أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-19
125
التاريخ: 2024-11-17
271
التاريخ: 12-9-2016
369
التاريخ: 12-9-2016
366
|
لا خلاف بين أهل العلم بالسير أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما نزل المدينة وادع يهودا كافة على غير جزية، والموادعة والمهادنة شيء واحد منهم بنو قريظة والنضير والمصطلق لأن الإسلام كان ضعيفا بعد وفيهم نزل قوله تعالى ((فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ)) (1) فإذا تحاكم أهل الذمة [الهدنة خ ل] إلينا لم يجب على الحاكم أن يحكم بينهم بل هو بالخيار في ذلك فأما أهل الذمة فالحكم فيهم أيضا مثل ذلك، وقد روى أصحابنا أنهم إذا تحاكموا إلى حاكم المسلمين حملهم على حكم الإسلام.
وأهل الذمة إذا فعلوا ما لا يجوز في شرع الإسلام نظر فيه فإن كان غير جائز في شرعهم أيضا كما لو زنوا أو لاطوا أو سرقوا أو قتلوا أو قطعوا (2) كان الحكم في ذلك كالحكم بين المسلمين في إقامة الحدود لأنهم عقدوا الذمة بشرط أن تجرى عليهم أحكام المسلمين، وإن كان ذلك مما يجوز في شرعهم مثل شرب الخمر ولحم الخنزير ونكاح ذوات المحارم فلا يجوز أن يتعرض لهم ما لم يظهروه ويكشفوه لأنا نقرهم عليه ونترك التعرض لهم فيه لأنهم عقدوا الذمة وبذلوا الجزية على هذا. فإن أظهروا ذلك وأعلنوه منعهم الإمام وأدبهم على إظهاره، وقد روى أصحابنا أنه يقيم عليهم الحدود بذلك وهو الصحيح.
إذا جاءنا نصراني قد باع من مسلم خمرا أو اشترى من مسلم خمرا أبطلناه بكل حال تقابضا أو لم يتقابضا ورددنا الثمن إلى المشتري فإن كان مسلما استرجع الثمن وأرقنا الخمر لأنا لا نقضي على المسلم برد الخمر وجوزنا إراقتها لأن الذمي عصى بإخراجها إلى المسلم فاريقت عليه، وإن كان المشتري المشرك رددنا إليه الثمن ولا نأمر الذمي برد الخمر بل نريقها لأنها ليست كمال الذمي.
يكره للمسلم أن يقارض النصراني أو يشاركه لأنه ربما يشترى ما ليس بمباح في شرعنا فإن فعل صح القراض لأن الظاهر أنه لا يفعل إلا المباح، وينبغي إذا دفع إليه المال أن يشترط ألا يتصرف إلا فيما هو مباح في شرعنا لأن الشرط يمنع من ذلك لكن يلزمه الضمان متى خالف. فإذا دفع عليه [إليه خ ل] المال لم يخل إما أن يشترط أو لا يشترط فإن شرط عليه ذلك فابتاع خمرا أو خنزيرا فالابتياع باطل سواء ابتاعه بعين المال أو في الذمة لأنه خالف الشرط فلا يجوز أن يقبض الثمن فإن قبضه فعليه الضمان، وإن دفع اليه المال مطلقا فابتاع مالا يجوز ابتياعه فالبيع باطل فإن دفع الثمن فعليه الضمان أيضا لأنه ابتاع ما ليس بمباح عندنا وإطلاق العقد يقتضي أن يبتاع لرب المال ما يملكه رب المال فإذا خالف فعليه الضمان.
وأما استرجاع المال عند المفاضلة فإنه ينظر فإن كان رب المال علم أنه ما يصرف إلا في مباح فعليه قبض ماله منه، وإن علم أنه يصرف في محظور أو خالطه محظور حرم عليه أن يقبض منه، وإن أشكل كره لكنه جائز.
وإذا أكرى نفسه من ذمي فإن كانت الإجارة في الذمة صح لأن الحق ثابت في ذمته فإن كانت معينة فإن استأجره ليخدمه شهرا أو بينى له شهرا صح أيضا ويكون أوقات العبادات مستثناة منها.
فإن أوصى بعبد مسلم لمشرك لم يصح لأن المشرك لا يملك المسلم، وقد قيل: إنه يملكه إذا قبل الوصية ويلزم رفع اليد عنه كما لو ابتاعه والأول أوضح، وعلى الوجه الثاني أنه إن أسلم وقبل الوصية صح وملكه بعد موت الموصى وعلى الوجه الأول لا يملك، وإن أسلم صح وملكه لأن الوصية وقعت في الأصل باطلة.
فأما إذا أوصى مسلم أو مشرك لمشرك بعبد مشرك فأسلم العبد قبل موت الموصى ثم مات فقبله الموصى له فإنه لا يملكه، وقيل: إنه يملكه ويلزم رفع يده عنه بالبيع والأول أوضح لأن الاعتبار في الوصية حال اللزوم وهي حالة الوفاة.
والمشرك ممنوع من شراء المصاحف إعزازا للقرآن فإن اشترى لم يصح البيع وفي الناس من قال يملكه ويلزم الفسخ والأول أصح، وهكذا حكم الدفاتر التي فيها أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآثار السلف وأقاويلهم حكمها حكم المصاحف سواء، وأما كتب الشعر والأدب واللغة ونحو ذلك فشراؤها جائز لأنه لا حرمة لها.
إذا أوصى أن يبنى كنيسة أو بيعة أو موضع لصلاة أهل الذمة فالوصية باطلة لأن ذلك معصية والوصية بمعصية الله باطلة بلا خلاف، وكذلك إن أوصى أن يستأجر به خدما للبيعة والكنيسة ويعمل به صلبانا أو يستصبح به أو يشترى أرضا فتوقف عليها أو ما كان في هذا المعنى كانت الوصية باطلة لأنها إعانة على معصية.
ويكره للمسلم أن يعمل بناء أو تجارة أو غيره في بيعهم وكنائسهم التي تتخذونها لصلاتهم فأما إذا أوصى ببناء بيت أو كنيسة لمار الطريق والمجتاز منهم أو من غيرهم أو وقفها على قوم يسكنونها أو جعل كراها للنصارى أو لمساكينهم جازت الوصية لأنه ليس في شيء من ذلك معصية إلا أن يبنى لصلواتهم وكذلك إذا أوصى للرهبان والشمامسة (3) جازت الوصية لأنه صدقة التطوع عليهم جائزة.
إذا أوصى بشيء يكتب له التورية والإنجيل والزبور وغير ذلك من الكتب القديمة فالوصية باطلة لأنها كتب مغيرة مبدلة قال الله تعالى ((يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ)) (4) وقال عز وجل ((فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللّهِ)) (5) وهي أيضا منسوخة فلا يجوز نسخها لأنه معصية والوصية بها باطلة. فإن أوصى أن يكتب طب أو حساب ويوقف جاز لأن في ذلك منافع مباحة والوصية بها جائزة.
___________________
(1) المائدة 42.
(2) في بعض النسخ [كزنا واللواط والقتل والقطع].
(3) الشماس كشداد من رؤوس النصارى دون القسيس. هكذا في هامش المطبوع.
(4) المائدة 13 .
(5) البقرة 79 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|