المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

علاقة جغرافية النقل بالعلوم الاخرى
3/12/2022
تصنيف الخدمات - تصنيف على أساس ملكيتها
2-2-2021
مميزات استخدام المنهج التجريبي
10-3-2022
الدنيا دار بلاء
25-11-2014
جغرافية المدن
8-11-2021
غصب حق فاطمة عليها السلام وإغضابها
11-2-2018


مظاهر من شخصية الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام )  
  
1301   02:56 صباحاً   التاريخ: 2023-05-03
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 13، ص29-36
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي العسكري / مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) /

لقد كان الإمام أبو محمد الحسن العسكري ( عليه السّلام ) في معالي أخلاقه نفحة من نفحات الرسالة الاسلامية فقد كان على جانب عظيم من سموّ الأخلاق ، يقابل الصديق والعدو بمكارم أخلاقه ومعالي صفاته ، وكانت هذه الظاهرة من أبرز مكوناته النفسية ، ورثها عن آبائه وجده رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) الذي وسع الناس جميعا بمكارم أخلاقه ، وقد أثّرت مكارم أخلاقه على أعدائه والحاقدين عليه ، فانقلبوا من بغضه إلى حبه والاخلاص له .[1]

ونقل المؤرخون أنّ المتوكل الذي عرف بشدّة عدائه لأهل البيت ( عليهم السّلام ) ، وحقده على الإمام علي ( عليه السّلام ) ، أمر بسجن الإمام العسكري ( عليه السّلام ) والتشديد عليه إلّا أنّه لمّا حلّ في الحبس ورأى صاحب الحبس سمو أخلاق الإمام ( عليه السّلام ) وعظيم هديه وصلاحه انقلب رأسا على عقب ، فكان لا يرفع بصره إلى الإمام ( عليه السّلام ) إجلالا وتعظيما له ، ولمّا خرج الإمام من عنده كان أحسن الناس بصيرة ، وأحسنهم قولا فيه .[2]

سماحته وكرمه

نقل المؤرخون نماذج من السيرة الكريمة للإمام العسكري ( عليه السّلام ) نذكر بعضا منها :

1 - روى الشيخ المفيد عن محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى ابن جعفر ( عليه السّلام ) : قال : ضاق بنا الأمر فقال لي أبي : إمض بنا حتى نصير إلى هذا الرجل - يعني أبا محمد - فإنه قد وصف عنه سماحة .

فقلت : تعرفه ؟

قال : ما أعرفه ، ولا رأيته قط .

قال : فقصدناه .

فقال لي أبي وهو في طريقه : ما أحوجنا إلى أن يأمر لنا بخمس مائة درهم مائتا درهم للكسوة ومائتا درهم للدقيق ، ومائة درهم للنفقة .

وقلت في نفسي ليته أمر لي بثلاث مائة درهم ، مائة اشتري بها حمارا ومائة للنفقة ومائة للكسوة ، فأخرج إلى الجبل .

قال - أي محمد بن علي - فلما وافينا الباب خرج غلامه ، فقال : يدخل علي بن إبراهيم ومحمد ابنه ، فلما دخلنا عليه وسلمنا ، قال لأبي : يا علي ما أخلفك عنا إلى هذا الوقت ، فقال : يا سيدي : استحييت أن ألقاك على هذا الحال ، فلما خرجنا من عنده جاءنا غلامه فناول أبي صرة ، وقال : هذه خمسمائة درهم ، مائتان للكسوة ، ومائتان للدقيق ، ومائة للنفقة وأعطاني صرة وقال :

هذه ثلاثمائة درهم اجعل مائة في ثمن حمار ، ومائة للكسوة ، ومائة للنفقة ، ولا تخرج إلى الجبل ، وصر إلى سوار .

 

قال : فصار إلى سوار وتزوج بامرأة منها فدخله اليوم ألف دينار ومع هذا يقول بالوقف .[3]

2 - وروى إسحاق بن محمد النخعي قال : حدثني أبو هاشم الجعفري قال : شكوت إلى أبي محمد ( عليه السّلام ) ضيق الحبس وكلب القيد[4]، فكتب إلي أنت تصلي اليوم الظهر في منزلك ، فأخرجت وقت الظهر فصليت في منزلي كما قال ، وكنت مضيقا فأردت أن أطلب منه معونة في الكتاب الذي كتبته إليه فاستحييت ، فلما صرت إلى منزلي وجّه إليّ بمائة دينار ، وكتب إليّ : إذا كانت لك حاجة ، فلا تستح ولا تحتشم واطلبها فإنك على ما تحب إن شاء اللّه .[5]

