المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



نطاق مسؤولية رئيس الدولة  
  
2683   10:40 صباحاً   التاريخ: 9-1-2023
المؤلف : كاميران عبد الرحمان علي سعيد
الكتاب أو المصدر : دور رئيس الدولة في حماية الدستور
الجزء والصفحة : ص 141-147
القسم : القانون / القانون العام / القانون الدستوري و النظم السياسية /

من المعلوم أن هناك أنواعا عديدة للقاعدة القانونية ، منها : القاعدة الدستورية ، والقاعدة المدنية القاعدة الجنائية ، ونتيجة لتنوع القواعد القانونية فمن الطبيعي أن تتنوع المسؤولية وفقا لأساس المخالفة التي هي سبب قيامها ، فان كانت المخالفة للقواعد المدنية كانت المسؤولية مدنية ، وإن كانت المخالفة لقواعد القانون الدستوري ترتبت عليها المسؤولية السياسية ، واذا انصرفت المخالفة لقواعد القانون الجنائي كانت المسؤولية جنائية ، لذلك فان نطاق مسؤولية رئيس الدولة يعني بها مدى شموله لجميع هذه الأنواع من المسؤولية . عند ارتكاب أي من المخالفات التي توجب هذه الانواع من المسؤولية(1).

ونظرا لان المسؤولية المدنية تخضع للقواعد المدنية ، لذا سيكون مدار دراستنا حول موضوع المسؤولية السياسية و المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة في الانظمة الدستورية البرلمانية و الرئاسية و المختلطة كما يأتي :

أولا : في النظام البرلماني .

تعد قاعدة عدم مسؤولية رئيس الدولة احدى القواعد في النظام البرلماني ، فاذا كان رئيس الدولة ملكا فان هذا المبدأ يكون مطلقا فلا يخضع الملك للمسؤولية السياسية و الجنائية ، اما اذا كان رئيسا للجمهورية فان القاعدة ايضا عدم مسؤوليته من الناحية السياسية ، وفيما يلي نوضح المسؤولية السياسية والجنائية في النظام البرلماني .

1 - المسؤولية السياسية .

نشأت المسؤولية السياسية في فترة حكم ( أسرة هانوفر ) في بريطانيا عندما بدأ مجلس العموم البريطاني يوجه نوعاً جديداً من الاتهام السياسي الى الوزارة ، لا يلتزم فيه بجرائم القانون العام ، بل يتجاوزها إلى ارتكابهم أخطاء سياسية جسيمة أو إتيانهم أعمال لا تتلائم ، أو تتوافق مع مصلحة البلاد وبالتالي أصبحت عقوبة هذه الاعمال تقتصر على العزل، و بذلك أصبحت المسؤولية السياسية للحكومة بديلا لمسؤولية الملك ، كما أن الملك لا يقوم بمفرده بأي تصرف ، وإنما يقوم بها بمشورة و موافقة وزيره ، ولكن بعد نمو سلطات البرلمان والتشريع البرلماني ، أصبح البرلمان قادراً على انتقاد استخدام الملك لامتيازاته و سلطاته الملكية ، وكذلك أن يحد من هذه السلطات و الامتيازات .

وقد وضع الفقه عدة تعريفات للمسؤولية السياسية منها : مسؤولية الوزارة أمام البرلمان عن أعمالها و تصرفاتها الايجابية و السلبية كافة ، فالبرلمان يراقب السياسة العامة للوزراء و يبحث في مدى سلامة الاجراءات والقرارات الوزارية المختلفة من حيت مطابقتها للقانون و مدى ملائمتها للظروف الواقعية التي صدرت فيها وتوافقها مع الصالح العام (2).

كما عرفها بعض آخر من الفقهاء بأنها : " مخالفة رجال السلطة التنفيذية للأحكام المتعلقة بالدستور أو السياسة العامة للدولة أو مصلحة البلاد العليا ، وهذه المسؤولية تقوم حين مخالفة أحكام القانون الدستوري، والتي تلزم صاحب الوظيفة العامة ترك السلطة أحيانا عندما لا يتفق مع الهيئة المنوطة برقابته " (3).

