أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-9-2018
2482
التاريخ: 3-1-2023
1219
التاريخ: 20-1-2023
1622
التاريخ: 2023-07-18
1956
|
إن التصويت يعد من أهم مراحل العملية الانتخابية وللأهمية التي يتمتع بها و ما يترتب عليها من أثار أحاطتها التشريعات الانتخابية بمجموعة من الضمانات التي تعمل على الحفاظ على نزاهة وسلامة العملية من كل خلل وشك، ومن ثم يضمن لكل من الناخبين والقائمين على إدارة عملية التصويت في الخارج كل السبل التي تحقق الهدف منها على أن يمارس الناخب حقه بحرية . وتتمثل هذه الضمانات بتجريم الأفعال المخلة بعملية التصويت والعقاب عليها ، ومن ذلك ما قررته التشريعات المقارنة بموجب قوانين الانتخاب من حظر كل ما يتعلق بالتصويت غير المشروع والتصويت المتعدد، ولا يقتصر الأمر على تحديد عقوبات وهذا ما سوف نوضحه كالاتي:
أولا : الجرائم الواقعة أثناء عملية التصويت
تعد عملية التصويت جوهر العملية الانتخابية من حيث المعنى الفني الدقيق بعدها الآلية التي تعبر عن رغبة الناخبين في المشاركة في العملية السياسية وتكشف عن إرادتهم في اختيار ممثليهم (1) مما قد يدفع البعض إلى أتباع أساليب وسلوكيات قد تمس بمبادئ التصويت كالغش أو التزوير أو التأثير على إرادة الناخبين ولتحصين عملية تصويت ناخبي الخارج من التزوير والتصويت المتعدد والحد منه ولخطورة الآثار القانونية المترتبة علية نجد التشريعات الانتخابية أحاطته بسياج من الضمانات لإضفاء طابع النزاهة على العملية من خلال تحديد الجرائم التي تشكل خطرا على سير عملية التصويت وتحديد العقوبة الملائمة لها ، وهذه الأفعال تختلف ضيقا واتساعاً من نظام انتخابي إلى أخر حسب الآلية التي يتبعها كل مشرع . (2) و من تلك التشريعات المشرع الفرنسي فقد حدد الأفعال التي تندرج تحت طائلة الجرائم الماسة بسلامة التصويت . إذ نجده حرص على حفظ النظام وضمان حرية الناخبين من التأثير على إرادتهم من خلال النص في قانون الانتخاب على تجريم وعقاب بعض الأفعال التي تقع أمام الناخبين أو أعضاء اللجان الانتخابية (3).وجرم التصويت المتعدد فلا يمكن للناخب الإدلاء بالصوت أكثر من مرة وفي أكثر من دائرة انتخابية فقد قرر عقوبة السجن لكل فرد يستفيد من القيد المتعدد أكثر من مرة (4) نجده قد تصدى لعملية التصويت المتعدد واعتبرها من الجرائم العمدية ومن جرائم الغش لكونها تؤثر في نتائج الانتخابات وعلى غرار ذلك نجده لم يجرم التخلف عن التصويت واعتبر التصويت حق اختياري للناخب لا يجوز إجباره على الإدلاء بصوته انطلاقا من مبدأ حرية التصويت .
ووجدنا المشرع المصري قد حدد عدد من الأفعال التي تعد جرائم مخلة بحسن سير عملية التصويت وحدد عقوبات ملائمة لها تتراوح بين عقوبة الغرامة والحبس مدة لا تقل عن سنتين (5) ، ولم يفرق أن كان مرتكب الفعل قد ارتكبه داخل مصر أو خارجها، ومن تلك الجرائم جريمة استعمال القوة أو التهديد لمنع شخص من إبداء الرأي في الانتخاب أو الاستفتاء أو أكراه على إبداء الرأي على وجه معين (6).
أما عن المشرع اللبناني فقد سجلت الانتخابات الأخيرة عدد من المخالفات التي حدثت يوم الاقتراع ومنها خرق مبدأ سرية التصويت من خلال قيام الناخبين بتصوير أوراق الاقتراع الخاصة بهم، بالإضافة إلى رصد عدد من حالات ممارسة الضغط على الناخبين من أجل حتهم على التصويت لجهات معينة من قبل مندوبي بعض الأحزاب السياسية (7).
