المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



أوس بن حِجر  
  
6744   09:23 صباحاً   التاريخ: 27-09-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص170-172
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-2-2018 2557
التاريخ: 29-06-2015 3145
التاريخ: 7-10-2015 6514
التاريخ: 24-06-2015 6929

أوس بن حجر بن عتّاب من بني نمير بن تميم، وأصله من البحرين. وقد تطوّف أوس في نجد والعراق، وخصوصا في بلاط الحيرة. وهو الذي حضّ عمرو بن هند على الأخذ بثأر أبيه المنذر بن ماء السماء، وكان الحارث بن جبلة الغسّانيّ قد قتله في المعركة المعروفة بيوم حليمة (554 م) لأن أباه حجرا قتل أيضا في ذلك اليوم.
وانقطع أوس إلى أبي دليجة فضالة بن كلدة الاسدي يمدحه، ثم رثاه لما مات. وعاصر أوس طفيل بن مالك ووصف هربه يوم السوبان. وكان أوس قد تزوّج أم زهير بن أبي سلمى. وعاش أوس دهرا طويلا، ثم مات، فيما يبدو، قبيل ظهور الاسلام.
كان أوس بن حجر من فحول الجاهلية، ومن الذين يأخذون شعرهم بالإصلاح والتنقيح. وكان أوس غزلا مغرما بالنساء يجيد الغزل. واشتهر أيضا بالطرد (وصف الصيد والحُمُر، ووصف السلاح ولا سيما القوس)، وكان يمدح تكسبا ويمدح للشكر ويحسن الرثاء ويكثر القول في الحكمة، وخصوصا في مكارم الاخلاق. وكان أوس يرى أن الاستعداد للحرب من الصواب. وقد كان الشعراء يأخذون أبياتا له ويتداولون معانيه، وتبدو معظم خصائص أوس ابن حجر واضحة عند زهير بن أبي سلمى، وكان زهير راوية له.
- المختار من شعره:
قال أوس بن حجر يرثي فضالة بن كلدة:
أيّتها النفس، أجملي جزعا... ان الذي تكرهين قد وقعا.
إن الذي جمع السماحة والنجـ... ـدة والحزم والقوى جمعا
أودى، وهل تنفع الاشامة من... شيء لمن قد يحاول النزعا (1)
الالمعيّ الذي يظنّ لك الظـ... ـنّ كأن قد رأى وقد سمعا
المخلف المتلف المرزّأ لم... يمتع بضعف ولم يمت طبعا (2)
ومن حكمه الرائعة في تقريع قومه:
ورثنا المجد عن آباء صدق... أسأنا في ديارهم الصنيعا
إذا الحسب الرفيع تواكلته... بناة السوء أوشك أن يضيعا (3)
وقال يذكر الثور والكلاب تتبعه (وقد ألمّ النابغة بمعانيه وألفاظه في ذلك):
ففاتهنّ، وأزمعن اللحاق به... كأنهنّ بجنبيه الزنابير.
حتى إذا قلت نالته أوائلها...   ولو يشاء لنجّته المثابير (4)
كرّ عليها، ولم يفشل، يمارسها... كأنّه بتواليهنّ مسرور (5)
يشلّها بذليق حدّه سلب... كأنّه حين يعلوهن موتور (6)
ثم استمرّ يباري ظلّه جذلا...  كأنّه مرزبان، فاز، محبور (7)
وله قصيدة مشهورة طواها على فخر وحكمة ووصف للسلاح وحضّ على الاستعداد للحرب:
ولا أعتب ابن العمّ ان كان ظالما... وأغفر منه الجهل ان كان أجهلا (8)
وإن قال لي ما ذا ترى يستشيرني... يجدني ابن عمي مخلط الامر مزيلا (9)
أقيم بدار الحزم ما دام حزمها... وأحرى إذا حالت بأن أتحوّلا (10)
وإني امرؤ أعددتّ للحرب بعد ما... رأيت لها نابا من الشر أعضلا (11)
أصمّ ردينيّا كأنّ كعوبه... نوى القسب عرّاصا مزجّا منصّلا (12)
وأبيض هنديّا كأن غراره... تلألؤ برق في حبيّ تكلّلا (13)
فذاك عتادي في الحروب إذا التظت... وأردف بأس من حروب وأعجلا
فانّي رأيت الناس الا أقلّهم...  خفاف العهود يكثرون التنقّلا
وهم لمقلّ المال أولاد علّة... وان كان محضا في العمومة مخولا
وليس أخوك الدائم العهد بالذي... يذمّك ان ولّى ويرضيك مقبلا
ولكنّه النائي إذا كنت آمنا... وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا
______________________
1) الجمع جمع جمعة: مجموع. -جمع منها جمعا كثيرا.
2) الاشامة: صدق الحملة في الحرب. لمن يحاول النزعا: الحائن (من حان موته).
3) تواكلوا: اتكل بعضهم على بعض. -إذا اعتمد كل انسان على غيره في المحافظة على المجد لم يحفظه أحد فيتعرض للضياع.
4) الشطر الأول أخذه النابغة. المثابير...
5) فشل: ضعف. يمارسها: يعانيها، ينازلها، يقاتلها. كان مسرورا بتواليها عليه واحدا بعد واحد وبالتغلب عليها (كأنه في رياضة يفوز فيها).
6) يشلها: يرفعها. ذليق: (قرن) حاد. حده سلب (بفتح السين وكسر اللام): طرفه يتحرك بسرعة (كناية عن اثخانه الجراح فيها).
7) استمر: تابع طريقه (نجا من الكلاب). يبارى ظله: يعدو بسرعة. المرزبان: رئيس الفرس، حاكم عسكري في فارس.
8) أعتبه: عاتبه، رضي عنه، عفا عنه.
9) مخلط مزيل (كلاهما بوزن مفعل بكسر الميم وفتح العين): فاتق راتق (بصير بالأمور قادر عليها، يضر وينفع).
10) اقيم بالمكان الذي أستطيع أن أكون ذا رأي (حازم) فيه؛ والاليق بي إذا تبدلت الحال في ذلك المكان أن انتقل منه.
11) أعضل: شديد.
12) أصم: (رمح) قصبته مصمتة (مملوءة، قصبة فارسية). رديني: نسبة إلى رديني (امرأة اشتهرت بتثقيف الرماح، أي تقويمها). الكعوب: العقد التي في القصب. نوى (بزر) القسب (التمر اليابس). عراصا: لدنا، لينا. مزجا: له زج (بكسر الزاي): حديدة في أسفله. منصلا: له نصل (سنان في رأسه)؛ يقصد رمحا جديدا كاملا.
13) أبيض هندي: سيف. غراره: حده. حبي (بفتح الحاء أو ضمها وبكسر الباء بعدها ياء مشددة): السحاب، الغيم. تكلل: كان بعضه فوق بعض.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.