ومن حيث مدى خضوع رئيس الدولة للمسؤولية السياسية فيذهب بعض الفقه الى ان بعض نصوص الدساتير قد أقرت حصانة مسؤولية رئيس الدولة من المسؤولية السياسية و ألقت المسؤولية على الوزارة كما هو الحال في الدستور المصري لعام 1971 و الدستور اللبناني لعام 1926 المعدل ، حيث ان بعضاً من الفقهاء المصريين ذهب في تعريف المسؤولية و قصرها على الوزارة فقط دون أن يتطرق الى مسؤولية رئيس الدولة ، غير أن هناك دساتير قد نظم المسؤولية السياسية لرئيس الدولة ومن بين هذه الدساتير الدستور الفنزويلي لعام 1999م  (4).

يتبين لنا مما سبق ومن خلال التعريفات التي أوردناها أن أغلب الدساتير قد قصر المسؤولية السياسية على الوزارة أمام البرلمان ، مستثنية الشق الثاني من السلطة التنفيذية والمتمثلة برئيس الدولة وخاصة في بعض الانظمة البرلمانية ، والذي يتمتع فيه رئيس الدولة ببعض السلطات الفعلية كالدستور اللبناني.

2- المسؤولية الجنائية .

تختلف المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة باختلاف الدساتير و شكل نظام الحكم ، فهناك اختلاف في ذلك بين نظام الحكم الجمهوري و النظام الملكي ، إذ أنه في النظام الملكي البرلماني فان الملك فضلاً . عدم مسؤوليته السياسية فإنه غير مسؤول جنائيا عن أفعاله و تصرفاته ، فذات الملك مصونة ولا تمس ولا يجوز محاكمته عن أفعاله و تصرفاته ، وهذه قاعدة مطلقة في جميع انظمة الحكم الملكية البرلمانية ، فالملك لا يسأل سياسيا كما لا يسأل جنائيا ، ولا يمكن للمحاكم ملاحقته بصورة مطلقة كما يقول الفقه الانكليزي : أنه لو قتل الملك وزير من الوزراء فإن المسؤولية الجنائية تلاحق الوزير الأول ( رئيس الوزراء ) ، أما اذا قتل الملك بيديه رئيس الوزراء فليس هناك مسؤولية جنائية على أحد ، فلا يسأل الملك عما يرتكبه في أية جريمة من الجرائم المعاقب عليه في قانون العقوبات الانكليزي (5).

أما في النظام الجمهوري البرلماني فرئيس الجمهورية حاله كحال غيره من الأفراد يسأل عن الافعال المجرمة بنص قانون العقوبات في جميع الانظمة البرلمانية الجمهورية ، فضلا عن ذلك فان رئيس الجمهورية يسأل جنائيا عن جميع الجرائم التي يرتكبها والتي تتصل بوظيفته ، كما هو الحال في جريمة الخيانة العظمى أو انتهاك الدستور أو الحنت باليمين الدستورية ( 6 ) ، وقد نصت العديد من الدساتير في الأنظمة الجمهورية البرلمانية على الأخذ بالمسؤولية الجنائية لرئيس الجمهورية حيث نص دستور جمهورية العراق لسنة 2005 (7) على " اعفاء رئيس الجمهورية من منصبه بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء مجلس النواب بعد ادانته من قبل المحكمة الاتحادية العليا في إحدى الحالات التالية :

1- الحنت باليمين الدستورية.

2 - انتهاك الدستور.

3- الخيانة العظمى " .

أما الدستور اللبناني لعام 1926م المعدل (8) فقد أخذ بالجريمتين خرق الدستور و جريمة الخيانة العظمى لمساءلة رئيس الجمهورية جنائيا ، وكذلك فعل الدستور الإيطالي (9).

ثانيا : في النظام الرئاسي.

ان النظام الرئاسي يعتمد اساسا على الفصل المطلق بين السلطات ، الا ان هذا الواقع النظري لم يجد له تطبيقا كاملا في دستور الولايات المتحدة الامريكية البلد الام لهذا النظام ، حيث ان الدستور جعل من رئيس الجمهورية غير مسؤول سياسيا امام الكونغرس ، الا انه قرر المسؤولية الجنائية للرئيس كما

سنوضحه كالاتي :-

1 - المسؤولية السياسية .

