أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-18
613
التاريخ: 2024-06-02
690
التاريخ: 2024-10-03
299
التاريخ: 2024-08-31
278
|
لم يقتصر الضابط الحربي بعد انتهاء خدمته في الجيش القائم على العمل في حاشية الفرعون، بل كان يضم إلى ذلك عملًا آخر في الإدارة الحكومية في البلاط أو في تولي إدارة شئون الخاصة الملكية، ومن ثم نشاهد تغيرًا خطيرًا في النفوذ العظيم الذي انتهى إلى بعض هؤلاء الضباط. والواقع أن كل الضباط العاملين حتى الذين كانوا يحملون رتبة «فارس» لم تكن لهم وظائف، وكانوا يُعدون خارج الطبقات الاجتماعية المحترمة في نظر رجال الحكومة في عهد الأسرة الثامنة عشرة؛ والسبب في ذلك راجع إلى أن طبقة الموظفين كانت تنظر إلى طبقة الجنود العاملين وضباطهم نظرة الأصيل للخسيس؛ ولذلك كانوا يعدون أنفسهم أرفع منزلة وأعلى قدرًا، كما كان الموظفون ينظرون إلى رجال الجيش نظرة الرئيس للمرؤوس؛ وذلك لأنه لم يكن بين ضباط الجيش من ينتمي إلى أسرة عريقة في المجد؛ ولهذا لم يُرَقَّ من بين رجال الجيش إلى مناصب عالية في الحكومة غير نفر قليل شملهم عطف ملكي أو قرَّبهم الفرعون لما شاهده فيهم من الكفاءة والإخلاص. ولا نزاع في أن أمثال هؤلاء الضباط الممتازين كانت تتأجج في نفوسهم نار الطموح ليثبوا إلى أعلى المراتب، وكذلك لا بد أنهم كانوا معروفين بين رجال الإدارة، غير أنه كان لزامًا عليهم أن يتخلوا عن ألقابهم الحربية التي كانوا يحملونها في الجيش. وما من شك في أن هؤلاء الضباط كان لهم من الصفات الفاضلة، والأخلاق العالية، والقوة الكامنة في نفوسهم؛ ما جعلهم يصلون إلى هذه المناصب، وما اضطر رجال الإدارة الحقيقيين إلى أن يعترفوا بكفايتهم الإدارية؛ ولذلك كان يستفيد الفرعون بهذه الكفايات؛ فكان يعين هؤلاء الضباط في مناصب متصلة به مباشرة، إما لثقته بهم، وإما لاعتبارات أخرى ذات أهمية خطيرة، وأهمها هو أن هذه الفئة لما كان أفرادها لا يستندون على أصل رفيع يشد أزرهم، ولا على ممتلكات ضخمة تحمي ظهورهم، ولا على علم غزير يرفع من شأنهم فإنهم تجنبوا كل ما يحول بينهم وبين عطف مليكهم، فلم يفكر واحد منهم في أن يأتي عملًا يغضب مولاه، هذا إلى أن من كان بينهم يشغل منصبًا خطيرًا في الدولة من المناصب المتصلة بالفرعون لا يجسر أن يعارضه في أمر من الأمور صغر أو كبر. وفضلًا عن ذلك كان للفرعون في الوقت نفسه طائفة من أولاد هؤلاء الضباط العاملين في الجيش في الإدارة اتصلوا به اتصالًا وثيقًا ليحتلوا وظائف آبائهم في مسلك الإدارة العامة للدولة. ومما تجدر ملاحظته أن التعيين في هذا الوظائف كان في بادئ الأمر ضئيل الأهمية إذا قرنا هذه الوظائف بالمراكز التي كان يتولاها الموظفون الحربيون الذين أُحِيلوا إلى المعاش من الخدمة العسكرية؛ ففي عهد «تحتمس الثالث» مثلًا نجد أن حامل العلم «آمون مسو» قد رُقي إلى مدير القصر الملكي في «طيبة»، وبَقِيَ يشغل هذا المنصب حتى عهد «أمنحتب الثالث«(1)،وفي عهد هذا الفرعون نفسه رُقي الفارس «قن آمون» مدير الحقول زوج الإله، وكذلك رُقي قائد حامية «سيلة» «نبي« (2) إلى منصب «مدير بيت الملكة»، وفي عهد «أمنحتب الثالث» كان حامل العلم «سو-منوت» يشغل وظيفة «مدير الإصطبلات» ثم «مدير سفن الملك»، وأخيرًا رُقي إلى وظيفة مدير أملاك الملكة، وبهذا المنصب أخذ يُرقى حتى أصبح من أعاظم رجال الأسرة الثامنة عشرة قوة ونفوذًا وسلطانًا(3). ولا يبعد أنه كان من رجال الجيش العامل، غير أنه لم يصلنا أي لقب حربي نُسب إليه، ومع ذلك فإنا وجدنا في النقوش القليلة التي على جدران قبره ما يصف لنا أعماله في الحروب التي شنَّها «أمنحتب الأول» و«تحتمس الأول والثاني»، وتُشعر هذه النقوش بأنه كان في باكورة حياته العملية ضابطًا ثم أصبح بعد ذلك موظفًا، هذا إلى أنه عندما كان يصحب الفرعون إلى ساحة القتال لم يحدثنا عن الحرب، بل كان يقص علينا نشاطه الإداري، ولم نجد له نقشًا واحدًا تكلم فيه عن نشاطه بوصفه ضابطًا حربيًّا؛ إذ يقول: «إنه كان مواطنًا قوي الساعد، مرافقًا للفرعون في البلاد الأجنبية الشمالية والجنوبية والغربية والشرقية، نقي الأعضاء بين القوسين، نال ذهب الشرف«(4).وقد ذكر لنا «سنموت» أنه وُلد من أبوين رقيقي الحال لا يرتكنان على حسب ولا نسب، ولهذا لم يذكر لوالده أي لقب من ألقاب الشرف، هذا إلى أنه لم يخجل من فقره ووضاعة أصله؛ يدل على ذلك أن أخاه «سن من» كان غلامًا في البلاط الفرعوني، وهذا ما يؤكده لنا «سنموت» نفسه. وتدل الأحوال على أنه قبل أن يتولى منصب مدير أملاك «حتشبسوت» لم يكن يشغل أية وظيفة أخرى من وظائف الإدارة في الحكومة، ولقد تغير مركزه في لمح البصر وأصبح ذا أهمية عظيمة على إثر وفاة «تحتمس الثاني»؛ إذ أصبحت «حتشبسوت» زوجه صاحبة السلطان في البلاد من بعده؛ فقد كانت أولًا الوصية على العرش لابنتها «نفرو رع» التي أصبحت زوجة «تحتمس الثالث»، وكان زمام الأمور في يدها منذ ذلك العهد، وبعد هذا التغيير في الحكم أصبح يُلقب «سنموت» «المدير العظيم لإدارة زوج الإله» أي الملكة. وكان «سنموت» في الوقت نفسه المدير العظيم لأملاك ولية العهد «نفرو رع»، ولكن عندما أُعلنت «حتشبسوت» في العام السابع ملكة على البلاد أصبح كذلك «سنموت» المدير العظيم لأملاك الفرعون. وقد تطوَّرت هذه الوظيفة في خلال الأسرة الثامنة عشرة تطورًا خطيرًا حتى أصبحت من أهم وظائف البلاد التي لها نفوذ عظيم في كيان الدولة، وقد لعب حاملها دورًا هامًّا فاصلًا في نهاية الأسرة الثامنة عشرة.
..............................................
1- راجع: Urk. IV, p. 1021–5.
2- راجع: Gardiner and Peet, “Sinai” , No. 59.
3- راجع: Cone funeraire 123–4A. S., I, p. 106
4- راجع: Urk. IV, p. 399.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|