المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16642 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
عزل أعضاء مجلس إدارة الشركة العامة
2024-06-26
خصائص الشركات العامة
2024-06-26
تشكيل مجلس ادارة الشركة
2024-06-26
مبيد روکاکلاميد Rocaglamide (مبيدات حشرية كيموحيوية غير تجارية)
2024-06-26
مبيد بايبرساید Pipercide (مبيدات حشرية كيموحيوية غير تجارية)
2024-06-26
الاسلام وبعض أساليب الغرب
2024-06-26

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


آيات الله في عالم الحياة  
  
1743   05:27 مساءاً   التاريخ: 13-11-2015
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : نفحات القران
الجزء والصفحة : ج2 ، ص 73- 86.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / الإعجاز القرآني / الإعجاز العلمي والطبيعي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-5-2016 1313
التاريخ: 23-11-2014 1594
التاريخ: 2023-10-01 1094
التاريخ: 7-10-2014 1730

إنّ ظاهرة الحياة هي أعقد ظواهر هذا العالم حسب ما نعلم ، ظاهرة حَيّرت عقول كل العلماء ، وقد مضت آلاف السنين والعلماء يفكرون فيها ، لكن هذا اللغز لم يُحلّ لحد الآن.

 

ما هو السبب الذي أدّى‏ إلى‏ أن تضع الموجودات الجامدة وبطفرة عجيبة ، أقدامها في مرتبة الحياة والعيش فتكون لها تغذية ونمو وتناسل؟! من الممكن أن يصنع الإنسان جهازاً بالغ التعقيد (كالعقول الالكترونية المتطورة جدّاً) بعد قرون من التجارب ، وهذا بدوره شاهد على‏ سعة اطلاع ومعرفة من صنعوه ، ولكن هذا الجهاز الدقيق والمعقد للغاية لا ينمو أبداً ، ولا يداوي أو يرمم كسوره وعيوبه ، ولا يتناسل بصورة مبدأيةٍ مطلقاً.

أمّا الكائنات الحيّة ، فإنّها فضلًا عن بنائها الدقيق والمعقد والمذهل إلى‏ أقصى‏ الحدود ، فانّها تستطيع القيام بهذه الأعمال وأعمال أخرى‏ كثيرة ، والقليل من المطالعة حول وضعها يشكل آية واضحة ودليلًا بيّناً على‏ العلم والقدرة اللامتناهية لخالقها.

يُكثر القرآن من الاستناد إلى‏ موضوع الحياة والموت في آياته المختلفة ضمن قضية إثبات وجود الله ، ونفي الشرك بأنواعه ، ويؤكد عليه كثيراً ، والحق أنّه كذلك.

بعد هذه الإشارة نقرأ خاشعين الآيات الكريمة أدناه :

1- {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى‏ يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْحىِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى‏ تُؤفَكُوْنَ}. (الانعام/ 95)

2- {كَيْفَ تَكْفُروُنَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيْتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيْكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُوْنَ}. (البقرة/ 28)

3- {هُوَ يُحْيِى وَيُمِيْتُ وإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}. (يونس/ 56)

4- {وَهُوَ الَّذِىْ يُحْىِ وَيُمِيْتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ والنَّهارِ أَفَلا تَعْقِلُوْنَ}. (المؤمنون/ 80)

5- {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ يُحْيِى وَيُمِيْتُ وَمَالَكُمْ مِّنْ دُوْنِ اللَّهِ مِنْ وَلِىٍّ وَلا نَصِيْرٍ}. (التوبة/ 116)

6- {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِى ويُمِيْتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الأوَّلِيْنَ}. (الدخان/ 8)

7- {أَلَمْ تَرَ الَى الَّذِى حَآجَّ ابراهِيمَ فى رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ ابْراهِيْمُ رَبِّيَ الَّذِى يُحْيِى وَيُمِيْتُ قَالَ أَنَا أُحْيِى وَأُمِيْتُ}. (البقرة/ 258)

8-{إِنّا نَحْنُ نُحْيِى وَنُمِيْتُ وإِليْنَا الْمَصِيْرُ}. (ق/ 43)

9- {اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيْتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيْكُم هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَّنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِّنْ شي‏ء سُبْحَانَهُ وَتَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُوْنَ}. (الروم/ 40)

10- {واللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَسْمَعُوْنَ}. (النحل/ 65)

شرح المفردات :

«الحياة» : يقول الراغب في المفردات : تستخدم الحياة في معان مختلفة : الحياة النباتية ، الحياة الحسية (حياة الحيوانات) ، الحياة العقلانية (حياة البشر) ، الحياة بمعنى‏ زوال الغم والهم والحزن ، الحياة الأخروية الخالدة ، والحياة المذكورة كونها إحدى‏ الصفات الإلهيّة ، ويأتي لكل واحدة منها بشاهد من الآيات القرآنية.

