أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-28
747
التاريخ: 2023-04-08
1174
التاريخ: 9/11/2022
1659
التاريخ: 2024-06-30
594
|
غياث بن كلوب (1):
وهو أحد رواة الحديث من الطبقة السادسة، ويظهر من الشيخ (قدس سره) أنه كان من العامة إلا أنه روى أحاديثنا، وقد ترجم له بعض رجالي الجمهور (2) وضعفوه، وأما علماؤنا فلم يذكروه بمدح أو جرح، إلا ما ربما يستفاد من الشيخ في كتاب العدة من أنه كان ثقة مأموناً في روايته.
وقد بنى جمع من المتأخرين على وثاقته استناداً إلى ذلك، ومنهم السيد الأستاذ (قدس سره) (3) حيث قال: (ذكر الشيخ في العدة أنه من العامة، ولكنه عملت الطائفة بأخباره إذا لم يكن لها معارض من طريق الحق. ويظهر من مجموع كلامه أن العمل بخبر من يخالف الحق في عقيدته مشروط بإحراز وثاقته وتحرزه عن الكذب. وعليه فيحكم بوثاقة غياث بن كلوب وإن كان عامياً).
ولكن قد يناقش في استفادة وثاقة غياث بن كلوب من كلام الشيخ (قدس سره)، ويقال: إنه أجنبي عن إفادة هذا المعنى.
وهذا بحث مهم؛ لأنه لا يختص بوثاقة هذا الرجل بل يشمل وثاقة آخرين من العامة مذكورين في كتاب العدة، وأكثرهم رواية عندنا هو السكوني الذي لم يستدل لوثاقته بوجه معتد به غير ذلك.
وكيف كان فينبغي إيراد عبارة الشيخ للتحقق من مفادها، قال (قدس سره) (4): (وأما العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الآخر فهو أن يكون الراوي معتقداً للحق، مستبصراً، ثقة في دينه، متحرجاً من الكذب، غير متهم فيما يرويه.
فأما إذا كان مخالفاً في الاعتقاد لأصل المذهب، وروى مع ذلك عن الأئمة (عليهم السلام) نُظِر فيما يرويه، فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب إطراح خبره. وإن لم يكن هناك ما يوجب إطراح خبره، ويكون هناك ما يوافقه وجب العمل به.
وإن لم يكن من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك ولا يخالفه، ولا يُعرف لهم قول فيه وجب أيضاً العمل به، لما روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: ((إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما رووا عنا فانظروا إلى ما رووا عن علي (عليه السلام) فاعملوا به)). ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث، وغياث بن كلوب، ونوح بن دراج، والسكوني، وغيرهم من العامة عن أئمتنا (عليهم السلام) فيما لم ينكروه ولم يكن عندهم خلافه).
هذا نص عبارته (قدس سره)، ويمكن أن يقال: إنه ليس فيها ما يدل على وثاقة غياث بن كلوب وغيره ممن سماهم (قدس سره)، بل إن أقصى ما يستفاد منها هو دعوى عمل الطائفة بأخبار هؤلاء إذا لم يكن لها معارض من طرق الإمامية ولم تكن مضامينها منكرة، وذلك تطبيقاً لقول الصادق (عليه السلام) : ((إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما رووا عنا فانظروا إلى ما رووا عن علي (عليه السلام) فاعملوا به))، فإنه بعد إلغاء خصوصية مورده ــ بالنظر إلى أنه لا يحتمل اشتراط أن تكون رواياتهم عن خصوص علي (عليه السلام) دون سائر الأئمة (عليهم السلام) في لزوم العمل بها ــ يكون مقتضاه تعين الأخذ بما يرويه العامة عن أئمتنا (عليهم السلام) في ما ليس فيه رواية لأصحابنا عنهم.
وبالجملة: إن مدعى الشيخ (قدس سره) هو عمل الطائفة بأخبار العامة فيما رووه عن علي (عليه السلام) أو غيره من الأئمة (عليهم السلام) مما ليس له معارض من طرق الإمامية ولا يكون منكر المضمون. وأين هذا من الدلالة على وثاقة غياث بن كلوب والآخرين؟!
بل يمكن أن يقال: إن قوله (قدس سره): (فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب إطراح خبره)، يفهم منه بمقتضى المقابلة عدم كون أولئك الرجال من الموثوق بهم، أي من الثقات، فعبارته (قدس سره) على خلاف ما استدل بها عليه أدل.
أقول: الظاهر أنّ مراد الشيخ (قدس سره) بقوله: (الموثوق بهم) في قوله: (فإن كان هناك من طرق الموثوق بهم ما يخالفه وجب إطراح خبره) ليس هو الموثوق بنقلهم بل المراد هو الموثوق بدينهم، بقرينة قوله قبل ذلك: (ثقة في دينه).