بينما المشرع العراقي نجده قد حدد الجرائم الانتخابية في قانون الانتخابات النافذ على سبيل الحصر فقد خصص لها الفصل السابع من القانون وحدد الجرائم الواقعة أثناء عملية التصويت منها جريمة التصويت المتعدد وانتحال صفة ناخب أخر أو تعمد الناخب التصويت باسم غيره و التصويت بتسجيل مخالف للقانون والتصويت بفقدان الشروط القانونية المطلوبة (8) وجرم ايضا إفشاء سر تصويت ناخب دون رضاه وتغير إرادة الناخب الأمي (9) على الرغم من علم الناخب بعدم قانونية التسجيل بسجل الناخبين، أي أن يقوم بالإدلاء بالصوت خلافاً للقانون و لم يفرق بين أن يقوم الفرد بإدراج اسمه بنفسه أو بواسطة غيره (10) ونجده قد قرر عقوبة الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر مع غرامة لا تقل عن 250 ألف دينار سواء وقع التصويت في دائرة انتخابية واحدة أم دوائر متعددة ، ولم يفرق بين قيامه بالتصويت بإتباع الطرق القانونية أو استعمال الطرق الاحتيالية للحصول على فرصة للتصويت (11) ونرى أن يكون المشرع أكثر تشددا من خلال فرض إيقاف العمل بالبطاقة الانتخابية بعد ادلاء الناخب بصوته لحين انتهاء لتصويت داخل العراق تجنباً لحالات تكرار الصوت الانتخابي، فضلا عن ضرورة تعين أشخاص من ذوي الخبرة والاختصاص بالأجهزة الإلكترونية للعمل على رقابة عملية التصويت لناخبي الخارج من أجل ضمان عدم التلاعب بالأجهزة وعدم قراءة البطاقة لوجود خلل في الأجهزة ومن تم تحقيق قدر عال من الاستقرار و إضفاء طابع النزاهة على عملية التصويت. أبعاد الشبهات.
ثانياً: الجرائم الواقعة في المراحل للاحقة لعملية تصويت ناخبي الخارج
بعد انتهاء عملية التصويت نصبح أمام مرحلة جديدة إلا وهي مرحلة فرز وعد الأصوات ، وبالنظر للأهمية التي تتمتع بهذه المرحلة وخطورتها وإمكانية ارتكاب أفعال غير مشروعة خلالها يقصد تغير نتائج عملية التصويت (12) لذا نجد التشريعات الانتخابية حرصت على تجريم عدد من الأفعال التي ترتكب خلال هذه المرحلة حفاظا على نزاهة وسلامة عملية التصويت ومن تلك الأفعال التلاعب ببطاقات الانتخاب (13) والاعتداء على صناديق الاقتراع التي تحتوي على أصوات الناخبين ، لذا نجد التشريعات الانتخابية جرمت الاعتداء أو التلاعب بالبطاقات الانتخابية وصناديق الاقتراع خاصة بالنسبة لصناديق الاقتراع الناخبين الخارج خلال عملية نقل الصناديق إلى مراكز الفرز والعد الرئيسة، كونها من أخطر الجرائم و أشدها ضرراً على نزاهة عملية التصويت والنتائج المترتبة عليها إذ من شأنها تغير نتيجة التصويت(14) ومن تلك التشريعات المشرع الفرنسي فقد نص على هذا النوع من الجرائم في المادة (103) من قانون الانتخابات 1974 من خلال عقاب كل من قام بإزالة صناديق الاقتراع التي تحتوي على الأصوات التي تم الإدلاء بها ولم يتم احتسابها بعقوبة السجن لمدة خمس سنوات مع فرض غرامة مالية تقدر ب 22500 يورو ، ويلاحظ أن المشرع الفرنسي قد فرق بين جريمة إزالة صناديق الاقتراع واختطافها باستخدام القوة والعنف من خلال تشديده عقوبة الجريمة الأخيرة وجعلها عشرة سنوات، وذلك لتأثير هذه الجرائم على نتائج التصويت .
وقد وجدنا المشرع المصري قرر هذا النوع من الجرائم في قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية رقم 45 لسنة 2014 عندما قرر عقوبة السجن لكل من خطف صناديق الاقتراع أو تلفها أو غير وعبت في أوراقه (15) ومن اجل ضمان سلامة عملية التصويت حرص المشرع المصري على تجريم الأفعال التي يقوم بها الجناة حتى بعد انتهاء عملية الاقتراع كخطف صناديق الاقتراع واعتبرها من الجرائم العمدية ، ولكي تكون هذه الجريمة متوفرة يجب ان تكون عملية التصويت قد تمت وفرغ الناخبون من الإدلاء بأصواتهم ، وحرص على ضمان أمن الصناديق وسلامتها لذا حرص على تجريم أي فعل يمس هذه الصناديق بالإتلاف أو التغيير أو حتى العبت بالأوراق التي يحتويها (16).