ولكن في‏ «مقاييس اللغة» يُذكر لهذه المفردة معنيان أساسيان ، أحدهما الحياة مقابل الموت ، والآخر «الحياء» وهو ما يقابل الوقاحة والصلافة.

غير أن البعض يعتقد برجوع المعنيين إلى‏ أصل واحد ، لأنّ الذي يتمتع بالحياة والخجل إنّما يصد نفسه عن الضعف والعجز ويتحرك باتجاه الخير والطهارة ، وإن كان الثعبان العظيم يسمى‏ ب «الحية» فذلك لشدّة تحركها التي تعتبر من أبرز آثار الحياة والعيش ، وتسمى‏ القبيلة ب «الحي» بلحاظ امتلاكها حياةً اجتماعيةً وجماعيةً «1».

وبالطبع فإنّ لهذه المفردة معانٍ كنائية كثيرة من جملتها «الإيمان» في مقابل الكفر ، و«الطراوة» في مقابل الذبول ، و«الحركة» في قبال السكون ، ويطلق على‏ التحية اسم‏ «التحية» من باب أنّ فيها طلباً للسلامة والحياة.

«الموت» : هو بالضبط النقطة المقابلة للحياة ، لهذا كانت له أنواع مختلفة يقابل كل منها نوعاً من أنواع الحياة ، منها «الموت النباتي» كما في قول القرآن حول المطر {أَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً} (ق/ 11) .

و«الموت الحيواني» و«الموت العقلاني» أي الجهل.

و«الموت» بمعنى‏ الغم والحزن كما يقول القرآن الكريم : {وَيَأتِيْهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ}. (ابراهيم/ 17)

«والموت» : بمعنى‏ النوم ، كما قالوا : «النوم موت خفيف» مثلما أنّ الموت نوم ثقيل.

وَاعتبر البعض‏ «الموت» بمعنى‏ الإنحلال التدريجي للكائن الحي ، و«الموتة» حالة شبيهة بالجنون ، وكأنّ العقل والعلم يموتان في تلك الحالة.

كما أنّ البعض فرّق بين‏ «الميِّت‏» و«المائت» وقالوا : الميت هو الميت أمّا «المائت» فهو الموجود في حالة الانحلال والانحدار نحو الموت.

ولهذه المفردة معانٍ كنائية كثيرة منها «الكفر» ، و«النوم» ، و«الخوف».

وَسميت الأرض الموات بالموات لافتقادها الحياة النباتية ، والقابلية على‏ الغرس والزراعة ، وأمّا بعد أن تُهيَّأَ للغرس والزرع فيسمونها «مهيأة».

ورد في قواميس اللغة أنّ أصل هذه المفردة هو ذهاب القوّة ، والذي يعتبر موت الكائنات الحية من مصاديقه البارزة.

خَلقُ الحياة آية الخلق

جرى‏ الاستناد في الآيات العشر أعلاه وعدد آخر من الآيات القرآنية إلى‏ قضية الحياة والموت بعنوان إحدى‏ الآيات الإلهيّة الكبيرة وعلامات الذات المقدّسة للخالق ، كان التأكيد في أغلبها على‏ حياة وموت الإنسان ، وفي بعضها على‏ الحياة والموت بشكل عام أي عند جميع الأحياء ، وفي البعض أكدت على‏ حياة وموت النباتات.

في الآية الأولى المخصصة للبحث ، ورد كلام عن فلق النواة والحبّة بواسطة القدرة الإلهيّة ، وعن استخراج الكائن الحي من الكائن الميت وبالعكس الكائن الميت من الحي ، بحيث تشمل الحياة والموت بالمعنى‏ الواسع للكلمة في النباتات والحيوانات والبشر.

الملفت للنظر أن بذور النباتات ذات جدار صلب ومحكم ، والنواة أكثر إحكاماً منه ، إذ ليس فلقها بالأمر الممكن بسهولة ، ومع هذا فالفِلْقة الخارجة من داخل الحبّة والنواة بحيث لا يمكن وصف رقتها ولطافتها ، أمّا كيف يمكن لتلك الفِلْقة اللطيفة أن تفلق تلك القلعة والحصن الحصين فتخرج من خلال جدرانه وتستمر في طريقها؟ فليس ذلك سوى‏ القدرة الإلهيّة الفريدة ، وكأنَّ عبارة : {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى‏} إشارة دقيقة إلى‏ هذا المعنى‏.