بغض النظر عن عدم النص في الدستور الأمريكي لسنة 1787 على المسؤولية السياسية إلا أن الواقع و التطبيق الفعلي قد أوجد المسؤولية السياسية للرئيس أمام الأمة ، وما ساعد على تأكيد مسؤولية الرئيس السياسية هي إنتخاب الرئيس من قبل الامة ، أي أن الشعب هو صاحب الكلمة العليا في انتخاب الرئيس ، فالوعي السياسي العالي للشعب الأمريكي يمكنه من مساءلة الرئيس، وقد لا يمنحه تقته في انتخابه لفترة رئاسية ثانية ، والتاريخ الدستوري الامريكي شاهد على ذلك ، حيث لم يمنح الشعب الأمريكي تقته بالكثير من الرؤساء فلم يقم بانتخابهم لفترة رئاسية جديدة(10).

أن عدم مسؤولية الرئيس السياسية على هذا النحو يتفق ومبدأ الفصل بين السلطات الذي قام عليه النظام السياسي الأمريكي ، حيث لا تستطيع أي من السلطتين عزل الاخر ، فلا يستطيع الرئيس حل الكونغرس ولا يمكن للكونغرس عزل الرئيس ، إلا أن قاعدة عدم مسؤولية الرئيس لا تتفق. المبدأ مع القائل(  أينما توجد سلطة توجد مسؤولية ) ، المعمول به في النظام البرلماني ، لذلك لا بد من البحث عن جهة تقرر أمامها مسؤولية الرئيس ، وقد وجد الفقه السياسي هذه الجهة ، وهي كما اوضحنا الجهة التي اوصلت الرئيس الى الحكم وهي جمهور الناخبين ، في حالة اذا ما رغب الرئيس في إعادة انتخابه لمرة ثانية ، الا أنه لا يمكن اعتبار مسؤولية الرئيس أمام جمهور الناخبين كافية لتقرير المسؤولية السياسية للرئيس و ذلك لسببين:

أ - إن المدة التي يتولى الرئيس فيها الحكم طويلة الأجل يمارس الرئيس اختصاصه دون رقابة ، كما أن هذه الوسيلة لا تتدخل خلال وجود الرئيس في الحكم، وعلى الناخبين أن ينتظروا إلى حين إنتهاء ولاية الرئيس حتى يمكنهم تفعيل هذه المسؤولية .

ب - إن هذه المسؤولية لا يمكن التحدث عنها إلا إذا كان الرئيس ينوي ترشيح نفسه للمرة الثانية ، فاذا لم يرغب في أن يرشح نفسه ، أو أنه أتم ولايته الثانية في الرئاسة فإنه حسب الدستور يحظر عليه ترشيح نفسه لأكثر من ولايتين ، ففي كلتا الحالتين فان الرئيس لا يخضع للمسؤولية السياسية  (11).

ويرى الباحث أن المسؤولية السياسية للرئيس لا يمكن تحقيقها في النظام الرئاسي الأمريكي ، حيث إن تحقق المسؤولية السياسية يتطلب أن تكون هناك هيئة أو جهة سياسية رقابية دستورية لها الصلاحية في سحب الثقة من الرئيس أو اجباره على الاستقالة ، في حال اخلال الرئيس بواجباته ومهامه أو عند الفشل في سياساته الداخلية او الخارجية أمام الأمة .

2 - المسؤولية الجنائية .

إذا كانت المسؤولية السياسية لم ينص عليها الدستور الأمريكي فان الوضع مختلف بالنسبة للمسؤولية الجنائية للرئيس إذ نص عليها الدستور صراحة في الفقرة الرابعة من المادة الثانية ، كما بيناها سابقا وقد حصرت هذه المادة أسباب اتهام الرئيس في حالة الخيانة العظمى ، و الرشوة ، و الجنايات ، و الجنح الخطيرة ، و تجدر الإشارة الى أن المسؤولية الجنائية لرئيس الدولة لا تخضع لقواعد القانون الجزائي العادي ، نظراً للحصانة التي يتمتع بها الرئيس ، والتي تحول دون القبض عليه أو اتهامه أو محاكمته مثل باقي الأفراد أو إبداعه السجن ، وبالتالي فهو يخضع لنفس القواعد التي تسري على عموم الموظفين الذين يشغلون وظائف عامة مدنية حسب الدستور ، وقد أسند الدستور لمجلس النواب سلطة اتهام الرئيس ، وذلك عندما يصل إلى علم المجلس التهم المنسوبة إلى الرئيس ، حتى وإن كان عن طريق وسائل الإعلام وعندئذ يقوم المجلس بتشكيل لجنة من بين أعضائه لتتولى التحقيق في الاتهام ، ولها في سبيل ذلك الاستماع الى الشهود أو الاطلاع على الوثائق ، وغيرها من الإجراءات والتي أوضحناها في المبحث السابق أما سلطة محاكمة الرئيس فيختص بها مجلس الشيوخ بكامل أعضائه (12).

