أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-7-2020
2238
التاريخ: 9-7-2022
1762
التاريخ: 28-3-2020
2640
التاريخ: 2024-08-27
295
|
هل أن الأخلاق قابلة للتغيير؟
إنّ مصير علم الأخلاق وكلّ الأبحاث الأخلاقية ، يتوقف على الإجابة عن هذا السؤال ، إذ لو لا قابليتها للتغيير لأصبحت كلّ برامج الأنبياء التربويّة والكتب السماويّة ، ووضع القوانين والعقوبات الرّادعة ، لا فائدةٍ ولا معنى لها.
فنفس وجود تلك البرامج التربويّة وتعاليم الكتب السماويّة ، ووضع القَوانين في المجتمعات البشريّة ، هو خير دليل على قابليّة التغيير في الملكات والسلوكيّات الأخلاقيّة لدى الإنسان ، وهذه الحقيقة لا يعتمدها الأنبياء (عليهم السلام) فحسب ، بل هي مقبولةٌ لدى جميع العقلاء في العالم.
والأَعجبْ من هذا ، والغريب فيه ؛ أنَّ علماء الأخلاق والفلاسفة ألّفوا الكتب الكثيرة حول هذا السؤال : «هل أنّ الأخلاق قابلة للتغيير أم لا»؟!
فالبعض يقول : إنّ الأخلاق غير قابلة للتغيير ، فمن كانت ذاته ملوَّثة في الأصل يكون مجبولاً على الشرّ ، وعلى فرض قبوله لعمليّة التّغيير ، فإنّه تغيير سطحي ، وسرعان ما يعود إلى حالته السّابقة.
ودليلهم على ذلك ، بأنّ الأخلاق لها علاقةٌ وثيقةٌ مع الرّوح والجسد ، وأخلاق كلُّ شخصٍ تابعة لكيفية وجود روحه وجسمه ، وبما أنّ روح وجسد الإنسان لا تتبدلان ، فالأخلاق كذلك لا تتبدل ولا تتغير.
وفي ذلك يقول الشاعر أيضاً :
إذا كان الطّباع طِباعَ سوءٍ |
|
فلا أدبٌ يفيد ولا أديبُ |
واستدلوا على ذلك أيضاً ، بمقولة تأثر الأخلاق بالعوامل الخارجية ؛ وأنّ الأخلاق تخضع لمؤثّراتٍ خارجيَّةٍ من قبيل الوعظ والنّصيحة والتأديب ، فبزوال هذهِ العوامل ، تعود الأخلاق لحالتها الاولى ، فهي بالضّبط كالماء البارد ، الذي يتأثر بعوامل الحرارة، فعند زوال المؤثّر ، يعود الماء لحالته السّابقة.
ومما يؤسف له وجود هذا الّنمط من التّفكير والإستدلال ، حيث أفضى لتردي المجتمعات البشريّة وسُقوطها!
أمّا المؤيدون لتغيير الأخلاق ، فقد أجابوا على الدّليلين السّابقين وقالوا :
1 ـ لا يمكن إنكار علاقة الأخلاق وارتباطها بالرّوح والجسم ، ولكنه في حدّ (المقتضي) ؛ وليس (العلّةَ التّامةَ) لها ، وبعبارةٍ اخرَى يمكن أن تهيّىء الأرضيّة لذلك ، لكن ذلك لا يعني بالضّرورة أنّها ستؤثر تأثيراً قطعيّاً فيها ، من قبيل مَن يولد من أبوين مريضين ، فإنّ فيه قابليةٌ على الابتلاء بذلك المرض ، ولكن وبالوقاية الصّحيحة ، يمكن أن يُتلافى ذلك المرض من خلال التّصدي للعوامل الوراثية المتجذرة في بدن الإنسان.
فالأفراد الضّعاف البَنية يمكن أن يصبحوا أشداء ، بالإلتزام بقواعد الصّحة وممارسة الرّياضة البدنية ، وبالعكس يمكن للأشداء ، أن يصيبهم الضّعف والهزال ، إذا لم يلتزموا بالامور المذكورة أعلاه.
