أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-07
764
التاريخ: 2023-05-18
1026
التاريخ: 2023-12-22
1350
التاريخ: 2024-03-30
1003
|
الحارث بن الأحول (1):
أخرج ابن إدريس في مستطرفات السرائر (2) عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب عن الحارث بن الأحول عن بريد العجلي قال: لأبي جعفر عليه السلام أيهما أفضل في الصلاة كثرة القراءة أو طول اللبث في الركوع والسجود؟ قال: ((كثرة اللبث في الركوع والسجود في الصلاة أفضل أما تسمع لقول الله عز وجل: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [المزمل: 20] إنما عنى بإقامة الصلاة طول اللبث في الركوع والسجود))
وقد يخدش في اعتبار هذه الرواية من جهة عدم ثبوت صحة انتساب النسخة التي نقل عنها ابن إدريس الى الحسن بن محبوب ولكن مرّ في بحث سابق (3) أنّه يمكن استحصال الوثوق بمقتضى القرائن والشواهد بأنّها كانت بالفعل نسخة من كتاب المشيخة.
ولكن الملاحظ أنّ الحارث بن الأحول الراوي عن بريد العجلي ممّن لم يوثّق في كتب الرجال فقد ترجم له النجاشي (4) قائلا: (الحارث بن أبي جعفر محمد بن النعمان الأحول مولى بجيلة روى عن أبي عبد الله عليه السلام.
كتابه يرويه عدّة من أصحابنا منهم الحسن بن محبوب. أخبرنا عدة من أصحابنا رحمهم الله عن الشريف أبي محمد الحسن بن حمزة الطبري قال: حدثنا ابن بطة قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن الحارث بن محمد بكتابه).
وقال الشيخ في الفهرست (5): (الحارث بن الأحول له أصل رويناه بالإسناد الأول عن الحسن بن محبوب عن الحارث بن الأحول). وأراد بالإسناد الأول: عدة من أصحابنا عن أبي الفضل عن ابن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير.
وليس في كلاميهما ولا في كلمات غيرهما ما يقتضي وثاقة الحارث ولكن حاول الوحيد البهباني (6) إثبات قبول رواياته من جهة ما ذكره النجاشي من أنّ (كتابه يرويه عدة من أصحابنا) وكذلك رواية ابن أبي عمير وابن محبوب عنه وكونه صاحب أصل. ثم قال: (وما يومئ الى الاعتماد عليه أنّ الأصحاب ربّما يتلقّون روايته بالقبول بحيث يرجّحونها على رواية الثقات وغيرهم مثل روايته في كفّارة إفطار قضاء شهر رمضان).
أقول: أما رواية عدة من الأصحاب كتابه فلا دلالة فيه على قبول رواياته بل لا ينافي ضعفه فقد ذكر النجاشي (7) بكر بن صالح الرازي وضعّفه ثم قال: (له كتاب يرويه عدة من أصحابنا) وذكر المعلّى بن خنيس وقال: (ضعيف جداً لا يعوّل عليه له كتاب يرويه جماعة).
وأمّا كونه صاحب أصل فالحال فيه كذلك فإنّ الشيخ عدّ في الفهرست (8) الحسن بن صالح بن حي ممّن له أًصل وقال عنه في التهذيب (9): (زيدي بتري متروك العمل بما يختص بروايته).
مضافا الى أنّه لم يتأكد ما هو المقصود بالأصل في كلمات المتقدّمين وقد رجّح غير واحد منهم المحقق التستري (10) أن يكون الأصل ما كان مجرد رواية أخبار بدون نقض وإبرام وجمع بين المتعارضين وبدون حكم بصحة خبر أو شذوذ آخر ولكن لعلّ هذا التعريف لا ينسجم مع قول النجاشي (11) في مروك بن عبيد: (قال أصحابنا القمّيّون: نوادره أصل) وقول الشيخ (12) في أحمد بن الحسين القرشي: (له كتاب النوادر ومن جملة أصحابنا من عده في جملة الأصول) وقوله (13) في أحمد بن محمد بن نوح: (له كتب في الفقه على ترتيب الأصول وذكر الاختلاف فيها) وقوله (14) في بندار بن محمد (له كتب منها كتاب الطهارة كتاب الصلاة كتاب الصيام كتاب الحج كتاب الزكاة وغيرها على نسق الأصول) وقوله (15) في الحسين بن العلاء: (له كتاب يعد في الأصول) وقوله (16) في حميد بن زياد: ( له كتب كثيرة على عدد كتب الأصول ) وقوله(17) في حريز بن عبد الله (له كتب منها كتاب الصلاة كتاب الزكاة كتاب الصيام كتاب النوادر كلها في الأصول) فليتأمل.
