أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-24
818
التاريخ: 2023-06-13
1011
التاريخ: 2023-11-22
1189
التاريخ: 19/11/2022
1280
|
يقول تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} [البقرة: 51]
ما هو مطروح في الآية محطّ البحث والآية: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] هو ضيافة الأربعين ليلة، والميعاد الليلي؛ وذلك لأنه وإن كانت الأعمال العادية تُنجز عادة في أثناء النهار، إلا أنه من أجل تطهير الباطن وخلوص القلب لا توجد فرصة أفضل من الليل؛ لأن نفض الغبار عن القلب يتطلب الخلوة والسكينة مما يُعد تحصيله في أثناء النهار السعي الحثيث والطويل والمشاغل الكثيرة؛ حيث: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: 7] - أمراً شاقاً في الغالب؛ إذ هَبْ أن شخصاً شاء أن يختلي في مكان ما بنفسه ويشعر بالسكينة والهدوء لكن الآخرين غير متفرغين وسيراجعونه من دون أدنى حرج، وبالنظر لشعور الإنسان بالمسؤولية وعدم كونه منزوياً، فإنهم سيسلبونه وقت فراغه.
فنزول القرآن الكريم كان ليلاً {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3]، {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] وفي الليل تكون للروح القدرة في ظل المناجاة وتحصيل القرب المعنوي على تلقي أمور من الله سبحانه وتعالى. كما أن الإسراء والمعراج كانا قد حصلا ليلاً: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا} [الإسراء:1]، وأن ما حظي به العظماء كمال ودرجات كان في الأعم الأغلب من بركات قيام الليل وإحيائه.
كذلك فإن إلقاء القول الوزين والثقيل (1) لابد أن يتحقق في الليل: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: 5،2]، وإن أحب الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) أن ينال المقام المحمود للشفاعة فقد كان لابد له أن الليل بالعبادة: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [الإسراء: 79] كما أن العالم الذي يريد الامتياز معنوياً عن عامة الناس فما عليه إلا أن يكون قانتاً في آناء الليل من هذا المنطلق فإن القرآن الكريم يدعو الناس في بادئ الأمر إلى العبادة في جوف الليل (بدلاً من دعوتهم إلى طلب العلم) ثم يُتبع ذلك بالقول: إن العالم وغير العالم لا يستويان: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] كي لا يُشكل بأنه كيف يجعل القرآن المعيار لقيمة الإنسان هنا العلم وهو الذي عادة ما يجعل التقوى معياراً لها؟!
ومن الجدير بالذكر أن وقت السحر هو الأفضل لمناجاة الليل؛ كما يصرح بذلك القرآن الكريم: {... وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران:17]، {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:18]. بل والأجدر ذلك هو العمل بسيرة الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) حيث كان نومه خفيفاً أشبه ما يكون بالجندي المرابط اليقظ؛ فكان ينام هنيهة ثم يفيق ليصلي أربع ركعات، ثم يرقد ثانية لبعض الوقت ليستيقظ فيصلي أربع ركعات أخر، وهكذا حتى يحيي الليل كله ليصبح نومه موزعاً بين صلواته ولا يقضي عمره الشريف نائما (2). فقد كان مصداقاً كاملاً للآية : {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} [الذاريات: 17]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. القرآن الكريم هو سهل يسير بسبب انسجامه مع الفطرة: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْر) (سورة القمر، الآيات 17 و 22 و 32 و40)، وهو ثقيل ووزين بسبب كونه مبرهناً فلا سبيل للضعف والهشاشة إلى حريمه.
2. دعائم الإسلام، ج1، ص264؛ وبحار الأنوار، ج84، ص226.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|