ثالثا : في النظام المختلط .

نص دستور الفرنسي الصادر في عام 1958 على مسؤولية الجنائية دون السياسية لرئيس الجمهورية والتي سنوضحه كالاتي :-

1- المسؤولية السياسية .

بالنسبة لمسؤولية رئيس الدولة في فرنسا في ظل دستور الجمهورية الخامسة لعام 1958م فبالرغم أن رئيس الجمهورية يمتلك سلطات واسعة في ظل الظروف العادية و الاستثنائية ، ولكن مع ذلك نجد أن الدستور الفرنسي لم يقرر المسؤولية للرئيس ، وهذا يعني انه لا يمكن إقالة الرئيس وإبعاده عن منصبه ، مما يعني عدم وجود أي هيئة عامة تستطيع تنحية رئيس الدولة عن السلطة ، كما لا يستطيع أعضاء مجلس الشيوخ أو الجمعية الوطنية أن يوجهوا إلى الرئيس أسئلة أو استجوابات أو أن يسحبوا الثقة منه (13).

2- المسؤولية الجنائية .

إن المسؤولية التي تحدث عنها دستور عام 1958م هي حالة الخيانة العظمى في المادة (68) وقد نصت على " رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الأعمال المرتكبة أثناء ممارسته لوظيفته الإ في حالة الخيانة العظمى ، ويكون اتهامه بواسطة المجلسين ، و بقرار موحد بتصويت علني بالأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتكون منهم المجلسان و تجري محاكمته أمام المحكمة القضائية العليا )".

وقد كانت هذه المسؤولية محل خلاف بين الفقهاء على الرغم من النص عليها صراحة في الدستور ، فهي عند البعض نص مجرد من الروح ، أو هي مسؤولية نظمها نص ولد ميتا ، فهذه المادة لم تعرف جريمة الخيانة العظمى التي يسال عنها رئيس الدولة ، كما لم يحدد معناها وكذلك الحال بالنسبة للتشريع الجنائي الفرنسي، حيث جاء خاليا من الاشارة الى معنى جريمة الخيانة العظمى و عقوبتها ، وهذا يعني انتفاء مبدأ " لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص " ، بينما يذهب جانب آخر من الفقه إلى أن المادة مجرد نص شكلي ، و أراد المشرع الدستوري من خلاله الإثبات على أن الجزاء يمكن أن يطال الجميع بما فيهم رئيس الدولة ولا أحد بمنأى عن المسؤولية (14) ، وفي عام 1998م و بعدما وقعت الحكومة الفرنسية على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، فمن ضمن ما جاء في هذا النظام " يطبق هذا النظام الاساسي على جميع الاشخاص دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية . سواء أكان رئيس للدولة او الحكومة ... لا تعفيه باي حال من الاحوال من المسؤولية الجنائية "  (15).

ونتيجة لذلك قدم رئيس الجمهورية وفقا لنص المادة (54) من الدستور إشعارا إلى المجلس الدستوري بإجراء مراجعة شاملة لنصوص نظام روما الأساسي ، حيث خلص المجلس في قراره المرقم 98 - 408 و الصادر في 1/22/ 1999م أن المادة (27) و المادة (51) من نظام روما الاساسي يتعارض مع احكام المادة (68) من الدستور ، وفي ضوء هذه القرارات التي أبداها المجلس الدستوري طرأ تعديل مهم على نص المادة (2/53 ) من الدستور الفرنسي بحيث تنص " ( يجوز للجمهورية أن تعترف بإختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفق الشروط المنصوص عليها في المعاهدة الموقعة في 18 تموز عام 1998 م ) " ، وهذا يعني توسيع مسؤولية رئيس الدولة لتشمل بالإضافة الى جريمة الخيانة العظمى أمام المحكمة العليا ، أصبح يسأل عن جرائم الابادة الجماعية و جرائم العدوان و جرائم ضد الإنسانية أمام القضاء الدولي (16).

