أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-7-2019
1460
التاريخ: 25-4-2022
1783
التاريخ: 6-10-2016
1778
التاريخ: 6-10-2016
1573
|
ان الاسلام عندما نهى الإنسان عن اتباع الهوى، وجعل ردع النفس عن اهوائها في سبيل الله مقياساً لنجاح الإنسان في الحياة الدنيا، وطريقاً لنجاته في الآخرة ... لم يردعه كي يحرمه عن لذائذه النفسية ، ولا لكي يكبته كما تكبته الرهبانية ، وانما الأساس في ذلك ان الانسان ميزه الله بالحرية والاختيار؛ ولهذا لابد وان يمتلك إرادته، ويوجه طاقاته في الطريق السليم، ولما كانت النفس متشعبة الأهواء فلا يمكن ان يطلق لها الزمام بدون حدود وقيود؛ لأنه سيكون مثلها مثال الماء المرسل بتيار جارف بلا سدود ونواظم ، وبلا شك انه سيخرب كل ما يمر عليه، وإذا نفع فمنفعة جزئية ضئيلة مؤقتة، وبعكسه ما لو بنيت له السدود والنواظم ، وفتحت الروافد والجداول فإنه سيكون كله عطاء وخير ونفع للبشرية كذلك طاقات الإنسان المدخورة في اهوائه وميوله إذا لم توجه الوجهة الصحيحة فستحل الدمار والخراب في الكون ، ومن هنا جاء قوله تعالى : {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ } [المؤمنون: 71].
إذا اتضح ذلك فإنه سيحل التعارض بين وجود الميول والغرائز الفطرية في الإنسان وبين النهي عنها، ان الاسلام لم يحرم على الانسان التمتع بلذائذ الحياة وتصريف الطاقات ، وانما وجهها وهذبها ، ووضع لها الحدود والنواظم ؛ لتحفظ للإنسان توازنه ؛ ولهذا فإن المؤمن لا يتبع اهوائه ، بل يخضعها لإرادة الله تبارك وتعالى بامتثال اوامره واجتناب نواهيه.
ولابد ان نعلم ان الإنسان إذا كان متبعاً لهواه، ومستجيباً لرغباته النفسية بلا حدود ولا قيود فلا فرق بينه وبين الحيوان؛ لأن ميزة الحيوان عن الإنسان انه خاضع لشهواته ، ولا يستطيع مخالفتها، والإنسان بعكسه يستطيع ان يفعل، او لا يفعل بإرادته؛ ولهذا فإن الإنسان الحقيقي بكل ما للكلمة من معنى هو من حكم عقله بشهواته ، وإذا انعكست المسألة وحكم شهواته في عقله ، فقد خرج من حدود الإنسانية ، ودخل في عالم الحيوانية بل القرآن الكريم جعله اوطأ درجة من الحيوان ، لأنه عطل اعظم المواهب الإلهية عنده، يقول تعالى : {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179] فهم أضل من البهائم (لكفرهم، وعتوهم لا يهتدون إلى شيء من الخيرات مع ما ركب فيهم من العقول الدالة على الرشاد ، الصارفة عن الفساد)(1) والسبب في هبوط الإنسان في هذه الحالة من مستوى البشرية إلى حضيض الحيوانية ؛ لأنه استغرق في اهوائه ونزواته حتى أصبح لا يسمع ، ولا يرى ولا يعقل إلا بما توحيه إليه نزواته، يقول تعالى : {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا * أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا * أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا} [الفرقان: 44، 45].
وهذا نفهم السر في هبوط بعض الناس إلى مستوى ادنى من الحيوانات ؛ لأنه اطفأ نور عقله بطغيان شهواته يقول امير المؤمنين (عليه السلام) : (ذهاب العقل بين الهوى والشهوة) فالاتباع المنهي عنه هو ان يستغرق الإنسان في ملذاته إلى حد يبطل العقل، ويطفئ نوره ، يقول الفيلسوف الإسلامي صدر المتألهين : (الهوى قفل العقل ، وآفة العفاف ، وقوت الشيطان) والإسلام يريد من الإنسان ان يكون منفتح العقل، منشرح الصدر قوي الإرادة ماضي العزم فإذن من خالف هواه ، وتحكم فيه فقد ملك إرادته وتحققت إنسانيته ، وبالعكس من اتبع هواه ، واستغرق فيه فقد فقد إرادته ، وهبط من قدس الإنسانية إلى حضيض الحيوانية ... جاء في الحديث : (من ملك نفسه إذا رغب ، وإذا رهب، وإذا اشتهى، وإذا غضب، وإذا رضي حرم الله جسده على النار)(2).
فالإنسان مرة يملك ميوله واهوائه ، ويتحكم بها، ويوجهها حيثما يريد الله وهذا هو الإنسان الحقيقي، ومرة يفقد إرادته، ويصبح مملوكاً لهواه، لاهثاً خلف نزواته، لا يرى ، ولا يسمع ، ولا يعقل غيرها، وهذا هو الذي اتبع هواه ، واصبح معبوداً له من دون الله {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا } [الفرقان: 43]
____________________
(1) الطبرسي، مجمع البيان : 4/772.
(2) الحر العاملي ، وسائل الشيعة : 11/123.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|