أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-09-2015
7736
التاريخ: 25-09-2015
2728
التاريخ: 24-09-2015
1726
التاريخ: 25-09-2015
1899
|
المذهب
الكلامي عبارة عن احتجاج المتكلم على المعنى المقصود بحجة عقلية تقطع المعاند له
فيه، لأنه مأخوذ من علم الكلام الذي هو عبارة عن إثبات أصول الدين بالبراهين
العقلية وهو الذي نسبت تسميته إلى الجاحظ، وزعم ابن المعتز أنه لا يوجد في الكتاب
العزيز، وهو محشو منه، ومنه فيه قوله تعالى حكاية عن الخليل عليه السلام: (وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ)إلى قوله عز وجل: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ) وقوله تعالى: (أَوَلَيْسَ
الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى) وقوله سبحانه: (لَوْ
كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا) وقوله: (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي
أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ) ومن هذا الباب نوع منطقي، وهو استنتاج النتيجة من
مقدمتين، فإن أهل هذا العلم قد ذكروا أن من أول سورة الحج إلى قوله: (وَأَنَّ
اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ) منطو
على خمس نتائج من عشر مقدمات، فالمقدمات من أول السورة إلى قوله تعالى: (وَأَنْبَتَتْ
مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) والنتائج من قوله
تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ) إلى
قوله: (وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي
الْقُبُورِ ) وتفصيل ترتيب المقدمات والنتائج أن يقال: الله أخبر أن زلزلة الساعة
شيء عظيم، وخبره هو الحق، وأخبر عن المغيب بالحق، فهو حق فالله هو الحق، والله
يأتي بالساعة على تلك الصفات، ولا يعلم صدق الخبر إلا بإحياء الموتى، ليدركوا ذلك،
ومن يأتي بالساعة يحيي الموتى فهو يحيي الموتى، وأخبر أن يجعل الناس من هول الساعة
سكارى لشدة العذاب ولا يقدر على عموم الناس بشدة العذاب إلا من هو على كل شيء قدير
فالله على كل شيء قدير، وأخبر أن الساعة يجازي فيا من يجادل في الله بغير علم، ولا
بد من مجازاته، ولا يجازي حتى تكون الساعة آتية.
ولا
تأتي الساعة حتى يبعث من في القبور فهو يبعث من في القبور وأن الله ينزل الماء على
الأرض الهامدة فتنبت من كل زوج بهيج والقادر على إحياء الأرض بعد موتها يبعث من في
القبور، وأن الله يبعث من في القبور. وقد ساق الرماني في الضرب الخامس من باب
المبالغة أن إعجازه إخراج الكلام مخرج الشك للمبالغة في العدل، للاحتجاج بقوله
تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ
الْعَابِدِينَ) وقوله سبحانه: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ
وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) ونظائر هذه الآيات،
ومن ذلك في الشعر قول النابغة يعتذر إلى النعمان: [طويل]
حلفت
فلم أترك لنفسي ريبة ... وليس وراء الله للمرء مذهب
لئن
كنت قد بلغت عني خيانة ... لمبلغك الواشي أغشى وأكذب
ولكنني
كنت امرأ لي جانب ... من الأرض فيه مستراد ومذهب
ملوك
وإخوان إذا ما مدحتهم ... أحكم في أموالهم وأقرب
كفعلك
في قوم أراك اصطنعتهم ... فلم ترهم في مدحهم لك
أذنبوا
فانظر
إلى حذق الشاعر في الاحتجاج بقوله لهذا الملك: أنت أحسنت إلى قوم فمدحوك، وأنا
أحسن إلى قوم فمدحتهم، فكما أن مدح أولئك لا يعد ذنباً فكذلك مدحي لمن أحسن إليّ
لا يعد ذنباً.
ومن
هذا الباب قول الفرزدق: [طويل]
لكل
امرئ نفسان: نفس كريمة ... ونفس يعاصيها الفتى
ويطيعها
ونفسك
من نفسيك تشفع للندى ... إذا قل من أحرارهن شفيعها
يقول
هذا الشاعر: لكل إنسان نفسان: مطمئنة تأمر بالخير، وأمارة تأمر بالشر، والإنسان
يعاصي الأمارة مرة ويطيعها أخرى، وأنت أيها الممدوح نفسك الأمارة إذا أمرتك بترك
الندى شفعت المطمئنة إلى الأمارة في الندى في الحالة التي يقل الشفيع في الندى من
النفوس، فأنت أكرم الناس ومن هذا الباب أيضاً قول ابن المعتز: [مديد]
كيف
لا يخضر عارضه ... ومياه الحسن تسقيه
كأنه
قال: كل نبت يسقى فهو أخضر، وشارب هذا الغلام نبت ومياه الحسن تسقيه، فيكف لا يخضر
وعلى هذا فقس.
ومن
هذا الباب جواب سؤال مقدر، كقوله تعالى: (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ): الآية، لأن التقدير أن قائلاً قال بعد قوله تعالى: (مَا
كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ
يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ): الآية، فقد استغفر إبراهيم لأبيه، فأخبر بقوله: (وَمَا
كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ) الآية والله أعلم.