أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-11
1859
التاريخ: 2023-02-20
1093
التاريخ: 13-4-2016
5407
التاريخ: 5-3-2020
4507
|
ان الدائن بضمان مطابقة المبيع له الحق في مطالبة مدينه بأداء مبيع يتطابق مع المواصفات المتفق عليها, وبما ان أحكام ضمان المطابقة قد توزعت بين القوانين المدنية وقوانين حماية المستهلك, فلابد من معرفة من هو الدائن بهذا الضمان.
لقد نص قانون الاستهلاك الفرنسي المرقم (949/93 لسنة 1993) في المادة (211/3) والمعدلة بموجب الأمر رقم (136) لسنة 2005 (يطبق هذا القانون على العلاقة التعاقدية بين البائع المهني أو المحترف والمشتري باعتباره المستهلك)(1),أما قانون حماية المستهلك المصري رقم (67) لسنة2006 , فقد عرف في المادة الأولى منه ( المستهلك كل شخص تقدم إليه أحدى المنتجات لإشباع احتياجاته الشخصية أو العائلية أو يجرى التعامل أو التعاقد معه بهذا الخصوص) , أما المادة(1/4) من قانون حماية المستهلك العراقي رقم (1) لسنة 2010, نصت على ان:( المستهلك هو الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي يتزود بسلعة أو خدمة بقصد الإفادة منها).
ويتضح مما تقدم ذكره, ان تعريف المشرّع العراقي للمستهلك , قد اخذ بالمفهوم الواسع له , وذلك بموجب نص المادة (1/4) من قانون حماية المستهلك , حيث يمكن إن يدرج تحت وصف المستهلك , كل شخص يقتني أو يحصل على سلعة أو خدمة , بغض النظر فيما إذا كانت لأغراضه الشخصية أو لأمور مهنته أو حرفته , وذلك من خلال عبارة (بقصد الإفادة منها) حيث لم يحدد المشرّع نوع الإفادة من المبيع , فالمستهلك قد يستفيد من شرائه للسلعة سواء بهدف إشباع حاجاته الشخصية ,أو بقصد المضاربة عليها, بمعنى شراء السلعة بقصد بيعها ثانية والحصول على الربح.
فالمشرّع العراقي قد انتهج نهجاً مغايراً للمشرع المصري, الذي اخذ بالمفهوم الضيق عند تعريفه للمستهلك , أما القانون الفرنسي فلم يعرّف المستهلك , وإنما أشار إليه.
أما على الصعيد الفقهي , فان الفقيه الفرنسي( Luc Bihl) قد عرف المستهلك على انه (هو الشخص الذي لا يحوز أدوات إنتاجية ولا أدوات توزيع المنتجات, بل هو الشخص الذي لا يمكنه إن يستفيد بأي شكل من الإشكال من عمليات التصنيع أو البيع أو من عمليات الشراء بقصد البيع)(2)
بينما عرفه آخر(هو كل من يبرم تصرفاً قانونياً من اجل استخدام المال أو الخدمة في أغراضه الشخصية أو في أغراضه المهنية)(3).
كما عرف المستهلك(4) على أنه (كل شخص يتصرف لتحقيق أغراض لا تدخل في نشاطه المهني) , أو هو(5)(كل شخص يقوم بإيراد تصرفات قانونية من اجل الحصول على مال أو خدمة بهدف إشباع حاجاته الاستهلاكية الشخصية أو العائلية)
بينما اعتمد القضاء الفرنسي معياراً للتمييز بين المستهلك والمحترف ويتبلور ذلك من خلال النظر إلى الغرض من التعاقد على السلعة أو الخدمة , فإذا كان للاستخدام الشخصي فانه ينطبق عليه وصف المستهلك(6), وبمفهوم المخالفة , فإذا كان الاستخدام ليس شخصياً , فالمشتري لا ينطبق عليه وصف المستهلك.
يتضح من ذلك, إن تبني الاتجاه الضيق لمفهوم المستهلك الذي يُعد الطرف الأخير من العملية الاقتصادية , حيث يسعى للحصول على السلعة بهدف إشباع حاجاته العائلية أو الشخصية يتفق مع ما يقرره ضمان المطابقة من حماية له, وأساس هذه الحماية هو عدم وجود توازن بين المحترف والمستهلك لضعف خبرته أو قلتها.