وحول كيفية إخراج اللَّه تعالى‏ الميِّت من الحيِّ والحيِّ من الميتِ ، ذكر الكثير من المفسرين الماضين الأمثلة عليها ، بخروج الدجاجة من البيضة ، والشجر والنبات من الحبة والنواة ، والإنسان من النطفة ، في حين صار من المسلّم به لدى‏ العلماء اليوم أنّ الكائنات الحية تظهر دائماً من الكائنات الحية ، أي أنّ في داخل حبة ونواة النباتات والأشجار فضلًا عن الكمية المعينة من المواد الغذائية ، توجد خلية حية هي في الحقيقة نبات وشجرة مجهرية صغيرة جدّاً وإذا استقرت في المحيط المناسب فسوف تستفيد من هذه المواد الغذائية فتنمو وتكبر ، وكذلك بالنسبة إلى نطفة الإنسان والحيوان فإنّ الخلايا الحية كثيرة ، وهي المصدر لتكاثر وتناسل الإنسان والحيوان.

أجاب بعض المفسرين المعاصرين (كالمراغي ومؤلف تفسير المنار) الذين التفتوا إلى‏ هذا الإشكال بأن هذه الخلايا الخاصة مع أنّها تسمى‏ في عرف علماء العلوم الطبيعية بالكائنات الحية ، ولكنها لا تجدر بهذه التسمية في العرف العام للناس واللغة ، لأنّ أياً من آثار الحياة والعيش لا تظهر عليها «2».

والأفضل أن نقول : إنّ المراد بخروج الكائن الحي من الميت لا يعدو أحد المعنيين التاليين :

الأول : هو بالرغم من أنّ الكائنات الحية في الظروف الحالية تخرج دائماً من البذور والحبوب والنطف الحية ، ولكن لا شك أنّ الأمر لم يكن كذلك في البداية ، لأنّ الكرة الأرضية عندما انفصلت عن الشمس كانت عبارة عن كتلة من نار ، ولم يكن عليها أي كائن حي ، ثم ظهرت أول الكائنات الحية من الكائنات غير الحية ضمن ظروف لا علم لنا بها اليوم وبأمر اللَّه بعد سلسلة من القوانين البالغة في التعقيد.

والفرضية القائلة : إنّ من الممكن للحياة أن تكون قد انتقلت من الكواكب الاخرى‏ إلى‏ الكرة الأرضية بواسطة القطع والأجرام السماوية والتي يُصّر البعض عليها ، لا تستطيع أن تحل لنا أية مشكلة ، لأنّ الإشكال يصدق على تلك الكواكب أيضاً ، فهي ولا شك كانت في البداية كتلًا محترقة ، ولا يستطيع أي كائن حي أن يتحمل تلك الظروف.

الثاني : هو أنّ البذور والحبوب والنطف الأولى‏ لم تكن إلّا موجودات صغيرة جدّاً لكنّها نمت وتطورت عن طريق تغذيتها على‏ المواد الغذائية غير الحية وهي في الحقيقة تجذب إليها الموجودات غير الحية وتحولها إلى حية ، وعليه فإنّ آلاف الآلاف وملايين الملايين من الخلايا الحية قد ظهرت من الموجودات الميتة ، وعن هذا يقال : إنّ اللَّه يخرج الميت من الحي ويخرج الحي من الميت.

والبعض قالوا : إنّ المراد بهذا التعبير ولادة «الكافر» من‏ «المؤمن» و«المؤمن» من‏ «الكافر» ، أو ولادة الجنين السقط من الإنسان الحي ، وولادة الطفل الحي من الام التي تموت فجأة ولا يزال الطفل حياً في بطنها.

ولكن ممّا لا شك فيه أنّ هذه الأقوال هي مصاديق للمفهوم الكلي للآية ولا تشمل كل مفهوم الآية ، المفهوم الأصلي للآية هو أحد المفهومين المُشار إليهما.

وعلى‏ أيّة حال فالتعقيد الذي يحيط بقضية الحياة والموت من الدرجة بحيث أنّ العلماء لا يزالون عاجزين عن فهم أسراره ، فإذا كان فهم أسرار إحدى‏ الظواهر يحتاج إلى‏ كل هذا العقل والتفكير والذكاء ، فهل يمكن إيجاد هذه الظاهرة بدون الحاجة إلى‏ أي عقل وذكاء؟!