3 - وعن إسماعيل بن محمد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبد اللّه بن العباس قال : قعدت لأبي محمد ( عليه السّلام ) على ظهر الطريق ، فلما مرّ بي شكوت إليه الحاجة وحلفت له أن ليس عندي درهم واحد ، فما فوقه ، ولا غذاء ولا عشاء قال : فقال ( عليه السّلام ) تحلف باللّه كاذبا وقد دفنت مائتي دينار ؟ ! وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية ، أعطه يا غلام ما معك ، فأعطاني غلامه مئة دينار ثم أقبل عليّ فقال :

إنك تحرم الدنانير التي دفنتها أحوج ما تكون إليها ، وصدق ( عليه السّلام ) ، وذلك أني أنفقت ما وصلني به ، واضطررت ضرورة شديدة إلى شيء أنفقه ، وانغلقت عليّ أبواب الرزق ، فنبشت الدنانير التي كنت دفنتها فلم أجدها فإذا ابن لي قد عرف موضعها فأخذها وهرب ، فما قدرت منها على شيء .[6]

زهده وعبادته

عرف الإمام العسكري ( عليه السّلام ) في عصره بكثرة عبادته وتبتّله وانقطاعه إلى اللّه سبحانه واشتهر ذلك بين الخاصة والعامة ، حتى أنّه حينما حبس الإمام ( عليه السّلام ) في سجن علي بن نارمش - وهو من أشد الناس نصبا لآل أبي طالب - ما كان من علي هذا إلّا أن وضع خديه له وكان لا يرفع بصره إليه إجلالا وإعظاما فخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرة وأحسن الناس قولا فيه .[7]

ولما حبسه المعتمد كان يسأل السجّان - علي بن جرين - عن أحوال الإمام ( عليه السّلام ) وأخباره في كل وقت فيخبره علي بن جرين أنّ الإمام ( عليه السّلام ) يصوم النهار ويصلي الليل .[8]

عن علي بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمّد عن عليّ بن عبد الغفّار قال : دخل العبّاسيّون على صالح بن وصيف ودخل صالح بن عليّ وغيره من المنحرفين عن هذه الناحية على صالح بن وصيف عندما حبس أبا محمّد عليهما السّلام .

فقال لهم صالح : وما أصنع قد وكّلت به رجلين من أشرّ من قدرت عليه ، فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم ، فقلت لهما : ما فيه ؟ فقالا :

ما تقول في رجل يصوم النهار ويقوم اللّيل كلّه ، لا يتكلّم ولا يتشاغل وإذا نظرنا إليه ارتعدت فرائصنا ويداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا ، فلمّا سمعوا ذلك انصرفوا خائبين[9].

عن محمّد بن إسماعيل العلوي قال : دخل العبّاسيّون على صالح بن وصيف عندما حبس أبو محمّد فقالوا له : ضيّق عليه ، قال : وكّلت به رجلين من شرّ من قدرت عليه عليّ بن بارمش واقتامش ، فقد صارا من العبادة والصّلاح إلى أمر عظيم يضعان خدّيهما له ، ثم أمر باحضارهما فقال : ويحكما ما شأنكما في شأن هذا الرجل ؟ فقالا : ما تقول في رجل يقوم اللّيل كلّه ويصوم النّهار ولا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة ، فإذا نظرنا إليه ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا[10]  .

وكان يتسوّر عليه الدار جلاوزة السلطان في جوف الليل فيجدونه في وسط بيته يناجي ربّه سبحانه .

إنّ سلامة الصلة باللّه سبحانه وما ظهر على يدي الإمام من معاجز وكرامات تشير إلى المنزلة العالية والشأن العظيم للإمام ( عليه السّلام ) عند اللّه الذي اصطفاه لعهده والذي تجلّى في إمامته ( عليه السّلام ) .[11]

علمه ودلائل إمامته

وإليك شذرات من علوم الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) ودلائل إمامته :

1 - عن أبي حمزة نصر الخادم قال : سمعت أبا محمد ( عليه السّلام ) غير مرة يكلّم غلمانه بلغاتهم ، وفيهم ترك ، وروم وصقالبة ، فتعجّبت من ذلك وقلت :

هذا ولد بالمدينة ولم يظهر لأحد حتى مضى أبو الحسن - أي الإمام الهادي ( عليه السّلام ) - ولا رآه أحد فكيف هذا ؟ ! احدّث نفسي بذلك فأقبل عليّ وقال : إنّ اللّه جلّ اسمه بيّن حجته من ساير خلقه وأعطاه معرفة بكل شيء ويعطيه اللغات ومعرفة الأسباب والآجال والحوادث : ولولا ذلك لم يكن بين الحجة والمحجوج فرق[12].