و الحكم الصادر من محكمة النقض الفرنسية قد قصر الحماية للمستهلك بالمعنى الضيق, حيث تتلخص وقائع هذا الحكم والصادر من الدائرة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية , ببيع شتلات تفاح تم بين صاحب المشتل ومزارع, الا انه تبيّن فيما بعد ان ثمار هذه الأشجار تختلف عن النوعية المتفق عليها , فطالب المشتري بالتعويض عما لحقه من ضرر بسبب عدم مطابقة المبيع لما تم الاتفاق عليه في العقد , فقضت له محكمة الاستئناف بتعويض يعادل الثمن الذي دفعه , لوجود شرط في العقد يتضمن تحديد التعويض بذلك المبلغ , و ان المشتري قد طعن بذلك الحكم أمام محكمة النقض الفرنسية , مطالباً ببطلان ذلك الشرط باعتباره تعسفياً , وتخصصه المهني لم يكن يسمح له باكتشاف عدم المطابقة عند التسليم , إلا ان محكمة النقض ردت ذلك الطعن على أساس إنها ترى ان الحماية من شروط إنقاص الضمان يجب قصرها على المستهلك بالمعنى الضيق وان كان مستهلكاً و من تخصص مختلف عن تخصص البائع (7)
فالمستهلك هو الشخص الذي لا يمارس بمناسبة تعاقده اختصاصه المهني، وبناءً عليه فأن المهني إذا ما قام بإبرام عقود تتعلق بنشاطه المهني ولكنها خارجة عن نطاق اختصاصه فأنه يكون مستهلكاً ومن الواجب إحاطته بالحماية القانونية، لان ذلك الشخص إنما تتوافر لديه مقومات العلم والخبرة بالنسبة للتصرفات التي يجريها في إطار تخصصه المهني ،فإذا ما حدث وابرم تصرفات قانونية خارج ذلك الإطار المذكور فأنه إنما يكون في حالة ضعف شأنه شأن أي مستهلك آخر، وهذا ما يوجب استفادته من النصوص الخاصة بحماية المستهلك(8).
ومن خلال ما تقدم ذكره , فأنه لا يوجد ثمة ما يمنع من اعتبار المتعاقد المهني الذي يتعاقد على شراء سلعة أو منتوج متعلق باحتياجاته المهنية مستهلكاً شرط ان لا يكون ذلك مرتبط بتخصصه الفني أو كفاءته المهنية.
إلا ان البعض(9) قد ذهب إلى ان المشتري المهني يدخل هو الآخر في نطاق ضمان المطابقة فيكون بحاجة إلى الحماية المقررة بهذا الضمان على الرغم من انه يشتري أشياء يحتاج إليها لممارسة مهنته , ولا يعلم شيئا عن مكوناتها الفنية فهو ليس بأقل حاجة للحماية من المستهلك العادي الذي يشتري لإشباع حاجاته الشخصية والعائلية , كالطبيب الذي يشتري أجهزته الطبية لعيادته , ليس بأقل حاجة إلى الحماية ممن يشتري سيارة لتنزهاته(10), فمن الممكن ان يكون الدائن بضمان المطابقة مستهلكاً عاديا.
بالإضافة إلى ما تقدم, من الممكن ان ينتقل الحق في ضمان المطابقة إلى خلف المشتري سواء كان خلفاً عاماً أو خاصاً (11), ويمكن إن نستنتج انتقال هذا الحق بالضمان من خلال نص المادة (1122) من القانون المدني الفرنسي والتي تنص على افتراض انتقال الحق بالضمان للمشتري وورثته أو المتنازل لهم ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك(12), وذات الحكم نص عليه كلاً من القانون المدني المصري في المواد (146,145)(13) والقانون المدني العراقي في المادة 142 والتي نصت على انه: (1- ينصرف اثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام دون الإخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث , ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أومن نص القانون إن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام. 2- - إذا انشأ العقد التزامات وحقوقاً شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص , فان هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه) بالرغم من أهمية انتقال هذا الحق بالضمان , الا إننا قد نواجه فرضية إن ورثة المشتري قد يدعون عدم مطابقة المبيع للمواصفات المتفق عليها, فكيف يتم إثبات ذلك؟
نعتقد إن حق ورثة المشتري في المطالبة بضمان مطابقة المبيع يقتصر فقط على ما تم الاتفاق عليه من مواصفات في العقد أو بناء على نموذج أو عينة, أما إذا لم تكن تلك المواصفات قد ذكرت في العقد أو اختلف في النموذج أو العيّنة , فيتم الاعتماد على المعيار الموضوعي للمبيع, والذي يتمثل بان مطابقة المبيع للمنفعة المقصودة من التعاقد تتحدد وفقا لطبيعة الشيء وطريقة استعماله العادي. أما لو ادعى الورثة أن المبيع لا يتطابق وغرض مورثهم الخاص , فعليهم إثبات ذلك , كما أن للبائع أن يثبت العكس .