ولهذا يقول القرآن في نهاية نفس هذه الآية : {ذلِكُمُ اللَّهُ فَأنّى‏ تُؤْفَكُوْنَ}.

تقول الآية الثانية بلهجة الاستفهام المُوبِّخ : {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنتُمْ أَمْوَاتاً فأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُم ثُمَّ يُحْيِيكمْ} وفى هذا إشارة إلى‏ أنّ قضية الحياة والموت كافية لمعرفة اللَّه.

وبتعبير آخر فإن ظاهرة الحياة والموت في عالم الخلقة من أهم الوثائق لإثبات وجود اللَّه.

إنّ الإنسان عندما يفتح عينيه ويعرف نفسه ، فإنّه يطالع هذه الوثيقة الكبيرة قبل كل شي‏ء.

ويدرك الإنسان جيداً أنّ حياته ليست من عنده لأنّه كان يوماً في عداد الموجودات غير الحية ، إذن ، ثمّة قدرةٍ وهبته الحياة ، الحياة بكل أسرارها ورموزها ، بكل دقائقها وتعقيداتها.

اعتبر بعض المفسرين‏ «الكفر» في هذه الآية بمعنى‏ «كفران النعمة» ، أي كفران نعمة الحياة والموت ، هذا الموت الذي هو مقدّمة لحياة أخرى ، ولكن الظاهر هو أنّ الكفر هنا بمعنى‏ إنكار وجود اللَّه أو إنكار توحيده مِن قبل المشركين.

بالإضافة إلى‏ أنّه جرى‏ التأكيد في هذه الآية على‏ قضية المعاد ، أي أنّ ظهور الحياة والموت تمثلان دليلًا على‏ التوحيد بالإضافة إلى كونهما دليلًا على‏ إمكان المعاد.

الآية الثالثة تُعد ضمن آيات المعاد ، ولكن كما قلنا فإنّ قضية الحياة والموت دليل على‏ إثبات وجود اللَّه وعلى‏ إثبات المعاد ، والتعبير ب {هُو يُحْيِى وَيُمِيْتُ} إشارة إلى‏ أنّ الحياة والموت بيد اللَّه فقط ، ولا يمكن لأحد سوى‏ اللَّه القادر المتعال أن يصنع مثل هذه الظاهرة المهمّة والعجيبة إلى‏ أقصى‏ الحدود.

أمّا الآية الرابعة فقد وردت ضمن آيات التوحيد في سورة (المؤمنون) ، وأكدت على‏ قضيتين «قضية الحياة والموت» ، و«قضية ذهاب وإياب الليل والنهار» ولهذين شبه كبير فيما بينهما ، الموت كالظلمة ، والحياة كالنور والضياء ، وربما كان تقديم الليل على‏ النهار من هذا الباب أيضاً ، ذلك أنّ الموت كان قبل أن تكون الحياة وكان الإنسان سابقاً أجزاءً ميتة ثم أنعم اللَّه عليه فكساه ثوب الحياة ، وسواء كان «اختلاف الليل والنهار» بمعنى‏ ذهاب وإياب الليل والنهار (من مادة (خِلفة) على‏ وزن حِرفة بمعنى‏ التناوب في المجي‏ء والحلول محل البعض) ، أو من مادة (خِلاف) بمعنى‏ التباين والاختلاف التدريجي في فصول السنة المختلفة ، وأيّاً كان المعنى‏ فهو يدل على‏ النظام الدقيق الذي يحكمهما وما يرافقه من فصول أربعة ومن بركات ناتجة عنها ، كما أنّ لقضية الموت والحياة والنظام الذي يحكمها في المجتمع الإنساني نتائج وآثاراً كثيرة لا يمكن بدونها تنظيم حياة الإنسان.

فَإذا لم يمت أحد ، لَما كانت الأرض محلًا للحياة ، وإن مات الجميع بسرعة خلت الأرض أيضاً ، ولكن خالق هذا العالم جعل فيه نظاماً دقيقاً بحيث لا تخلو الأرض من أقوام يعيشون عليها ويتمكنون من الانتفاع من مواهب الحياة ، وهذه هي سنّة اللَّه فَقوم يأتون وقوم يذهبون.