هذا وأمّا رواية الحسن بن محبوب عن الحارث بن الأحول فلا دلالة فيها على وثاقته كما مرّ في نظائرها.
وأمّا عمل الأصحاب بخبره (18) في كفارة الإفطار في قضاء شهر رمضان فهو غير مؤكد إذ لعل جمعا منهم لم يعتدوا به ولكن حملوا صحيح هشام بن سالم (19) الوارد في الموضوع نفسه على معنى مقارب لمعناه واعتمدوا عليه ـ كما نجد ذلك في كلمات بعض المتأخّرين (20) ـ مضافاً الى أنّ أقصى ما يقتضيه عمل الأصحاب برواية هو حصول الاطمئنان لهم بصحة مضمونها ولا يدل بوجه على كون جميع رواتها من الثقات وبذلك يظهر أنّه لا يبقى من الوجوه التي ذكرها المحقّق الوحيد البهبهاني إلا وجه واحد هو رواية ابن أبي عمير عن الحارث بناءً على ما هو المختار من ثبوت أنّه لا يروي إلا عن ثقة.
ولكن الملاحظ أنّه لم يرد في شيء من الأسانيد ـ فيما تتبعته ـ رواية ابن أبي عمير عنه بلا واسطة بل المذكور في الفهرست ـ كما تقدم ـ أن أحمد بن محمد بن عيسى روى كتابه عن ابن أبي عمير عن الحسن بن محبوب عنه فلو فرض ورود سند مشتمل على رواية ابن أبي عمير عن الحارث بلا واسطة فلا وثوق بصحته بل يحتمل فيه سقوط اسم الواسطة بينهما وهو ابن محبوب. هذا ولكن لا يبعد وقوع الخطأ فيما ذكر في الفهرست من رواية ابن أبي عمير عن ابن محبوب عن الحارث وكون الصحيح روايتهما معاً عنه فيثبت ما ذكره المحقّق الوحيد البهبهاني قدّس سرّه وتوضيحه:
أنّه ورد في الفهرست في ثمانية عشر شخصا رواية كتبهم بهذا الطريق (عدة من أصحابنا (21) عن أبي المفضّل عن ابن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن الحسن بن محبوب) وهم:
1ـ حفص بن سالم أبو ولاد (22)
2-الحكم الأعمى (23)
3-الحارث بن الأحول (24)
4-حنان بن سدير (25)
5ـ داود بن كثير الرقي (26)
6ـ ربيع الأصم (27)
7ـصالح بن رزين (28)
8ـ عباد بن صهيب (29)
9ـ الفضل بن يونس (30)
10ـ محمد بن حكيم (31)
11ـ محمد بن مارد (32)
12ـ الوليد بن العلاء الوصافي (33)
13ـ يحيى اللحام (34)
14ـ يعقوب السراج (35)
15ـأبو سليمان الحمار (36)
16ـأبو محمد الواسطي (37)
17ـ أبو مريم الانصاري (38)
18ـ أبو يحيى الحنّاط (39)
ولكن الملاحظ:
أولا: أنّه لم يعثر على رواية ابن أبي عمير عن الحسن بن محبوب في شيء من الأسانيد إلا في ثلاثة موارد من الكافي المطبوع ومورد واحد من التهذيب المطبوع وهي:
1ـ ما رواه الكليني (40) عن محمد بن يحيى العطار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن الحسن بن محبوب عن داود الرقي عن العبد الصالح (عليه السلام).
2 ـ ما رواه (41) عن علي بن إبراهيم عن أبيه ابن أبي عمير عن ابن محبوب عن أبي جميلة عن سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه السلام.
3ـ ما رواه (42) عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابي عمير عن ابن محبوب عن أبي ولاد قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام.
4ـ ما رواه الشيخ (43) بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط قال: قلت: لأبي عبد الله عليه السلام.