كما جرم المشرع العراقي في قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم 9 لسنة 2020 في المادة 32 الفقرة السابعة كل فعل يشكل عبت بصناديق الاقتراع أو سجلات الناخبين أو أية وثائق رسمية تتعلق بالعملية الانتخابية وجعل عقوبته الحبس مدة لا تقل عن سنة، ونجد أن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جرمت الاعتداء على البطاقات الانتخابية في المواد (1,2,3) من نظام المخالفات المتعلقة بالاستفتاء والانتخابات من خلال تجريم قيام أي فرد بتزوير الأوراق الانتخابية أو أتلافها كذلك جرمت الاعتداء على صناديق و كابينات التصويت، وغيرها من المعدات التي يتم استخدامها في مراكز التسجيل (17) وعُد العبت بصناديق الاقتراع أو السجلات الانتخابية أو أية وثائق رسمية جريمة وحدد عقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة لكل من ارتكب الجريمة (18) ونرى إن الجرائم الماسة بسلامة العملية الانتخابية على قدر عال من الخطورة لتأثيرها على أمن وسلامة النظام العام في الدولة ، إذ إن تغير نتائج الانتخابات من خلال الأفعال غير المشروعة قد يؤدي إلى وصول أشخاص غير أكفاء إلى السلطة مما يؤثر على حرية الناخبين ويخل بكرامة المواطنين وشعورهم بالاستقرار علية نرى أن الجرائم الانتخابية تعد من الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي وبالنظر لخطورتها وجب ملاحقة مرتكبيها طبقا للنصوص الواردة في قانون العقوبات العراقي التي تقرر سريان قانون العقوبات على كل من ارتكب جريمة ماسة بأمن الدولة الداخلي أو جريمة تزوير في أوراقها الرسمية، وبما أن بطاقات الاقتراع تعد من الأوراق الرسمية الخاصة بالدولة وجب معاقبة كل من يرتكب فعل يشكل اعتداء عليها (19) وندعو مشرعنا العراقي أن يكون أكثر تشددا أسوة بالتشريعات المقارنة من خلال رفع العقوبة بما يتلاءم مع جسامة الفعل المرتكب وجعلها لا تقل عن خمس سنوات عليه نقترح أن يكون النص كالآتي ( يعاقب بالسجن من خمس سنوات إلى عشر سنوات كل من قام بالاعتداء على بطاقات الاقتراع بالتغير أو خطف الصناديق الاقتراع التي تحتوي على الأصوات المدلى بها قبل الفرز، وتبعه الحرمان من ممارسة حقوقه السياسية في أن يكون ناخبا أو منتخبا). بالإضافة إلى ذلك نرجو من المشرع التوجه نحو تجريم الأفعال المرتكبة من قبل الموظفين المشرفين على صناديق الاقتراع و المسؤولين عن إدارة المراكز الانتخابية ( يعاقب بالسجن لمدة لا تقل خمس سنوات كل إخلال بالاقتراع صادر عن أي عضو من أعضاء مكاتب التصويت أو عن أي فرد مكلف بحراسة الأوراق التي يتم فرزها).
_______________
1- روباك حسين كريم البرزنجي ، جرائم الانتخابات ، بحث مقدم إلى مجلس القضاء في إقليم كوردستان العراق ، 2015 ، ص 21.
2- د. ضياء عبد الله عبود الجابر الأسدي ، النظرية العامة للجرائم الانتخابية ، أطروحة دكتوراه ، كلية القانون ، جامعة بابل ، 2007 ، ص 323 .
3- زياني توفيق الجرائم الانتخابية (دراسة مقارنة) ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، جامعة مولاي الطاهر - سعيدة الجزائر، 2016، ص 62.
4- ينظر المادة (93) من قانون الانتخاب الفرنسي رقم (1468) لسنة 1974 المعدل.
5 - ينظر المواد ( 58,59,60,61,62,63,64,67 ، 56 ) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية المصري رقم (45) لسنة 2014.
6- ينظر المادة (65) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية المصري رقم (45) لسنة 2014.
7- تقرير مراقبة الانتخابات النيابية اللبنانية في الخارج ، الجمعية اللبنانية من اجل الديمقراطية ، 2022 ص3.
8- الحقوقي مصطفى سعيد الموسوي، جرائم التصويت غير المشروع في القانون العراقي (دراسة مقارنة) ط1، منشورات مكتبة دار السلام القانونية، النجف الاشرف، 2021. ص 13 .
9- ينظر المادة (31) فقرة (رابعاً) و الفقرة (سابعاً) من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020
10- د. مصدق عادل، مصدر سابق ، ص 200.
11- ينظر المادة (31) من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020 .
12- د. ضياء عبد الله عبود جابر الأسدي، جرائم الانتخابات ، ط2، مكتبة زين الحقوقية ، والأدبية ، 2011، ص 450
13- تشكل الأوراق الانتخابية دورا هاما في عملية التصويت كونها الوثيقة التي يثبت فيها الناخب إرادته ومن ثم فهي المستند الوحيد الذي يعتد به لإثبات حقيقة هذه الإرادة إذا ما ثار خلاف حيالها .
14- د. زين العابدين محمد عبد الموجود ، شروط وضمانات المرشح لعضوية المجالس النيابية ( دراسة مقارنة وفقاً لأحدث التعديلات ، الهيئة المصرية العامة للكتب ، القاهرة، 2017، ص 273.
15- ينظر المادة (67) من قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية المصري رقم (45) لسنة 2014.
16- د. زين العابدين محمد عبد الموجود ، مصدر سابق، ص 274.
17- محمد رافع خلف الجرائم الانتخابية وفقا لقانون الانتخاب ( دراسة مقارنة بين القانون الأردني والعراقي)، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط ، 2020، ص 76.
18- ينظر المادة (32) من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020.
19- ينظر المادة (9) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 المعدل .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|