ولهذا يقول تعالى في نهاية الآية : {أَفَلا تَعْقِلُونَ} أفلا تتفكرون في قدرة الخالق وربوبيته ووحدانيته؟ وإنّ من المستحيل ظهور هذا النظام البديع من غير علم ولا تدبير.

وفي الآية السادسة جاءت قضية الحياة والموت إلى‏ جانب قضية الربوبية ، فهو اللَّه سبحانه مالككم وربّكم أنتم وآبائكم ، الأولين وهو خالق الموت والحياة.

وبشكل أساسي فإنّ قضية الموت والحياة إحدى‏ فروع ربوبية اللَّه سبحانه وتعالى ، «الربوبية» بمعنى‏ الإصلاح والتنظيم والتربية ، وهذه لا تحصل إلّا عن طريق الحياة والموت ، الحياة تعطي الإنسان إمكانية التكامل ، والموت أيضاً مقدمة لتكامل آخر وحياة جديدة في عالم أوسع.

تعكس الآية السابعة الحوار التاريخي بين النبي إبراهيم عليه السلام وجبار زمانه‏ «نمرود» ، ويبدو أنّ هذا الحوار جاء بعد قصة تحطيم ابراهيم الأصنام وظهوره كبطل من الأبطال وشياع صيته في كل مكان واضطرار نمرود إلى‏ إحضاره‏ «3».

إنّ أول سؤال سأله هذا الرجل الأناني الذي أذهب عقله غرور السلطان للنبي إبراهيم عليه السلام هو : «من إلهك؟».

فاعتمد إبراهيم قبل كل شي‏ء في جوابه على‏ ظاهرة الحياة والموت المهمّة وقال : {رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} [البقرة : 258].

فقال الجبار الطاغي نمرود مع علمه الأكيد بأحقّية كلام إبراهيم ومن أجل استغفال من حوله وتخدير عقولهم : إنني استطيع القيام بهذا أيضاً {أنا أحيي وأميت}.

لم يذكر القرآن ما صنعه نمرود من أجل إثبات ادّعائه هذا ، ولكن الكثير من المفسرين قالوا : إنّه أمر فوراً بإحضار إثنين من السجناء ، فأطلق سراح أحدهم وحكم على‏ الآخر بالموت وقال : أرأيت كيف أن الحياة والموت بيدي ؟!

والفخر الرازي استبعَدَ هذا المعنى‏ في تفسيره وهو أن يكون الحضار في مجلس نمرود من البله والسذاجة بحيث لا يدركون الفرق بين عمل نمرود وبين الحياة والموت التي تحصل عن طريق اللَّه.

ويقول : إن قصد نمرود هو قوله : أتراك تزعم أنّ اللَّه يقوم بذلك من دون أيّة واسطة؟ هذا غير صحيح ، وإن كان ذلك يحصل عن طريق الاستفادة من عالم الأسباب ، فإنّ ذلك بإمكاننا أيضاً «4».

ولكن يبدو أنّ الفخر الرازي نسي هذه النقطة ، وهي : أنّ الجهلاء في كل عصر وزمان ليسوا قليلين ، خاصة المتملقين الذين يحيطون بحكام الجور والاستبداد والتجبر.

وقد ورد ما يشبه هذا المعنى‏ في حياة موسى‏ وفرعون حيث حاول فرعون استغفال وخداع أهل مصر بكلماته الركيكة المضحكة ودعاهم إلى‏ عبادته.

إن تفسير الفخر الرازي يلائم جماعة من الفلاسفة يجتمعون مع بعضهم ويصطنعون مثل هذه السفسطات ، أمثال لو كان الفاعل فاعلًا بالواسطة لكان كذا ولو كان بلا واسطة لكان كذا.

الآية الثامنة تعتبر إيجاد الحياة والموت أمراً خاصاً باللَّه ، شأنها شأن الآية الثالثة ، وتعتبر عودة جميع الخلق إلى بارئهم عزوجل.

وفي الآية التاسعة يخاطب اللَّه تعالى‏ المشركين بلهجة حازمة فيقول : {اللَّهُ الَّذِى خَلَقَكُم ثُمَّ رَزَقَكُم ثُمَّ يُمِيْتُكُمْ ثُمَّ يُحْييكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُم مَّن يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِّنْ شَى‏ءٍ} ، هل بإمكانهم إحياء شي‏ء أو إماتته ؟ أو رزقه ؟ وما دامت كل هذه الأمور خاصة باللَّه ، فما لكم تشركون به : {سُبْحَانَهُ وَتَعالىَ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.

