[9] تصنيف غرر الحكم ، ص 312 ، ح 7223.
[10] غرر الحكم ، ح 1375.
[11] المحجّة البيضاء ، ج 8 ، ص 246.
[12] ميزان الحكمة ، ج 1 ، ص 3 ، مادّة أمل.
[13] ميزان الحكمة ، ج 1 ، ص 104 ؛ المحجّة البيضاء ، ج 8 ، ص 245.
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|