2 - وقال الحسن بن ظريف : اختلج في صدري مسألتان أردت الكتاب بهما إلى أبي محمد ( عليه السّلام ) ، فكتبت إليه أسأله عن القائم إذا قام بم يقضي ؟

وأين مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس ؟ وأردت أن أسأله عن شيء لحمّى الربع ، فأغفلت ذكر الحمّى ، فجاء بالجواب :

سألت عن القائم إذا قام قضى بين الناس بعلمه كقضاء داود ( عليه السّلام ) ولا يسأل البينة ، وكنت أردت أن تسأل عن حمّى الرّبع ، فأنسيت فاكتب ورقة وعلّقها على المحموم فإنّه يبرأ بإذن اللّه إن شاء اللّه : يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ . فكتبت ذلك وعلّقته على المحموم فبرئ وأفاق .[13]

3 - وروى الشيخ المفيد عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر ، قال : كتب أبو محمد ( عليه السّلام ) إلى أبي القاسم إسحاق بن جعفر الزبيري قبل موت المعتز بنحو عشرين يوما ، إلزم بيتك حتى يحدث الحادث ، فلما قتل بريحة كتب إليه قد حدث الحادث ، فما تأمرني ؟ فكتب إليه : ليس هذا الحادث ، الحادث الآخر . فكان من المعتز ما كان .[14]

أي ان الإمام ( عليه السّلام ) ، أشار إلى موت المعتز ، فطلب من مواليه أن يلتزموا بالبقاء في بيوتهم حتى ذلك الوقت لظروف خاصة كانت تحيط بالإمام ( عليه السّلام ) وبهم من الشدة وطلب السلطان وجلاوزته لهم .

ومن الطبيعي ان موت الخليفة يعقبه غالبا اضطراب في الوضع يمكّن معارضيه من التحرك والتنقل بسهولة .

4 - وروى الشيخ الكليني ( رضى اللّه عنه ) عن علي بن محمد عن الحسن بن الحسين قال : حدثني محمد بن الحسن المكفوف قال : حدثني بعض أصحابنا عن بعض فصّادي العسكر - أي سامراء - من النصارى : أن أبا محمد ( عليه السّلام ) بعث إلي يوما في وقت صلاة الظهر فقال لي :

إفصد[15] هذا العرق ، قال : وناولني عرقا لم أفهمه من العروق التي تفصد فقلت في نفسي ، ما رأيت أمرا أعجب من هذا يأمرني أن أفصد في وقت وليس بوقت فصد ، والثانية عرق لا أفهمه ، ثم قال لي إنتظر وكن في الدار ، فلما أمسى دعاني فقال لي : سرّح الدم فسرّحت ، ثم قال لي : أمسك فأمسكت ، ثم قال لي : كن في الدار ، فلما كان نصف الليل أرسل إلي وقال لي : سرّح الدم ، قال :

فتعجبت أكثر من عجبي الأول وكرهت أن أسأله : قال : فسرحت فخرج دم أبيض كأنه الملح : قال : ثم قال لي إحبس ، فحبست . ثم قال : كن في الدار[16] ، فلما أصبحت قدم إلي تخت ثياب وخمسين دينارا وقال : خذها واعذر وانصرف فصرت إلى بختيشوع وقلت له القصة ففكر ساعة ثم مكثنا ثلاثة أيام بلياليها نقرأ الكتب على أن نجد لهذه القصة ذكرا في العالم فلم نجد .

ثم قال بختيشوع : لم يبق اليوم في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول ، فكتب إليه كتابا يذكر فيه ما جرى ، فخرجت وناديته فأشرف عليّ فقال من أنت ؟ قلت صاحب بختيشوع . قال : أمعك كتابه ؟ قلت : نعم فأرخى لي زنبيلا ، فجعلت الكتاب فيه فرفعه فقرأ الكتاب ونزل من ساعته وقال : أنت الذي فصدت الرجل ؟ قلت : نعم ، قال : طوبى لأمك ، وركب بغلا ، وسرنا ، فوافينا ( سرّ من رأى ) وقد بقي من الليل ثلثه ، قلت : أين تحب ؟ دار استاذنا أم دار الرجل - أي دار الإمام الحسن العسكري - ؟ قال : دار الرجل ، فصرنا إلى بابه قبل الأذان الأول ففتح الباب وخرج إلينا خادم أسود وقال :