إلا أنّ النسخ في الموردين الثاني والثالث مختلفة فقد ذكر في هامش الطبعة الحديثة من الكافي (44) أنّ في جملة من النسخ ورد المورد الثاني بهذه الصورة (..عن أبيه عن ابن محبوب عن أبي جميلة..) أي من دون ذكر ابن أبي عمير وقد رجّحه محقّق الطبعة المذكورة من جهة عدم العثور على رواية إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن محبوب بواسطة ابن أبي عمير بل إنه يروي عنه بلا واسطة ولكن يحتمل كون الصحيح (ابن أبي عمير والحسن بن محبوب) بتصحيف حرف العطف (و) الى حرف الجر (عن) بناءً على ثبوت رواية ابن أبي عمير عن أبي جميلة (45).
وأيضاً ورد المورد الثالث في التهذيب (46) بهذه الصورة: (علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن أبي ولّاد) ممّا يقتضي أنّ نسخة الشيخ من الكافي كانت خالية عن ذكر ابن أبي عمير فإنّ ما يبتدأ فيه باسم علي بن إبراهيم مقتبس من الكافي كما يظهر من المشيخة (47).
وذكر محقّق الطبعة الحديثة من الكافي (48) أنّ في جملة من النسخ (ابن أبي عمير عن ابن محبوب) ولكنّه استبعد صحته لعدم ثبوت رواية إبراهيم بن هاشم عن الحسن بن محبوب بواسطة ابن أبي عمير كما استبعد صحة ما ورد في بعض النسخ من عطف ابن محبوب على ابن أبي عمير لعدم ثبوت رواية ابن أبي عمير عن أبي ولاد.
وأمّا المورد الرابع فقد ورد في الوافي والوسائل (49) عن محمد بن عيسى عن ابن محبوب بلا واسطة ابن أبي عمير وهو الصحيح فإنّ محمد بن عيسى لا يروي عن الحسن بن محبوب بواسطته هذا بناءً على عدم ثبوت رواية ابن أبي عمير عن أبي ولّاد وإلا أمكن أن يكون الصحيح عطف ابن محبوب على ابن أبي عمير.
ومهما يكن فقد ظهر بما تقدّم أنّه لم ترد رواية ابن أبي عمير عن ابن محبوب في أسانيد كتب الأخبار إلا في موضع واحد في الكافي، وهو المورد الأول المذكور، المطابق لما ورد في الفهرست في الطريق الى كتاب داود بن كثير الرقي.
ولكن يمكن أن يقال: إنّه إذا كان ابن أبي عمير قد روى كتب ثمانية عشر رجلا من رواة الأحاديث ـ كما ورد في الفهرست ـ وقد رواها عنه أحمد بن محمد بن عيسى وهو من الرواة المكثرين في جوامع الحديث فكيف لم يتمثل ذلك إلافي موضع واحد من الكافي؟! أليس هذا يثير الريب في صحة ما ورد في الفهرست.
وثانيا: أنّ جميع الرجال الثمانية عشر الذين ورد في الفهرست أنّ أحمد بن محمد بن عيسى روى كتبهم عنهم بواسطتين هما ابن أبي عمير وابن محبوب قد وردت لهم روايات في جوامع الحديث أو رويت كتبهم في رجال النجاشي بطريق أحمد بن محمد بن عيسى بواسطة واحدة هو ابن محبوب ممّا يشهد على عدم صحّة توسّط ابن أبي عمير بين أحمد بن محمد بن عيسى وابن محبوب في أسانيد الفهرست وفيما يأتي الإيعاز الى موارد من ذلك:
1_ روى الكليني (50) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط في عدة مواضع
2_ وروى الكليني (51) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن الحكم الأعمى
3_ وروى الكليني (52) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن الحارث بن الأحول
4_ وروى الكليني (53) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن حنان بن سدير
5_ وروى الكليني (54) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن داود الرقي في عدة مواضع
6_ وروى الكليني (55) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن ربيع الأصم
7_ وروى الشيخ (56) بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن صالح بن رزين
8_ وروى الكليني (57) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عباد بن صهيب
9_ وروى الكليني (58) عن محمد بن يحي عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن الفضل بن يونس
10 _ وروى الصدوق (59) بإسناده عن الحسن بن محبوب عن محمد بن حكيم وسنده إليه في المشيخة (60) هو: محمد بن موسى بن المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري وسعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب
11_ وروى الكليني (61) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن محمد بن مارد
12_ وروى النجاشي (62) عن محمد بن محمد عن الحسن بن حمزة عن ابن بطة عن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير والحسن بن محبوب عن الوليد بن العلاء الوصافي كتابه
13_ وروى الكليني (63) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن يحيى اللحام
14_ وروى الكليني (64) عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن يعقوب السراج
15_ وروى الصدوق (65) بإسناده عن الحسن بن محبوب عن سليمان الحمار هكذا في النسخ المتداولة من الفقيه ولكن لا يبعد أن يكون فيه سقط والصحيح (عن أبي سليمان الحمار) بقرينة كون الراوي عنه هو ابن محبوب فإنّه راوي كتاب أبي سليمان كما مرّ عن الفهرست وله عنه بعض الروايات في الكافي والتهذيب (66).
