أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-8-2022
1485
التاريخ: 2024-09-18
243
التاريخ: 11-4-2022
2031
التاريخ: 23-10-2014
2082
|
إن في استخدام تعبير الهبوط في عبارة اهبطوا إشارة إلى السقوط والنزول، في مقابل كلمة تعالي التي تنطوي على الدعوة إلى الصعود والارتقاء. رسالات أنبياء الله (عليهم السلام) كانت تهدف إلى تعالي وصعود المجتمعات البشرية، وعلى هذا الأساس قال النبي الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم): {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} [آل عمران:64] ولعل موسى الكليم (عليه السلام) أراد باستخدام هذا التعبيـر الـقـول: بأنكم كنتم أعزة، فلا تجعلوا من أنفسكم أذلـة مـن أجـل أمـور مـاديـة كالبصل والعدس وأمثالها. واستناداً إلى هذا البيان، فإن الأمر بالهبوط هـو أمر توبيخي.
وقد يكون من قبيل الأمر التعجيزي أيضاً؛ نحو: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا} [الإسراء:50]، بمعنى: أن الله سبحانه وتعالى قد قرر أن تتيهـوا فـي هـذه الصحراء لأمد بعيد (أربعين سنة وأنتم عاجزون عن الذهاب إلى مكـان آخر، أي عن كسر طوق ما قدره الله (عز وجل) لكم. فإن استطعتم فاذهبوا إلـى إحدى المدن المجاورة واحصلوا على كل حوائجكم المادية بالزراعة؛ إذ، في تلك الحالة، لن يكون ثمة ما تنالونه بالمجان وعن طريق المعجزة.
على أي تقدير فإن هذا الهبوط أي الهبوط من جنة الأمن والحرية والاستقلال والعزة إلى بلاد العداوة والتنازعات والمنطقة الظلماء للشهوات المادية) هو تمثُل وتجسم لهبوط الجد الأعلـى لبني إسرائيل ولكل البشر؛ النبي آدم (عليه السلام) الذي تنزل ـ في إثـر التقـرب مـن الشجرة الممنوعة - عن جنّة القرب والرضوان وهبط إلى موطن الفساد الضلال والنزاع وإراقة الدماء، ألا وهو حيّز المادة والطبيعة.
البعض من المفسرين وافق على كون الأمر المذكور أمراً توبيخياً إلا أنه قال في توضيحه:
إما بمعنى: أن ما يطلبونه هين زهيد لا يستحق الدعاء، فهو موفور في أي مصر من الأمصار فاهبطوا أية مدينة فإنكم واجدوه فيها...(1)
وببيان آخر: إن ما تطلبون يستلزم اتخاذ المدينة سكناً والجلاء عن الصحراء، ولا تكون السكنى في المدينة سبباً للتحضر والتكامل إلا أن تكون مرتكزة على المبادئ الإيمانية والأخلاقية، أما إذا كانت لأجل تأمين اللذات وإشباع الشهوات فلن تكون إلا عاملاً للهبوط ومدعاة للسقوط.
هذا الكلام يلزم منه أن يكون القصد من "مصر" هـو أي مدينـة مـن المدن وليس بلاد مصر على وجه التحديد. وبناءً على أن المراد من "مصر" هو بلاد مصر، فهو المفسر (السابق أيضاً يقبل بكون الأمر {اهْبِطُوا} [البقرة:61] أمراً توبيخياً ويقول تبياناً لذلك:
وإما بمعنى: عودوا إذن إلى مصر التي أخرجتم منها. عــودوا إلى حياتكم الدارجة المألوفة. إلى حياتكم الخانعة الذليلة. حيث تجدون العدس والبصل والثوم والقثاء ! ودعوا الأمور الكبار التي ندبتم لها (2).
ثم يرجح القول الثاني وهو ما يستلزم أن يكون المراد هو بلاد مصر . كما أن جملة ضربت عليهم الذلة والمسكنة المذكرة بذلـة اليهـود ومسكنتهم في مصر مؤيدة لهذا الترجيح. وبناءً على ذلك يكون محتوى الآية مثل هذه الطلبات تأتي نتيجة الألفة والاستئناس بالذلــة والـخـنــوع. فإنكم، أيها الراغبون بالذل ما كان من الضروري أصلاً أن تخرجوا من مصر، فعودوا إلى هناك لتجدوا كل ما طلبتم من الماديات، من دون أن تفكروا ثانية بالحرية والشرف والعزة (3).
ومن هذا الكلام يلزم كما أشير، أن يكون المراد من مصر هـو بـلاد مصر المعروفة، وذلك غير مُستبعد، كما سوف يأتي في البحث اللاحق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. في ظلال القرآن، ج 1، ص74.
2. نفس المصدر السابق، ص 74.
3. نفس المصدر السابق، ص 75.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|