أما بالنسبة للخلف الخاص للمشتري, فهو المشتري الثاني, الذي يخلف سلفه في جزء معين من الشيء, والذي يحق له مطالبة المشتري الأول بضمان مطابقة المبيع , فليس له ان يرجع على البائع بهذا الضمان, لعدم وجود عقد بينه وبين الأخير.
وبالرغم مما نسعى إليه من حماية للمشتري أو خلفه العام أو الخاص في الوقت ذاته , لابد من عدم فسح المجال لتعسف المشتري أو ورثته ضد البائع, أي ألا يدعي خلف المشتري بسوء نية إن المبيع غير مطابق لغرض مورثهم, ما لم يكن لديهم ما يثبت إن المبيع غير مطابق للغرض الخاص للمشتري , وهذا يسهم في إشاعة روح الثقة بين المتعاقدين , واستقرار المعاملات , فضلاً عن تماشي ذلك مع روح العدالة والتطبيق السليم للقانون.
_______
1- (Le présent chapitre est applicable aux relations contractuelles entre le vendeur agissant dans le cadre de son activité professionnelle ou commerciale et l'acheteur agissant en qualité de consommateur).
2- د. حسن عبد الباسط جميعي , الحماية الخاصة لرضا المستهلك في عقود الاستهلاك – دار النهضة العربية – القاهرة – 1996, , ص12.
3- Jean Pierre Pizzio ," L'introduction de La nation de consommateur en droit francais ,D.1982,p.91.
4- د. عامر قاسم احمد القيسي ,الحماية القانونية للمستهلك – دراسة مقارنة, دار الثقافة للنشر والتوزيع,2002 , ص9.
5- د. السيد محمد السيد عمران , حماية المستهلك أثناء تكوين العقد , نقلاً عن د حسن عبد الباسط جميعي , الحماية الخاصة لرضا المستهلك في عقود الاستهلاك – دار النهضة العربية – القاهرة – 1996, ص13.
6- Cass. Civ.28 avril 1988.chron.p.235 .
- نقلاً عن د. عمر محمد عبد الباقي, الحماية العقدية للمستهلك, منشأة المعارف , الإسكندرية, 2004 – ص24. انظر كذلك د موفق حماد عبد, ص14, القرار المشار إليه لدى د. محمد حسن قاسم – التعاقد عن بعد – ص25 :-
Cass.civ 24/1/1995,juris preudence.p.327, not puissant 5/3 1200 2 j,c,p,p2002.-
7-Cass.1eciv.24.nov.1993,j.c.p.,ed.E.1994,II,593,Note L.Leveneur ; dans le sens.
- نقلاً عن : د. جابر محجوب علي , ضمان سلامة المستهلك من أضرار المنتجات الصناعية المعيبة – دراسة مقارنة , دار النهضة العربية, القاهرة ,1995 ,ص71.
8- أحمد سامي عبد , الحماية القانونية للمستهلك من الغش التجاري- دراسة مقارنة, رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون- جامعة بابل,2010,ص7-8.
9- د. جابر محجوب علي, ضمان سلامة المستهلك , مصدر سابق,ص71,70.
10- د. علي سيد حسن ,الالتزام بالسلامة في عقد البيع, دراسة مقارنة ,دار النهضة العربية, القاهرة,1990,ص.64.
11- د. رمضان ابو السعود, مصادر الالتزام , دار الجامعة الجديدة ,الاسكندرية ,2007,ص246.
12- المادة(1122) مدني فرنسي :-
- (On est censé avoir stipulé pour soi et pour ses héritiers et ayants cause, à moins que le contraire ne soit exprimé ou ne résulte de la nature de la convention).
13- حيث جاء نص المواد أعلاه على النحو الآتي:
المادة145 - ينصرف اثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام دون الإخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث , ما لم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون إن هذا الأثر لا ينصرف إلى الخلف العام. المادة146 - إذا انشأ العقد التزامات وحقوق شخصية تتصل بشيء انتقل بعد ذلك إلى خلف خاص , فان هذه الالتزامات والحقوق تنتقل إلى هذا الخلف في الوقت الذي ينتقل فيه الشيء إذا كانت من مستلزماته وكان الخلف الخاص يعلم بها وقت انتقال الشيء إليه) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|