وأخيراً وفي الآية العاشرة والأخيرة يطرح اللَّه قضية حياة النباتات ، وهو وجهٌ مشرق ، جميل وملي‏ء بالأسرار من وجوه الحياة ، ويعرض على‏ البشر صورة الأراضي الميتة كيف يُلبس هذه الصحارى اليابسة الفاقدة للحياة لباسَ الحياة بزخة مطر واحدة أو عدة زخات ، فتتصاعد من كل جانب من جوانبها أنغام الحياة فتتجلى‏ ساحة البعث والنشور في هذه البقعة.

وَيضيف في آخر الآية : {إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} ، يسمعون انغام تحميد وتسبيح النباتات ويصغون بآذان قلوبهم لهمسات التوحيد من كل نبات يخرج من الأرض ويردد ذكر «وحده لا شريك له» : {انَّ فِى ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ}.

توضيحان‏

1- لغز الحياة الكبير

كشف تطور العلم والمعرفة البشرية النقابَ عن الكثير من الحقائق ، وأوضح العديد من قضايا هذا العالم الكبير ، ولكن كما أشرنا فعلى‏ الرغم من ذلك فما زالت هنالك الكثير من الألغاز تواجه الإنسان ، وأحد أهم هذه الألغاز هو لغز الحياة ، القضية التي لم يُمَط اللثام عن وجهها لحد الآن رغم جهود ومساعي آلاف الّآلاف من العلماء والعقول المفكرة على‏ مرّ التاريخ البشري ، وما زالت مستترة خلف ستار من الابهام.

واللطيف أن القرآن الكريم خاطب المشركين قبل أربعة عشر قرناً قائلًا : {يَا ايُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوْا لَهُ إِنَّ الَّذِيْنَ تَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَو اجْتَمَعُوا لَهُ وإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيئاً لَّايَسْتَنْقِذُوْهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}.

المثير أنّ عجز البشر اليوم عن خلق الذبابة بمقدار عجزه قبل أربعة عشر قرناً ، وعجزه أزاء هجوم الذباب والجراد وبقية الحشرات يصل إلى‏ درجة عدم جدوى‏ كل ما يستخدم من أجهزة التسميم والمكافحة الحديثة.

قد يُقال : إنّ الإنسان صنع أجهزة قيّمة أكثر أهميّة من خلق الذباب كالسفن الفضائية والعقول الألكترونية المعقدة وأمثال ذلك.

ولكن هذا خطأ كبير وقياس باطل ، إذ ليس للسفينة الفضائية أو العقل الألكتروني أي نمو أو تحول ذاتي ويستحيل أن ينجب مثيله ، ولا يمكن من داخل نفسه ترميم ما يطرأ عليه من الأضرار ، فهو لا يُصلح قطعاته التالفة أبداً ، ويحتاج إلى‏ الهداية والقيادة من خارجه ، والحال أنّ للذبابة من هذه الوجوه أفضلية واضحة على‏ تلك السفينة الفضائية أو جهاز الكومبيوتر ، ولكن كثرة الذباب أدى‏ إلى‏ تصوره من قبلنا كموجود حقير ولا أهميّة له ، ولو كانت هنالك ذبابة واحدة فقط في العالم لاتّضح آنذاك مدى‏ ما سيوليه العلماء لها من الاهتمام.

وفضلًا عن هذا فإننا لا نحتاج أساساً إلى‏ هذه المفاضلة ، فالهدف هو إيضاح أن بناء الكائن الحي حتى‏ لو كان خلية واحدة والتي أشرنا إليها إشارات واضحة في البحوث الماضية ، على‏ قدر من الغموض والتعقيد بحيث يدلّ على‏ أنّ صانعه ذو علم وقدرة غير متناهيين وذو اطلاع تام بقوانين الحياة المعقدة ، وبتعبير أصح أنّه هو الذي وضع هذه القوانين.

كيف يمكن أن تحتاج معرفة ظاهرة كهذه إلى‏ كل هذا العقل والشعور ولا يحتاج صنعها إلى‏ أي عقل أو شعور؟!

وهذا هو الأمر الذي نحن في صدد إثباته في هذه البحوث ، والذي يشكل هدف القرآن من الآيات المذكورة وآيات مشابهة أخرى‏.

نختم هذا الحديث بذكر نقطة ، وهي أنّ الحياة والعيش رغم أنّها من أبرز الظواهر ، ولكن حقيقتها غير واضحة لحدّ الآن لأحد ، إنّ ما نراهُ هو آثار الحياة التي تمثل (النمو والتحول والتغذية والتناسل ، والاحساس والحركة والتفكير) ، ولكن ما هي تلك الحقيقة التي تكون بمثابة المصدر لهذه الآثار؟ لا يعلم أحد بذلك لحد الآن ، وما زالت العقول في حيرة من ذلك.