وبذلك يظهر أنّه لا يتم ما ذكره السيد الأستاذ قدس سرّه في المعجم من أنّ من روى عنه الصدوق في الفقيه هو سليمان بن عبد الرحمن الحمار أبو دواد فإنّ هذا إنّما يصح لو لم يكن في العبارة سقط ولكن الأرجح وقوع السقط فيها كما مرّ
هذا وتقدّم أنّ سند الصدوق الى الحسن بن محبوب في المشيخة (67) هو: محمد بن موسى بن المتوكل عن عبد الله بن جعفر الحميري وسعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب
16 _ وروى النجاشي (68) عن الحسين عن أحمد بن جعفر عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن أبي محمد الواسطي كتابه
17_ وروى النجاشي (69) عن ابن نوح عن الحسن بن حمزة عن ابن بطة عن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عبد الغفار بن القاسم أبي مريم الأنصاري كتابه. وروى الشيخ (70) بإسناده عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن أبي مريم في موضع من التهذيب ولكن معظم روايات ابن محبوب عن أبي مريم إنّما هي مع الواسطة وهو مقتضى كونه من الطبقة الرابعة وكون ابن محبوب من السادسة فليلاحظ
18_ وروى الشيخ (71) بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن أبي يحيى الحناط
وفي ضوء ما تقدّم ينبغي الجزم بعدم صحة توسّط ابن أبي عمير بين أحمد بن محمد بن عيسى والحسن بن محبوب في الأسانيد المذكورة في الفهرست إذ لا يحتمل وقوع السقط في كل الموارد المتقدمة
وثالثا: أنّه قد وردت رواية ابن أبي عمير عن عدد من الرجال المذكورين بلا واسطة وهم:
1_ الحكم الأعمى فإنّه الحكم بن مسكين المكفوف كما نبّه عليه غير واحد منهم السيد الأستاذ (72) ويؤكّده قول الشيخ (73) في خالد بن مازن (روى عنه حكم بن مسكين الأعمى) ولابن أبي عمير روايات شتى عن الحكم بن مسكين (74).
2 – حنان بن سدير فقد روى عنه ابن أبي عمير في عدة موارد (75)
3_ داود الرقي فقد وردت رواية ابن أبي عمير عنه في موضع من التهذيب (76)
4_ الفضل بن يونس فإنّه قد روى عنه ابن أبي عمير في بعض الأسانيد (77)
5_ محمد بن حكيم فقد روى عنه ابن أبي عمير في العديد من الموارد (78)
وفي ضوء ما تقدّم فإنّ هناك احتمالين:
(الأول): أن تكون كلمة (عن ابن أبي عمير) في أسانيد الفهرست الى الرجال الثمانية عشر حشوا.
(الثاني): أن حرف الجر (عن) في قوله (عن الحسن بن محبوب) في تلك الأسانيد مصحّف (و) والأرجح هو الاحتمال الثاني:
أولا: لأنّه أخف مؤونة كما لا يخفى مضافا الى أنّ تصحيف (عن) ب (و) أو العكس متعارف في الأسانيد كما هو معلوم للمارس وأمّا اقحام اسم راوٍ ـ وهو ابن أبي عمير هنا ـ في سند الرواية اشتباهاً فهو نادر الوقوع.
وثانيا: موافقته لما ورد في رجال النجاشي ـ كما تقدّم ـ من رواية أحمد بن محمد بن عيسى كتاب الوليد بن العلاء الوصافي بواسطة كل من ابن ابي عمير والحسن بن محبوب. فإنّه مؤشّر واضح الى وقوع التصحيف فيما ورد في الفهرست من روايته له بواسطة ابن أبي عمير عن الحسن بن محبوب.
