أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-7-2016
1816
التاريخ: 2024-03-13
925
التاريخ: 14/9/2022
1375
التاريخ: 21-7-2016
1687
|
التخلّي عن رذائل الأخلاق من أهمّ المهامّ أوّلاً؛ لأنّها الحجب المانعة عن المعارف الحقيقيّة والصداء للنفوس الحاجبة عن النفحات القدسيّة، فإذا اشتغلت القلوب بغيره تعالى لم يدخلها معرفته وحبّه والأنس به، كما أنّه لا مجال للهواء في الاناء المملوء من الماء.
قال النبي صلى الله عليه وآله: ((لولا أنّ الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماوات والأرض)) (1).
فإذا خلت عنها استعدّت للفيوضات المتواترة، كالمرآة مالم يذهب الصدأ عنها لم تستعدّ لارتسام الصور فيها، والبدن مالم تزل عنه العلّة لم يقبل الصحّة، فلا تنفع طاعة الا بعد تطهيرها عن ذمائم الأخلاق، والا فهو كقبر ظاهره زينة وباطنه جيفة، أو كبيت مظلم وضع السراج على ظاهره فاستنار ظاهره وباطنه مظلم.
قال النبي صلى الله عليه وآله: ((ألا إنّ لربّكم في أيّام دهركم نفحات ألا فتعرّضوا لها)) (2).
فإنّ التعرّض لها تطهير القلب عن الأخلاق الرديّة، فكلّ إقبال على طاعة وإدبار عن المعصية يثمر نوراً به يستعدّ القلب لإفاضة العلوم الحقّة.
قال الله تعالى: {والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا} (3).
وقال صلى الله عليه وآله: ((من عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم)) (4).
والرحمة الإلهيّة بحكم العناية الأزليّة عامّة للخلق غير مضنون بها على أحد، لكنّها تتوقّف على تصقيل مرآة القلب وتطهيرها عن أخباث الطبيعة، فلا حجاب من بخل من المنعم تعالى شأنه.
والنور الحاصل بعد صفاء القلب بعناية المنعم هو العلم الحق الذي لا مرية فيه لكونه من الأنوار الإلهيّة، وهو الذي أشير إليه في قوله عليه السلام: ((ليس العلم بكثرة التعلّم، بل هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء)) (5).
وفي بعض الكتب السماويّة: ((لا تقولوا: العلم في السماء من ينزل به، ولا في تخوم الأرض من يصعد به، ولا من وراء البحار من يعبر ويأتي به، العلم مجعول في قلوبكم، تأدّبوا بين يديّ بآداب الروحانيّين، وتخلّقوا إليّ بأخلاق الصدّيقين أظهر العلم من قلوبكم حتّى يغطّيكم ويعمّركم)) (6).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
((قال الله تعالى: لايزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به..)) الحديث(7).
وفي كلام أمير المؤمنين عليه السلام إشارة إليه أيضاً حيث قال: ((إنّ من أحبّ عباد الله إليه عبداً أعانه الله على نفسه فاستشعر الحزن وتجلبب الخوف، ـ إلى أن قال ـ: فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى وصار من مفاتيح أبواب الهدى ومغاليق أبواب الردى، قد أبصر طريقه، وسلك سبيله، وعرف مناره، وقطع غماره، واستمسك من العرى بأوثقها، ومن الحبال بأمتنها، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس)) (8).
وقال عليه السلام في وصف الراسخين في العلم: ((هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنسوا بما استوحشه الجاهلون، وصحبوا الدنيا بأبدان معلّقة بالمحلّ الأعلى)) (9).
وهذا العلم عبادة النفس وقربة السرّ، فكما لا تصحّ الصلاة الظاهرة الا بتطهير الظاهر من الأخباث الظاهرة، فكذا لا تصحّ عبادة الباطن الا بتطهيره من الأخباث الباطنة، كيف لا والملائكة لا يدخلون بيتاً فيه كلب، فكيف تفاض الأنوار الإلهيّة في بيوت مملوءة من كلاب نابحة؟ فكم من دقائق المعاني وغوامض الأسرار، تخطر على قلب المتجرّد للأذكار والأفكار ممّا تخلو عنها كتب التفاسير والأخبار، ولا يتفطّن بها علماء الدهور وفضلاء الأعصار، وبعد عرضها عليهم يستحسنونها ويعلمون أنّها من تنبيهات القلوب الزكيّة وألطافه البهيّة السنيّة بذوي الهمم العالية المتوجّهة إليه تعالى بالقلوب الصافية.
فظهر أنّ ما يحصل من المجادلات الفكريّة والمباحثات النظريّة من دون تصقيل لمرآة النفس عن أخباث الطبيعة ممّا لا يستحقّ أن يطلق عليه الا الخوص في فنون البطالة وتفتيح أبواب الجهالة، فإنّ للعلم الحقيقي أثراً ظاهراً ونوراً باهراً وبهجة وسروراً وطمأنينة وظهوراً وانقطاعاً عن الدنيا إلى الآخرة، وخوضاً في لجج البحار الغامرة من أبحر عظمة الله وصفاته الباهرة، وأنّى لهم الوصول إلى سعاد ودونها قلل الجبال ودونهنّ حتوف، فما يسمّونه علماً او يقيناً إمّا تصديق مشوب بشبهة أو اعتقاد جازم خالٍ عن النور والجلاء لأجل الصدأ الحاصل لقلوبهم من الجهل والعمى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المحجّة البيضاء: 2 / 125، وفيه: «ملكوت السماء» بدون والأرض.
(2) البحار: 71 / 221 مرسلاً.
(3) العنكبوت: 69.
(4) البحار: 40 / 128 نقلاً عن الفصول المختارة، وفيه «يعلم» بدل «علم».
(5) البحار: 1 / 225مع اختلاف.
(6) المحجّة البيضاء: 1 / 148 ـ 149، وفيه: «يغمركم».
(7) الكافي: 2 / 252، كتاب الإيمان والكفر، باب من آذى المسلمين، ح 8.
(8) بحار الأنوار: 2 / 56 عن نهج البلاغة.
(9) نهج البلاغة: الحكمة 147 مع اختلاف.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|