أيكما راهب دير العاقول ؟ فقال : أنا جعلت فداك ، فقال إنزل ، وقال لي الخادم : احتفظ بالبغلين ، وأخذ بيده ودخلا فأقمت إلى أن أصبحنا وارتفع النهار ثم خرج الراهب ، وقد رمى بثياب الرهبانية ولبس ثيابا بيضا وأسلم فقال : خذني الآن إلى دار أستاذك ، فصرنا إلى باب بختيشوع ، فلما رآه بادر يعدو إليه ثم قال ، ما الذي أزالك عن دينك ؟

قال : وجدت المسيح وأسلمت على يده ، قال : وجدت المسيح ؟ ! قال :

أو نظيره ، فإن هذه الفصدة لم يفعلها في العالم إلّا المسيح وهذا نظيره في آياته وبراهينه ، ثم انصرف إليه ولزم خدمته إلى أن مات .[17]

5 - وعن أبي علي المطهري انه كتب إليه من القادسية يعلمه بانصراف الناس عن المضي إلى الحج وانه يخاف العطش إن مضى ، فكتب ( عليه السّلام ) : امضوا فلا خوف عليكم إن شاء اللّه ، فمضوا سالمين ( ولم يجدوا عطشا )[18] والحمد للّه رب العالمين .

 

[1] حياة الإمام الحسن العسكري ( عليه السّلام ) : 42 .

[2] أصول الكافي : 1 / 508 ح 8 وعنه في الارشاد : 2 / 329 ، 330 وفي أعلام الورى : 2 / 150 وعن الارشاد في كشف الغمة : 3 / 202 .

[3] أصول الكافي : 1 / 506 ح 3 ب 124 وعنه في الارشاد : 2 / 326 ، 327 وعنه في كشف الغمة : 3 / 200 .

[4] كلب القيد : شدته وضيقه .

[5] أصول الكافي : 1 / 508 ح 10 وعنه في الارشاد : 2 / 330 وفي إعلام الورى : 2 / 140 وعن الارشاد في كشف الغمة : 3 / 202 .

[6] أصول الكافي : 1 / 509 ح 14 وعنه في الارشاد : 2 / 322 وإعلام الورى : 2 / 137 وعن الارشاد في كشف الغمة : 3 / 203 ، ولعلّه كان من المغضوب عليهم لدى بني العباس ولذلك لم يكفوه .

[7] الكافي : 1 / 508 ح 8 .

[8] مهج الدعوات : 275 .

[9] الكافي : 1 / 513 .

[10] المناقب : 2 / 462 .

[11] إشارة إلى قوله تعالى إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ . البقرة ( 2 ) : 124 .

[12] أصول الكافي : 1 / 509 ح 11 وعنه في الارشاد : 2 / 330 وإعلام الورى : 2 / 145 وعن الارشاد في كشف الغمة : 3 / 202 .

[13] أصول الكافي : 1 / 509 ح 13 وعنه في الارشاد : 2 / 331 وإعلام الورى : 2 / 145 وعن الارشاد في كشف الغمة : 3 / 203 وحمّى الرّبع : هو أن يأخذ يوما ويترك يومين ويعود في اليوم الرابع ، والآية من سورة الأنبياء : 69 .

[14] أصول الكافي : 1 / 506 ح 2 وعنه في الارشاد : 2 / 325 وعنه في كشف الغمة : 3 / 200 وابن « تريخة » . كذا - في النسخ وفي المصدر « بريحة » وقال الطريحي في المجمع « بريمة » هو : عبد اللّه بن محمد بن داود الهاشمي العباسي الناصبي من ندماء المتوكل وقتله اثنان من الحسنيين بالكوفة قبل المعتز بأيام كما في الطبري : 9 / 388 وعنه في الكامل : 7 / 56 ، وجاء في هامش الارشاد : 2 / 325 بهامش بريحة وابن أترجة

[15] الفصد : شق العرق ، يستخرج دمه ؛ لسان العرب ، ابن منظور : 10 / 270 ، طبع بيروت ، احياء التراث .

[16] الكافي : 1 / 512 .

[17] الخرائج والجرايح : 1 / 422 . وبحار الأنوار : 5 / 262 .

[18] الكافي : 1 / 507 ، والمناقب : 2 / 464 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.