أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-05
919
التاريخ:
3675
التاريخ: 11-9-2016
3299
التاريخ: 2023-08-13
1033
|
وهناك عقدة مدنية وعقدة دينية، إذا سهل الخطب في الأولى عسر في الثانية؛ لأنها صعبة المراس، متعذرة على الانتزاع، مهما جهدت بكل جهدك، وجمعت كل عقلك، وحكم الغرب على العرب منبعث في الأصل من تباين في المعتقدات والمعتقدات وليدة التسليم والاستهواء والعادات، ومن الصعب استئصال ما تأصل في النفوس بمرور الأيام؛ لأن العناد في الاعتقاد، فطرة لا تبغي عنها النفوس البشرية حِوَلا، والعاقل من أنصف غيره من نفسه. وأهم أسباب الجفاء بين الغربيين والشرقيين في القرون الأولى من الهجرة؛ كون الإسلام جاء لهداية البشر كافة، فأتى على الوثنية في البلاد التي انتشر سلطانه فيها، ودخل فيه من الصابئة واليعاقبة والنساطرة والمجوس واليهود وغيرهم جمهور كبير، وخافت أوروبا النصرانية من تسربه إلى ربوعها، فاتفقت كلمة الملوك ورجال الدين على حربه، حتى وقفت دعوته عند جزيرتي الأندلس وصقلية وما إليهما من أرض الفرنجة، ثم نشأت الحروب الصليبية ودامت قرنين كاملين، يجيش فيهما الغرب على الشام ومصر، حتى كتبت الغلبة الأخيرة للإسلام في أرض الشام. وبديهي بعد هذه الطوائل والأحقاد التي طالت لياليها السود – خصوصًا بعد أن هزت الدولة العثمانية في العصور الأخيرة أعصاب أوروبا زمنًا، حتى دب الهرم فيها ــ أن يقول الخصم في خصمه ما قد يحط من قدره، ويصغر من أمره، ولا يفوتنا النظر أن الجهل كان فاشيًا في الغرب، وأن الدين كان آخذا بمخنق (1) كل عالم وباحث، وأن آراء المؤرخين حتى في العهد الحديث تختلف في الجوهر والعرض أحيانًا في الحادثة الواحدة؛ لأن من مظاهر هذا العصر اشتداد سلطان التحزب القومي إلى ما لم يصل إليه في عصر من عصور التاريخ. ولما انبلج فجر الأدوار الأخيرة من القرون الوسطى، وجاء دور النهضة والانتباه في الغرب أنشأ المشتغلون بتلمس الحقائق يخففون من شِرتهم على العرب، ويقللون من النيل من دينهم ومدنيتهم، وزادت معرفة الغرب للإسلام، يوم أنشأت بعض جامعات الغرب دروسًا لتعليم اللغات الإسلامية، وفي مقدمتها اللغة العربية، وذلك للدعوة إلى النصرانية في الشرق، ثم انقلب الغرض إلى درس الحضارة العربية والإسلام، من طريق العقل والنظر، وكان من مجموع هذه الأبحاث بأخرَة، استبطان أحوال الإسلام ودياره، لغرض الفتح والتجارة. يقول قاسم أمين: إن العداوة القديمة التي استمرت أجيالا بين أهل الشرق والغرب ، بسبب اختلاف الدين، كانت ولا تزال إلى الآن سببًا في أن جهل بعضهم أحوال بعض، وأساء كل منهم الظن بالآخر، وأثرت في عقولهم حتى جعلتها تتصور الأشياء على غير حقيقتها؛ إذ لا شيء يبعد الإنسان عن الحقيقة أكثر من أن يكون عند النظر إليها تحت سلطان شهوة من الشهوات؛ لأنه إن كان مخلصًا في بحثه، محبًّا للوقوف على الحقيقة، وهو ما يندر وجوده، فلا بدَّ أن تهوّش عليه شهوته في حكمه، وأدنى آثارها أن تزين له ما يوافقها وتستميله إليه، وإن كان من الذين لا منزلة للحق من نفوسهم، وهم السواد الأعظم، ضربوا دون الحق أستارًا من الأكاذيب والأوهام والأضاليل مما تسوله لهم شهوتهم، حتى لا يبقى لشعاع من أشعة الحق منفذ إلى القلوب.
.........................................
1- المخنق العنق، وأخذ منه بالمخنق إذا لزه وضيق عليه.
2- يُقال جاء أخرة وبأخرة أي أخيرًا.
3- نص الفارابي في بعض كتبه على أنه لا يُسمى العالم بعلم ما عاما بذلك العلم على الإطلاق، حتى تتوفر فيه أربعة شروط: أحدها؛ أن يكون قد أحاط معرفة بأصول ذلك العلم على الكمال، والثاني: أن تكون له قدرة على العبارة عن ذلك العلم، والثالث : أن يكون عارفًا بما يلزم عنه، والرابع: أن تكون له قدرة على دفع الإشكالات الواردة على ذلك العلم، ومن أجل هذا كان لقب عالم يضن به كثيرًا، وقد كان يُقال لجبير ابن زهير الحضرمي: «عالم أهل الشام»، وللخليل بن أحمد: «علامة البصرة»، ولمالك بن أنس: «إمام دار الهجرة»، ولعبد الله بن عباس: «رباني هذه الأمة»، وخُص في المتأخرين قطب الدين الشيرازي بالعلامة من بين علماء عصره؛ لأنه سبقهم كلهم في جميع أقسام العلوم، قال المقدسي: إن مراتب السادات مثل جليل وفاضل رسم الرسائل لا رسم التصانيف. ونحن قد جرينا على ذلك فلم نذكر لمؤلف في مؤلفنا هذا لقبا علميًّا ولا غيره، نأتي بأسمائهم مجرَّدة على عادة معظم المؤلفين.
4- تحرير المرأة لقاسم أمني.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|