إعادة بناء ثقافة المنظمة 

تشير الثقافة التنظيمية Organizational Culture إلى مجموعة الاتجاهات النفسية Attitudes السائدة في المنظمة والقيم Values والعادات والتقاليد Customes ومعايير السلوك Norms المتعارف عليها داخل المنظمة. وبالرغم من أن هذه الأمور غير ملموسة ولا يمكن مشاهدتها بوضوح إلا أنه حين استقرارها في المنظمة يكون لها تأثير كبير على سلوك العاملين والمنظمة ككل.

وحين تستقر الثقافة التنظيمية في وجدان المنظمة ويصبح لها جذور راسخة يظهر أن هذه الجذور تعبر عن عناصر معينة للثقافة، وهي : 

* حساسية المنظمة والعاملين فيها نحو رغبات العملاء.

* حساسية المنظمة والعاملين فيها نحو احتياجات العاملين.

* درجة الحرية في المبادرة بأفكار جديدة.

* رغبة العاملين والمديرين في تحمل المخاطر، والدخول في مجالات غير تقليدية.

* درجة الانفتاح في الاتصال بأي طرف لإنجاز العمل.

ويستطيع القارئ ذو الخبرة بعدة منظمات أن يجد كيف أن المنظمات المختلفة التي لديها ثقافات مختلفة، تشير إلى اختلاف في الاتجاهات والقيم والتقاليد ومعايير السلوك. بل إن المنظمات المتشابهة في الأعمال ( مثل شركات البترول ) قد تختلف تماماً في طريقة العمل الداخلي فيها، وفي سلوك العاملين فيها، فتجد شركة أكثر حساسية من الأخرى نحو رغبات واحتياجات العملاء والعاملين والمجتمع، وتجد شركة تشجع الأفكار الجديدة والإبداع والابتكار، بينما شركة أخرى يتسم العمل فيها بالروتينية والتقليدية وعدم تشجيع الأفكار الجديدة. وتجد شركة يتحمل فيها المديرون المخاطر باتخاذ قرارات ريادية وجديدة، بينما شركة أخرى لا تشجع المديرين على ريادة موضوعات جديدة يتحملون فيها مخاطر، بل يجب التقيد بنظام العمل بالشركة. وتجد أيضاً إحدى الشركات تشجع عامليها ومديريها على الاتصال بأي شيء في أي مكان وبأي أسلوب اتصال ما دام هذا يؤدي إلى الكفاءة، بينما شركة أخرى تفرض على العاملين فيها التقيد بقنوات الاتصال الرسمية المرعية داخل المنظمة.

الدور الذى تلعبه الثقافة التنظيمية

حال استقرار ورسوخ الثقافة التنظيمية داخل إحدى المنظمات، يكون لها تأثير بالغ على جوانب كثيرة. ويوضح شكل (5-3) الوظائف التي تحققها الثقافة التنظيمية، وهي كالآتي (ماهر، 2005) :

(1) توضيح معايير السلوك الواجب الالتزام بها

وبينما هذا يعتبر حيوياً للأعضاء الجدد في المنظمة، فإنه مهم لتذكير الأعضاء الحاليين، ولتعظيم تصرفاتهم داخل المنظمة. فأي من التصرفات السلوكية مقبول؟ وأي منها مستهجن ؟ يتم تحديد ذلك عبر الزمن بواسطة الثقافة التنظيمية.

(2) الشعور بالانتماء للمنظمة

تعتبر الثقافة التنظيمية بمثابة الشخصية للمنظمة فلها صفات وملامح وهوية محددة، وبمرور الزمن يصبح العاملون منتمين إلى هذه الصفات والملامح والهوية، إلى درجة ظهور ما يطلق عليه المواطنة التنظيمية Organizational Citizenship. ويؤدي الشعور بالمواطنة إلى أداء أفضل.

(3) الالتزام بأهداف المنظمة

ومن قوة انتماء العاملين إلى منظمتهم يلتزمون بأهداف المنظمة، وما تود أن تحققه من رسالة واستراتيجيات ومشروعات وبرامج. فحينما يشعر العاملون أنهم منتمون إلى منظمتهم فهم على استعداد لمساعدتها في تحقيق أهدافها.

وقد يشعر القارئ أن المنظمة يكون بداخلها ثقافة واحدة، وعلى القارئ أن يعرف أن للمنظمة ثقافة واحدة وعامة ، ومن الممكن أن يظهر بداخلها أنواع أخرى من الثقافات الجزئية حسب قطاعات العمل بها أو مستوياتها التنظيمية. فمصانع الشركة يمكن أن تكون ملامح الثقافة فيها تركز على الجودة، بينما إدارة المبيعات تركز على خدمة العملاء، أو تمثيل الشركة بشكل (طيب)، والإدارة المالية والحسابات تركز على الدقة في تسجيل الحسابات (أو خدمة مصالح المساهمين). وقد ترى فئة الكاتبات والسكرتيرات ذات ثقافة خاصة بحسن المظهر وتمثيل الإدارة العليا بمظهر مشرف.