ويؤيد ذلك ما ورد في مشيخة الفقيه (79) من رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير وابن محبوب في الطريق الى عبد الرحمن بن الحجاج وما تقدّم أيضا من ثبوت رواية ابن أبي عمير عن خمسة من الرجال الثمانية عشر في أسانيد اخرى ولا يضر عدم ورود روايته عن الباقين في الأسانيد الموجودة بأيدينا فإنّه كم من شخص لم يعثر على روايته عنه إلا في موضع واحد.
يبقى هنا شيء وهو: أنّه قد يستبعد وقوع الحشو أو التصحيف بنحو واحد في موارد كثيرة من الفهرست فإنّه أمر غير طبيعي كما لا يخفى.
ولكن يمكن أن يقال: إنّ من المحتمل قويا أنّ ابن بطة ـ الذي كان فهرسته هو مستند الشيخ فيما أورده من الأسانيد المذكورة ـ كان قد ذكر الأشخاص الثمانية عشر نسقا وأورد طريقه الى كتبهم مرة واحدة ولكن الشيخ لمّا فرّق أسماءهم على أبواب فهرسته كرر ذكره فتكرر الخطأ في كتابه.
وهل كان الخطأ من ابن بطّة أو في نسخة الشيخ من فهرسته؟ فيه وجهان: وربّما يرجّح الوجه الأول لما ذكره النجاشي في ترجمة ابن بطة (80) بقوله: (في فهرست ما رواه غلط كثير قال ابن الوليد كان محمد بن جعفر بن بطة ضعيفا مخلّطا فيما يسنده).
وقال في ترجمة جهم بن حكيم (81): (له كتاب ذكره ابن بطة وخلط إسناده تارة قال: حدثنا أحمد بن محمد البرقي عنه، وتارة قال: حدثنا أحمد بن محمد عن أبيه عنه)
ولكن يمكن ترجيح الوجه الثاني لما يلاحظ من عدم وقوع الخلل فيما حكاه النجاشي عن ابن بطة في الطريق الى الوليد بن العلاء الوصافي ممّا يشهد بسلامة فهرست ابن بطة من هذا الخلل وإنّما وقع في نسخة الشيخ منه، كما وقع فيه الخلل من وجه آخر، وهو أنّه ورد في عشرات الموارد رواية ابن بطة عن أحمد بن محمد بن عيسى بلا واسطة ولكن المذكور في رجال النجاشي في عشرات الموارد أيضا روايته عنه بواسطة محمد بن الحسن الصفار والظاهر أنّه هو الصحيح كما يشهد له بعض أسانيد الصدوق قدّس سرّه (82).
ويحتمل أنّ ما وقع في نسخة الشيخ من فهرست ابن بطة من الخلل والاشتباه كان من جهة أبي الفضل الشيباني الذي كان هو الراوي لها وقد قال عنه النجاشي: (كان أول أمره ثبتا ثم خلط ورأيت جلّ أصحابنا يغمزونه ويضعّفونه) وقال الشيخ (كثير الرواية حسن الحفظ غير أنّه ضعّفه جماعة من أصحابنا) وقال ابن الغضائري: (وضّاع كثير المناكير ورأيت كتبه وفيها الأسانيد من دون المتون والمتون دون الأسانيد وأرى ترك ما ينفرد به).
وأمّا نسخة النجاشي من فهرست ابن بطة فهي برواية الحسن بن حمزة الحسيني الذي قال عنه النجاشي :(كان من أجلاء هذه الطائفة وفقهائها) وقال الشيخ: (كان فاضلا أديبا عارفا فقيها زاهدا ورعا كثير المحاسن).
ومهما يكن فقد اتّضح بما تقدّم أنّ الأقرب أنّ مقتضى ما ورد في فهرست ابن بطة هو رواية ابن أبي عمير عن جمع من الرواة ممّن لا طريق لإثبات وثاقتهم غير ذلك ومنهم (الحارث بن الأحول) المبحوث عن حاله.
ولكن يمكن أن يقال: إنّه لمّا كان ابن بطة نفسه غير موثّق بل ممّن ضعّفه ابن الوليد كما تقدّم عن النجاشي وكان الراوي عنه وهو أبو الفضل الشيباني مضعّفا أيضا لا سبيل الى إحراز رواية ابن أبي عمير عن الحارث بن الأحول وأضرابه فلا مثبت لوثاقتهم فليتأمّل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|