أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-01-2015
4166
التاريخ:
3639
التاريخ: 1-5-2016
3557
التاريخ: 18-10-2015
3566
|
كانت في سنة 37 وقيل سنة 38 و الخوارج هم الذين أنكروا التحكيم الذي وقع يوم صفين وقالوا لا حكم الا الله ويقال لهم الحرورية أيضا لأنهم في أول امرهم اجتمعوا بمكان يقال له حروراء وقاتلهم علي (عليه السلام) وقتلهم بمكان يسمى النهروان وهو موضع بين بغداد وحلوان فسميت الوقعة به وأساس عقيدتهم تولي الشيخين والبراءة من الصهرين فيتولون عثمان إلى حين وقوع الاحداث ويتولون عليا إلى حين وقوع التحكيم وهم القراء الذين كانوا في صفين وقد اسودت جباههم من طول السجود وقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام) انها حيلة فلم يقبلوا واجبروه على التحكيم ثم أنكروه ثم كانت لهم وقائع مشهورة مذكورة في كتب التواريخ في زمان ملوك بني أمية وبني العباس ولا يزال منهم طائفة إلى اليوم في زنجبار والمغرب وشمال إفريقية وغيرها .
وروى الطبري في تاريخه أن عليا لما أراد أن يبعث أبا موسى للحكومة أتاه رجلان من الخوارج زرعة بن البرج الطائي وحرقوص بن زهير السعدي فقالا له لا حكم إلا لله فقال علي لا حكم إلا لله قال له حرقوص تب من خطيئتك وارجع عن قضيتك واخرج بنا إلى عدونا فقال قد أردتكم على ذلك فعصيتموني وقد كتبنا بيننا وبينهم كتابا وشرطنا شروطا وأعطينا عليها عهودنا ومواثيقنا وقد قال الله عز وجل {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: 91] فقال له حرقوص ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه قال علي ما هو ذنب ولكنه عجز من الرأي وضعف من الفعل وقد تقدمت إليكم فيما كان منه ونهيتكم عنه فقال له زرعة ؛ أما والله يا علي لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله عز وجل قاتلتك اطلب بذلك وجه الله ورضوانه .
قال علي : بؤسا لك ما أشقاك كأني بك قتيلا تسفي عليك الريح قال وددت أنه كان ذلك قال له علي لو كنت محقا كان في الموت على الحق تعزية عن الدنيا أن الشيطان قد استهواكم فاتقوا الله فخرجا من عنده يحكمان وخرج علي ذات يوم يخطب فإنه لفي خطبته إذ حكمت المحكمة في جوانب المسجد .
فقال : الله أكبر ، كلمة حق يراد بها باطل . وقال له رجل منهم يوما وهو يخطب : ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين فقال علي : فاصبر أن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون . وروى الطبري أنه لما وقع التحكيم ورجع علي من صفين رجعوا مباينين له فلما انتهوا إلى النهر أقاموا به فدخل علي في الناس الكوفة ونزلوا بحروراء قال ابن الأثير لما رجع علي من صفين فارقه الخوارج وأتوا حروراء فنزلوا بها اثنا عشر ألفا ونادى مناديهم : أمير القتال شبث بن ربعي وأمير الصلاة عبد الله بن الكواء ، والأمر شورى بعد الفتح ، والبيعة لله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فقامت الشيعة فقالوا لعلي في أعناقنا بيعة ثانية نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت ، فقالت الخوارج : استبقتم أنتم وأهل الشام إلى الكفر كفرسي رهان ، بايع أهل الشام معاوية على ما أحبوا وكرهوا وبايعتم عليا على أنكم أولياء من والى وأعداء من عادى ، فقال لهم زياد بن النضر أما والله ما بايعنا عليا إلا على كتاب الله وسنة نبيه ولكنكم لما خالفتموه جاءته شيعته فقالوا نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت ونحن كذلك وهو على الحق والهدى ومن خالفه ضال مضل .
قال الطبري وبعث إليهم ابن عباس فرجع ولم يصنع شيئا . وقال المبرد وغيره لما وجه ابن عباس إليهم ليناظرهم قال لهم ما الذي نقمتم على أمير المؤمنين قالوا له قد كان للمؤمنين أميرا فلما حكم في دين الله خرج من الايمان فليتب بعد إقراره بالكفر نعد له فقال ابن عباس ما ينبغي لمؤمن لم يشب إيمانه بشك أن يقر على نفسه بالكفر قالوا إنه حكم .