2- هل بإمكان الإنسان صناعة كائن حي؟

لا شك أنّ الكائنات الحية وجدت في البداية من كائنات غير حية ، سواء حدث هذا الأمر على‏ الكرة الأرضية أو على‏ الكواكب السماوية الأخرى ، ولكن تحت أي ظروف ؟

ووفقاً لأي ‏معادلة حدثت هذه الطفرة العظيمة؟ إنّ هذا الأمر بقى مجهولًا لحد الآن ولم يتسن لأحد معرفته ، طبعاً أنّ البعض من العلماء يأملون بأنّهم سوف يكتشفون هذه المعادلة وهذه الظروف ، ويقولون : لعلنا في النتيجة نستطيع أن نصنع خلايا حية من مركبات غير حية .

لا أحد يعلم جدوى‏ ومنطقية هذا الأمل ؟ وهل سيتحقق مثل هذا الأمل عملياً في نهاية المطاف أم لا ؟ وعلى‏ فرض أنّ الإنسان سيكتشف ظروف بداية الحياة ومعادلتها وسوف يستطيع صناعة خلايا حية في داخل المختبرات ، ولكن يجب أن لا ننسى‏ أن :

أولًا : إنّ هذا العمل حين يأتي عن طريق تقليد عالم الخلقة وتركيب المواد المختلفة مع بعضها لن يكون سوى‏ ما يشبه الصناعات التجميعية التقليدية.

ثانياً : على‏ فرض أنّ مشكلة صناعة الخلية الحية سوف تُحل ، ولكن تبقى‏ هنالك مشكلة الكائنات المعقدة متعددة الخلايا ، كبنية الذبابة أو الجرادة أو الطائر أو الأسماك الكبيرة وأخيراً الإنسان ، فمن الذي يستطيع أن يوجد مثل ما ذكرنا عن طريق الصناعة ؟

يقول أحد العلماء وهو (البروفسور هانز) : سوف يصل الإنسان بعد ألف سنة إلى‏ سر الحياة ، ولكن هذا لا يعني أنّه سيستطيع صناعة ذبابة أو حشرة أخرى‏ أو حتى‏ خلية حية.

ثالثا : لنفترض أننا ضمنّا مثل هذه الأهداف بمعونة الهبة الإلهيّة المسماة بالعقل ، وتطورت العلوم وتقليد قوانين الطبيعة ، لكن هذا لن يكون له أدنى‏ تأثير على‏ ما نحن بصدد الوصول إليه ، لأنّه إن كان بالإمكان إيجاد خلية حية واحدة باستخدام كل هذه النماذج الموجودة والمواد الطبيعية الجاهزة يحتاج إلى‏ كل هذا العلم والمعرفة ، فما مقدار العلم والمعرفة اللازمة لخلق أنواع متعددة من الموجودات الحية بلا نموذج أو مواد سابقة ؟ هل يمكن أن نعتبر للطبيعة الجامدة الفاقدة للشعور والعقل دوراً في خلق هذه الموجودات ؟

وألفت انتباهكم إلى‏ عبارة ظريفة عن‏ «غرسي موريسن» رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك في كتاب‏ «سر خلق الإنسان» ، يقول :

«قال هيغل : أعطوني الهواء والماء والمواد الكيميائية والزمان وسوف أخلق بها إنساناً ، لكن هيغل نسي أنّه بحاجة إلى‏ نطفة وجرثومة الحياة من أجل هذا المشروع أيضاً ، إنّه بعد أن يجمع الذرات اللامرئية ويرتبها إلى‏ جانب بعضها ضمن نظام وترتيب خاص بخلقة الإنسان ، عليه أن يمنح الروح لهذا القالب! وعلى‏ فرض أنّه وُفّق للقيام بكل هذه الامور الخارقة للعادة ، هنالك احتمال واحد فقط من بين ملايين الاحتمالات لخلق حيوان لم تشاهد عين الدهور شيئاً أغرب منه ، والأعجب هو أن هيغل لن يقول بعد الموفقية في هذا الأمر أنّ هذا الموجود العجيب ظهر بحسب الصدفة والحدث ، بل يقول : «إن ذكائي ونبوغي هو الذي خلقه» «5».