وعلى ذلك فليس في المقطع المذكور دلالة على أن غياث بن كلوب والآخرين لم يكونوا من الموثوق بهم في نقل الروايات. هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإنه يمكن أن يقال: إن المستظهر من قوله (قدس سره): (فأما إذا كان مخالفاً في الاعتقاد لأصل المذهب..) أنه ناظر فيه إلى خصوص من يكون مستجمعاً لما اعتبره في أول كلامه من العدالة في الراوي إلا من حيث عدم الاعتقاد الحق، وليس ناظراً إلى من يكون مخالفاً في الاعتقاد وإن كان فاقداً لسائر ما يعتبر في العدالة حتى التحرج من الكذب.
والذي يشهد لهذا ــ مضافاً إلى أنه من المستبعد جداً أن يريد الشيخ (قدس سره) لزوم الأخذ عند فقد النص من طرقنا بما ترويه العامة عن أئمتنا (عليهم السلام) وإن كانوا غير ثقات ــ أنه (قدس سره) ذكر في ذيل كلامه أن الأخذ بروايات فاسدي المذهب من الشيعة من الواقفة والفطحية وأضرابهم مشروط بأن لا يكون لها معارض من طرق الطائفة المحقة، وأن يكون رواتها من المتحرجين عن الكذب قائلاً ما لفظه: (وإن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه، ولا يُعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضاً العمل به، إذا كان متحرجاً في روايته موثوقاً في أمانته، وإن كان مخطئاً في أصل الاعتقاد).
فيلاحظ أنه اشترط في الفطحية والواقفة وأضرابهم ــ مضافاً إلى عدم وجود المعارض من طرق الطائفة المحقة ــ أن يكون الراوي موثوقاً في أمانته، متحرجاً في روايته. ومن المستبعد جداً أن يكون حال الشيعي فاسد المذهب من جهة الوقف أو نحو ذلك أسوء من حال العامي بأن يشترط فيمن تقبل روايته من غير صحيحي المذهب الوثاقة في النقل ولا يشترط ذلك في المخالف (5).
والحاصل: أنّ استظهار بناء الشيخ (قدس سره) على وثاقة حفص بن غياث وغياث بن كلوب والسكوني ونوح بن دراج (6) من عبارته المتقدمة في محله.
تبقى الإشارة إلى أمر، وهو أن بعضهم اعتمد على ما ذكره الشيخ (قدس سره) من دعوى عمل الطائفة بأخبار العامة مع عدم المعارض لها من طرق الخاصة استناداً إلى قول الصادق (عليه السلام).
ولكن هذا غير تام:
أولاً: من جهة أن الظاهر أن الدعوى المذكورة مجرد اجتهاد من الشيخ (قدس سره) ولم تثبت صحتها بشواهد في كلمات الأصحاب، بل يوجد بعض الشواهد على خلافها، ومن ذلك أن للسكوني رواية في مسألة ميراث المجوسي تفرد بنقلها وليس عند أصحابنا ما يخالفها ومع ذلك لم يعمل بها الصدوق (قدس سره) (7) وهو من أعلام الطائفة، وقد أوضحت هذا في موضع آخر (8).
وثانياً: أنه لو سُلِّم أن الطائفة عملوا بأخبار العامة مع عدم المعارض لها من طرق الخاصة فهو لا يمثل إجماعاً يمكن الاعتماد عليه.
وأمّا الخبر الذي حكاه الشيخ (قدس سره) عن الصادق (عليه السلام) فهو ــ مضافاً إلى كونه مرسلاً ولم يعثر عليه في أي مصدر آخر ــ مما لا يدل على مدعاه، إذ إن مفاده هو الأخذ بما ينسبه العامة إلى علي (عليه السلام) في المسائل التي لا توجد فيها رواية عن الأئمة (عليهم السلام)، وأين هذا من الدلالة على الأخذ بما رواه العامة عن الأئمة فيما لا معارض له من طرق أصحابنا؟!
والمتحصّل مما سبق: أن المستفاد من الكلام المتقدم للشيخ (قدس سره) أمران:
أحدهما: أنّ غياث بن كلوب والآخرين ممن سماهم كانوا متحرجين من الكذب وإن كانوا من العامة.
ثانيهما: أنّ الطائفة عملت بأخبار هؤلاء فيما لم يوجد لها مخالف من طرق أصحابنا.
والأمر الثاني غير ثابت، ولو ثبت فهو لا يقوم حجة على العمل بروايات المذكورين.
وأمّا الأمر الأول فهو مما يمكن الاعتماد عليه، فإن حكمه حكم ما اشتمل عليه سائر كتب الشيخ (قدس سره) من التوثيقات.
وبذلك يتضح صحة ما بنى عليه جمع من أعلام المتأخرين ــ ولعله بدءاً من المحقق (قدس سره) في بعض رسائله ــ من وثاقة السكوني وغياث بن كلوب وحفص بن غياث استناداً إلى كلام الشيخ (قدس سره) في كتاب العدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|