قال إن الله أمر بالتحكيم في قتل صيد قال يحكم به ذوو عدل منكم فكيف في إمامة قد أشكلت على المسلمين فقالوا إنه حكم عليه فلم يرض فقال إن الحكومة كالإمامة ومتى فسق الامام وجبت معصيته وكذلك الحكمان لما خلفا نبذت أقاويلهما فقال بعضهم لبعض اجعلوا احتجاج قريش حجة عليهم فهذا من الذين قال الله فيهم بل هم قوم خصمون وقال جل شانه وتنذر به قوما لدا . قال المبرد ثم ناظرهم أمير المؤمنين بعد مناظرة ابن عباس فكان فيما قال لهم أ لا تعلمون أن هؤلاء القوم لما رفعوا المصاحف قلت لكم ان هذه مكيدة وأنهم لو قصدوا إلى حكم المصاحف لأتوني وسألوني أ فتعلمون أن أحدا كان أكره للتحكيم مني قالوا صدقت قال فهل تعلمون أنكم استكرهتموني على ذلك حتى أجبتكم إليه فاشترطت أن حكمها نافذ ما حكما بحكم الله فمتى خالفاه فانا وأنتم من ذلك براء وأنتم تعلمون ان حكم الله لا يعدوني قالوا اللهم نعم فقالوا حكمت في دين الله برأينا ونحن مقرون بانا كفرنا ولكننا الآن تائبون فاقر بما أقررنا به وتب ننهض معك إلى الشام قال أ ما تعلمون أن الله قد أمر بالتحكيم في شقاق بين الرجل وامرأته فقال سبحانه فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها وفي صيد أصيب كأرنب يساوي نصف درهم فقال يحكم به ذوو عدل منكم فقالوا له فان عمرا لما أبى عليك أن تقول في كتابك هذا ما كتبه عبد الله علي أمير المؤمنين محوت اسمك من الخلافة وكتبت علي بن أبي طالب فقد خلعت نفسك فقال لي برسول الله (صلى الله عليه واله) أسوة حين أبي عليه سهيل بن عمرو أن يكتب هذا كتاب كتبه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو وقال لو أقررت بأنك رسول الله ما خالفتك ولكن أقدمك لفضلك فاكتب محمد بن عبد الله فقال لي يا علي امح رسول الله فقلت يا رسول الله لا تشجعني نفسي على محو اسمك من النبوة فمحاه بيده ثم قال اكتب محمد بن عبد الله ثم تبسم إلي وقال يا علي أما أنك ستسأم مثلها فتعطي فرجع معه ألفان من حروراء وكانوا تجمعوا بها فسموا الحرورية .
قال المبرد ومن شعر أمير المؤمنين الذي لا اختلاف فيه أنه قاله وكان يردده لما ساموه أن يقر بالكفر ويتوب حتى يسيروا معه إلى الشام فقال أ بعد صحبة رسول الله (صلى الله عليه واله) والتفقه في الدين ارجع كافرا ثم قال :
يا شاهد الله علي فاشهد * أني على دين النبي أحمد
من شك في الله فاني مهتدي
وفي رواية ذكرها المبرد في الكامل أيضا أنه (عليه السلام) خرج إليهم إلى حروراء فقال هذا مقام من فلج فيه اليوم فلج يوم القيامة ثم كلمهم وناشدهم فقالوا إنا أذنبنا ذنبا عظيما بالتحكيم وقد تبنا فتب إلى الله كما تبنا نعد معك فقال علي (عليه السلام) أنا استغفر الله من كل ذنب فرجعوا معه وهم ستة آلاف فلما استقروا بالكوفة أشاعوا أن عليا رجع عن التحكيم ورآه ضلالا فاتى الأشعث عليا فقال يا أمير المؤمنين إن الناس قد تحدثوا انك رأيت الحكومة ضلالا والإقامة عليها كفرا فقام علي يخطب فقال من زعم إني رجعت عن الحكومة فقد كذب ومن رآها ضلالا فقد ضل فخرجت الخوارج من المسجد فحكمت .
قال ابن أبي الحديد كل فساد في خلافة علي أصله الأشعث ولولا فعله هذا لم يكن حرب النهروان فإنه (عليه السلام) أراد أن يسلك معهم مسلك التعريض فقال لهم كلمة مجملة يقولها الأنبياء والمعصومون فرضوا بها فالجاه الأشعث إلى التصريح حيث سأله بحضور من لا يمكنه معه إلا التصريح فانتقض ما دبره .
قال الطبري لما بعث علي (عليه السلام) أبا موسى لانفاذ الحكومة اجتمعت الخوارج في منزل عبد الله بن وهب الراسي فخطبهم وقال اخرجوا بنا من هذه القرية الظالم أهلها ثم ولوه أمرهم وكاتبوا من بالبصرة وتعبدوا ليلة الجمعة ويومها وساروا يوم السبت حتى نزلوا جسر النهروان فاتى عليا أصحابه وشيعته فبايعوه وقالوا نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت فشرط لهم في سنة رسول الله (صلى الله عليه واله) فجاء ربيعة بن أبي شداد الخثعمي وكان شهد معه الجمل وصفين ومعه راية خثعم فقال له علي (عليه السلام) بايع على كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه واله) فقال على سنة أبي بكر وعمر فقال علي ويلك لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله وسنة رسوله لم يكونا على شئ من الحق فبايعه فنظر إليه علي وقال أما والله لكأني بك وقد نفرت مع هذه الخوارج فقتلت وكأني بك وقد وطأتك الخيل بحوافرها فقتل يوم النهر مع خوارج البصرة .
وأما خوارج البصرة فاجتمعوا في خمسمائة وجعلوا عليهم مسعر بن فدكي التميمي فعلم بهم ابن عباس فاتبعهم أبا الأسود الدؤلي فلحقهم بالجسر الأكبر فتواقفوا حتى حجز بينهم الليل وأدلج مسعر بأصحابه حتى لحق بعبد الله بن وهب بالنهر وقام علي (عليه السلام) في الكوفة فخطبهم فقال الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدثان الجليل أما بعد فان المعصية تورث الحسرة وتعقب الندم وقد كنت امرتكم في هذين الرجلين وفي هذه الحكومة أمري ونحلتكم رأيي لو كان لقصير أمر ولكن أبيتم إلا ما أردتم فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن :
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى * فلم يستبينوا الرشد الا ضحى الغد
إلا أن هذين الرجلين الذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما وأحييا ما أمات القرآن واتبع كل واحد منهما هواه بغير هدى من الله فحكما بغير حجة بينة ولا سنة ماضية واختلفا في حكمهم وكلاهما لم يرشد فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين استعدوا وتأهبوا للمسير إلى الشام وأصبحوا في معسكركم إن شاء الله يوم الاثنين ، ثم نزل وكتب إلى الخوارج أن الرجلين الذين ارتضينا حكمهما قد خالفا كتاب الله واتبعا أهواءهما فاقبلوا فانا سائرون إلى عدونا وعدوكم ونحن على الأمر الذي كنا عليه فكتبوا إليه إنك لم تغضب لربك إنما غضبت لنفسك فان شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا و بينك وإلا فقد نابذناك على سواء أن الله لا يحب الخائنين فايس منهم ورأى أن يدعهم ويمضي بالناس إلى أهل الشام وكتب إلى عبد الله بن عباس أمير البصرة يأمره باشخاص أهلها إليه فقرأ عليهم الكتاب وأمرهم بالشخوص مع الأحنف فشخص معه منهم ألف وخمسمائة فاستقلهم ابن عباس فخطبهم وقال لم يشخص منكم إلا ألف وخمسمائة وأنتم ستون ألفا ألا انفروا مع جارية بن قدامة السعدي وتهدد من يتأخر وأمر أبا الأسود بحشرهم فاجتمع إلى جارية ألف وسبعمائة فقدموا عليه بالنخيلة ثم جمع رؤساء أهل الكوفة وقال أنتم اخواني وأنصاري وأعواني على الحق وصحابتي على جهاد عدوي المحلين ، بكم أضرب المدبر وارجو تمام طاعة المقبل ، وطلب إليهم أن يكتب له كل رئيس ما في عشيرته فقام سعيد بن قيس الهمداني فقال يا أمير المؤمنين سمعا وطاعة وودا ونصيحة أنا أول الناس جاء بما سالت وقام معقل بن قيس الرياحي فقال له نحوا من ذلك وقام عدي بن حاتم وزياد بن خصفة وحجر بن عدي وأشراف الناس والقبائل فقالوا مثل ذلك فرفعوا إليه خمسة وستين ألفا فكانوا مع أهل البصرة ثمانية وستين ألفا ومائتين وبلغه أن الناس يقولون لو سار بنا إلى هذه الحرورية فبدأنا بهم ثم خرجنا إلى المحلين فخطبهم وقال إن غير هذه الخارجة أهم إلينا منهم فدعوا ذكرهم وسيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين ملوكا ويتخذوا عباد الله خولا فتنادوا من كل جانب سر بنا يا أمير المؤمنين حيث أحببت وقام صيفي بن فسيل الشيباني فقال يا أمير المؤمنين نحن حزبك وأنصارك نعادي من عاديت ونشايع من أناب إلى طاعتك فسر بنا إلى عدوك من كانوا وأينما كانوا فإنك إن شاء الله لن تؤتى من قلة عدد ولا ضعف نية اتباع وقام إليه محرز بن شهاب التميمي من بني سعد فقال يا أمير المؤمنين شيعتك كقلب رجل واحد في الاجماع على نصرتك والجد في جهاد عدوك فابشر بالنصر وسر بنا إلى أي الفريقين أحببت فانا شيعتك الذين نرجو في طاعتك وجهاد من خالفك صالح الثواب ونخاف في خذلانك والتخلف عنك شدة الوبال .
وقال المسعودي كان علي انفصل عن الكوفة في خمسة وثلاثين ألفا وأتاه من البصرة من قبل ابن عباس وكان عامله عليها عشرة آلاف فيهم الأحنف بن قيس وجارية بن قدامة السعدي وذلك في سنة 38 فنزل على الأنبار والتأمت إليه العساكر فخطب الناس وحرضهم على الجهاد وقال سيروا إلى قتلة المهاجرين والأنصار قد طالما سعوا في اطفاء نور الله وحرضوا على قتل رسول الله (صلى الله عليه واله) ومن معه إلا أن رسول الله أمرني بقتال الناكثين وهم هؤلاء الذين فرغنا منهم والمارقين ولم نلقهم بعد فسيروا إلى القاسطين فهم أهم علينا من الخوارج سيروا إلى قوم يقاتلونكم كيما يكونوا جبارين يتخذهم الناس أربابا ويتخذون عباد الله خولا ومالهم دولا فأبوا إلا أن يبدأوا بالخوارج (اه) وأما الخوارج فقد قال أبو العباس المبرد في الكامل انهم مضوا إلى النهروان فمن طريف أخبارهم أنهم أصابوا في طريقهم مسلما ونصرانيا فقتلوا المسلم لأنه عندهم كافر لأنه على خلاف معتقدهم واستوصوا بالنصراني وقالوا احفظوا ذمة نبيكم .
قال ونحو ذلك ان واصل بن عطاء أقبل في رفقة فأحس بالخوارج فقال واصل لأهل الرفقة ان هذا ليس من شأنكم فاعتزلوا ودعوني وإياهم وكانوا قد أشرفوا على العطب ، فقالوا شأنك ، فخرج إليهم فقالوا ما أنت وأصحابك ؟ قال قوم مشركون مستجيرون بكم ليسمعوا كلام الله ويفهموا حدوده قالوا قد أجرناكم قال فعلمونا فجعلوا يعلمونهم أحكامهم ويقول واصل قد قبلت أنا ومن معي قالوا فامضوا مصاحبين فقد صرتم اخواننا فقال بل تبلغوننا مامنا لأن الله تعالى يقول {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ } [التوبة: 6]قال فينظر بعضهم إلى بعض ثم قالوا ذاك لكم فساروا معهم بجمعهم حتى ابلغوهم المأمن .
قال ولقيهم عبد الله بن خباب صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله) في عنقه مصحف على حمار ومعه امرأته وهي حامل فقالوا له ان هذا الذي في عنقك يأمرنا بقتلك فوثب رجل منهم على رطبة سقطت من نخلة فوضعها في فيه فصاحوا به فلفظها تورعا وعرض لرجل منهم خنزير فضربه فقتله فقالوا هذا فساد في الأرض .
قال الطبري : فاتى صاحب الخنزير فأرضاه فلما رأى ذلك منهم ابن خباب قال لئن كنتم صادقين فيما أرى فما علي منكم باس أني لمسلم ما أحدثت في الاسلام حدثا ولقد آمنتموني قلتم لا روع عليك وكانوا قالوا له ذلك لما لقيهم .
قال المبرد: فقالوا له ما تقول في علي بعد التحكيم والحكومة ؟ قال : إن عليا أعلم بالله منكم وأشد توقيا على دينه وأنفذ بصيرة ، قالوا إنك لست تتبع الهدى إنما تتبع الرجال على أسمائهم ، قال الطبري : قالوا والله لنقتلنك قتلة ما قتلناها أحدا فأخذوه فكتفوه ثم أقبلوا به وبامرأته وهي حبلى متم فاضجعوه فذبحوه وسال دمه في الماء واقبلوا إلى المرأة فقالت إني إنما أنا امرأة أ لا تتقون الله فبقروا بطنها وقتلوا ثلاث نسوة من طئ وقتلوا أم سنان الصيداوية .
قال المبرد وساوموا رجلا نصرانيا بنخلة له فقال هي لكم فقالوا ما كنا نأخذها إلا بثمن فقال وا عجباه أ تقتلون مثل عبد الله بن خباب ولا تقبلون جنا نخلة إلا بثمن ، وقال المسعودي : اجتمعت الخوارج في أربعة آلاف فبايعوا عبد الله بن وهب الراسبي ولحقوا بالمدائن وقتلوا عبد الله بن خباب عامل علي عليها ذبحوه ذبحا وبقروا بطن امرأته وكانت حاملا وقتلوا غيرها من النساء.
قال الطبري فبلغ عليا قتلهم عبد الله بن خباب واعتراضهم الناس فبعث إليهم الحارث بن مرة العبدي لينظر فيما بلغه عنهم فقتلوه فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال له الناس علا م ندع هؤلاء وراءنا يخلفوننا في أموالنا وعيالنا سر بنا إليهم فإذا فرغنا مما بيننا وبينهم سرنا إلى عدونا من أهل الشام وقام إليه الأشعث الكندي فكلمه بمثل ذلك وكان الناس يتهمونه قبل أن يقول ذلك أنه يرى رأيهم فنادى علي (عليه السلام) بالرحيل وسار إليهم وقال المسعودي بعث إليهم بالحارث بن مرة العبدي رسولا يدعوهم إلى الرجوع فقتلوه وبعثوا إلى علي إن تبت من حكومتك وشهدت على نفسك بالكفر بايعناك وإن أبيت فاعتزلنا حتى نختار لأنفسنا إماما فانا منك براء فبعث إليهم علي أن ابعثوا إلي بقتلة اخواني فاقتلهم ثم أتارككم إلى أن أفرع من قتال أهل المغرب ولعل الله يقلب قلوبكم فبعثوا إليه كلنا قتلة أصحابك وكلنا مستحل لدمائهم مشتركون في قتلهم (اه) ؛ وروى إبراهيم بن ديزيل في كتاب صفين أنه لما عزم علي (عليه السلام) على الخروج من الكوفة إلى الحرورية قال له منجم من أصحابه اسمه مسافر بن عفيف الأزدي يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة وسر في ساعة كذا فإنك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصحابك أذى وضر شديد وإن سرت في الساعة التي أقول لك ظفرت وظهرت فقال له علي (عليه السلام) أ تدري ما في بطن فرسي قال إن حسبت علمت فقال من صدقك بهذا فقد كذب بالقرآن قال الله تعالى { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ } [لقمان: 34] ثم قال إن محمدا (صلى الله عليه واله) ما كان يدعي علم ما ادعيت أ تزعم أنك تهدي إلى الساعة التي يصيب النفع من سار فيها وتصرف عن الساعة التي يحيق السوء بمن سار فيها فمن صدقك بهذا فقد استغنى عن الاستعانة بالله وينبغي للموقن بامرك أن يوليك الحمد دون الله فمن آمن بك في هذا لم آمن عليه أن يكون كمن اتخذ من دون الله ضدا وندا اللهم لا طير إلا طيرك ولا ضير إلا ضيرك ولا إله غيرك ثم قال نخالف ونسير في الساعة التي نهيت عنها ثم أقبل على الناس فقال أيها الناس إياكم والتعلم للنجوم إلا ما يهتدي به في ظلمات البر والبحر إنما المنجم كالكاهن والكاهن كالكافر والكافر في النار أما والله لئن بلغني أنك تعمل بالنجوم لأخلدنك السجن ولأحرمنك العطاء ثم سار في الساعة التي نهاه عنها فظفر ثم قال لو سرنا في الساعة التي أمرنا بها لقال الناس ظفر لأنه سار في الساعة التي أمره أما أنه ما كان لمحمد (صلى الله عليه واله) منجم ولا لنا من بعده .
قال المسعودي : وأخبره الرسول الذي أرسله إليهم فأجابوه بانا كلنا قتلة أصحابك وكان من يهود السواد أن القوم قد عبروا نهر طبرستان وهذا النهر في هذا الوقت عليه قنطرة تعرف بقنطرة طبرستان بين حلوان وبغداد فقال علي والله ما عبروه ولا يقطعونه حتى نقتلهم بالرميلة دونه ثم تواترت عليه الاخبار بقطعهم لهذا النهر وعبورهم هذا الجسر وهو يأبى ذلك ويحلف أنهم لم يعبروه وإن مصارعهم دونه ؛ وقال ابن الأثير : ثم أن الخوارج قصدوا جسر النهر وكانوا غربه فقال لعلي أصحابه انهم قد عبروا النهر فقال لن يعبروا فأرسل طليعة فعاد وأخبره أنهم عبروا النهر وكان بينهم وبينه عطفة من النهر فلخوف الطليعة منهم لم يقربهم فعاد فقال إنهم عبروا النهر .
قال المدائني في كتاب الخوارج : لما خرج علي (عليه السلام) إلى أهل النهر أقبل رجل من أصحابه ممن كان على مقدمته يركض حتى انتهى إلى علي (عليه السلام) فقال البشرى يا أمير المؤمنين قال ما بشراك قال إن القوم عبروا النهر لما بلغهم وصولك فابشر فقد منحك الله أكتافهم فقال له : لله أنت رأيتهم قد عبروا قال نعم فأحلفه ثلاث مرات في كلها يقول نعم فقال علي (عليه السلام) والله ما عبروه ولن يعبروه وأن مصارعهم لدون النطفة والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لن يبلغوا الأثلاث ولا قصر بوران حتى يقتلهم الله وقد خاب من افترى ثم أقبل فارس آخر يركض فقال كقول الأول فلم يكترث علي (عليه السلام) بقوله وجاءت الفرسان تركض كلها تقول مثل ذلك فقام علي (عليه السلام) فجال في متن فرسه فلما انتهى إلى النهر وجد القوم قد كسروا جفون سيوفهم وعرقبوا خيلهم وجثوا على ركبهم وحكموا تحكيمة واحدة بصوت عظيم له زجل . قال المسعودي فسار علي فأشرف عليهم وقد عسكروا بالموضع المعروف بالرميلة .
قال ابن الأثير في الكامل تقدم علي فرآهم عند الجسر لم يعبروه وكان الناس قد شكوا في قوله وارتاب به بعضهم فلما رأوا الخوارج لم يعبروا كبروا وأخبروا عليا بحالهم فقال والله ما كذبت ولا كذبت .
قال الطبري : فلما وصل النهر بعث إليهم ادفعوا لنا قتلة اخواننا منكم نقتلهم بهم ثم أنا تارككم وكاف عنكم حتى ألقى أهل الشام فلعل الله يردكم إلى خير مما أنتم عليه فقالوا كلنا قتلتهم وكلنا نستحل دماءهم ودماءكم وخرج إليهم قيس بن سعد بن عبادة فوعظهم واحتج عليهم وقال لهم ركبتم عظيما من الأمر تشهدون علينا بالشرك وتسفكون دماء المسلمين فلم ينجع ذلك فيهم وخطبهم أبو أيوب الأنصاري فقال أنا وإياكم على الحال الأولى التي كنا عليها فعلا م تقاتلوننا فقالوا انا لو تابعناكم اليوم حكمتم غدا قال فاني أنشدكم الله أن تعجلوا فتنة العام مخافة ما يأتي في القابل وقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام) أيتها العصابة التي أخرجها عداوة المراء واللجاجة وصدها عن الحق الهوى أ لم تعلموا إني نهيتكم عن الحكومة وأخبرتكم أن طلب القوم إياها منكم مكيدة ونبأتكم أن القوم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن وإني اعرف بهم منكم عرفتهم أطفالا ورجالا وهم أهل المكر والغدر وإنكم إن فارقتم رأيي جانبتم الحزم ، فعصيتموني حتى إذا أقررت بان حكمت فلما فعلت شرطت واستوثقت فأخذت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن ويميتا ما أمات فاختلفا وخالفا حكم الكتاب والسنة فنبذنا أمرهما ونحن على أمرنا الأول فما الذي بكم ومن أين أتيتم قالوا انا حكمنا فلما حكمنا أثمنا وكنا بذلك كافرين وقد تبنا فان تبت كما تبنا فنحن منك ومعك وإن أبيت فاعتزلنا فانا منابذوك على سواء إن الله لا يحب الخائنين فقال علي أصابكم حاصب ولا بقي منكم آبر أ بعد ايماني برسول الله (صلى الله عليه واله) وهجرتي معه وجهادي في سبيل الله أشهد على نفسي بالكفر لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ، ثم انصرف عنهم فتنادوا لا تخاطبوهم ولا تكلموهم وتهيئوا للقاء الرب ، الرواح الرواح إلى الجنة ، وخرج علي فعبأ أصحابه وعبأت الخوارج .
قال الطبري ورفع علي (عليه السلام) راية أمان مع أبي أيوب فناداهم من جاء هذه الراية ممن لم يقتل فهو آمن ومن انصرف إلى الكوفة أو المدائن فهو آمن فانصرف خمسمائة فارس منهم إلى البندنيجين وخرجت طائفة إلى الكوفة وخرج إلى المدائن نحو مائة وكانوا أربعة آلاف فبقي منهم ألفان وثمانمائة وزحفوا إلى علي .
قال المسعودي : وقف عليهم علي بنفسه فدعاهم إلى الرجوع والتوبة فأبوا ورموا أصحابه فقيل له قد رمونا فقال كفوا فكرروا القول عليه ثلاثا وهو يأمرهم بالكف حتى اتي برجل قتيل متشحط بدمه فقال علي : الله أكبر الآن حل قتالهم احملوا على القوم فحمل رجل من الخوارج على أصحاب علي فجرح فيهم وجعل يغشى كل ناحية ويقول :
اضربهم ولو ارى عليا * ألبسته أبيض مشرفيا
فخرج إليه علي (عليه السلام) وهو يقول :
يا أي هذا المبتغي عليا * اني أراك جاهلا شقيا
قد كنت عن كفاحه غنيا * هلم فأبرز هاهنا اليا
وحمل عليه علي فقتله ثم خرج منهم آخر فحمل على الناس ففتك فيهم وجعل يكر عليهم وهو يقول :
اضربهم ولو أرى أبا حسن * ألبسته بصارمي ثوب غبن
فخرج إليه علي وهو يقول :
يا أيهذا المبتغي أبا حسن * إليك فانظر أينا يلقي الغبن
وحمل عليه وشكه بالرمح وترك الرمح فيه وانصرف علي وهو يقول لقد رأيت أبا حسن فرأيت ما تكره وقال المبرد لما واقفهم علي (عليه السلام) بالنهروان قال لا تبدؤوهم بقتال حتى يبدؤوكم فحمل منهم رجل على صف علي فقتل منهم ثلاثة ثم قال :
اقتلهم ولا ارى عليا * ولو بدا أوجرته الخطيا
فخرج إليه علي (عليه السلام) فضربه فقتله فلما خالطه سيفه قال يا حبذا الروحة إلى الجنة فقال عبد الله بن وهب من رؤساء الخوارج والله ما أدري إلى الجنة أم إلى النار فقال رجل منهم من بني سعد انما حضرت اغترارا بهذا الرجل يعني عبد الله واراه قد شك واعتزل عن الحرب بجماعة من الناس وقال علي (عليه السلام) لا يقتل منكم عشرة ولا يسلم منهم عشرة فقتل من أصحابه تسعة أو سبعة وسلم من الخوارج ثمانية ، وقال المسعودي أنه قال والله لا يفلت منهم الا عشرة ولا يقتل منكم عشرة فقتل من أصحاب علي تسعة ولم يفلت من الخوارج الا عشرة . ثم تنادى الخوارج الرواح الرواح إلى الجنة وشدوا على الناس .
روى أبو عبيدة معمر بن المثنى قال التفت علي إلى أصحابه فقال لهم شدوا عليهم فانا أول من يشد عليهم وحمل بذي الفقار حملة منكرة ثلاث مرات كل حملة يضرب به حتى يعوج متنه ثم يخرج فيسويه بركبتيه ثم يحمل به حتى أفناهم .
قال الطبري فاستقبلت المرامية وجوههم بالنبل وعطفت عليهم الخيل من الميمنة والميسرة ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف فما لبثوهم أن أناموهم ، ثم إن صاحب خيلهم لما رأى الهلاك نادى أصحابه إن أنزلوا فذهبوا لينزلوا فلم يستقروا حتى حملت عليهم الخيل فأهمدوا في الساعة .
وروى أبو عبيدة معمر بن المثنى قال طعن واحد من الخوارج يوم النهروان فمشى في الرمح وهو شاهر سيفه إلى أن وصل إلى طاعنه فضربه فقتله وهو يقرأ وعجلت إليك رب لترضى .
قال الطبري : وطلب من به رمق منهم فوجدوا أربعمائة رجل فامر بهم علي (عليه السلام) فدفعوا إلى عشائرهم وقال احملوهم معكم فداووهم فإذا برئوا فوافوا بهم الكوفة وخذوا ما في عسكرهم من شئ واما السلاح والدواب وما شهدوا به الحرب فقسمه بين المسلمين واما المتاع والعبيد والإماء فإنه حين قدم رده على أهله ، وكان مع الخوارج طرفة بن عدي بن حاتم قتل معهم فدفنه أبوه يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ودفن رجال من الناس قتلاهم فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) ارتحلوا إذا تقتلونهم ثم تدفنونهم فارتحل الناس (اه) وقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فاصابه .
قال ابن الأثير : ولما فرغ علي من أهل النهر حمد الله وأثنى عليه وقال إن الله قد أحسن بكم وأعز نصركم فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم بالشام قالوا يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا وكلت سيوفنا ونصلت أسنة رماحنا وعاد أكثرها قصدا فارجع بنا إلى مصرنا فلنستعد ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا ، وتولى كلامه الأشعث بن قيس فاقبل حتى نزل النخيلة فامر الناس أن يلزموا معسكرهم ويوطنوا على الجهاد أنفسهم ويقلوا زيارة أبنائهم ونسائهم فاقاموا أياما ثم تسللوا فدخلوا الكوفة وتركوا المعسكر خاليا الا رجالا من وجوه الناس ، فلما رأى ذلك دخل الكوفة وانكسر عليه رأيه في المسير ، وخطبهم مرة بعد مرة فقال : أيها الناس استعدوا للمسير إلى عدوكم ومن في جهاده القربة إلى الله عز وجل ودرك الوسيلة عنده حيارى عن الحق جفاة عن الكتاب فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا وكفى بالله نصيرا ، فلم ينفروا ، ثم دعا رؤساءهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم فمنهم المعتل ومنهم المتكره وأقلهم من نشط ، فخطبهم فقال : عباد الله ما بالكم إذا أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الأرض أ رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وبالذل والهوان من العز خلفا وكلما ناديتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة لله أنتم ما أنتم الا أسد الشري في الدعة وثعالب رواغة حين تدعون إلى الباس ما أنتم لي بثقة سجيس الليالي ما أنتم بركب يصال به لعمر الله لبئس حشاش الحرب أنتم انكم تكادون ولا تكيدون وتنتقص أطرافكم وأنتم لا تتحاشون.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|