أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-2-2022
1986
التاريخ: 26-1-2022
10573
التاريخ: 2-3-2022
2321
التاريخ: 9-10-2014
2308
|
شأن النزول وفضاء النزول وجوّ نزول القرآن
لقد أولى مفسرو القرآن الكريم اهتماما خاصا بيان شأن وسبب نزول آيات القرآن(1)، لكنهم لم يهتموا ولم يلتفتوا إلى (فضاء النزول) الذي يتعلق السورة و(جو النزول) الذي يتعلق بمجموع القرآن الكريم ولم يذكر هذان الأمران في التفاسير الموجودة.
وفرق شأن النزول مع فضاء وجو النزول هو أن شأن النزول أو سبب النزول يتعلق بالحوادث التي وقعت في . النبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) في نطاق الحجاز أو خارجه، وكذلك المناسبات أو الأسباب التي هيأت الأرضية لنزول آية أو عدة آيات من القرآن الكريم.(2)
أما (فضاء النزول) فيتعلق بمجموع السورة من حيث دراسة الأوضاع العامة ومواصفات الناس والحوادث والظروف الخاصة المحيطة بفترة نزول السورة في الحجاز وخارجه. فكل سورة من سور القرآن كانت فصلاً جديداً يفتتح بنزول آية {بسم الله الرحمن الرحيم} ويختتم بنزول بسملة السورة التالية.
وبعض سور القرآن الكريم نزلت بنحو دفعي مثل سور الحمد والأنعام والنصر، وبعضها على نحو تدريجي خلال عدة أشهر أو عدة سنوات، وخلال مدة نزول السورة وقعت حوادث وحكمت ظروف معينة في الدائرة التي كان يعيش فيها المسلمون والعالم الخارجي: وكشف الستار عن هذه الحوادث والظروف وتبيينها في بداية كل سورة هو تصوير لفضاء نزول تلك السورة.
أما (جو النزول) فيتعلق بجميع القرآن الكريم، والمقصود منه الأرضية المناسبة والتمهيد من حيث الزمان والمكان لنزول جميع القرآن. فالقرآن نزل خلال 23 سنة على القلب المطهر والمكرم للنبي الأكرم(صلى الله عليه واله وسلم) والحوادث التي وقعت خلال مدة نزول القرآن في البلاد الإسلامية أو خارج نطاق البلاد والحكومة الإسلامية والظروف والأفكار : التي كانت سائدة فيها أو الحوادث التي ظهرت على أثر نزول آيات القرآن الكريم في العالم في ذلك اليوم كل ذلك يشكل مايسمى بـ (جو نزول القرآن).
والعناوين الثلاثة المذكورة (شأن وفضاء وجو النزول) يوجد فيما من بينها إضافة إلى هذا الإختلاف وهو أن العنوان الأول يتعلق بآية واحدة م أو عدة آيات والثاني يتعلق بالسورة والثالث يتعلق بكل القرآن، هناك اختلاف آخر أيضا وهو أن شأن النزول ناظر إلى تأثير الحوادث الخاصة من جانب واحد على نزول آية أو عدد من الآيات، ولكن في فضاء نزول السورة وكذلك في جو نزول القرآن فالكلام يجري عن التفاعل والتعامل (التأثير المتبادل من جانبين) بين الفضاء الخارجي ونزول السورة أو الجو العالمي ونزول مجموع القرآن، بمعنى أن الفضاء الموجود والجو الموجود يقتضي نزول السورة وكل القرآن، وكذلك نزول السورة وتنزل مجموع القرآن يغير الفضاء والجو.
إن إدراك معارف القرآن الكريم يتم إلى حد ما في ظل التعرف على شأن وفضاء وجو النزول. ويمكن الاستفادة من المصادر المختلفة في التاريخ والحديث والقرآن الكريم نفسه في بحث ودراسة فضاء نزول السور وجو نزول مجموع القرآن. وهذه مهمة المفسرين في سد النقص وملء الفجوات الموجودة في مجال فضاء نزول السور وجو نزول القران. ومن المناسب في ختام هذا البحث أن نبين على سبيل المثال جزءاً من فضاء نزول سورة النساء المباركة، ونشرح تركيبة ذلك النظام الاجتماعي والشعبي لمجتمع الحجاز في نزول هذه السورة:
لقد نزلت سورة النساء في السنة الثالثة أو الرابعة للهجرة في فضاء عصر كان فيه المجتمع الحجازي ينقسم إلى الفئات الاجتماعية التالية:
1. مشركو مكة الذين تعبأوا وبذلوا قصارى جهدهم وسعيهم لأجل القضاء على النظام الإسلامي.
2. منافقو الداخل: الذين كانوا يشكلون أكثر من ثلث المسلمين وكانوا يعملون كعيون وجواسيس للأجانب ويطعنون النظام الإسلامي في المقاطع الحساسة، كما حصل في غزوة أحد حيث عاد أكثر من ثلاثمائة مقاتل من النفير المتجهين إلى الجبهة من بين ألف مقاتل من المسلمين. وكان النفاق في تلك الفترة الحساسة عاملاً مؤثراً وقاصماً، ولذلك فإن الكثير من الآيات التي نزلت في المدينة قد فضحت المنافقين وكشفت مؤامراتهم.
3. اليهود في أطراف المدينة الذين كانوا بسبب قدرتهم المالية وامتلاكهم الثروات الطائلة مشتغلين بالربا والتصريف وكان الفقراء في المدينة يقترضون منهم فكانوا مدينين لهم ويعتبرونهم متمدنين. وهؤلاء كان لهم ارتباط مع منافقي الداخل ومع مشركي الخارج أيضاً وكانوا يعدون مصدر خطر دائم للنظام الإسلامي.
4. فئة ضعفاء الإيمان الذين لم يكونوا من المنافقين ولا من اليهود ولا من المشركين، والقرآن الكريم يعبر عنهم أحياناً بعبارة: {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [الأحزاب: 60]. فهذه المجموعات الأربع الرسمية والمعروفة هي التي كانت في مقابل النظام الإسلامي، والتي تضم المحارب والمخالف والمختلف والحيادي. ويذكر القرآن الكريم فئة أخرى باسم (المرجفين) الذين كانوا يبون الأراجيف في الفرص المناسبة، أي يثيرون الإشاعات والكلمات التي تؤدي إلى الرجفة والتزلزل. وليس هؤلاء فئة مستقلة بالقياس إلى الفئات الأربع السابقة، بل هم المنافقون الداخليون أو اليهود المحيطون بالمدينة الذين كانوا يقومون بدورهم الخاص في بعض الفترات، ولم تكن لهم قاعدة فكرية ثابتة، بل كانوا تابعين للآخرين. وفي في مثل هذا الفضاء نزلت سورة النساء، والالتفات إلى مثل هذا الفضاء مؤثر في تفسير هذه السورة لاسيما الآيات من 17 إلى 91.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. إن الأحاديث المتعلقة بشأن وسبب النزول عند الستة تبلغ عدة آلاف وفي كتب الشيعة تبلغ عدة مئات. راجع كتاب الشيعة في الإسلام، ص 103.
2. بناء على هذا فإن مجرد التقارن التاريخي لظاهرة مع نزول آية معينة لا يؤدي إلى اعتبار تلك الظاهرة هي شأن نزول هذه الآية المذكورة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|