وفي شباط من عام 2007م حدث تطور جوهري مهم ، إذ تم اجراء تعديلات جوهرية على الدستور الفرنسي تناولت المادتين (67) و 68 ) فنصت المادة (67) على " رئيس الجمهورية لا يمكن مساءلته عن الاعمال التي يرتكبها بهذه الصفة باستثناء الحالات المنصوص عليها في المادتين (2/53 و 68) لا يجوز أن يطلب من الرئيس اثناء ولايته الإدلاء بشهادته أمام أي هيئة قضائية .. "

اما المادة (68) فنصت على " لا يجوز تنحية رئيس الجمهورية الإ في حال إخلائه بواجباته بما يتنافى بشكل واضح مع ممارسة ولايته و يعلن عن هذه التنحية في جلسة البرلمان كمحكمة عليا يتم إرسال اقتراح عقد اجتماع المحكمة العليا الذي يصادق ... )"

إن المادتين أعلاه وضعنا تنظيما جديدا لمسؤولية رئيس الدولة يتمثل في عدم مساءلته إلا في الحالات التي حددتها المادتين (53/2 و 68 ) من الدستور ، كما يمتنع خلال فترة ولايته استدعائه للشهادة أو القيام بأي عمل من أعمال التحقيق والملاحقة القضائية ، كما أن المادة (68) قد حددت الجرائم التي يمكن مساءلة الرئيس عنها ، وهي تلك التي يرتكبها خلال فترة ولايته والتي تمثل إخلالا بواجبات وظيفته ، وبذلك تجنب المشرع الدستوري فكرة الخيانة العظمى ( 17 ) ، واستعاض عنها بمساءلة رئيس الدولة بجريمة الإخلال الجسيم بواجبات الوظيفة ، وهي جريمة ذات طابع سياسي لأن واجبات الرئيس و التزاماته ذات طابع سياسي وقد أوكل البرلمان ( مجلس الشيوخ و الجمعية الوطنية ) مهمة و سلطة اتهام الرئيس أمام المحكمة العليا مشكلة من البرلمانيين دون عضوية عناصر قضائية ، ويرأس هذه المحكمة رئيس الجمعية الوطنية ، (18) و يستطيع أي من مجلسي البرلمان اقتراح عزل الرئيس و يقدمه إلى المجلس الآخر للفصل فيه خلال خمسة عشر يوما من استلامه باغلبية التلتين ، ويجب تأكيد ذلك باغلبية مماثلة في المجلس الآخر و فور اعتماد كلا المجلسين لاقتراح الإقالة ، يعقد المجلسان جلسة مشتركة ، باعتبارهما بمنزلة المحكمة العليا للنظر في عزل الرئيس ، ويتم عزل الرئيس عن طريق التصويت في جلسة مشتركة مدعومة بأغلبية التلتين ( 19 ) ، حيث تصدر المحكمة حكمها خلال شهر من انعقاد المحكمة عن طريق الاقتراع السري و يكون للحكم الصادر بعزل رئيس الجمهورية ذات الأثر الفوري . نستنتج مما تقدم أن مسؤولية رئيس الدولة بموجب دستور عام 1958م و تعديلاته لسنة 2007 تتور في حالتين ، الأولى : أمام المحكمة الجنائية الدولية عن جرائم الإبادة الجماعية و جرائم العدوان و جرائم ضد الانسانية ، أما الثانية : فيكون أمام القضاء الداخلي الفرنسي و تكون عن جرائم الإخلال بالواجبات الوظيفية .

