المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الإدماج  
  
1710   02:03 صباحاً   التاريخ: 23-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص94-95
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-09-2015 1336
التاريخ: 26-03-2015 1389
التاريخ: 25-03-2015 1946
التاريخ: 25-09-2015 8176

وهو أن يدمج المتكلم غرضاً له في ضمن معنى قد نحاه من جملة المعاني ليوهم السامع أنه لم يقصده، وإنما عرض في كلامه لتتمة معناه الذي قصد إليه، كقول عبيد الله بن عبد الله لعبد الله بن سليمان بن وهيب حين وزر للمعتضد، وكان ابن عبيد الله قد اختلت حاله، فكتب لابن سليمان [طويل]:
أبي دهرنا إسعافنا في نفوسنا ... وأسعَفَنا فيمن نحب ونكرم
فقلت له: نعماك فيهم أتمها ... ودع أمرنا إن المهم المقدّم
فأدمج شكوى الزمان، وشرح ما هو عليه من الاختلال في ضمن التهنئة وتلطف في المسألة، ودقق التحليل لبلوغ الغرض، مع صيانة نفسه عن التصريح بالسؤال، وحمايته من الإذلال، لا جرم أن ابن سليمان فطن لذلك ووصله واستعمله.
ومن لطيف الإدماج قول ابن نباتة السعدي [طويل]:
ولا بد لي من جهلة في وصاله ... فمن لي بخل أودع الحلم عنده
فإنه أدمج الفخر في الغزل حين جعل حلمه لا يفارقه بتة، ولا ترغب نفسه عنه جملة، وإنما عزم على أن يودعه، إذ كان لا بد له من وصل هذا المحبوب، لأن الودائع تستعاد، ثم استفهم عن الخل الصالح أن يستودع الحلم بلفظ يشعر بالاستبعاد والتعذر، فيكون مفهوم الخطاب بقيا حلمه لعدم من يصلح لأن يودعه عنده وأدمج الفخر في الغزل من جهة تصريحه بذكر الحلم، ورشح بالإدماج الطباق بين الحلم والجهل، ثم أدمج فيهما شكوى الزمان لتغير الإخوان بحيث إنهم لم يبق منهم من يستصلح لمثل هذا الشأن في الإشارة.
ومثل هذا الإدماج ما وقع لبعض الأندلسيين في قوله [وافر]:
أأرضى أن تصاحبني بغيضاً ... مجاملة وتحملني ثقيلا
وحقك لا رضيت بذا لأني ... جعلت وحقك القسم الجليلا
والبيت الثاني أردت، لأنه أدمج فيه الغزل في العتاب من الفنون، والمبالغة في القسم من البديع.
ومن شواهد الإدماج في الكتاب العزيز قوله تعالى: (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ) فإن هذه الجملة أدمج فيها المبالغة في الحمد في ضمن المطابقة، إذ أفرد نفسه سبحانه بالحمد حيث لا يحمد سواه، إذ قال: وهو أعلم: (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ).
والفرق بين التعليق والإدماج أن التعليق يصرح فيه بالمعنيين المقصودين على شدة اتحادهما، والإدماج يصرح فيه بمعنى غير مقصود قد أدمج فيه المعنى المقصود، والله أعلم.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.