وعلاوةً على ذلك يمكن القول ؛ أنّ روح وجسم الإنسان قابلانِ للتغيير ، فكيف بالأخلاق التي تعتبر من معطياتهما؟
نحن نعلم ، أنّ كلّ الحيوانات الأهليّة اليوم ، كانت في يومٍ ما بَرّيّةً ووحشيّةً ، فأخذها الإنسان وروّضها وجعل منها أهليةً مطيعةً له ، وكذلك كثير من النّباتات والأشجار المثمرة ، فالذي يستطيع أن يُغيِّر صفات وخُصوصيّات النبّات والحيوان ، ألا يستطيع أن يغيّر نفسه وأخلاقه؟
بل توجد حيوانات روّضِت ، لِلقيام بأعمالٍ مخالفةٍ لطبيعتها ، وهي تُؤدّيها بأحسن وجهٍ!.
2 ـ وممّا ذُكر أعلاه ، يتبيّن جواب دليلهمِ الثّاني ، لأنّ العوامل الخارجيّة قد يكون لها تأثيرها القوي جداً ، ممّا يؤدّي إلى تغير خصوصيّاتها الذاتيّة بالكامل ، وستؤثر على الأجيال القادمة أيضاً ، من خلال العوامل الوراثيّة ، كما رأينا في مثال : الحيوانات الأهليّة.
ويقصّ علينا التأريخَ قصصاً ، لُاناسٍ كانوا لا يراعون إلّاً ولا ذِمّةً ، ولكن بالتّربية والتّعليم تغيّروا تَغيُّراً جَذريّاً ، فمنهم من كان سارقاً محترفاً ؛ فأصبح عابداً متنسّكاً مشهوراً بين الناس.
إنّ التعرّف على كيفية نشوء الملكات الأخلاقيةٍ السّيئة يعطينا القُدرة والفرصة لإزالتها ، والمسألة هي كالتّالي : إنّ كلّ فعلٍ سيّءٍ أو حسنٍ يخلّف تأثيره الإيجابي أو السّلبي في الروح الإنسانية ، بحيث يجذب الروح نحوه تدريجياً ، وبالتّكرار سوف يتكرّس ذلك الفعل في باطن الإنسان ، ويتحول إلى كيفيّةٍ تسمى : (بالعادة) ، وإذا إستمرت تلك العادة تحوّلت إلى (مَلَكَةٍ).
وعلى هذا ، وبما أنّ المَلَكات والعادات الأخلاقيّة السّيئة ، تنشأ من تكرار العمل ، فإنّه يمكن مُحاربتها بواسطة نفس الطّريقة ، طبعاً لا يمكننا أن ننكر تأثير التّعليم الصّحيح والمحيط السّالم ، في إيجاد المَلَكات الحَسنة ، والأخلاق الصّالحة ، في واقع الإنسان وروحه.
وهناك «قولٌ ثالثٌ» ، : وهو أنّ بعض الصّفات الأخلاقيّة قابلةٌ لِلتغير ، وبعضها غير قابل ، فالصّفات الطّبيعيّة والفطريّة غير قابلةٍ لِلتغير ، ولكنّ الصّفات التي تتأثّر بالعوامل الخارجيّة يمكن تغييرها ([1]).
وهذا القول لا دليل عليه ، لأنّ التّفصيل بين هذهِ الصّفات ، مدعاة لقبول مَقولة الأخلاق الفطريّة والطبيعيّة ، والحال أنّه لم يثبت ذلك ، وعلى فرض ثُبوته ، فمن قال بأنّ الصّفات الفطريّة غير قابلةٍ لِلتغيّر والتّبدّل؟. ألم يتمكن الإنسان من تغيير طِباع الحيوانات البريّة؟.
ألا يمكن لِلتربية والتّعليم ، أن تَتَجذّر في أعماق الإنسان وتغيّره؟.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|