تارة يتصور بعض السذج أنّ بالإمكان تبرير ظهور الحياة عن طريق الحوادث والصدف الكثيرة ، والحال أننا لو أردنا ووفق حساب الاحتمالات حساب عملية ظهور ذرة واحدة من البروتينات ، - وهي إحدى‏ المواد المكونة للكائنات الحية- عن هذا الطريق ، لما كفى‏ عمر الكرة الأرضية لظهورها!

ول «جورج والد» أستاذ علم الأحياء في جامعة «هارفارد» كلام عن شروط ظهور الحياة واستحالة إمكان خلق الحياة بالصدفة والذاتية ، هذه خلاصتُهُ :

«من أجل تشكيل البروتين يجب التحام مئات أو آلاف الجزئيات‏ «أحماض أمينية» بنِسب مختلفة وبأشكال متنوعة على‏ شكل سلسلة ، وإن عدد أنواع البروتينات لا محدود حقاً ، لأنّه لا يمكن العثور على‏ نوعين من الحيوانات يكون لهما نوع واحد من البروتينات ، إذن فجزيئات المواد العضوية تشكل مجموعة عظيمة لا حدود لتنوعها وتعقيدها يبعث على‏ الحيرة ، ومن أجل صنع موجود حي واحد لا نحتاج إلى‏ مقدار كافٍ ونسب معينة من أنواع البروتينات اللامتناهية فحسب ، بل يجب ترتيبها ترتيباً صحيحاً أيضاً ، أي أنّ بناءها له من الأهميّة ما لتركيبها الكيميائي من الأهميّة».

ثم يضيف : «إنّ بناء البروتينات معقد حقاً ، وإن اعقد الأجهزة التي صنعها الإنسان (كالعقل الألكتروني) هي بحكم الألعوبة مقابل أبسط الكائنات الحية! يكفي الإنسان أن يفكر في هذه العظمة لتتضح له استحالة الخلقة الذاتية أو بالصدفة» «6».

نختم هذا الكلام بحديث قيّم عن الإمام الصادق عليه السلام ، وحديث رفيع المعاني عن أمير المؤمنين علي عليه السلام ، للإمام الصادق عليه السلام كلام مفصل قاله للمفضّل في حديث التوحيد المعروف ب «المفضّل» حول خلقة الإنسان وأعضائه المختلفة ، يقول المفضّل :

سيدي : إنّ قوماً يقولون أنّه من صنع الطبيعة! فيجيب الإمام عليه السلام :

«سلهم عن هذه الطبيعة أهي شي‏ء له علم وقدرة على‏ مثل هذه الأفعال؟ أم ليست كذلك؟ فإن أوجبوا لها العلم والقدرة ، فما يمنعهم من إثبات الخالق؟ فإنّ هذه صنعته ، وإن زعموا أنّها تفعل هذه الأفعال بغير علم ولا عمدٍ وكان في أفعالها ما قد تراه من الصواب والحكمة ، عُلِمَ أن هذا الفعل للخالق الحكيم ، وأنّ الذي سمّوه طبيعة هو سُنة في خلقه الجارية على‏ ما أجراها عليه» «7».

ويقول أمير المؤمنين علي عليه السلام : «ولو اجتمع جميع حيوانها من طيرها وبهائمها ، وما كان من مُراحِها وسائمها وأصناف أسناخها وأجناسها ، ومتبلدة أممها ، وأكياسها ، على إحداث بعوضة ، ما قدرت على إحداثها ولا عرفت كيف السبيل إلى ايجادها ولتحيرت عقولها في علم ذلك» «8».

______________________________
(1) التحقيق في كلمات القرآن الكريم؛ مفردات الراغب ، لسان العرب؛ مجمع البحرين؛ وكتب اللغة الأخرى‏.

(2) تفسير المراغي ، ج 7 ، ص 197؛ وتفسير المنار ، ج 7 ، ص 631.

(3) ورد هذا المعنى‏ وهو أنّ الحوار أعلاه حصل بعد تحطيم الأصنام من قبل إبراهيم في عدّة تفاسير منها تفسير المراغي ج 3 ، ص 21؛ والكبير ج 7 ، ص 25.

(4) تفسير الكبير ، ج 7 ، ص 24.

(5) سر الخلق ، ص 139 إلى‏ 141.

(6) معرفة الحياة «شناخت حيات» ، ص 11 (بالفارسية).

(7) بحار الأنوار ، ج 3 ، ص 167.

(8) نهج البلاغة ، الخطبة 186.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .