أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-01-2015
3442
التاريخ: 30-01-2015
4302
التاريخ: 23-2-2019
2802
التاريخ: 2023-11-21
1664
|
امر علي (عليه السلام) مناديا فنادى : ألا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تدخلوا الدور ولا ترزأوا سلاحا ولا ثيابا ولا متاعا ومن القى سلاحه فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن .
وتسلل الجرحى من بين القتلى ليلا فدخلوا البصرة وجعل أمير المؤمنين (عليه السلام) يطوف على القتلى ، حكى ابن أبي الحديد عن الأصبغ ابن نباتة انه سار في القتلى يستعرضهم .
قال المفيد ومن كلامه عند تطوافه على القتلى : هذه قريش ، جدعت انفي وشفيت نفسي ، لقد تقدمت إليكم أحذركم عض السيف ولكنه الحين وسوء المصرع وأعوذ بالله من سوء المصرع ، ثم مر على معبد بن المقداد فقال : رحم الله أبا هذا لو كان حيا لكان رأيه أحسن من رأي هذا ، فقال عمار بن ياسر : الحمد لله الذي أوقعه وجعل خده الأسفل انا والله يا أمير المؤمنين لا نبالي من عند عن الحق من والد وولد ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) رحمك الله وجزاك عن الحق خيرا ، ومر بعبد الله بن ربيعة بن دراج فقال هذا البائس ما كان أخرجه ، أ دين أم نصر لعثمان ، والله ما كان رأي عثمان فيه ولا في أبيه بحسن ، ثم مر بمعبد بن زهير فقال : لو كانت الفتنة برأس الثريا لتناولها هذا الغلام ، ثم مر بمسلم بن قرظة فقال : البر اخرج هذا ؟ والله لقد كلمني ان أكلم عثمان في شئ كان يدعيه قبله بمكة فأعطاه عثمان وقال لولا أنت ما أعطيته ان هذا ما علمت بئس أخو العشيرة ، ثم جاء المشوم للحين ينصر عثمان .
ثم مشى قليلا فمر بكعب بن سور فقال هذا الذي خرج علينا في عنقه المصحف يزعم أنه ناصر امه يدعو الناس إلى ما فيه ، ثم استفتح فخاب كل جبار عنيد ، اما إنه دعا الله ان يقتلني فقتله الله ، اجلسوا كعب بن سور فاجلس : فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا كعب لقد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا ، ثم قال : اضجعوه فأضجعوه ، وفي رواية الأصبغ بن نباتة أنه قال له : ويل أمك كعب بن سور لقد كان لك علم لو نفعك ولكن الشيطان أضلك فأذلك فجعلك إلى النار أرسلوه .
قال المفيد : ومر على طلحة فقال هذا الناكث بيعتي والمنشئ الفتنة في الأمة والمجلب علي والداعي إلى قتلي وقتل عترتي ، اجلسوا طلحة فاجلس ، فقال : يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا ، اضجعوا طلحة ، وفي رواية الأصبغ ثم مر بعبد الله بن خلف الخزاعي وكان قتله بيده مبارزة وكان رئيس أهل البصرة فقال اجلسوه فاجلس فقال الويل لك يا ابن خلف لقد عاينت أمرا عظيما .
قال ابن أبي الحديد وقال شيخنا أبو عثمان الجاحظ : ومر بعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فقال اجلسوه فاجلس ، فقال هذا يعسوب قريش هذا اللباب المحض من بني عبد مناف ، ثم قال : شفيت نفسي وقتلت معشري إلى الله أشكو عجري وبجري ، قتلت الصناديد من بني عبد مناف وأفلتني الأعيار من بني جمح ؛ فقال له قائل لشد ما أطريت هذا الفتى منذ اليوم يا أمير المؤمنين ، قال : إنه قام عني وعنه نسوة لم يقمن عنك (اه) وأقام علي (عليه السلام) بظاهر البصرة ثلاثا وأذن للناس في دفن موتاهم فخرجوا إليهم فدفنوهم .
وفي مروج الذهب : خرجت امرأة من عبد القيس تطوف القتلى يوم الجمل فوجدت ابنين لها قد قتلا وقد كان قتل زوجها واخوان لها فيمن قتل قبل مجيء على البصرة فأنشأت تقول :
شهدت الحروب فشيبنني * فلم أر يوما كيوم الجمل
اضر على مؤمن فتنة * واقتله لشجاع بطل
فليت الظعينة في بيتها * وليتك عسكر لم ترتحل
(اه) كانت عبد القيس معروفة بولاء علي (عليه السلام) وابناها قتلا مع علي (عليه السلام) وزوجها واخوها قتلا في طاعته .
قال الطبري وصلى علي على القتلى من أهل البصرة والكوفة وامر فدفنت الأطراف المقطوعة من الأيدي ونحوها في قبر عظيم .
وكانت الوقعة يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخرة سنة 36 في قول الواقدي والمسعودي لكنه مر عن الطبري ان نزولهم كان في النصف من جمادي الآخرة يوم الخميس سنة 36 وانهم بقوا ثلاثة أيام لم يكن بينهم قتال وقد ذكر الطبري أيضا إن الوقعة كانت يوم الخميس ومر إن القتال استمر ثلاثة أيام وفي ذلك من التنافي ما لا يخفى لكن المسعودي قال إن وقعة الجمل كانت وقعة واحدة في يوم واحد ويمكن الجمع بان الوقعة العظمى الفاصلة كانت في يوم واحد وغيرها كان مناوشات ؛ وكان القتلى خمسة عشر ألفا قتل من أهل البصرة في المعركة الأولى خمسة الآف وفي المعركة الثانية مثلها وقتل من أهل الكوفة خمسة آلاف وقيل كان جميع القتلى عشرة آلاف نصفهم من أصحاب علي ونصفهم من أصحاب عائشة ، وقتل من ضبة ألف رجل وقتل من بني عدي حول الجمل سبعون قد قرأوا القرآن سوى الشباب ومن لم يقرأ ويقال إن أهل المدينة علموا بالوقعة يوم الخميس قبل ان تغرب الشمس من نسر مر بماء حول المدينة سقط منه كف فيه خاتم نقشه عبد الرحمن بن عتاب وعلم من بين مكة والمدينة والبصرة بالوقعة بما ينقل إليهم النسور من الأيدي والاقدام .
ثم دخل (عليه السلام) البصرة يوم الاثنين بعد الوقعة بثلاث فانتهى إلى المسجد فصلى فيه ثم دخل البصرة فاتاه الناس .
قال المفيد : فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : اما بعد فان الله ذو رحمة واسعة ومغفرة دائمة وعفو جم وعقاب أليم قضى ان رحمته ومغفرته وعفوه لأهل طاعته من خلقه وبرحمته اهتدى المهتدون وقضى أن نقمته وسطوته وعقابه على أهل معصيته من خلقه وبعد الهدى والبيانات ما ضل الضالون فما ظنكم يا أهل البصرة وقد نكثتم بيعتي وظاهرتم علي عدوي ؛ فقام إليه رجل فقال نظن خيرا ونراك قد ظهرت وقدرت فان عاقبت فقد اجترمنا وان عفوت فالعفو أحب إلى الله تعالى ، فقال قد عفوت عنكم فاياكم والفتنة فإنكم أول الرعية نكث البيعة وشق عصا هذه الأمة ثم جلس للناس فبايعوه (اه) قال الطبري : فبايعه أهلها على راياتهم حتى الجرحى والمستأمنة ، وبايع الأحنف من العشي لأنه كان خارجا في بني سعد . قال الطبري : ثم راح إلى عائشة على بغلته فلما انتهى إلى دار عبد الله بن خلف وجد النساء يبكين على عبد الله وعثمان ابني خلف ، وكان عبد الله قتل مع عائشة وعثمان قتل مع علي ، وكانت صفية بنت الحارث وهي أم طلحة الطلحات بن عبد الله بن خلف مختمرة تبكي ، فلما رأته قالت له يا علي يا قاتل الأحبة يا مفرق الجمع أيتم الله منك بنيك كما أيتمت ولد عبد الله منه ، فلم يرد عليها شيئا ، ودخل على عائشة فسلم عليها وقعد عندها .
وفي رواية : إنه لم يسمع أحد من قول علي شيئا إلا أن عائشة كانت امرأة عالية الصوت قالوا فسمعنا كهيئة المعاذير اني لم افعل ثم قال : جبهتنا صفية ، اما اني لم أرها منذ كانت جارية ، فلما خرج علي أعادت عليه أقول فكف بغلته وقال : اما لهممت وأشار إلى الأبواب من الدار أن افتح هذا الباب واقتل من فيه ثم هذا فاقتل من فيه ثم هذا فاقتل من فيه .
وكان أناس من الجرحى قد لجأوا إلى عائشة منهم مروان بن الحكم في حجرة و معه جماعة وعبد الله بن الزبير في حجرة ومعه جماعة آخرون في حجرة ، فأخبر علي بمكانهم عندها فتغافل عنهم ، فسكتت ، فخرج علي فقال رجل من الأزد : والله لا تغلبنا هذه المرأة فغضب وقال طه لا تهتكن سترا ولا تدخلن دارا ولا تهجن امرأة بأذى وان شتمن اعراضكم وسفهن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن ضعاف ولقد كنا نؤمر بالكف عنهن وأنهن لمشركات وإن الرجل ليكافئن المرأة ويتناولها بالضرب فيعير بها عقبة من بعده فلا يبلغني عن أحد عرض لامرأة فانكل به شرار الناس أقول : وهذا غاية الحلم ونهاية الصفح والكرم ومكارم الأخلاق الخارجة عن مجرى العادة .
قال الطبري : ولما فرغ أمير المؤمنين من بيعة أهل البصرة نظر في بيت المال فإذا فيه ستمائة ألف وزيادة فقسمها على من شهد معه فأصاب كل رجل منهم خمسمائة خمسمائة وقال لكم إذا أظفركم الله عز وجل بالشام مثلها إلى أعطياتكم (اه) وحكى ابن أبي الحديد عن أبي الأسود الدؤلي قال : لما ظهر علي (عليه السلام) يوم الجمل دخل بيت المال بالبصرة في أناس من المهاجرين والأنصار وأنا معهم فلما رأى كثرة ما فيه قال : غري غيري ، مرارا ثم نظر إلى المال وصعد فيه بصره وصوب وقال اقسموه بين أصحابي خمسمائة خمسمائة فقسم بينهم فلا والذي بعث محمدا بالحق ما نقص درهما ولا زاد درهما كأنه كان يعرف مبلغه ومقداره كان ستة آلاف ألف درهم اي ستة ملايين والناس اثني عشر ألفا ، أقول : هذه الرواية أقرب إلى الصواب لأن جيش أمير المؤمنين (عليه السلام) كان عشرين ألفا كما مر فقتل منه خمسة آلاف على رواية يبقى خمسة عشر ألفا وخمسة آلاف وسبعمائة على أخرى يبقى أربعة عشر ألفا وثلثمائة وكلا الروايتين وإن كان لا ينطبق على أن يكون الباقي اثني عشر ألفا إلا أن مثل ذلك التفاوت يتسامح فيه عادة في عدد الجيش وعدد من يقتل منه بخلاف رواية ستمائة ألف فانا إذا قسمناها خمسمائة خمسمائة كان الباقي من الجيش ألفا ومائتين وهو لا يقارب شيئا من الروايات ولا يطابقه فلا يبعد ان يكون ستمائة ألف تصحيف ستة آلاف ألف والله أعلم ؛ ثم حكى عن حبة العرني قال قسم علي بيت مال البصرة على أصحابه خمسمائة خمسمائة واخذ خمسمائة درهما كواحد منهم فجاءه إنسان لم يحضر الوقعة فقال يا أمير المؤمنين كنت شاهدا معك في قلبي وإن غاب عنك جسمي فاعطني من الفيء شيئا فدفع إليه الذي اخذه لنفسه ولم يصب في الفيء شيئا .
قال الطبري : وجمع ما كان في العسكر من شئ وبعث به إلى مسجد البصرة وقال من عرف شيئا فليأخذه إلا سلاحا كان في الخزائن عليه سمة السلطان (اه) ولكن ابن أبي الحديد يقول اتفقت الرواة كلها على أنه (عليه السلام) قبض ما وجد في عسكر الجمل من سلاح ودابة ومملوك ومتاع وعروض فقسمه بين أصحابه وانهم قالوا إنه أقسم بيننا أهل البصرة فاجعلهم رقيقا فقال لا فقالوا كيف تحل لنا دماؤهم ويحرم علينا سبيهم فقال كيف يحل لكم ذرية ضعيفة في دار هجرة وإسلام ، اما ما اجلب به القوم في معسكرهم عليكم فهو لكم مغنم ، واما ما دارت عليه الدور وأغلقت عليه الأبواب فهو لأهله ، فلما أكثروا عليه ، قال اقترعوا على عائشة ، فقالوا نستغفر الله .
قال المفيد : ثم كتب بالفتح إلى أهل الكوفة : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى أهل الكوفة سلام عليكم فاني احمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فان الله حكم عدل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال أخبركم عنا وعمن سرنا إليه من جموع أهل البصرة ومن تأشب إليهم من قريش وغيرهم مع طلحة والزبير ونكثهم صفقة ايمانهم فنهضت من المدينة حين انتهى إلي خبر من سار إليها وجماعتهم وما فعلوا بعاملي عثمان بن حنيف حتى قدمت ذا قار فبعثت الحسن بن علي وعمار بن ياسر وقيس بن سعد فاستنفرتكم بحق الله وحق رسوله (صلى الله عليه واله) وحقي فاقبل إلي اخوانكم سراعا حتى قدموا علي فسرت بهم حتى نزلت ظهر البصرة فأعذرت بالدعاء وقمت بالحجة وأقلت العثرة والزلة من أهل الردة من قريش وغيرهم واستتبتهم من نكثهم بيعتي وعده الله عليهم فأبوا الا قتالي وقتال من معي والتمادي في الغي فناهضتهم بالجهاد فقتل الله من قتل منهم ناكثا وولى من ولى إلى مصرهم وقتل طلحة والزبير وخذلوا وأدبروا وتقطعت بهم الأسباب فلما رأوا ما حل بهم سألوني العفو عنهم فقبلت منهم وغمدت السيف عنهم وأجريت الحق والسنة فيهم واستعملت عبد الله بن العباس على البصرة وانا سائر إلى الكوفة إن شاء الله وقد بعثت زحر بن قيس الجعفي لتسألوه فيخبركم عنا وعنهم وردهم الحق علينا ورد الله لهم وهم كارهون والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
وروى الكشي في رجاله بسنده والمفيد في الرسالة الكافية بسندين أحدهما من طريق العامة والآخر من طريق الخاصة وابن أبي الحديد في شرح النهج بألفاظ متقاربة قالوا بعث أمير المؤمنين علي (عليه السلام) بعد وقعة الجمل عبد الله بن عباس إلى عائشة يأمرها بتعجيل الرحيل وقلة العرجة .
قال ابن عباس فاتيتها وهي في قصر بني خلف في جانب البصرة فطلبت الإذن عليها فلم تأذن فدخلت من غير إذن فإذا بيت قفار لم يعد لي فيه مجلس فإذا هي من وراء ستر فضربت ببصري فإذا في جانب البيت رجل عليه طنفسة فمددت الطنفسة فجلست عليها ، فقالت من وراء الستر : يا ابن عباس أخطأت السنة دخلت بيتنا بغير إذننا وجلست على وسادتنا بغير إذننا ، فقال
لها ابن عباس : نحن أولى بالسنة منك ونحن علمناك السنة وإنما بيتك الذي خلفك فيه رسول الله (صلى الله عليه واله) فخرجت منه فإذا رجعت إلى بيتك لم ندخله إلا بأذنك ولم نجلس على وسادتك إلا بأمرك ، إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يأمرك بالرحيل إلى المدينة وقلة العرجة ، قالت وأين أمير المؤمنين ذاك عمر بن الخطاب ، قال وهذا علي بن أبي طالب ، قالت أبيت بيت ، قال اما والله إن كان اباؤك فيه إلا قصير المدة عظيم التبعة ظاهر الشؤم بين النكد ، وما كان اباؤك فيه إلا حلب شاة حتى صرت ما تامرين ولا تنهين ولا ترفعين ولا تضعين وما كنت إلا كما قال أخو بني أسد :
ما زال إهداء القصائد بيننا * شتم الصديق وكثرة الألقاب
حتى تركت كان صوتك بينهم * في كل مجمعة طنين ذباب
قال فبكت حتى سمع نحيبها من وراء الحجاب ، ثم قالت اني معجلة الرحيل إلى بلادي والله ما من بلد أبغض إلى من بلد أنتم فيه ، قال ولم ذاك ؟ وقد جعلناك للمؤمنين اما وجعلنا أباك صديقا ، قالت يا ابن عباس تمنون علي برسول الله ؟ قال ولم لا نمن عليك بمن لو كان منك قلامة منه مننت به علينا ونحن لحمه ودمه ومنه واليه وما أنت إلا حشية من تسع حشايا فصرت تامرين فتطاعين وتدعين فتجابين : ثم نهضت واتيت أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبرته بمقالتها وما رددت عليها فسر بذلك وقال لي : ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم . وفي رواية : انا كنت اعلم بك حيث بعثتك ؛ وروى الطبري ان عمار بن ياسر قال لعائشة حين فرغ القوم : يا أم المؤمنين ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليك ، قالت أبو اليقظان ؟ قال نعم ، قالت والله انك ما علمت قوال بالحق ، قال الحمد لله الذي قضى لي على لسانك . قال : وجهز علي عائشة بكل شئ ينبغي لها من مركب أو زاد أو متاع واخرج معها كل من نجا ممن خرج معها إلا من أحب المقام واختار لها أربعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات وأرسل معها أخاها محمدا وخرجت يوم السبت لغرة رجب سنة 36 ، وفي إثبات الوصية للمسعودي وكل بها نساء ملثمات اركبهن الخيل ، وفي تذكرة الخواص عن هشام الكلبي بعث معها أخاها عبد الرحمن في ثلاثين رجلا وعشرين امرأة ألبسهن العمائم وقلدهن السيوف وقال لا تعلمنها إنكن نسوة وتلثمن ولا يقرب منها رجل فلما وصلت المدينة عرفنها انهن نسوة ، وفي كامل المبرد قال عمرو بن العاص لعائشة : لوددت انك كنت قتلت يوم الجمل ، فقالت ولم لا أبا لك ؟ فقال كنت تموتين بأجلك وتدخلين الجنة نجعلك أكبر التشنيع على علي .
واستخلف أمير المؤمنين (عليه السلام) على البصرة ابن عباس وولى زيادا الخراج وبيت المال وتوجه إلى الكوفة ، ثم إن ابن عباس كتب إليه يذكر اختلاف أهل البصرة فاجابه أمير المؤمنين (عليه السلام) سأخبرك عن القوم : هم من بين مقيم لرغبة يرجوها أو عقوبة يخشاها فارغب راغبهم بالعدل عليه والإنصاف له والإحسان إليه وحل عقدة الخوف عن قلوبهم وأحسن إلى هذا الحي من ربيعة وكل من قبلك فاحسن إليهم ما استطعت إن شاء الله والسلام وكتب عبد الله بن أبي رافع في ذي القعدة سنة 36 وكتب إلى ابن عباس أيضا اما بعد فانظر ما اجتمع عندك من غلات المسلمين وفيئهم فاقسمه على من قبلك حتى تغنيهم وابعث إلينا بما فضل نفسه فيمن قبلنا والسلام ؛ وكتب (عليه السلام) إلى أمراء الجنود ان لكم عندي ان لا احتجز دونكم سرا إلا في حرب ولا أطوي عنكم أمرا إلا في حكم ولا أؤخر حقا لكم عن محله ولا أرزأكم شيئا وان تكونوا عندي في الحق سواء فان أبيتم ان تستقيموا لي على ذلك لم يكن أهون علي ممن فعل ذلك منكم ثم أعاقبه عقوبة لا يجد عندي فيها هوادة . وكتب إلى أمراء الخراج : ارحموا ترحموا ولا تعذبوا خلق الله ولا تكلفوهم فوق طاقتهم وانصفوا الناس من أنفسكم واصبروا لحوائجهم فإنكم خزان الرعية لا تتخذن حجابا ولا تحجبن أحدا عن حاجة حتى ينهيها إليكم لا تأخذوا أحدا بأحد إلا كفيلا عمن كفل عنه وإياكم وتأخير العمل ودفع الخير فان في ذلك الندم والسلام .
وروى نصر بن مزاحم في كتاب صفين بسنده انه لما قدم أمير المؤمنين (عليه السلام) من البصرة إلى الكوفة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من رجب سنة ست وثلاثين وقد أعز الله نصره وأظهره على عدوه ومعه أشراف الناس وأهل البصرة استقبله أهل الكوفة وفيهم قراؤهم وأشرافهم فدعوا له بالبركة وقالوا يا أمير المؤمنين أين تنزل ، أ تنزل القصر ؟ يعني قصر الامارة قال لا ولكني انزل الرحبة وهي محلة بالكوفة ؛ وفي رواية انه لما لحقه ثقله ، قالوا اي القصرين تنزل : فقال قصر الخبال لا تنزلونيه ، ونزل على جعدة بن هبيرة المخزومي وهو ابن أخته أم هاني تزوجها هبيرة بن أبي وهب المخزومي فأولدها جعدة وكان شريفا ؛ ويظهر من هذه الرواية انه كان بالكوفة قصران للامارة ، والخبال الفساد ، والظاهر أنه لم يرض ان ينزل بقصر الامارة وسماه قصر الخبال باعتبار من كان ينزله من بعض حكام الجور ؛ فتنزه عن أن ينزل في محل نزولهم مبالغة في انكار الظلم ولم يعلم أنه هل استمر على هجر قصر الامارة أو نزله بعد ما تمهدت له الأمور ، لم نجد في ذلك تصريحا للمؤرخين ؛ وفي طبقات ابن سعد : نزل علي الكوفة في الرحبة التي يقال لها رحبة علي في اخصاص كانت فيها ولم ينزل القصر الذي كانت تنزله الولاة قبله (اه) ولعله نزل أولا على جعدة ثم نزل الرحبة ولكن يظهر من بعض أحاديث وفاته انها كانت بالقصر فيكون قد نزله بعد ذلك ؛ وأقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى فيه ركعتين .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|