___________

1- د.. محمد عودة محسن الدراجي ، مسؤولية رئيس الجمهورية الجنائية ، دراسة مقارنة ، بحث منشور في مجلة الكوفة للعلوم القانونية و السياسية ، جامعة الكوفة ، العدد 12 ، المجلد 1 ، 2011 ص 177

2-  د. حسن النمر ، اختصاصات و صلاحيات رئيس الدولة في اطار النظام الاسلامي و المصري و الفرنسي ، ط 1 ، مكتبة الوفاء القانونية ، مصر ، الاسكندرية ، 2017   ، ص 325 – 326

3- د. محمد عدنان ناجي ، تاثير البرلمان على رئيس الدولة بين النص القانوني و الواقع العملي على ضوء اهم مفاهيم التعديلات الدستورية المستحدثة ، الكتاب الثاني ، ص 284

4- تنص المادة (232 ) من الدستور الفنزويلي الصادر في عام 1999 و المعدل في 2009 على (رئيس الجمهورية مسؤول عن أعماله وعن تنفيذ الواجبات والالتزامات المنوطة به بموجب هذا المنصب)

5- اثيل خزعل عبد الحميد ، المركز القانوني لرئيس الدولة في النظام البرلماني – دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة  المستنصرية   ، ص 56

6- علي مجيد العكيلي ، الحدود الدستورية للسلطة التنفيذية في الدساتير المعاصرة ، ط 1 ، المركز العربي للنشر و التوزيع ، القاهرة ، 2016  ، ص 36

7- المادة (61) الفقرة سادسا / ب ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005

8- المادة (60) من الدستور اللبناني التي تنص ) لا تبعة على رئيس الجمهورية حال قيامه بوظيفته الا عند خرقه الدستور او في حالة الخيانة العظمى ، اما التبعة فيما يخص الجرائم العادية فهي خاضعة للقوانين العامة ، ولا يمكن اتهامه بسبب هذه الجرائم او لعلتي خرق الدستور والخيانة العظمى الا من قبل مجلس النواب ... ) .

9- المادة (90 ) من الدستور الايطالي لعام 1947 و التي تنص ) رئيس الجمهورية غير مسؤول عن الأفعال التي تتم عند ممارسته و ظائفه ، ما عدا الخيانة العظمى او خرق الدستور

10- د . حازم صادق ، سلطة رئيس الدولة بين النظامين البرلماني و الرئاسي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ، 2013   ، ص 413

11-  د. محمد مرسي علي غنيم ، المسؤولية السياسية و الجنائية لرئيس الدولة دراس- مقارنة ، ط 1 ، مكتبة وفاء القانونية ، الاسكندرية 2013  ، ص 529 -530  

12- د. حازم صادق ، مصدر سابق ، ص 417

13- د. محمد مرسي علي غنيم ، مصدر سابق ، ص 509 .

14- د. علي يوسف الشكري ، الاتجاهات الحديثة في تحديد مسؤولية رئيس الدولة في فرنسا ، بحث منشور في مجلة الكوفة للعلوم القانونية و السياسية ، جامعة الكوفة ، العدد 5 ، مجلد 1 ، لسنة 2010 ، ص 12 .

15- علي . محمد عبد ربه العساف ، مسؤولية رئيس الدولة عن اعماله في النظام البرلماني ، دراسة مقارنة ، رسالة ماجستير ، كلية القانون ، جامعة عمان العربية 2012  ، ص 176    

16- د. علي يوسف الشكري ، تناسب سلطة رئيس الدولة مع مسؤوليته في الدستور العراقي ، مجلة رسالة الحقوق جامعة كربلاء ، المجلد الثاني ، العدد الثاني ، ، 2010 ، ص 10 960/https://www.iasj.net/iasi/issue. (. ص 18-19

17- حسن النمر ، اختصاصات و صلاحيات رئيس الدولة في اطار النظام الاسلامي و المصري و الفرنسي ، ط 1 ، مكتبة الوفاء القانونية ، مصر ، الاسكندرية ، 2017  ، ص 411

18- محمد عبد الجبار يوسف عودة ، المسؤولية السياسية للسلطة التنفيذية في النظامين البرلماني و شبه الرئاسي ، رسالة  ماجستير ، جامعة القدس ، 2017 ، ص 6 .

19- أ ، سوجيت شوردي، ريتشارد ستاسي واخرون ، النظام الشبه الرئاسي كوسيلة لتقاسم السلطة ، المؤسسة الدولية للديمقراطية و الانتخابات ، 2014 ، ص 87

https://constitutionnet.org/sites/default/files/semi-presidentialism_r12.pdf

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .